النكبة في مصر
وائل قنديل
يعلم أصغر طالب يدرس الكيمياء أن تصنيع البطارية عملية تبدو أسهل كثيراً من تحضير البيتزا، بل إن الورش الصغيرة المتناثرة في القرى والنجوع تستطيع تصنيع بطارية للسيارة، غير أنه، على اعتبار أن مصر تعيش زمن الزعيم الملهم، العبقري الأسطورة، فكل ما يقع فيها من أحداث هو إنجاز تاريخي.
ولأن الزعيم "المبروك" يستعين على قضاء إنجازاته بالكتمان، فهو قد اعتمد شعاراً جديداً للدولة المصرية، يردده ويكرره كالنشيد القومي وتحية العلم طوال الوقت، يقول فيه "فيه حاجات متطلعش عشان الشر وأهل الشر".
ولأنه حريص على بقاء شعبه سعيداً في مزرعته السعيدة، أصدر توجيها تاريخيا، مفاده أن "كل اللي مهموم بمصر لازم يعمل كده، ولا يترك دماغ ناسه، ويكون صادقا وأميناً".
نعم أنت الصادق الأمين، القوي، كإضافة من عندك، أنت الصادق في العمل على تحويل وطن كبير إلى حضانة أطفال، أو عنبر للبلهاء.. أنت الأمين، وخلفك جيش من "الأمناء" في الشرطة، والإعلام والقضاء، لا يتركون دماغ الناس، فمنهم من يهشمها على زفت الشوارع، ومنهم من يسحلها على قطران القنوات الفضائية، ومنهم من يقطعها على منصات العدالة.
في هذا الوطن السعيد، الذي هو قد الدنيا، وفي ذكرى النكبة، يثور سؤال يبدو ساذجا: هل لا يزال بالإمكان في شوارع مصر أن يرتدي شاب "كوفية فلسطين"، ويغني للمقاومة، على مسرح جامعة أو مدرسة؟
يقفز السؤال فارضاً نفسه، لأن ذكرى النكبة مرت أمس، ولم يكن هناك من يفترس الميكرفونات بحنجرته على منابر الأحزاب الناصرية والقومية المصرية، أو في قصور الثقافة، ولم يذهب شبان للتظاهر والهتاف أمام مبنى يسمى "جامعة الدول العربية" في ميدان التحرير الذي صار دخوله من المحرمات.
قبل سنوات، كان الشاب يداري عجزه عن فعل شيء لفلسطين والقدس، بكوفية فلسطينية، يستر بها عورات أنظمة عربية، تمضي نهارها في الهتاف المحتدم للقضية، ثم تتسلل، ليلا، على أطراف أصابعها للمبيت في حضن واشنطن وتل أبيب.
أما الآن، فقد صار ارتداء الكوفية الفلسطينية في مصر جريمة، بينما "إسرائيل" لا تزال تفكر في تجريمها.
من موقع "اليوم السابع" الصادق الأمين، في محبته وخدمته سلطة انقلاب السيسي، أنقل خبرين عن الكوفية، مصرياً وإسرائيلياً، وأترك لك التعليق.
في 29 ديسمبر/ كانون الأول نشر الموقع أن الأجهزة الأمنية شنّت، فجر اليوم، حملة أمنية استهدفت بعض عناصر جماعة الإخوان، ضمت ضباط إدارة البحث الجنائي، ووحدات مباحث المديرية، بالتنسيق مع إدارة الأمن الوطني وفرع الأمن العام بسوهاج، مدعومة بمجموعات قتالية أسفرت عن ضبط 4 طلاب جامعيين، أحدهم بحوزته قناع أبيض وكوفية فلسطين، وكذلك قلم فلوماستر وبعض المنشورات المناهضة للحكم. وجار فحص الأول والثاني والثالث بمعرفة قطاع الأمن الوطني، وجار اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الرابع وعرضه على النيابة العامة.
وقبل ذلك بأسبوعين، وتحديدا في يوم 12 من الشهر نفسه، نشر الموقع نفسه ما يلي:
ذكرت "القناة السابعة" بالتلفزيون الإسرائيلي، التابعة للمستوطنين، أن عضو لجنة الخارجية والأمن البرلمانية بالكنيست، يوني شطبون، من حزب "البيت اليهودي" طرح مشروع قانون جديد ضد أي فلسطيني يرتدي "الكوفية" الفلسطينية، وضبط من يتلثمون بها كي يسهل على الشرطة تقديم لوائح اتهام ضد المتظاهرين ومخالفي القانون.
وقبل ذلك بشهور، وقبل أن يقفز السيسي إلى مقعد الحكم، كانت الصفحات المطالبة به رئيساً، على مواقع التواصل الاجتماعي، تزف خبراً إلى الأمة باعتقال أحد شباب ثورة يناير ومؤسسي حركة شباب 6 أبريل، محمد عادل، بهذه الصياغة "عاااااااااجل: القبض على محمد عادل عضو حركة 6 إبليــــــــــــس، أمس، في أثناء خرقه لحظر التجوال. وضبط معه فرد خرطوش + 2 طلقة خرطوش + مواد مخدرة + كوفيــــــــــــة فلسطين عليها شعار حماس"
هل عرفت معنى النكبة الحقيقية الآن؟
يوماً ما، سيحكي لنا التاريخ، لماذا يكره عبد الفتاح السيسي ونظامه كوفية فلسطين؟
نعم أنت الصادق الأمين، القوي، كإضافة من عندك، أنت الصادق في العمل على تحويل وطن كبير إلى حضانة أطفال، أو عنبر للبلهاء.. أنت الأمين، وخلفك جيش من "الأمناء" في الشرطة، والإعلام والقضاء، لا يتركون دماغ الناس، فمنهم من يهشمها على زفت الشوارع، ومنهم من يسحلها على قطران القنوات الفضائية، ومنهم من يقطعها على منصات العدالة.
في هذا الوطن السعيد، الذي هو قد الدنيا، وفي ذكرى النكبة، يثور سؤال يبدو ساذجا: هل لا يزال بالإمكان في شوارع مصر أن يرتدي شاب "كوفية فلسطين"، ويغني للمقاومة، على مسرح جامعة أو مدرسة؟
يقفز السؤال فارضاً نفسه، لأن ذكرى النكبة مرت أمس، ولم يكن هناك من يفترس الميكرفونات بحنجرته على منابر الأحزاب الناصرية والقومية المصرية، أو في قصور الثقافة، ولم يذهب شبان للتظاهر والهتاف أمام مبنى يسمى "جامعة الدول العربية" في ميدان التحرير الذي صار دخوله من المحرمات.
قبل سنوات، كان الشاب يداري عجزه عن فعل شيء لفلسطين والقدس، بكوفية فلسطينية، يستر بها عورات أنظمة عربية، تمضي نهارها في الهتاف المحتدم للقضية، ثم تتسلل، ليلا، على أطراف أصابعها للمبيت في حضن واشنطن وتل أبيب.
أما الآن، فقد صار ارتداء الكوفية الفلسطينية في مصر جريمة، بينما "إسرائيل" لا تزال تفكر في تجريمها.
من موقع "اليوم السابع" الصادق الأمين، في محبته وخدمته سلطة انقلاب السيسي، أنقل خبرين عن الكوفية، مصرياً وإسرائيلياً، وأترك لك التعليق.
في 29 ديسمبر/ كانون الأول نشر الموقع أن الأجهزة الأمنية شنّت، فجر اليوم، حملة أمنية استهدفت بعض عناصر جماعة الإخوان، ضمت ضباط إدارة البحث الجنائي، ووحدات مباحث المديرية، بالتنسيق مع إدارة الأمن الوطني وفرع الأمن العام بسوهاج، مدعومة بمجموعات قتالية أسفرت عن ضبط 4 طلاب جامعيين، أحدهم بحوزته قناع أبيض وكوفية فلسطين، وكذلك قلم فلوماستر وبعض المنشورات المناهضة للحكم. وجار فحص الأول والثاني والثالث بمعرفة قطاع الأمن الوطني، وجار اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الرابع وعرضه على النيابة العامة.
وقبل ذلك بأسبوعين، وتحديدا في يوم 12 من الشهر نفسه، نشر الموقع نفسه ما يلي:
ذكرت "القناة السابعة" بالتلفزيون الإسرائيلي، التابعة للمستوطنين، أن عضو لجنة الخارجية والأمن البرلمانية بالكنيست، يوني شطبون، من حزب "البيت اليهودي" طرح مشروع قانون جديد ضد أي فلسطيني يرتدي "الكوفية" الفلسطينية، وضبط من يتلثمون بها كي يسهل على الشرطة تقديم لوائح اتهام ضد المتظاهرين ومخالفي القانون.
وقبل ذلك بشهور، وقبل أن يقفز السيسي إلى مقعد الحكم، كانت الصفحات المطالبة به رئيساً، على مواقع التواصل الاجتماعي، تزف خبراً إلى الأمة باعتقال أحد شباب ثورة يناير ومؤسسي حركة شباب 6 أبريل، محمد عادل، بهذه الصياغة "عاااااااااجل: القبض على محمد عادل عضو حركة 6 إبليــــــــــــس، أمس، في أثناء خرقه لحظر التجوال. وضبط معه فرد خرطوش + 2 طلقة خرطوش + مواد مخدرة + كوفيــــــــــــة فلسطين عليها شعار حماس"
هل عرفت معنى النكبة الحقيقية الآن؟
يوماً ما، سيحكي لنا التاريخ، لماذا يكره عبد الفتاح السيسي ونظامه كوفية فلسطين؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق