د. سلمان العودة: الخطأ سمة بشرية والتأنيب الزائد للضمير قد يفضي إلى اليأس
بقدر ما تمنح الآخرين السعادة تحصل عليها والبعض يقتل فرحة اللحظة برصاصة السؤال
أكد الدكتور سلمان العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، على أهمية تحقيق مفهوم "البر" بمعناه الحقيقي، وليس بصورته الشكلية، مشيراً إلى أهمية أن يبقى الإخاء والوفاء والحب؛ مهما طال الزمان أو تنوعت واختلفت الطرق، كالخلاف في الرؤية والمواقف ومن بينها الأزمات التي عصفت بالأمة كمصر وسوريا وغزة حاليًا.
وفي لقائه بمسجد جمعية البر بجدة، شدد العودة على أن ليس كل اختلاف مبناه على سوء النية؛ وإنما الرؤية بين الناس أحياناً تضيق أو تتسع، تبتعد أو تقترب، تكون راسخة أو عجولة، مشيراً إلى إلى أهمية ألا يثير الشخص محل الخلاف بين وبين أخيه حتى لا يخدش الوفاء والصفاء.
الصبر على الأذى
وأكد د. العودة أن مخالطة الناس مع الصبر على الأذى خير من الاعتزال، لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِى لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ »، مشيرا إلى أن كل مخالطة لابد أن تثمر نوعاً من الأذى ليكون الخيار بين شيئين: إما المخالطة مع الأذى، أو الاعتزال من أجل السلامة.
وأكد أن هذا الابتلاء لم يسلم منه أحد، مشيرا إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « لاَ أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ».
ولفت العودة إلى أن الاختلاط وإن كان يُفرز الأذى لكن، في الوقت ذاته، يجب ألا نغفل عن الأذى الذي نصنعه نحن ـ في المقابل ـ متسائلاً "هل لا يوجد عندك أذى على زوجتك أو على أولادك؟.. حتى مع التربية حينما تجور عليهم في حالات كثيرة ولا تراعي سنهم أو ظروفهم أو المتغيرات من حولهم؟".
وقال "ربما نحاول أن نعوض انشغالنا عنهم بالمال على الرغم من حاجة الأبناء إلى الحب والعاطفة أكثر من حاجاتهم إلى السيارة أو "الآيباد" أو الجوال أو الكمبيوتر، مشيرا إلى قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِى لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ »، خطاب لكل مؤمن، أنه إذا خالط آذى إلا من رحم الله.
وأضاف أن من طبع الإنسان رؤيته أذى الناس وليس أذى نفسه، مشيراً إلى أن الأذى أنواع منه ما هو "مقصود" وآخر "غير مقصود" لكنه ناتج عن اختلاف الطبع واختلاف الرؤية.
لكنه أشار إلى أنه، مع الوقت، يتدرب الإنسان على احتمال الأذى وعلى كفّ الأذى أيضاً، وهذه أكمل الدرجات، مشيراً إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكر في الحديث الصحيح أن الناس أربعة أنواع فيما يتعلق بالغضب، "سريع الغضب سريع الرضا"، والثاني: "بطيء الغضب ولكنه بطيء الرضا"، أما الدائرة الأفضل والتي ينبغي أن نتسامى إليها هو الـ"بطيء الغضب سريع الرضا"، وأسوأ الدرجات هو "سريع الغضب بطيء الرضا".
تأنيب الضمير
وأضاف العودة أنه لا داعي للشعور الدائم بتأنيب الضمير والذنب، لأن بعض الناس إذا ارتكب خطأ تجاه أمه ـ مثلا ـ كرفع الصوت أوتجاه زوجته أو تجاه ولده، يؤنبه ضميره بشكل كبير أكثر من اللازم، مما ينشأ عنه حالة من الضرر النفسي أو الارتباك أو اليأس الذي ـ ربما ـ يُفضي به إلى الانفصال أو المقاطعة، مشيراً إلى ضرورة أن يكون الإنسان معتدلاً في تأنيب الضمير تجاه الأخطاء.
ولفت إلى أنه ما من أحد إلا وعنده ذنب هو سر بينه وبين الله لا يعلمه إلا الحق ـ تعالى ـ قد يكون متعلقاً بالأخلاق أو المال أو سوء السلوك، لأن الإنسان في النهاية "خطّاء" كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم، وفي حديث آخر قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما من مؤمن إلا وله ذنب هو مقيم عليه أو ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، إن المؤمن خلق مفتناً تواباً نسياً إذا ذكر ذكر).
لكنه أضاف أن الفرق هو أن هناك من يستغفر من ذنبه ويندم لقوله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ}، مشيراً إلى أن الذنب ـ أحياناً ـ يكون نعمة أو رحمة لأنه قد يكفى الإنسان شر الكبر.
وقال "البعض إذا سلم من الذنوب لم يسلم من الكبر، ولذلك جاء حديثه ـ صلى لالله عليه وسلم ـ: (لو لم تذنبوا لخيشت عليكم ما هو أشد من ذلك. قالوا ما أشد من ذلك يا رسول الله؟ قال: الكبر)، بالإضافة إلى أن الذنب قد يحمل -أحياناً- الإنسان على فعل الخير، بنية التعويض عن الذنب".
تبشير وتيسير
وأكد أن مبدأ الإسلام هو السماحة بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذ وأبا موسى الأشعري إلى اليمن، قال: « يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلاَ تَخْتَلِفَا »، موضحا أن التبشير مختلف عن التيسير، فالتبشير يتعلق بالتعامل مع الناس وتأليفهم على الخير، وكذلك تبشير الناس بالخير بمعنى أن التبشير يعني القدرة على قراءة الوجه الإيجابي للأشياء، وهو منهج حياة حتى مع النفس.
وأضاف أن تبشير النفس بالخير ووعدها به وحفزها أفضل من سواه؛ لأن ما سواه ربما يفضي إلى اليأس أو القنوط أو القعود أو ترك أبواب الخير. وقال "هذا الحديث هو أساس التعامل بين الشركاء والجيران وزملاء العمل والمدرسة وجماعة المسجد والأسرة".
وشدد على ضرورة التعامل بهذا المبدأ داخل الأسرة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- يقول « إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ » أي الذي يحطم الأشياء بالقول والفعل، مشيرا إلى ضرورة معاملة الزوجة مثلاً بالمعروف والكلمة الطيبة.
معنى البر
وبيّن العودة أن البر الحقيقي هو ما حكى الله ـ تعالى ـ عنه في محكم تنزيله بقوله: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ}، وقوله {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّه ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ}، مشيراً إلى أن من البر أيضاً "الوفاء بالعهد"؛ وعلى رأسه العهد مع الله لقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا} وهو عهد وميثاق التوحيد والإيمان.
ولفت العودة إلى قول الإمام الشافعي -رضي الله عنه-: (الْحُرّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ أو تمسَّك بِمَنْ أَفَادَه لَفْظَةً).
وأوضح أن معنى قوله "الْحُرّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ" أي الشخص الذي جمعتك به مناسبة معينة ولو في الطفولة، كزميل الدراسة أو زميل العمل أو الجار قبل ثلاثين سنة، مشيرا إلى أن قوله "أو تمسّك بمن أفاده لفظة"، يعنى الوفاء لمن نفعك ولو بحكمة جميلة.
وأكد العودة ضرورة استشعار جمال الحياة بكافة تفاصيلها للوصول إلى مفهوم السعادة قائلاً "حينما نريد للحياة أن تكون جميلة فلنستمتع، خلالها، بالتفاصيل الصغيرة؛ بجلستك مع طفلك، أو تناولك وجبة، أو كأس شاي، أو قطعة حلوى، لقائك مع جارك بعدما صليتم المغرب وجمعكم الطريق، حينما تبتسم له أو تسأله عن حاله، أو غير ذلك"، مشيرا إلى أن "بعضنا دائماً ما يقتل السعادة بكثرة الأسئلة، فكلما همّت فرحة اللحظة أن تنبثق حاول أن يُطلق عليها رصاصة السؤال".
ولفت العودة إلى أنه "بقدر ما تمنح الآخرين السعادة تحصل عليها"، مشيراً إلى أنه لا يوجد إنسان في الوجود إلا ولديه ما يُحمد عليه.
وأشار العودة، كذلك، إلى أن "الدنيا ليست أعطيات مادية فقط، لأن العطاء المعنوي- في كثير من الأحيان - أفضل من المادي، بل إن العطاء المعنوي قد يغني عن المادي، بمعني لو أنك أعطيت إنساناً مالاً وأنت معرض أو مزدرٍ لإنسانيته أو محتقر لشخصيته سيأخذه على مضض دون ثناء منه، لكن إذا اعتذرت بلطف فإنه يحفظها لك"، مشيراً إلى قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}. وأوضح أن الله ـ تعالى ـ قال: (أَعْطَى) ولم يقل "مالاً" لأنّ "المُعطَى" قد يكون مالا أو بسطة وجه أو جاهاً أو غير ذلك.
وأوضح د. العودة أن جزءا من مقاصد مشروعية صلاة الجماعة هو التعارف بين الناس والتآلف والتقارب والتواصل، وليس فقط مجرد الحسابات والمصالح المادية.
وأكد أن هناك حقا متبادلا ما بين الناس فهناك حق للضعيف على القوي والفقير على الغني قائلا "أيها القوي الغني في جسدك وفي مالك حق للفقير، أيها الصحيح في صحتك حق للمريض، أيها العاقل المفكر في عقلك وتفكيرك وخبرتك وتجربتك حق للصغير والشاب والأحمق ومن لا يدر الأمور والأشياء"، معتبراً أنَّ أداء هذه الحقوق من شكر النعم.
تحصيل السعادة
وأكد العودة ضرورة استشعار جمال الحياة بكافة تفاصيلها للوصول إلى مفهوم السعادة قائلاً "حينما نريد للحياة أن تكون جميلة فلنستمتع، خلالها، بالتفاصيل الصغيرة؛ بجلستك مع طفلك، أو تناولك وجبة، أو كأس شاي، أو قطعة حلوى، لقائك مع جارك بعدما صليتم المغرب وجمعكم الطريق، حينما تبتسم له أو تسأله عن حاله، أو غير ذلك"، مشيرا إلى أن "بعضنا دائماً ما يقتل السعادة بكثرة الأسئلة، فكلما همّت فرحة اللحظة أن تنبثق حاول أن يُطلق عليها رصاصة السؤال".
ولفت العودة إلى أنه "بقدر ما تمنح الآخرين السعادة تحصل عليها"، مشيراً إلى أنه لا يوجد إنسان في الوجود إلا ولديه ما يُحمد عليه.
وأشار العودة، كذلك، إلى أن "الدنيا ليست أعطيات مادية فقط، لأن العطاء المعنوي- في كثير من الأحيان - أفضل من المادي، بل إن العطاء المعنوي قد يغني عن المادي، بمعني لو أنك أعطيت إنساناً مالاً وأنت معرض أو مزدرٍ لإنسانيته أو محتقر لشخصيته سيأخذه على مضض دون ثناء منه، لكن إذا اعتذرت بلطف فإنه يحفظها لك"، مشيراً إلى قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}. وأوضح أن الله ـ تعالى ـ قال: (أَعْطَى) ولم يقل "مالاً" لأنّ "المُعطَى" قد يكون مالا أو بسطة وجه أو جاهاً أو غير ذلك.
مقصد شرعي
وأوضح د. العودة أن جزءا من مقاصد مشروعية صلاة الجماعة هو التعارف بين الناس والتآلف والتقارب والتواصل، وليس فقط مجرد الحسابات والمصالح المادية.
وأكد أن هناك حقا متبادلا ما بين الناس فهناك حق للضعيف على القوي والفقير على الغني قائلا "أيها القوي الغني في جسدك وفي مالك حق للفقير، أيها الصحيح في صحتك حق للمريض، أيها العاقل المفكر في عقلك وتفكيرك وخبرتك وتجربتك حق للصغير والشاب والأحمق ومن لا يدر الأمور والأشياء"، معتبراً أنَّ أداء هذه الحقوق من شكر النعم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق