كمِّل جميلك!
ياسر الزعاترة
مؤخرا أعلنت حملة «كمِّل جميلك» الموجهة لدعم السيسي كمرشح لانتخابات الرئاسة أنها جمعت 5.5 مليون توقيع من المواطنين، وأنها بصدد العمل على جميع 50 مليون توقيع، أي كل من يحق لهم الانتخاب في مصر المحروسة في الداخل والخارج.
ذكّرتنا الحملة الجديدة بتلك التي أطلقتها حركة «تمرد», التي أخرجتها مباحث أمن الدولة بعد أن ثبت فشل المعارضة في حشد أكثر من عشر آلاف مواطن في أكبر مسيراتها المناهضة للرئيس مرسي قبل 30 يونيو، وهو ما دفع إلى جمع توقيعات لإقصاء مرسي، وقالت الحركة في غضون أسابيع إنها جمعت 22 مليون توقيع (قال الشاعر الشعبي أحمد فؤاد نجم إنه وقع الوثيقة 16 مرة)، كما تذكرنا الحملة الجديدة برقم الـ30 مليون شخص الذين قيل إنهم تجمعوا في 30 يونيو ضد مرسي، وكذلك بذات الرقم للذين خرجوا بعد ذلك بأسبوعين أو أكثر من أجل منح التفويض للسيسي بمواجهة «الإرهاب المحتمل»، وهو الخطاب الذي قلنا عنه يومها إنه طلب ترشح للرئاسة أكثر منه طلبا بالتفويض لمواجهة إرهاب يجري افتعاله في أكثر الأحيان من أجل تبرير القبضة الأمنية للدولة الجديدة.
قبل أسبوعين خرج السيسي ليطالب بالتسريع في إنجاز المرحلة الانتقالية، ولا يُعرف بطبيعة الحال، من هم الذين يطالبهم السيسي بذلك، إذ إنه الحاكم بأمره في الدولة، وبوسعه وحده أن يقرر تسريع الحملة أو إطالتها إلى أي مدى يريد، لكن الذي يبدو هو أن الرجل ما زال يعمل على تعبيد الطريق بشكل كامل لنفسه، وبالطبع لكي يأتي محمولا على إرادة شعبية كاسحة، وليس كتلك التي جاء من خلالها مرسي مثلا، إذ لن يقبل على الأرجح بأقل من ثلاثة أرباع الأصوات، بل إن من غير المستبعد أن يستعيد ذكريات الدكتاتوريين الكبار الذين لا يرضيهم أقل من رقم الـ%90.
في هذا السياق تجري عملية تجريف للساحة السياسية لجعلها تخلو من أي مرشح محتمل له وزن، ولو محدودا، لاسيَّما بعد التخلص من عمرو موسى، وكذلك من أحمد شفيق الذي سيدخل البلاد بعد التجاوز عن المحاكمات التي ينبغي أن يتعرض لها، في مقابل دعم صريح من طرفه للسيسي، ويبقى حمدين صباحي الذي ستجري مساومته هو الآخر (قيل إن العملية قد تمت بالفعل) لأن وجوده وحيدا في السباق إلى جانب السيسي في حال أصرّ على ذلك سيقلل من هامش الأصوات التي سيحصل عليها الأخير، وإن كان فوزه مضمونا بكل تأكيد، أو سيضطر القوم إلى التزوير، فضلا عما ينطوي عليه ترشحه من ضرب للجبهة التي وقفت خلف انقلاب 30 يونيو، ويبدو أنه قد خضع، أو يخضع لابتزاز ما لإبعاده عن فكرة الترشيح.
والحال أن المشكلة ليست في عدم وجود نية لتمرير خريطة الطريق، أعني تأجيل تنفيذها، فلن يكون من الصعب عليهم تمريرها بديمقراطية ديكور لا مضمون فيها، ولكنها تكمن أولا في الفشل الاقتصادي الذي يلاحق القوم رغم المساعدات السخية والأهم في الفشل في لجم الاحتجاج رغم الحملة الشرسة التي تشن على مناهضي الانقلاب، وبالطبع بسبب الإصرار الرائع الذي يبديه هؤلاء، والذي كان مفاجئا بكل المقاييس، إذ إن الحملة البشعة التي يتعرضون لها وطالت قيادات الصف الأول والثاني، وحتى الثالث في الإخوان، وعددا من قيادات القوى المتحالفة معهم، إلى جانب استمرار مسلسل القتل البشع، كل ذلك لم يتمكن من لجم الاحتجاج، لاسيَّما بعد أن انتقل إلى الجامعات والمدارس التي صار شعار رابعة هو الصفعة التي تصفع الانقلابيين أنى حلوا أو ارتحلوا.
وكان لافتا بالطبع أن الحجة التي يسوِّقها القوم لتبرير فشلهم الاقتصادي، والمتمثلة في استمرار الاحتجاجات لا تبدو مقنعة، فقد تأكد (واعترفوا هم بذلك) أن حكومة مرسي كانت ناجحة اقتصاديا، وذلك رغم أن الاحتجاجات والفوضى على كل صعيد كانت واسعة، بل إن محاولات الإفشال من كل مؤسسات الدولة كانت تجري على قدم وساق، خاصة من المؤسسة الأمنية التي تتحكم عمليا بالبلاد.
هل ستؤثر الأشرطة التي جرى تسريبها للسيسي، وتتحدث عن السيطرة على الإعلام، وعلى عدم محاكمة العسكر الذي يطلقون النار على الناس، ومن ثم مطالبته بنص دستوري يحصنه كوزير للدفاع، فضلا عن هجاء صباحي وأبوالفتوح، هل ستؤثر على فرص السيسي؟
ذكّرتنا الحملة الجديدة بتلك التي أطلقتها حركة «تمرد», التي أخرجتها مباحث أمن الدولة بعد أن ثبت فشل المعارضة في حشد أكثر من عشر آلاف مواطن في أكبر مسيراتها المناهضة للرئيس مرسي قبل 30 يونيو، وهو ما دفع إلى جمع توقيعات لإقصاء مرسي، وقالت الحركة في غضون أسابيع إنها جمعت 22 مليون توقيع (قال الشاعر الشعبي أحمد فؤاد نجم إنه وقع الوثيقة 16 مرة)، كما تذكرنا الحملة الجديدة برقم الـ30 مليون شخص الذين قيل إنهم تجمعوا في 30 يونيو ضد مرسي، وكذلك بذات الرقم للذين خرجوا بعد ذلك بأسبوعين أو أكثر من أجل منح التفويض للسيسي بمواجهة «الإرهاب المحتمل»، وهو الخطاب الذي قلنا عنه يومها إنه طلب ترشح للرئاسة أكثر منه طلبا بالتفويض لمواجهة إرهاب يجري افتعاله في أكثر الأحيان من أجل تبرير القبضة الأمنية للدولة الجديدة.
قبل أسبوعين خرج السيسي ليطالب بالتسريع في إنجاز المرحلة الانتقالية، ولا يُعرف بطبيعة الحال، من هم الذين يطالبهم السيسي بذلك، إذ إنه الحاكم بأمره في الدولة، وبوسعه وحده أن يقرر تسريع الحملة أو إطالتها إلى أي مدى يريد، لكن الذي يبدو هو أن الرجل ما زال يعمل على تعبيد الطريق بشكل كامل لنفسه، وبالطبع لكي يأتي محمولا على إرادة شعبية كاسحة، وليس كتلك التي جاء من خلالها مرسي مثلا، إذ لن يقبل على الأرجح بأقل من ثلاثة أرباع الأصوات، بل إن من غير المستبعد أن يستعيد ذكريات الدكتاتوريين الكبار الذين لا يرضيهم أقل من رقم الـ%90.
في هذا السياق تجري عملية تجريف للساحة السياسية لجعلها تخلو من أي مرشح محتمل له وزن، ولو محدودا، لاسيَّما بعد التخلص من عمرو موسى، وكذلك من أحمد شفيق الذي سيدخل البلاد بعد التجاوز عن المحاكمات التي ينبغي أن يتعرض لها، في مقابل دعم صريح من طرفه للسيسي، ويبقى حمدين صباحي الذي ستجري مساومته هو الآخر (قيل إن العملية قد تمت بالفعل) لأن وجوده وحيدا في السباق إلى جانب السيسي في حال أصرّ على ذلك سيقلل من هامش الأصوات التي سيحصل عليها الأخير، وإن كان فوزه مضمونا بكل تأكيد، أو سيضطر القوم إلى التزوير، فضلا عما ينطوي عليه ترشحه من ضرب للجبهة التي وقفت خلف انقلاب 30 يونيو، ويبدو أنه قد خضع، أو يخضع لابتزاز ما لإبعاده عن فكرة الترشيح.
والحال أن المشكلة ليست في عدم وجود نية لتمرير خريطة الطريق، أعني تأجيل تنفيذها، فلن يكون من الصعب عليهم تمريرها بديمقراطية ديكور لا مضمون فيها، ولكنها تكمن أولا في الفشل الاقتصادي الذي يلاحق القوم رغم المساعدات السخية والأهم في الفشل في لجم الاحتجاج رغم الحملة الشرسة التي تشن على مناهضي الانقلاب، وبالطبع بسبب الإصرار الرائع الذي يبديه هؤلاء، والذي كان مفاجئا بكل المقاييس، إذ إن الحملة البشعة التي يتعرضون لها وطالت قيادات الصف الأول والثاني، وحتى الثالث في الإخوان، وعددا من قيادات القوى المتحالفة معهم، إلى جانب استمرار مسلسل القتل البشع، كل ذلك لم يتمكن من لجم الاحتجاج، لاسيَّما بعد أن انتقل إلى الجامعات والمدارس التي صار شعار رابعة هو الصفعة التي تصفع الانقلابيين أنى حلوا أو ارتحلوا.
وكان لافتا بالطبع أن الحجة التي يسوِّقها القوم لتبرير فشلهم الاقتصادي، والمتمثلة في استمرار الاحتجاجات لا تبدو مقنعة، فقد تأكد (واعترفوا هم بذلك) أن حكومة مرسي كانت ناجحة اقتصاديا، وذلك رغم أن الاحتجاجات والفوضى على كل صعيد كانت واسعة، بل إن محاولات الإفشال من كل مؤسسات الدولة كانت تجري على قدم وساق، خاصة من المؤسسة الأمنية التي تتحكم عمليا بالبلاد.
هل ستؤثر الأشرطة التي جرى تسريبها للسيسي، وتتحدث عن السيطرة على الإعلام، وعلى عدم محاكمة العسكر الذي يطلقون النار على الناس، ومن ثم مطالبته بنص دستوري يحصنه كوزير للدفاع، فضلا عن هجاء صباحي وأبوالفتوح، هل ستؤثر على فرص السيسي؟
الأرجح أن تأثيرها سيكون محدودا، لأن حملة التَّأْليه ستتفوق في بلد قلما يشاهد مواطنوه إعلاما غير إعلامهم المسيطَر عليه بالكامل من الانقلابيين.
ليس أمام السيسي في ظل أوضاع البلد المعقدة سوى البحث عن تسوية مقبولة مع الأطراف المناهضة للانقلاب, بعيدا عن تحريض إعلام الفلول الفاجر، وإلا فإن البلد لن يستقر بحال من الأحوال، وحتى لو تمكن الانقلاب من تثبيت نفسه نسبيا بسطوة القمع الدموي، فإن التناقضات ستتسع، وسيعود الشارع إلى التوحد من جديد ضد دولة بوليسية لا يمكن أن يقبل بها المصريون بعد أن ذاقوا طعم الحرية بعد انتصار ثورة يناير.
ليس أمام السيسي في ظل أوضاع البلد المعقدة سوى البحث عن تسوية مقبولة مع الأطراف المناهضة للانقلاب, بعيدا عن تحريض إعلام الفلول الفاجر، وإلا فإن البلد لن يستقر بحال من الأحوال، وحتى لو تمكن الانقلاب من تثبيت نفسه نسبيا بسطوة القمع الدموي، فإن التناقضات ستتسع، وسيعود الشارع إلى التوحد من جديد ضد دولة بوليسية لا يمكن أن يقبل بها المصريون بعد أن ذاقوا طعم الحرية بعد انتصار ثورة يناير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق