الخميس، 16 نوفمبر 2017

أيهما أفصح نطقاً بقدمه: ميسي أم السيسي؟


أيهما أفصح نطقاً بقدمه: ميسي أم السيسي؟


أحمد عمر


إنهم يتبعون الدين الجديد، تغيرت الأحوال، وتحولت قولة أبي تمام من حال: 


حتى رَجَعْتُ وَأقْلامي قوائل لي
ألمَجْدُ للسّيفِ لَيسَ المَجدُ للقَلَمِ
إلى: المجد للقدم ليس المجد للقلم.

إذا استعرنا لغة الأزهري سعد الدين الهلالي، سنقول:

"ما كان لنا أن نتخيل أبداً أن يكون السيسي وبشار الأسد من أبطال المونديال". 
فقد برهنا، بالجزمة القديمة، أنهما يستطيعان خطف الكرة من أحد عشر لاعباً، ومعهم جمهورهم، ومن هدافي الكرة في العالم، والقيام بانقلابات رياضية. 

وأستعير في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ أمتنا، الذي لم يكن إلا حرجاً ضيقاً، كأنما يصعد في السماء، لغة زميله وزير الأوقاف الألثغ، فأقول: "نرسل رسالة سلام للعالم أجمع فأقول في هامش الرسالة متمنياً لساعي البريد السلامة من الكمائن وبطش الحواجز: إنهما قدرا على معجزة تربيع الدائرة، لقد كعّبا كرة القدم تكعيباً.

استطاع السيسي في ملاعب السياسة، حكم بلاد حكمها تحتمس، ورمسيس، وعمرو بن العاص ومحمد علي باشا، وجمال عبد الناصر، بل ومدّ السيسي قدمه إلى مرمى سوريا، فرعى اتفاق الجنوب في سوريا بعد سنوات الحرب، وتمكن من تحقيق المصالحة بين فتح وحماس بعد سنوات طويلة من الخصومة، بعد أن خنقها حصارا.

أكل السيسي الملوخية بلحم الشعب المصري، وحوّل الشعب السوري إلى وليمة لكلاب البرّ، ولكن فوز فريق كرة القدم الوطني في بلدنا المعطاء خسارة وطنية واقتصادية مؤكدة؛ فكل بطولات الفريق الفاتح، تصبّ في صحيفة الرئيس السياسية صباً.

الكرة تدور في الملعب، لكن عجلات الدولة لا تدور، الدولة لا تدول، واللاعب الوحيد ثابت في القصر الجمهوري كالمسمار.

أستطرد فأقول: لي صديقة عزيزة هائمة، ندهتْها الندّاهة، وأصيبت بالعشق، فهامتْ بريال برشلونة، وهي تلاحق مباريات الفريق لتشهدها عياناً، لا من وراء حجاب البث المباشر في التلفزيون، وهي ترفع الأعلام قانتة سابحة في العشي والإبكار. وأنكرت عليّ مرة تجاهلي تهجدها في الملاعب، فقلت لها: يا مولاتي، أنت تتقدمين في العمر، والإناث يتخلفن عن الرجل في أمور كثيرة، لكنهن يسبقنه في أمور أخرى مثل: سباق الجري في دروب العمر، وهو الأمر الوحيد الذي تحبُّ الإناث أن تتأخر فيه، أو على الأقل، أن تثبت فيه ثبوت الرئيس على الكرسي. ودواؤكِ ليس في الملعب، بل هو زوج، تدفئين فراشه البارد، أنت تهربين يا مولاتي من صحراء العنوسة إلى الملاعب الخضراء، كما يهرب قادة بلادنا من ضعف الشرعية السياسية، إلى ملاعب المونديال النباتية، وميسي لن يصبح لك زوجاً، وتقبيله في الصورة لا يطعم خبزاً، ولا يبرد عاطفة، وكدت أقول: تعالي إليَّ، وسأجعل حياتك ملعباً أخضر، أما الأهداف التي سأحققها لك، فستكون أكثر من أهداف رونالدو وميسي، ومارادونا، والذين "رادونا" أيضاً، وأتعهد بأنّ الأهداف في العارضة، وأهداف التسلل، ستكون أجمل من الأهداف الحقيقية.

الملاعب أمست مصدراً للشرعية السياسية في بلدان الاستبداد، والعشب الأخضر حوّله المستبدون إلى حشيشة للكيف، وإلى صنف، يخدرون به الشعب. حقنة من المخدر في المسجد وحقنة أخرى في الملعب.

إن أشهر ثائرين في الملاعب، هما أبو تريكة بمذهبه الإصلاحي، وساورت بطريقته الثورية، ومن سوء حظنا، أننا لم نقرأ رواية واحدة عن الكرة، فلم يحدث أن كتب لاعب قصته روايةً، ولم نعرف لاعباً تحوّل إلى الثقافة

يقال: الرياضي عقله فاضي، فمن يقضي يومه في التدرب على مغازلة الكرة وإغوائها بقدمه، لن يقرأ.

والواقع الرياضي في سوريا، أن الأسد يلعب بالكرة على طريقة المافيا، فكل اللاعبين يلعبون تحت الإكراه. تداول النشطاء تغريدة للنائب السابق أحمد شلاش، تتوعد اللاعبين، الذين شاعت أخبار لجوء سبعة منهم إلى أستراليا بالويل والثبور، فقد آثروا مكرمة اللجوء، على مجد الكرة المهانة بالبوط.

وتقول التقارير الإخبارية: إن الأسد قتل عشرات نجوم الرياضة، منهم جهاد قصاب، وعروة القنوات، ولؤي العمر، وحسن سبيعي، وطارق عبد الحق، وعامر حاج هاشم، ومحمد أحمد سليمان، وأحمد العايق، ومحمود العلي، ومحمد قنيص، الذي خرج حياً من المعتقل، ورانيا عباسي بطلة الشطرنج العالمية، وسامح سرور بطل كرة السلة، وبشير عياش لاعب كرة اليد.

وتقول تقارير: إن اللاعب عمر أبو سومة عاد مقابل حقوق أصلية منهوبة، هي الأمن والأمان له ولأهله، ومثله فراس الخطيب، لكننا لم نر مثل أبي تريكة صلاحاً ورشاداً.

أمس قرأت خبراً عن تدريب إسرائيل لدلافين إسرائيلية في مهام عسكرية، فقلت:

نحن نعرف كيف نلعب، ولا نعرف كيف نَجِدُّ، ولو ربحنا كأس العالم، فمثلنا مثل "المُنْبَتَّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى". 

الخلاصة: أردت القول إن الرئيس يرعى بنا في الملعب، ويطعمنا الحشيش، وينفرد بالمرمى، والشعب حارس المرمى مقيد بقوانين الطوارئ، وحديد الجور والظلم.

السيسي والأسد وغيرهما من المستبدين، أفراد مفرّدون، ليس لهم أنداد وأقران، ولا يعرفون التعاون والمشاركة السياسية، واللعب في الفريق ومعه، وهم بين حالين: عييٌ أخرق، ومُقعد زهايمر.

ليس بين رؤسائنا مثل جورج ويا رئيس ليبريا، الذي كان لاعباً في نادي ميلان الإيطالي، أو أردوغان، الذي كان يلعب فريق فينيرباهتشي التركي الشهير، أو أبو العبد هنية، أو مثل دكتاتور كوريا الشمالية، الذي عُرف بمهاراته البهلوانية والجمبازية و..النووية.
وهم يرتكبون الفاولات المبيدة المدمرة للديار وأهلها، والتي يراها الحكم الدولي، ويرفع البطاقة الحمراء .. للجمهور، ويطرد الشعب خارج الملعب.

أول آية في القرآن نزلت، هي: اقرأ، وليس: إلعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق