قصة قصيرة وحزينة!
علي الظفيري
قال الليبرالي: يا سيدي، ومولاي، وحبيبي، وقرة عيني، وولي نعمتي، لماذا تعتقلني وأنا تابعك الذي يهيم بك، ليبرالِيُّكَ الأليف الذي لا يقض مضجعك، مفكرك الذي لا يحيد لحظة واحدة عن خطك، الكاتب في كل جريدة ومجلة لك، المُنظر الخاص لمفهومك عن الحرية، المغرد الأول في ملكوت ديمقراطيتك، لماذا تحبسني وأنا الذي تغنى طويلا في حبسك، وقاتل دفاعا عن ظلمك، وناضل في وجه من ناضل في وجهك، يا سيدي، أنا اليوم حزين جدا، وغاضب جدا، وفي غاية الاستياء، ليس منك معاذ الله، ولكن في وجه من دفعك، وحرضك، وصار بيني وبينك!
قال المطوع: يا سيدي، ومولاي، وولي أمري، وسيد فكري، لماذا تعتقلني، وأنا الذي لا يهيم إلا بك، ولا يؤمن إلا بتعاليمك، ولا يطيع إلا أوامرك، ولا يسمح إلا بما تسمح، ولا ينهى إلا عن نواهيك، كيف طاوعتك نفسك على حبسي، وأنا الذي شرعت لك حبسك، وظلمك، وإيمانك، وكفرك، كيف تنقلب علي وأنا من قلب كل شيء لأجلك، وحوّر كل أمر لصالحك، وأغلق كل طريق لا يؤدي إليك، كيف يا سيدي وحبيبي وحليفي وشريك عمري ورفيق دربي!
الليبرالي الطيب، وغير الطيب، قدم كل ما لا يمكن أن يقدم، وتوقف عن تقديم ما يجب أن يقدم، كان عاريا إلا من حب سيده، ووحيدا معزولا منبوذا مكروها مذموما إلا من رعاية مولاه، لكنه لم يتردد لحظة واحدة، ولم يلتفت إلى الوراء، فالوراء عنده ليس إلا مجتمعا متخلفا جاهلا أميا لا يستحق الالتفات، ومع ذلك، ناله ما ناله، ولم ينل ما كان يطمح ويسعى أن ينال، وكانت نهايته مثل بدايته، حقيرا لا يحظى بلحظة احترام واحدة.
المطوع الطيب والساذج، وغير الطيب وغير الساذج، تنازل عن كل شيء أيضا، كان يقرأ القرآن من النقطة التي يحددها له سيده، ويتوقف عند النقطة التي تناسبه وتلائمه وتوافق هواه، كان يسحق الجماجم كلما أمر مولاه بذلك، ثم يحاضر عن سماحة الإسلام وكيف تجاوز الرسول عليه الصلاة والسلام عمن أساء له، وقد قسم المسكين، وفق دينه، البلادَ إلى ربع يقابله أرباع ثلاثة، في الركن الصغير يصرخ ويزبد ويرعد ويهدد ويكفر ويحرض ويتوعد، وكانت جهنمه بالمرصاد لأهل هذا الربع الصغير، أما الأرباع الثلاثة الباقية، فكانت بردا وسلاما، حرامها حلال زلال، كفرها البواح إسلاما نقيا صافيا، سرقاتها مباحة، منكراتها مكروهة فقط لا غير، كبائرها صغيرة، كان يبرر كما لم يبرر أحد من قبله، ويتجاوز في أبهى صور التجاوز والتسامح، كان في المساحة الكبرى وديعا أليفا متسامحا ومتفهما، بخلاف ما كان عليه في الازدحام الذي يشهده الربع الصغير،
الحقير في نظره.
في نهاية المطاف، تقابل الاثنان في زنزانة واحدة، اختلفا مجددا على قضية المرأة، اشتبكا، تدخل الحراس لفض النزاع، ابتعد كل واحد منهم عن الآخر، وقرر كل منهما في نفسه خوض المعركة من جديد، في ظروف مناسبة لهذه الحرب الكبرى، جاء خبر الإفراج، وخرج كل منهما يشحذ سكينه، ويحضر للجولة التالية، التي تبدأ من قصر السلطان، وتنتهي عنده.
قال المطوع: يا سيدي، ومولاي، وولي أمري، وسيد فكري، لماذا تعتقلني، وأنا الذي لا يهيم إلا بك، ولا يؤمن إلا بتعاليمك، ولا يطيع إلا أوامرك، ولا يسمح إلا بما تسمح، ولا ينهى إلا عن نواهيك، كيف طاوعتك نفسك على حبسي، وأنا الذي شرعت لك حبسك، وظلمك، وإيمانك، وكفرك، كيف تنقلب علي وأنا من قلب كل شيء لأجلك، وحوّر كل أمر لصالحك، وأغلق كل طريق لا يؤدي إليك، كيف يا سيدي وحبيبي وحليفي وشريك عمري ورفيق دربي!
الليبرالي الطيب، وغير الطيب، قدم كل ما لا يمكن أن يقدم، وتوقف عن تقديم ما يجب أن يقدم، كان عاريا إلا من حب سيده، ووحيدا معزولا منبوذا مكروها مذموما إلا من رعاية مولاه، لكنه لم يتردد لحظة واحدة، ولم يلتفت إلى الوراء، فالوراء عنده ليس إلا مجتمعا متخلفا جاهلا أميا لا يستحق الالتفات، ومع ذلك، ناله ما ناله، ولم ينل ما كان يطمح ويسعى أن ينال، وكانت نهايته مثل بدايته، حقيرا لا يحظى بلحظة احترام واحدة.
المطوع الطيب والساذج، وغير الطيب وغير الساذج، تنازل عن كل شيء أيضا، كان يقرأ القرآن من النقطة التي يحددها له سيده، ويتوقف عند النقطة التي تناسبه وتلائمه وتوافق هواه، كان يسحق الجماجم كلما أمر مولاه بذلك، ثم يحاضر عن سماحة الإسلام وكيف تجاوز الرسول عليه الصلاة والسلام عمن أساء له، وقد قسم المسكين، وفق دينه، البلادَ إلى ربع يقابله أرباع ثلاثة، في الركن الصغير يصرخ ويزبد ويرعد ويهدد ويكفر ويحرض ويتوعد، وكانت جهنمه بالمرصاد لأهل هذا الربع الصغير، أما الأرباع الثلاثة الباقية، فكانت بردا وسلاما، حرامها حلال زلال، كفرها البواح إسلاما نقيا صافيا، سرقاتها مباحة، منكراتها مكروهة فقط لا غير، كبائرها صغيرة، كان يبرر كما لم يبرر أحد من قبله، ويتجاوز في أبهى صور التجاوز والتسامح، كان في المساحة الكبرى وديعا أليفا متسامحا ومتفهما، بخلاف ما كان عليه في الازدحام الذي يشهده الربع الصغير،
الحقير في نظره.
في نهاية المطاف، تقابل الاثنان في زنزانة واحدة، اختلفا مجددا على قضية المرأة، اشتبكا، تدخل الحراس لفض النزاع، ابتعد كل واحد منهم عن الآخر، وقرر كل منهما في نفسه خوض المعركة من جديد، في ظروف مناسبة لهذه الحرب الكبرى، جاء خبر الإفراج، وخرج كل منهما يشحذ سكينه، ويحضر للجولة التالية، التي تبدأ من قصر السلطان، وتنتهي عنده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق