الخميس، 22 فبراير 2024

“طوفان الأقصى ضرورة حتمية وفريضة شرعية”

 

“طوفان الأقصى ضرورة حتمية وفريضة شرعية”

د. عز الدين الكومي


سألت نفسي :
لماذا أقدمت حماس على معركة طوفان الأقصى وهي تعلم ما يمكن أن تؤول إليه الأمور في ظل الحصار الخانق المفروض على غزة منذ سبع عشرة سنة ؟ ، وما يمكن أن يستتبع ذلك من تداعي الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وكل قوى الشر لحماية الكيان الصهيوني؟ ، وفي ظل مطالبات عربية خفية وجلية بضرورة القضاء على حماس لتسويغ و تسريع التطبيع مع الكيان الصهيوني؟.


ولكن سرعان ما استفقت من أوهامي، ورأيت أن طوفان الأقصى كان ولا يزال نتيجة طبيعية لاستمرار سياسات الاحتلال الصهيوني بحق الأقصى والمقدسات بالاعتداء والاقتحامات، والتنكيل بحق الفلسطينيين، والتوسع الاستيطاني ،والإصرارعلى حصار وتجويع أهل غزة .

فكان هناك إعداد شامل لكل الجوانب المادية والعسكرية والنفسية والروحية لدى جميع القائمين على إدارة القطاع وفصائل المقاومة؛ وكذلك لدى المؤسسات الأهلية والحاضنة الاجتماعية، فتشبّع الجميع، وأصبح مستعداً للبذل والعطاء والتضحية والخلاص من الاحتلال الصهيوني البغيض .


إذن كان طوفان الأقصى نتيجة متوقعة للإعداد الطويل والتحضير

 الجيد من جانب أهل غزة بمختلف شرائحهم، واستعدادا منضبطا

 لساعة المواجهة الحتمية القادمة.


أما كونه فريضة شرعية- خلافاً لعلماء الفتنة وعباد السلطة الذين يرون في طوفان الأقصى عملية انتحار غير مأمونة العواقب – فَلِأَن الجهاد ضد الصهاينة المحتلين والمعتدين على ‏المسجد الأقصى ليل نهار يعد من آكَدِ فروضِ وواجبات الدين، فقد قال الله تعالى﴿ وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ ‏وَٱلۡوِلۡدَٰنِ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا مِنۡ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِ ٱلظَّالِمِ أَهۡلُهَا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن ‏لَّدُنكَ وَلِيّٗا وَٱجۡعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ٧٥ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ ‏وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ‏كَانَ ضَعِيفًا ٧٦﴾ [النساء 75-76].‏


‏وقد انعقد إجماع العلماء على تعَيُّنِ فرض الجهاد حالَ ما نزل العدو

 بأي بلد من ‏بلاد الإسلام، فكيف – والحالة هذه – والبلد هو الذي

 بارك الله حوله ، وهو المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين

 الشريفين ومسرى النبى صلى الله عليه وسلم؟

قال ابن عطية رحمه الله، “واستمر الإجماع على أن الجهادعلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرض كفاية ، فإذا قام به من قام من المسلمين سقط عن الباقين ، إلا أن ينزل العدو بساحة للإسلام ، فهو حينئذ فرض عين”.(المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. 289/1) .

لذا كان من الواجب على الأمةِ الإسلامية جمعاء اليومَ مناصرة ودعم الجهاد ‏والمقاومة في فلسطين عامة وغزة خاصة ! .
فأمريكا ومعها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا قد تداعَوا واصطفُّوا مع الكيان الصهيوني، وأعلنوا بدون مواربة مساندتهم له بالمال والسلاح ، وصدق الله تعالى إذ يقول:
﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ [ الأنفال: 73] .

وبينما أنا غارق في تفكيرى أتخيل ما حل بغزة من دمار وخراب وتشريد لأهلها وانتقام من الأطفال والنساء .. وقع بصرى على تصريح قديم للراحل : صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين والقيادي في حركة فتح في مقابلة مع القناة الثانية الصهيونية قال فيه :”سأقول أموراً قد تغضب رئيسي “محمود عباس” أنا أعتقد أن الرئيس الحقيقي للفلسطينيين هو وزير الجيش الإسرائيلي “أفيجدور ليبرمان” ، أما رئيس الوزراء الفلسطيني فهو المنسق بولي مردخاي”.


وكشف عريقات أيضاً عن موقف متشائم من موضوع حل الدولتين، مرجحا أن تختفي السلطة الوطنية الفلسطينية برمتها قريبا، وأن لا يكون لها أمل في الحياة.
وذكر عريقات أيضاً أن الرئيس”أبو مازن” “لايمكنه التحرك من رام الله دون إذن من مردخاي وليبرمان”.
وروى صائب عريقات حادثة حصلت له في الاجتماع الأخير للجنة المركزية ، حين نهض شاب فلسطيني وطالبه بدلا من عملية زراعة الرئة التي أجراها مؤخرا في الولايات المتحدة، أن يزرع لسانا جديدا ؛ لأنه يضلل شعبه ولا يقول الحقيقة.


ولم يكن عريقات فقط هو المتشائم وحده من فريق أوسلو؛ بل عباس 

نفسه قال في كلمة له أمام مجلس الأمن بتاريخ 20 من فبراير 

2018 إننا أصبحنا سلطة بدون سلطة، وأصبح الاحتلال بدون

 كلفة ، نحن نعمل عند الاحتلال”.

 وفي مقابلة مع قناة “اليوم” المصرية في برنامج “القاهرة اليوم”

 مع عماد الدين أديب قال: إنه “عايش تحت البساطير الإسرائيلية” 

والبسطار فى اللهجة الفلسطينية تعنى الحذاء العسكري .

فلأول مرة يكون عباس صادقاً مع نفسه بأنه يعيش تحت أحذية جيش الاحتلال الصهيوني !
والسؤال لعباس ومن معه من سلطة أوسلو : ما الذي يضطرك للعيش ذليلاً بهذه الصورة؟ والعزة كل العزة في مقاومة المحتل؟ .
وقد صدق عنترة العبسي حين قال :
لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ
بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ .
ماءُ الحَياةِ بِذِلَّةٍ كَجَهَنَّمٍ
وَجَهَنَّمٌ بِالعِزِّ أَطيَبُ مَنزِلِ 
فالكيان الصهيوني يعامل أفراد سلطة أوسلو بازدراء، ويعتدي على أفراد شرطة عباس والأجهزة الأمنية التي لا تكف عن التنسيق مع الكيان الصهيوني ، بل يتم تفتيش موكب رئيس الوزراء ، ويسحب سلاح جنود السلطة على الحواجز، فسلطة عباس مجرد بلدية وظيفتها تنظيم حركة السير وجمع النفايات.

وفريق أسلو يبدو كما لو كان لم يعلم المصير الذي ينتظره من الصهاينة بعد أن ألقى السلاح، وعاش على وهم وسراب السلام، وأحلام اليقظة وأن النتن ياهو يمكن أن يوقف بناء المستوطنات أو يقبل بوهم حل الدولتين؟!
وعندما اندلعت معركة طوفان الأقصى سارع عباس كعادته لإرضاء سادته من الصهاينة قائلاً : “أفعال حماس لاتمثل الشعب الفلسطيني” .
وكأن سياسات وبرامج وقرارات منظمة التحرير الفلسطينية من الاستسلام والانبطاح هي التي تمثل الشعب الفلسطيني بصفتها ممثله الشرعي والوحيد! .
من هنا نعلم كيف كانت معركة طوفان الأقصى ضرورة وفريضة فى آن واحد. واليوم علم الشعب الفلسطيني أن من يمثله هي المقاومة وليست سلطة أوسلو التي تعيش تحت بسطار نتن ياهو وبن غفير! .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق