الخميس، 12 فبراير 2015

عن ضياء ويُسر ورزان

عن ضياء ويُسر ورزان


خليل العناني

جريمة قتل بشعة ارتكبها كريج هايكس بحق ثلاثة شبان أميركيين فى مدينة تشابيل هيل في ولاية نورث كارولينا، لا لشيء سوى كونهم مسلمين.
ضياء بركات (23 عاماً)، وزوجته يُسر محمد (21 عاماً)، وأختها رزان محمد (19عاماً) قُتلوا بدم بارد على يد هايكس الذي لم يتردد لحظة واحدة في إطلاق النار على رؤوس الثلاثة، بعد خلاف حول مكان انتظار السيارة.
البعد الديني في الجريمة واضح، ولا يمكن أن تخطئه العين، وذلك على الرغم من محاولة بعضهم اعتبارها مجرد حادثة، نتيجة خلاف عابر.
فالقاتل معروف بإلحاده، واحتقاره كل الأديان، وهو ما كتبه على صفحته على "فيسبوك" قبل ساعات قليلة من تنفيذ جريمته، وكذلك صورة لأحد مسدساته التي تفاخر بها وبعدد رصاصاتها. ومن الواضح أن هايكس لم يكن ملحداً عادياً، بل متطرفاً في إلحاده، ما يتضح من قائمة الكتب التي وضعها على صفحته، أيضاً، ومنها "وهم الإله" للبريطاني ريتشارد داوكينز، والذي دان الجريمة بعد ساعات من وقوعها، حسبما أفادت جريدة الإندبندت البريطانية.
ضياء ويُسر ورزان كانوا يمثلون نموذجاً للشباب العربي المسلم، المتسامح مع هويته ودينه ومجتمعه.
وهم ينتمون للجيل الثالث من العرب الأميركيين الذين ولدوا وتربوا وترعرعوا في الولايات المتحدة، ولم تكن لديهم أي مشكلات مع مجتمعهم ووطنهم الأميركي.
نظرة سريعة في الملف الشخصي للضحايا الثلاث تشير إلى أنهم لم يكونوا مجرد شباب عاديين، وإنما كانوا مثالاً واضحاً على التفاني في الدراسة والنشاط المجتمعي، وكذلك في إقبالهم على الحياة. وهو ما يتضح من التعليقات التي ملأت صفحات التواصل الاجتماعي، عقب الجريمة.
 فعلى سبيل المثال، فإن ضياء، وكان طالباً بالعام الثاني في كلية الطب في جامعة نورث كارولينا، كان منخرطاً في الأعمال الإنسانية، ونظم حملات خيرية عديدة من أجل مساعدة اللاجئين السوريين في تركيا، وكذلك مساعدة الفقراء في منطقته.
وكذلك كانت زوجته يُسر التي كانت على وشك الالتحاق بكليته نفسها، وشاركت في أعمال إنسانية في منطقة دورهام التي كانت تعيش بها.
حجم المأساة والصدمة لم يكن فقط بسبب بشاعة الجريمة، وإنما، أيضاً، بسبب الصمت الإعلامي المخجل في تغطية الجريمة، وذلك قبل أن تنتفض وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) وتقوم بتغطية الحدث، وتوجيه انتقادات لاذعة للإعلام الأميركي، وهو ما دفع بعض وسائل الإعلام الرئيسية، مثل "سي إن إن"، إلى تغطية الحدث ومناقشته في نشراتها الرئيسية، طوال ليل الأربعاء. ولعل من المخجل ألا يحظى الشباب الثلاثة بتغطية الإعلام الأميركي إلا بعد مقتلهم.
ولسوء الحظ، فإن الإعلام الأميركي، والغربي بوجه عام، لا يهتم بنشر قصص النجاح للشباب العربي والمسلم في أميركا، وتقديمهم نماذج على الاندماج والتسامح مع مجتمعهم، مثلما يفعل مع أولئك الموتورين والمتطرفين الذين يجري تقديمهم باعتبارهم القاعدة، وليس الاستثناء.
لم يخطئ المفكر الفلسطيني الراحل، إدوارد سعيد، حين كتب عن تحيز الإعلام الأميركي تجاه العرب والمسلمين في كتابه "تغطية الإسلام" قبل ثلاثة عقود.
فقد كشف سعيد حجم التحيز والتناقض في تغطية وسائل الإعلام الأميركية أخبار المجتمعات العربية والإسلامية، ودور هذه التغطية في تشكيل وعي المواطن الأميركي عن هذه المجتمعات، وهو ما يزيد سوء التفاهم، ويغذي الصورة النمطية السلبية عن العرب والمسلمين.
 منذ وقوع حادثة "تشابيل هيل"، تشعر عائلات وأسر عربية ومسلمة كثيرة بالقلق والخوف من إمكانية تكرارها مع أبنائهم وذويهم. ولعل ما أخشاه هو أن يؤدي ذلك إلى فرض سياج من العزلة الذاتية على هذه العائلات، ما قد يعقّد عملية اندماجهم في مجتمعاتهم المحلية، ويعرّضهم لمزيد من الخطر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق