الاثنين، 19 فبراير 2024

التحالف غير المرئي بين الروم والعبيديين

 التحالف غير المرئي بين الروم والعبيديين

عودة
أ د. علي محمد عودة.

أصبح الرافضة، الموالون لليهود والنصارى والوثنيين، في القديم والحديث؛ أصبحوا من يواجهون أمريكا، ويناطحونها، ويحافظون على قوتهم وشرفهم وكرامتهم وبلادهم؛ بينما أصبح المنتسبون للإسلام والسنة زورا ـ علمانيو الأنظمة ـ داعمين للغرب ومؤلبين له للحرب والاعتداء..!

من جرائم وخيانات العبيديين والقرامطة خلال القرن الرابع الهجري

كان لليهود والمجوس يد طولى في تأسيس الدولة العبيدية المسماة بالفاطمية في شمال افريقية سنة ٢٩٧ هجرية ، واتخذوا من مدينة المهدية عاصمة لهم وانتشر الدعاة العبيديون في شمال افريقية وتمكنوا باستخدام السحر والشعوذة من تحويل كثير من قبائل البربر الى العقيدة الباطنية الإسماعيلية وحول العبيديون تلك القبائل من موقف الجهاد والرباط في جنوب القارة الأوربية لتنقلب مغيرة مدمرة على قلب العالم الإسلامي وعلى الولايات الإسلامية .

ضياع صقلية الإسلامية

وأرسل العبيديون جيوشهم الكثيرة للسيطرة على صقلية الإسلامية فدمروا المدن والقلاع والحصون وقتلوا بكل وحشية معظم سكان صقلية من اهل السنة ومن اشهر ولاة العبيديين على صقلية خليل بن اسحاق الذي حكمها من سنة ٣٢٦ الى سنة ٣٢٩ وقتل خلال ولايته مليون مسلم من اهل السنة بدون شفقة ولا رحمة.

وقد افتخر خليل بن اسحاق بمذابحه امام خليفته المسمى المعز لدين الله الفاطمي دون خجل او وجل فقال: (قتلت في ولايتي على صقلية ألف ألف إنسان).

وقد رد على خليل بن إسحاق أحد عقلاء تلك الدولة الرافضية وهو أبوعبدالله المؤدب فقال: لك يا أبا العباس في قتل نفس واحدة ما يكفيك .

وأصبحت صقلية الإسلامية لا حراك فيها قليلة السكان الأمر الذي مكن النورمان النصارى من الاستيلاء عليها بسهولة في القرن التالي وأقاموا فيها مملكتهم .

سقوط إمارة جبال الألب الإسلامية

ذلك أن المسلمين وصلوا في فتوحاتهم قبل قيام الدولة العبيدية الى حدود روما سنة ٢٣٩ هـ وأصاب أحد سهام المسلمين بوابة الفاتيكان ودفع البابا الجزية ولم يقتصر الأمر على ضياع صقلية وجنوب إيطاليا بسبب العبيديين بل ضاعت إمارة في جبال الألب أقامها المسلمون سنة ٢٧٨ هـ واستمرت الى سنة ٣٦٤ هجرية وقد سقطت إمارة جبال الألب الإسلامية بسبب قطع العبيديين للمدد البشري عنها من شمال افريقية التي كانت الخزان البشري لللأندلس وبقية الولايات .

سقوط إمارة كريت الإسلامية

وأقسى من ذلك تواطؤ العبيديين على إسقاط إمارة كريت الإسلامية بأيدي الروم سنة ٣٥١ هجرية وهي الإمارة البطلة التي ظلت خنجرا في خاصرتهم١٤٠سنة .

فقد فتح المسلمون جزيرة كريت سنة ٢١٢ هـ وأقاموا فيها وأنشأوا أسطولا قويا وغزوا القسطنطينية وحاصروها مرات عديدة ودمروا أساطيل الروم التي هاجمتهم .

وفي سنة ٣٥١ هـ هاجم الروم كريت بـ ٣٠٠٠ سفينة و٣٠٠ ألف مقاتل فطلب أهل كريت المدد البشري والغذائي من العبيديين فلم يسعفوهم ولا برجل واحد ولا حبة قمح وسقطت كريت بيد الروم بعد مقاومة مستميتة استمرت عدة أشهر وهي مقاومة قل نظيرها في التاريخ ولو تلقى أهل كريت مؤنا غذائية لهزموا الروم .

وقام الروم بتنصير من بقي من أهل كريت قسرا وهكذا ضاعت هذه الجزيرة من المسلمين بفضل التحالف غير المرئي بين الروم والعبيديين .

إنشاء فرقة القرامطة الباطنية داخل جزيرة العرب

ولم تقتصر مساوئ الدولة العبيدية على ما فعلته في إفريقيا وما ضيعته من الولايات الإسلامية في أوربا وتحالفها مع دولة الروم بل مساوئ أخرى فالأيدي المجوسية اليهودية التي أسستها كانت تنشئ في ذلك الوقت فرقة القرامطة الباطنية داخل جزيرة العرب لتصبح الخنجر الثاني داخل جسد المسلمين فقد كان القرامطة يدينون بنفس العقيدة الإسماعيلية الباطنية التي يدين بها العبيديون ويعتبرون الخليفة العبيدي إمامهم الشرعي الذي يجب طاعته .

الهجوم على مكة وقتل الحجيج

وهاجم القرامطة سنة ٣١٧ هـ مكة في يوم التروية وقتلوا ألوف من الحجاج وأهل مكة وألقوا مئات القتلى في بئر زمزم وقلعوا الحجر الأسود وكسروا باب البيت ووقف زعيم القرامطة المسمى أبو طاهر في باب الكعبة يلعب بسيفه ويقول: أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأقتلهم أنا.

وأخذ القرامطة الحجر الأسود معهم الى القطيف وظل عندهم حتى أعادوه الى مكة سنة ٣٣٩ هـ وقالوا : أخذناه بأمر ورددناه بأمر (أي بأمر الخليفة العبيدي).

وقطع القرامطة طرق الحج وشنوا غارات مدمرة على العراق والشام الأمر الذي أضعف أهل تلك البلاد وشغلهم عن دعم الثغور المواجهة للروم حلفاء أسيادهم العبيديون.

ما أشبه اليوم بالبارحة: رافضة ايران وأذرعها وتعاونهم الخفي مع اليهود والنصارى في حرب أهل السنة

من يظن أن الأمريكيين والغرب الصليبي قد يضربون إيران الرافضية الصفوية ضربة حاسمة؛ بحيث يجعلونها مهيضة الجناح أو عاجزة، هُم واهمون..
فلا فرصة للغرب مثل إيران، إنها فرصة ذهبية؛ فلو لم تكن إيران موجودة لتمنى الغرب وجودها، ولو استطاعوا إيجادها لفعلوا وسعَوْا في ذلك؛ فما بالك وهي تتلمظ على المنطقة وشعوبها وتبحث عن أعدائها للتفاوض والتعاون وتقسيم الذبيحة..؟

دلالة الواقع المنظور

ففي دلالة الأحداث ورسائلها من القوة ما يخدع الكثير من الناس إذ يرون “إيران” دولة تزداد قوة وتماسكا، وقدرة على المناورة والتهديد، ثم التراجع الأمريكي بعد الظاهرة الصوتية الجوفاء.

على إثرها أصبح الرافضة، الموالون لليهود والنصارى والوثنيين، في القديم والحديث؛ أصبحوا من يواجهون أمريكا، ويناطحونها، ويحافظون على قوتهم وشرفهم وكرامتهم وبلادهم؛ بينما أصبح المنتسبون للإسلام والسنة زورا ـ علمانيو الأنظمة ـ داعمين للغرب ومؤلبين له للحرب والاعتداء..! وأصبحوا دافعين أموال وسماسرة بُلَهاء، لتقوم حروب يتوهمونها. فيدفعون المال في بلاهة ويقفون مواقف يحسبها التاريخ عليهم، وتنخدع الأمة والعالم بالصورة المقلوبة ـ والزائفة ـ وكأن العزة في موقف إيران.

ومهما تشرح للجماهير فالفتنة يصعب شرحها للناس. إنها المعادلة المقلوبة.

كما أصبحت المعادلة أن الرافضة تواجه الصهاينة وتدعم من يواجههم في الكيان الصهيوني؛ في حين تتآمر حكومات الدول “السنية..!” على المقاومة وتحاصر الفلسطينيين وتركّعهم للعدو وتجوعهم وتذلهم وتمنع عنهم ما يدفعون به عن أنفسهم.

مهما تشرح للناس؛ فهي فتنة ومعادلة مقلوبة يصعب شرحها. إنها المعادلة الزائفة.

يرفع الحوثيون “الموت لأمريكا” “الموت لإسرائيل” “الموت للشيطان الأكبر” ومهما تشرح للناس أنها شعارات فارغة وكاذبة؛ لكنهم على الأرض يبنون قوة ذاتية ويستقلون بقرارهم ـ وهو ما تحلم به الأمة ـ بينما من ينتسب للإسلام والسنة يعلن مظاهرة الكافرين والانبطاح للخط الدولي الذي يقوده الصهاينة والنصارى والملاحدة.

كيف تشرح للناس انقلاب الأوضاع..؟ إنها فتنة المعادلة الموهومة.

في مقابل ذلك يقف المنتسبون زورا من الأنظمة العلمانية الحاكمة، مع أمريكا وإسرائيل، ببلاهة وتبعية وانمعاء تام وتنكر للذات واعتذارٍ عن التاريخ والشعور بالإحراج من العدو التاريخي..!

فإلى من تنجذب الأمة ومع من تقف..؟

إنها المعادلة المقلوبة في سياق مقزز وكذب يملأ أركان منطقتنا وسياساتنا وأوضاعنا.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق