الاثنين، 19 فبراير 2024

تأملات قرآنية في موضوع «النصر»

 تأملات قرآنية في موضوع «النصر»

 خباب مروان الحمد


تأمّلت في كتاب الله بما يتعلّق في موضوع «النصر»؛ فوجدتُ أنّ من يطلب النصر من ربّه؛ حريٌّ به أن ينتبه لهذه المُحكمات القرآنية:

1- أن النصر يُطلب من الله وحده؛ إذ المؤمنون يقولون كما في الآية الكريمة: {متى نصر الله}، ويقول تعالى: {وما النصر إلا من عند الله}.

2- أن نصر الله لا يتأتّى إلا مِمّن نصر الله؛ ففي الآية:{ولينصرنّ الله من ينصره}.

3- أنّ النصر يكون للمؤمنين؛ فالله تعالى يقول:{ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله} ويقول تعالى : {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين}.

4- أنّ المعصية طريق الهزيمة ولا نصر بمعصية؛ فالله يقول:{فمن ينصرني من الله إن عصيته}.

5- أن طبيعة النصر على أعداء الدين لن تتأتّى من خلال طريق الظالمين؛ فالله تعالى يقول:{ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} وبيَّن تعالى عاقبة الركون لهم فقال: {ثم لا تنصرون}! فمن كان سبباً بالمشكلة لن يكون من أسباب الحل!

6- عدم اليأس من نصر الله؛ فالله تعالى يقول :{أمَّن هذا الذي ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إلا في غرور} فجعل الله من لم يصدق بنصره بمنزلة درجة الكفار المغترين باعتمادهم على من لا يستحق الاعتماد، ويقول تعالى:{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}.

7- ن الله يريد من عباده المؤمنين القيام بما أوجبه عليهم؛ لاتِّخاذ أسباب النصر الإيمانية المعنوية والحسية المادية، فإذا استنفدوا كل ما بأيديهم من قدرة وطاقة؛ حينها تأتيهم عناية الله ورعايته بنصر مبين؛ ليعلم الخلق أنَّ النصر بيد الحق – سبحانه – لا بأيديهم؛ وأنَّ النصر لا ينزل على طبق من ذهب، بل على معنى غزارة عرق العبد وما يليه من تعب ونَصَب ووصب.

يقول الله تبارك وتعالى:{وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديراً}.

وقال سبحانه :{حتَّى إذا استيأس الرسل وظنُّوا أنَّهم قد كُذّبُوا جاءهم نصرنا}.

8- أن النصر يستنزل بالدعاء، فقد قال تعالى :{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} ولقد كان هذا حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كافة غزواته، وقد قال أسد بن عبد الله القسري أمير خراسان في قتاله للفرس: “إنه بلغني أن العبد أقرب ما يكون إلى الله إذا وضع جبهته لله، وإنِّي نازل وواضع جبهتي، فادعوا الله، واسجدوا لربكم، وأخلصوا له الدعاء، ففعلوا، ثم رفعوا رؤوسهم، وهم لا يشكُّون في الفتح”.

9- أن النصر يكون مع الصبر، ولهذا يقول تعالى:{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ* وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ*فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

10- أن المؤمنين بحاجة للثبات قبل نصر الله وبعد نصره سبحانه وتعالى؛ فالله سبحانه يقول:{إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} فقد ذكر الثبات بعد النصر، فكم من تخاذل عن دينه بعد أن انتصر!

وكما يثبت المرء وقت البلاء؛ فليسأل ربه ثباتاً بعد البلاء؛ فقد مدح الله الصحابة:{الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح}.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق