بدوي (3/3)
د. سلمان بن فهد العودة
السبت 14 ذو الحجة 1434 الموافق 19 أكتوبر 2013
من التعصب تلقّي الموروث القبلي بقداسة والعجز عن الفصل بين جوانب قيمية نبيلة فيه وأخرى معطوبة!
حين كنا في "الحاير" كان الصديق عبد الله المحيميد يتحفنا بصوته الشجي بقصيدة "شالح بن هدلان" في رثاء ابنه ذيب، وهي قصيدة مؤثرة ومرتبطة بقصة عجيبة ومنها:
يا ربعنا يا اللي على الفطّر الشيبْ
عز الله إنه ضاع منكم وداعه
رحتواعلى الطوعات مثل العياسيب
خليتوا النادر بدار الأجانيب
كم ليلة عشاك حرش العراقيب
رحتواعلى الطوعات مثل العياسيب
وجيتوا وخليتوا لقلبي بضاعة
خليتوا النادر بدار الأجانيب
وضاقت بي الآفاق عقب اتساعه
يا ذيب أنا بوصيك لا تاكل الذيب
يا ذيب أنا بوصيك لا تاكل الذيب
كم ليلة عشاك عقب المجاعة
كم ليلة عشاك حرش العراقيب
وكم شيخ قوم كزته لك ذراعه
هل نمتلك القدرة على النقد الأخلاقي لهذا النص رغم جماله؟
وللقصة رغم طرافتها؟
النقد هنا ليس تحاملاً على قبيلة ضد أخرى، ولا تجاهلاً للظروف والثقافة والعادات السائدة لدى جميع القبائل والمناطق آنذاك ..
ومن التعصب اعتبار أعمال ومهن خاصة حكراً على طبقة ما، وتعبيراً عن مستوى صاحبها؛ كالنجارة والصناعة، وحتى الجراحة والطب كانت تعدّ في الماضي من أعمال من لا ينتمون لقبيلة، وهذا من تحقير العمل وهو ما جاء الإسلام لنفيه وإبطاله وتكريس قيمة العمل اليدوي والبدني.
ومن التعصب توارث العادات الجاهلية كبخس المرأة مكانتها، وتعيير الرجل بأنه يأكل مع امرأته (يا مواكلها!)، وعدم النطق باسمها حتى يظل الأطفال يتراشقون بأن كل واحد منهم يعرف اسم أم الآخر، وحرمانها من الميراث، أو من المطالبة بحقها، وتعريضها للنكال والتعذيب والتشويه والقتل خارج إطار القانون فيما يسمى بجرائم الشرف.
دراسة في عدة مناطق سعودية بيّنت أن الأسرة تحتفي بمولد الصبي أكثر من البنت، وأن الأطفال الذكور يشعرون بأنهم أفضل من أخواتهم في البيت والمدرسة بنسبة 98%، وينتظر بعض الأطفال الوصول لسن المراهقة ليفرضوا كلمتهم على أخواتهم، وحين لا يوجد صبيان تشعر الأسرة بالخجل ويلجأ الزوج عادة إلى التعدد.
من التعصب سعي المسؤول لتوظيف قرابته ومعارفه في دائرته وكأن هذا معيار الكفاءة.
من التعصب تحريم التزاوج بين القبائل بعضها وبعض، أو الطبقات الاجتماعية، وحتى الطبقات يجب أن نتجاوزها ونقوم الناس على أساس العمل والأخلاق، وهو مؤلم أن يتم التفريق بواسطة المحاكم بين أزواج عاشوا سعداء سنين طويلة وأنجبوا وأن يفرض الطلاق وهو من مقاصد الشيطان وأمره على أسر بنيت على ميثاق غليظ من العقد الشرعي والحب الطبعي!
لآل بيت النبي فضل وحق وسبق، وانتسابهم هو أفضل الأنساب، ولا يجوز أن ينتسب إليهم من ليس منهم، ولا أن ينفى نسب أحد منهم بمجرد عدم المعرفة؛ فهذا من الطعن والقول بغير علم.
وفي بلاد الهند ومصر والشام والعراق وفارس انتسابات لهذا البيت الشريف أو لقبائل عربية أخرى قد تكون هاجرت في بعض مراحل التاريخ، فالجزيرة العربية رحم تنتج، وأحياناً تعجز عن رعاية أبنائها وتغذيتهم فيهاجرون.
حين نتحدث عن عادات القبيلة أو عادات المجتمع يجب ألا نبالغ في نقدها وكأنها من إلقاء الشياطين، ولا نبالغ في فلسفتها والتبشير بها وكأنها كلها تراث أنبياء!
لا يتوقع أن يكون المجتمع خالياً من الأخطاء، لكن يجب أن يمتلك آليات جادة للتصحيح، وحين يمنعها يكون ظالماً.
وليس من النجاح أن نقارن أنفسنا بالآخرين لنبرز تفوقنا الدائم وفضلنا عليهم.
أحياناً نقارن أسوأ ما عندهم بأحسن ما عندنا ونغض الطرف عن عيوبنا وعن جمائلهم!
نعم؛ لدينا أخلاق اجتماعية كالكرم والشجاعة ورثناها من البادية، ولكن لدى شعوب الغرب أخلاق فردية ذاتية وتمثيل صادق لأنفسهم، ولديهم مؤسسات اجتماعية ناجحة تقوم بدور رائد وعظيم في خدمة الفرد والجماعة.
ليكن هذا الحديث ميداناً نتدارس فيه هذا السؤال المهم بعيداً عن تزكية مطلقة للذات أو عن انبهار مريض بماعند الآخرين:
ماهي ميزات مجتمعنا بالنظر الى شعوب العالم؟ وماهي سلبياته ونقائصه؟
وماهي ميزات الآخرين وماهي نقائصهم؟
آمل إثراء هذا السؤال، وأنتظر بصفة خاصة من المبتعثين أو من عايشوا غيرهم لأي سبب أن يضيفوا لمعلوماتي ما يستحق أن يُدرج في صلب المقال.
المقال الأول: بدوي 1-3
المقال الثاني : بدوي 2-3
هل نمتلك القدرة على النقد الأخلاقي لهذا النص رغم جماله؟
وللقصة رغم طرافتها؟
النقد هنا ليس تحاملاً على قبيلة ضد أخرى، ولا تجاهلاً للظروف والثقافة والعادات السائدة لدى جميع القبائل والمناطق آنذاك ..
ومن التعصب اعتبار أعمال ومهن خاصة حكراً على طبقة ما، وتعبيراً عن مستوى صاحبها؛ كالنجارة والصناعة، وحتى الجراحة والطب كانت تعدّ في الماضي من أعمال من لا ينتمون لقبيلة، وهذا من تحقير العمل وهو ما جاء الإسلام لنفيه وإبطاله وتكريس قيمة العمل اليدوي والبدني.
ومن التعصب توارث العادات الجاهلية كبخس المرأة مكانتها، وتعيير الرجل بأنه يأكل مع امرأته (يا مواكلها!)، وعدم النطق باسمها حتى يظل الأطفال يتراشقون بأن كل واحد منهم يعرف اسم أم الآخر، وحرمانها من الميراث، أو من المطالبة بحقها، وتعريضها للنكال والتعذيب والتشويه والقتل خارج إطار القانون فيما يسمى بجرائم الشرف.
دراسة في عدة مناطق سعودية بيّنت أن الأسرة تحتفي بمولد الصبي أكثر من البنت، وأن الأطفال الذكور يشعرون بأنهم أفضل من أخواتهم في البيت والمدرسة بنسبة 98%، وينتظر بعض الأطفال الوصول لسن المراهقة ليفرضوا كلمتهم على أخواتهم، وحين لا يوجد صبيان تشعر الأسرة بالخجل ويلجأ الزوج عادة إلى التعدد.
من التعصب سعي المسؤول لتوظيف قرابته ومعارفه في دائرته وكأن هذا معيار الكفاءة.
من التعصب تحريم التزاوج بين القبائل بعضها وبعض، أو الطبقات الاجتماعية، وحتى الطبقات يجب أن نتجاوزها ونقوم الناس على أساس العمل والأخلاق، وهو مؤلم أن يتم التفريق بواسطة المحاكم بين أزواج عاشوا سعداء سنين طويلة وأنجبوا وأن يفرض الطلاق وهو من مقاصد الشيطان وأمره على أسر بنيت على ميثاق غليظ من العقد الشرعي والحب الطبعي!
لآل بيت النبي فضل وحق وسبق، وانتسابهم هو أفضل الأنساب، ولا يجوز أن ينتسب إليهم من ليس منهم، ولا أن ينفى نسب أحد منهم بمجرد عدم المعرفة؛ فهذا من الطعن والقول بغير علم.
وفي بلاد الهند ومصر والشام والعراق وفارس انتسابات لهذا البيت الشريف أو لقبائل عربية أخرى قد تكون هاجرت في بعض مراحل التاريخ، فالجزيرة العربية رحم تنتج، وأحياناً تعجز عن رعاية أبنائها وتغذيتهم فيهاجرون.
حين نتحدث عن عادات القبيلة أو عادات المجتمع يجب ألا نبالغ في نقدها وكأنها من إلقاء الشياطين، ولا نبالغ في فلسفتها والتبشير بها وكأنها كلها تراث أنبياء!
لا يتوقع أن يكون المجتمع خالياً من الأخطاء، لكن يجب أن يمتلك آليات جادة للتصحيح، وحين يمنعها يكون ظالماً.
وليس من النجاح أن نقارن أنفسنا بالآخرين لنبرز تفوقنا الدائم وفضلنا عليهم.
أحياناً نقارن أسوأ ما عندهم بأحسن ما عندنا ونغض الطرف عن عيوبنا وعن جمائلهم!
نعم؛ لدينا أخلاق اجتماعية كالكرم والشجاعة ورثناها من البادية، ولكن لدى شعوب الغرب أخلاق فردية ذاتية وتمثيل صادق لأنفسهم، ولديهم مؤسسات اجتماعية ناجحة تقوم بدور رائد وعظيم في خدمة الفرد والجماعة.
ليكن هذا الحديث ميداناً نتدارس فيه هذا السؤال المهم بعيداً عن تزكية مطلقة للذات أو عن انبهار مريض بماعند الآخرين:
ماهي ميزات مجتمعنا بالنظر الى شعوب العالم؟ وماهي سلبياته ونقائصه؟
وماهي ميزات الآخرين وماهي نقائصهم؟
آمل إثراء هذا السؤال، وأنتظر بصفة خاصة من المبتعثين أو من عايشوا غيرهم لأي سبب أن يضيفوا لمعلوماتي ما يستحق أن يُدرج في صلب المقال.
المقال الأول: بدوي 1-3
المقال الثاني : بدوي 2-3
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق