منتخب الشياطين في الدولة الحصَّالة
مواطنون شرفاء فوق السحاب يهاجمون لاعبي المنتخب، ويرفضون تحرّك الطائرة العائدة من روسيا، إلا بعد أن يترك اللاعبون مقاعدهم في درجة رجال الأعمال، ويتذيّلوا الطائرة بمقاعد"السبنسة". .. قبلها كان المواطنون الشرفاء يستقبلون لاعبي الفريق لدى مغادرتهم الحافلة بسباب أمهاتهم.
وفي الأثناء، مواطنون شرفاء في ستوديوهات التحليل ينهالون على اللاعبين باتهاماتٍ تتعلق بالاتجار والسمسرة على المنتخب، وتُنصب المشانق للجميع، قبل مباراة السعودية، فهذا اللاعب يؤجر زملاءه للقنوات الفضائية، بالدقيقة، وهذا الـ"محمد صلاح" نسي نفسه، وتنكّر لأفضال مصر عليه، وذاك اللاعب أتى بحركة بذيئة في التمرينات (اغتيال أخلاقي)، ثم يأتي المذيع الأشهر في عالم الابتذال ليعلن، عقب المباراة مباشرة، إن اللاعبين توحّشوا، ولم يعد أحد قادراً على السيطرة عليهم.
ليس هذا كل شيء في إطار المشروع القومي لشيطنة لاعبي المنتخب، وتحميلهم، وحدهم، المسؤولية عن هذا العار الحضاري الذي تابعه الجميع في مونديال روسيا، والذي مثّلت فيه المواجهة مع السعودية ذروة المهزلة التي تعيشها مصر، في السياسة، وانعكست على الرياضة، أو بالأحرى انتقلت إلى الرياضة، بحيث صارت الساحة الرياضية المصرية صورةً طبق الأصل لما يجري في مجال السياسة، وبشكل خاص فيما يخص العلاقة مع السعودية، إلى الحد الذي لن تكون مبالغاً معه إن قلت إن منتخب مصر لقي مصير جزيرتي تيران وصنافير، بعد أن تحول إلى سلعة للبيع في سوق النخاسة السياسية التي تبيع كل شيء، لمن يدفعون في مقابل تثبيت الجنرال المهووس بالسلطة في مقعده على الحكم.
لا يختلف ما جرى في مباراة السعودية كثيراً عن سيناريو بيع "تيران" و"صنافير".
بداية قوية جداً تسفر عن هدف مبكر، يرفع سقف الأحلام إلى انتصار عريض، ثم انكماش إجباري تستشعر معه أن اللاعبين ليس مسموحاً لهم بالمزيد، والذهاب إلى أبعد من ذلك في النتيجة، وإلا ما الذي يجعل فريقاً يمتلك كل هذه المقومات الهجومية يتحول إلى فأر مذعور في النصف الثاني من المباراة، ويبدو مهزوماً قبل أن ينهزم رسمياً؟
في موضوع جزيرتي تيران وصنافير، أيضاً، كانت البداية قوية جداً وواعدة، هجوم توفرت له عناصر دعم بالوثائق من جهاتٍ في الدولة، ثم تراجعٌ فانكماشٌ فهزيمةٌ مشرّفة، كانت نتيجتها تسليم قطعتين من الأرض لأصحاب السطوة والنفوذ والرعاية.
في الحالتين، كان المطلوب: ابدأ بالهجوم لكن لا تنتصر.. العب وانهزم، أو اصنع شكلاً جيداً في البدايات، ودع لنا النهايات نكتبها، بما يتماشى مع مصلحة الدولة التي هي الزعيم الفرد الأحد.
هل كانت مصادفةً أن تكون الحركة البذيئة (المفبركة) حاضرةً في المناسبتين، ودليل اتهام في تظاهرات الجزيرتين وتدريبات المنتخب؟.
بتعبير أحد مدربي الكرة الظرفاء، قبل أسابيع من الذهاب إلى المونديال، توقع لاعب الزمالك والأهلي السابق، رضا عبد العال، أن يكون فريق مصر هو "حصَّالة" مجموعته في التصفيات، بمعنى أنه سينهزم من جميع الفرق، بما فيها السعودية، وليس أفضل من تعبير الحصالة لوصف الدولة المصرية مع عبد الفتاح السيسي، فلم يعد ثمّة اعتبار لكرامةٍ وطنية، ولا احترام لقيمة وطنية، أو تقديس للحدود الجغرافية والتاريخية، منذ اعتمد الجنرال الحاكم مبدأ "حبات الأرز" مسطرةً وحيدةً يقيس بها علاقته بالدول الأخرى، فكان التنازل عن "تيران" و"صنافير"، والتفريط بالحق التاريخي الثابت في مياه النيل، وليس انتهاءً برهن الناديين الأكبر، الأهلي والزمالك، في بورصة السمسرة على الكرامة الوطنية، من خلال فتح المجال للمغامر المنتفخ جهلاً وغطرسة بشراء رؤساء الأندية، ثم شراء الأندية ذاتها، من دون أن يكون مسموحاً لأحدٍ بالتمرّد على التبعية، والرد على الإهانة.
عندما يكون اللعب على ثلاث حبات، لا ثلاث نقاط، من الطبيعي أن تكون النتيجة هي الهزيمة مع سبق الإصرار، ويصبح ذبح اللاعبين عملاً وطنياً.
إنها هزيمة نظامٍ سياسي، قبل أن تكون هزيمة فريق كرة قدم.
مواطنون شرفاء فوق السحاب يهاجمون لاعبي المنتخب، ويرفضون تحرّك الطائرة العائدة من روسيا، إلا بعد أن يترك اللاعبون مقاعدهم في درجة رجال الأعمال، ويتذيّلوا الطائرة بمقاعد"السبنسة". .. قبلها كان المواطنون الشرفاء يستقبلون لاعبي الفريق لدى مغادرتهم الحافلة بسباب أمهاتهم.
وفي الأثناء، مواطنون شرفاء في ستوديوهات التحليل ينهالون على اللاعبين باتهاماتٍ تتعلق بالاتجار والسمسرة على المنتخب، وتُنصب المشانق للجميع، قبل مباراة السعودية، فهذا اللاعب يؤجر زملاءه للقنوات الفضائية، بالدقيقة، وهذا الـ"محمد صلاح" نسي نفسه، وتنكّر لأفضال مصر عليه، وذاك اللاعب أتى بحركة بذيئة في التمرينات (اغتيال أخلاقي)، ثم يأتي المذيع الأشهر في عالم الابتذال ليعلن، عقب المباراة مباشرة، إن اللاعبين توحّشوا، ولم يعد أحد قادراً على السيطرة عليهم.
ليس هذا كل شيء في إطار المشروع القومي لشيطنة لاعبي المنتخب، وتحميلهم، وحدهم، المسؤولية عن هذا العار الحضاري الذي تابعه الجميع في مونديال روسيا، والذي مثّلت فيه المواجهة مع السعودية ذروة المهزلة التي تعيشها مصر، في السياسة، وانعكست على الرياضة، أو بالأحرى انتقلت إلى الرياضة، بحيث صارت الساحة الرياضية المصرية صورةً طبق الأصل لما يجري في مجال السياسة، وبشكل خاص فيما يخص العلاقة مع السعودية، إلى الحد الذي لن تكون مبالغاً معه إن قلت إن منتخب مصر لقي مصير جزيرتي تيران وصنافير، بعد أن تحول إلى سلعة للبيع في سوق النخاسة السياسية التي تبيع كل شيء، لمن يدفعون في مقابل تثبيت الجنرال المهووس بالسلطة في مقعده على الحكم.
لا يختلف ما جرى في مباراة السعودية كثيراً عن سيناريو بيع "تيران" و"صنافير".
بداية قوية جداً تسفر عن هدف مبكر، يرفع سقف الأحلام إلى انتصار عريض، ثم انكماش إجباري تستشعر معه أن اللاعبين ليس مسموحاً لهم بالمزيد، والذهاب إلى أبعد من ذلك في النتيجة، وإلا ما الذي يجعل فريقاً يمتلك كل هذه المقومات الهجومية يتحول إلى فأر مذعور في النصف الثاني من المباراة، ويبدو مهزوماً قبل أن ينهزم رسمياً؟
في موضوع جزيرتي تيران وصنافير، أيضاً، كانت البداية قوية جداً وواعدة، هجوم توفرت له عناصر دعم بالوثائق من جهاتٍ في الدولة، ثم تراجعٌ فانكماشٌ فهزيمةٌ مشرّفة، كانت نتيجتها تسليم قطعتين من الأرض لأصحاب السطوة والنفوذ والرعاية.
في الحالتين، كان المطلوب: ابدأ بالهجوم لكن لا تنتصر.. العب وانهزم، أو اصنع شكلاً جيداً في البدايات، ودع لنا النهايات نكتبها، بما يتماشى مع مصلحة الدولة التي هي الزعيم الفرد الأحد.
هل كانت مصادفةً أن تكون الحركة البذيئة (المفبركة) حاضرةً في المناسبتين، ودليل اتهام في تظاهرات الجزيرتين وتدريبات المنتخب؟.
بتعبير أحد مدربي الكرة الظرفاء، قبل أسابيع من الذهاب إلى المونديال، توقع لاعب الزمالك والأهلي السابق، رضا عبد العال، أن يكون فريق مصر هو "حصَّالة" مجموعته في التصفيات، بمعنى أنه سينهزم من جميع الفرق، بما فيها السعودية، وليس أفضل من تعبير الحصالة لوصف الدولة المصرية مع عبد الفتاح السيسي، فلم يعد ثمّة اعتبار لكرامةٍ وطنية، ولا احترام لقيمة وطنية، أو تقديس للحدود الجغرافية والتاريخية، منذ اعتمد الجنرال الحاكم مبدأ "حبات الأرز" مسطرةً وحيدةً يقيس بها علاقته بالدول الأخرى، فكان التنازل عن "تيران" و"صنافير"، والتفريط بالحق التاريخي الثابت في مياه النيل، وليس انتهاءً برهن الناديين الأكبر، الأهلي والزمالك، في بورصة السمسرة على الكرامة الوطنية، من خلال فتح المجال للمغامر المنتفخ جهلاً وغطرسة بشراء رؤساء الأندية، ثم شراء الأندية ذاتها، من دون أن يكون مسموحاً لأحدٍ بالتمرّد على التبعية، والرد على الإهانة.
عندما يكون اللعب على ثلاث حبات، لا ثلاث نقاط، من الطبيعي أن تكون النتيجة هي الهزيمة مع سبق الإصرار، ويصبح ذبح اللاعبين عملاً وطنياً.
إنها هزيمة نظامٍ سياسي، قبل أن تكون هزيمة فريق كرة قدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق