الأحد، 15 فبراير 2015

«تويتر» في قلب المعركة السياسية

«تويتر» في قلب المعركة السياسية
ياسر الزعاترة

يوم الجمعة الماضية، نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية تقريرا حول قتل ثلاثة شبان مسلمين (شاب وفتاتان) في نورث كارولاينا، بعنوان طويل يقول: حادثة إطلاق النار في شابيل هيل: هل كان الإعلام سيغطي المأساة لو لم يكن “تويتر موجودا، وماذا لو كان القاتل مسلما؟.
والحال أن تساؤل الصحيفة يأتي في معرض الإجابة أكثر من السؤال، لأن الإجابة معروفة تماما، فلو لم يكن “تويتر” موجودا لغابت القضية، ولبقيت في دائرة أهل القتيل الضيقة ومن حولهم من أبناء الجالية المسلمة، ولم تتجاوزتهم حتى لأبناء الجالية في عموم الولايات المتحدة كما حصل بالفعل، وحيث تدفق الآلاف إلى الولاية ليشاركوا في الجنازة والتشييع، وليقفوا وقفة رائعة تستحق التحية.
بعد تجاهل واضح من قبل الجهات الرسمية، ومن قبل وسائل الإعلام التي تعاملت مع الأمر كشجار على موقف سيارة، كأن أمرا كهذا يمكن أن يؤدي إلى قتل ثلاثة من البشر عن سبق إصرار وترصد وداخل بيتهم، بعد ذلك بدأ التفاعل في أوساط المسلمين عبر هاشتاج يخص الواقعة، وليتحول بمرور الساعات إلى الهاشتاج الأول عالميا، لاسيما أنه كان باللغة الإنجليزية، وليفرض نفسه على وسائل الإعلام العالمية التي أخذت تغطي الحدث، بما فيها وسائل الإعلام الأمريكية التي شرعت تستضيف أهالي الضحايا وتستمتع لروايتهم.
وفيما حاولت الجهات الرسمية المضي في برنامج التجاهل، إلا أن حجم الضغط في وسائل التواصل، ومن ثم الاهتمام الإعلامي تبعا لها ما لبث أن فرض نفسه، ما دفع أوباما إلى الخروج ببيان حول الحادثة، سبقه بطبيعة الحال موقف مهم من أردوغان؛ كان الوحيد في تلك الأثناء قبل أن تلتحق به بعض الأوساط الرسمية العربية على نحو متفاوت.
ما يعنينا في هذه السطور هو تلك القوة التي استطاع المسلمون أن يملكوها من خلال تفاعلهم في مواقع التواصل مع الحدث، والتي كانت قد برزت أيضا قبل ذلك من خلال هاشتاج عربي بعنوان “دوما تباد” ردا على جرائم بشار الأسد في دوما، والتي فاقت في نازيتها كل تصور، والتي جاءت بعد أيام من الهراء الذي تدفق على لسانه في مقابلة مع بي بي سي، وأثار سخرية الكثيرين في بريطانيا، بمن فيهم المراسل الذي أجرى اللقاء، لاسيما حين أنكر ما يعرفه جميع البشر على وجه الأرض ممثلا في استخدامه للبراميل المتفجرة ضد أبناء شعبه.
وحين نجح الهاشتاج الخاص بمقتل المسلمين الثلاثة في أمريكا على ذلك النحو، بادر النشطاء السوريون إلى إطلاق هاشتاج آخر باللغة الإنجليزية، بعنوان “هولوكست الأسد”، وليغدو هو الآخر في مقدمة “الترند” العالمي خلال يوم من إطلاقه.
صحيح أننا إزاء مجرم لا يأبه كثيرا بمثل هذه الحملات.؛ لا هو ولا الجهات التي تدعمه وولغت في دماء السوريين حتى الثمالة، وفي مقدمتها إيران وحلفاؤها، لكن ذلك لا يغير من حقيقة أن فضح هؤلاء في العالم أجمع يبدو أمرا بالغ الأهمية.
هذا التطور في وسائل التأثير الإعلامي يمنح المستضعفين في الأرض، وفي مقدمتهم المسلمون نافذة جيدة للتأثير، ولإيجاد مشترك دائم فيما بينهم، وحيث يمكن دائما إطلاق هاشتاجات تعالج قضاياهم في مختلف المناطق، ما يلبث الأحرار أن يتفاعلوا معها في شتى أرجاء الأرض، فأمة المليارين لا يمكن أن تبقى مستباحة، إن كان للإمبريالية الغربية والصهيونية، أم للعدوان الإيراني الذي يرفع شعارات كاذبة لم تعد تنطلي سوى على الحاقدين والسذج.
سلاح وسائل التواصل سلاح مهم؛ على أحرار الأمة أن يفعِّلوه في مواجهة الظلم والطغيان، إن كان داخليا ، أم كان خارجيا، وما أكثر فصول الظلم والعدوان التي تتعرض لها هذه الأمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق