السبت، 13 أغسطس 2016

فتاوى إبن جديدة في تبرير الشتيمة في الناس اللئيمة

فتاوى إبن جديدة في تبرير الشتيمة في الناس اللئيمة

(سبق نشره في الشروق في ٢٦ سبتمبر ٢٠١٣)

يلومني بعض الأصدقاء أنني أستخدم مصطلحات مثل "عبسفاح الخسيس"، "جابلي بربور"، "حزمة بلاوي"، "علي كفته"، "تادروس الطيب"، وغيرها من أسماء لأسافل القوم في مصر المتعوسة...
(وبداية أنصح جميع الأصدقاء--خصوصا أولئك السذج الذين يكتبون بأسمائهم وشخصياتهم الحقيقية--ألا يقلدوني ويستخدموا تلك المصطلحات... ففي "مصر الجديدة" "الجمهورية الثالثة" حيث الحرية والأمان... يعاقب من يقبض عليه مستخدما تلك المصطلحات بالمحاكمة العسكرية وعقوبته الإعدام رميا بالرصاص... وكله بالقانون ومافيش هزار!!! 
ولا تقولوا "إشمعني إنت" ... فحالكم ليس مثل حالي... 
فأنا أولا عشت الدنيا بالطول والعرض وأخذت من الدنيا كل ما أريد وبقالي أكثر من عشرين سنة وأنا عايش علي "البقشيش" المتبقي من عمري... يعني لو أعدموني يبقي كثر خيرهم جعلوني شهيد بدلا من منتحر... 
وثانيا أنا حالتي الصحية لن تمكنهم من تعذيبي حال إعتقالي.... يعني هما بوكسين علي دقيقة كهربة وسأفارقهم إلي عالم أفضل ولن يستمتعوا بتعذيبي... 
وثالثا أنني بحكم مركزي وخبرتي العميقة في أركان الدولة أعرف كيف ألاعبهم... فهم يبحثون عني منذ قرابة الثلاث سنوات دون جدوي بحمد الله وعونه... ولو نظر أحدهم خلف كتفه لوجدني واقفا خلفه أستعد لتحية قفاه!!! لستم مثلي فلا تقلدوني)
نعود لموضوع الفتوي وأقول...
أن من يلومونني يحملون في ذلك أسبابا كثيرة... إلا أن أطرفهم أولئك الذين "يخلطون الدين بالسياسة"!!! أو ربما يظن ذلك الأحمق أنني من الإخوان أو الجماعات الإسلامية وأنه سيدخل لي "من نقطة ضعفي" أو "يمسكني من إيدي اللي بتوجعني" أو يجادلني "باللغة التي أفهمها"!!!!
فيقول بكل حماس: كفاية تتاجروا بالدين... هل هذا هو الإسلام الذي تزعمون أنه الحل؟... هل هذه هي تعاليم الإسلام السمحة الحنيفة؟.... ألم ينهكم الإسلام عن السخرية من الآخرين؟.... ألم ينهكم الإسلام عن التنابز بالألقاب؟ إنتم تسيؤون للإسلام بهذا الكلام.
قلت: طيب... بما أنك تفهم في الدين وخبير في علوم الإسلام... يا ريت تقرأ لنا الآية كلها علي بعضها!!!
تلعثم وتسائل: الآية ؟؟؟!!
فتدخلت لإنقاذه وقلت: الآية رقم ١١ من سورة الحجرات، حيث يقول تعالي:
﴿يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌۭ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًۭا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَآءٌۭ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرًۭا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلْأَلْقَـٰبِ ۖ بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَـٰنِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾
وكما تلاحظ فإن الآية والكلام موجه للذين آمنوا... فالنهي عن السخرية وعن التنابز بالألقاب يكون بين المؤمنين... أما في غير المؤمنين فلا حرج... بدليل
بدليل...
بدليل...
بدليل أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يطلقون علي أبي الحكم لقب "أبا جهل" ولم ينكر الرسول صلي الله عليه وسلم ذلك... بل إن كثير المسلمين اليوم يظنون أن الرجل ربما أنجب ولدا وسماه "جهل" فأصبحت كنيته "أبا جهل" هي إسمه الحقيقي!!!...
وأيضا فقد كان حسان بن ثابت شاعر الإسلام... يكتب الشعر في هجاء المشركين ولم يلمه أحد علي ذلك!!
سألني بتهكم: يعني أنت تتهم سيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي أنه كافر؟
قلت: ما عاذ الله... ومن أنا حتي أكفر الناس... هل شققت عن قلبه؟ أعوذ بالله... فما أنا إلا عبد فقير يسأل الله الستر والرحمة في الأخره قبل الدنيا... نحن لا نكفر الرجل فهذا أمر لا علم لنا به... ولكن نقول أنه مشرك.
سألني مستنكرا: وما الفارق؟
قلت: لا... الفارق كبير... فالكفر أمر عقيدة... وهو سر بين العبد وربه لا يطلع عليه إلا الله... فلا يجوز لنا أن نتهم أحدا بالكفر إلا أذا أعلن هو ذلك بنفسه... وأما الشرك فهو يقترن بأفعال ظاهرة... من يفعلها نجزم بأنه مشرك دون حاجة لتأويل أو تخمين.
سألني متهكما: وما يدعوك للإعتقاد أن سيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي مشرك؟؟
قلت: إعلم أن الشرك هو أن تعطي لغير الله ما لا يجوز ولا يختص به إلا الله.... فتكون بذلك قد جعلته شريكا لله... فمثلا لا يجوز الدعاء وسؤال الحاجة إلا إلي الله... فلو أنك دعوت أو سألت أحدا غير الله تصبح مشركا فيمن أشركته بالله.... وكذلك فإن أفعال التعبد مثل الصلاة والصوم والحج تكون للتقرب إلي الله... فلو أنك فعلت تلك العبادات تقربا لغير الله تصبح مشركا...
تهلل وجهه وقال فرحا: ولكننا لا نفعل أي من تلك الأشياء مع سيادة الفريق أول السيسي...
فإستكملت كلامي: ومن أهم خصائص الله تعالي أنه هو وحده الذي يحيي ويميت... فكل من يتشبه بالله تعالي... فيقتل أو يأمر غيره بالقتل فهو مشرك بالله... حيث أنه جعل من نفسه ندا لله في واحدة من أخص خصوصياته...
﴿هُوَ ٱلَّذِى يُحْىِۦ وَيُمِيتُ ۖ فَإِذَا قَضَىٰٓ أَمْرًۭا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ (غافر-٦٨)
ألم تر أن أبانا إبراهيم عندما أراد أن يصف الله للملك الكافر كان أول ما قال عن الله ﴿ربي الذي يحي ويميت)... فقال المشرك أنا أحيي و أميت وأحضر أثنان من المساجين فأمر بإطلاق سراح أحدهما و إعدام الآخر...
فالقتل أو الأمر بالقتل هو شرك ما بعده شرك...
وفي ديننا الإسلام...
نهانا عن قطف زهرة من شجرة دون حاجة أو سبب... ونهانا أن نخرج لصيد السمك مثلا بغرض الرياضة والتسلية دون حاجة... بل ولا يجوز حتي أن تخرج للصحراء بحثا عن وحش كاسر (يعيش في بيئته الطبيعية) وتقتله دون سبب...
فبرغم أن الله إستخلفنا علي الأرض وسخر لنا كل ما عليها من نبات وحيوان... إلا أنه لم يجز لنا قتل النبات والحيوان إلا في ثلاث حالات:
١. جلب منفعة... كالطعام... ولا يكون إلا بعد أخذ الرخصة من الله بأن تذكر إسم الله عليها.
٢. دفع ضرر... كالدفاع عن النفس ضد أفعي مثلا... ويجوز لك القتل في حدود دفع الضر فقط.. فلا تتعداه لتقتل مخلوقات لا تضرك ضرر مباشر
٣. القتل الخطأ.
فهذه هي الحدود في قتل النبات والحيوان... فمن تجارزها يصبح مشركا بالله... وخصما ومنافسا في ما إختص به ألوهيته...
وإذا كان هذا في قتل النبات والحيوان... فماذا نقول فيمن يقتل الإنسان؟؟؟
بل ماذا نقول فيمن يقتل آلاف البشر... وكثير منهم مسلمون...
ألم يسمع قوله تعالي:
﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًۭٔا ۚ﴾
فلا يجوز قتل المؤمن إلا خطأ... فما بالك بمن يصوب بندقيته نحو رأس مؤمن فيفجرها ويهشمها تهشيما؟؟؟ لا تتحير فقد قال الله فيه:
﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًۭا مُّتَعَمِّدًۭا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَـٰلِدًۭا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمًۭا ﴾
وهذا فيمن قتل مؤمنا واحدا متعمدا... فما بالك بمن قتل ومن أمر بقتل آلاف المؤمنين؟؟؟ أتستكثر عليه أن أقول عليه مشرك؟؟؟؟!!!
أجابني وكأنما إكتشف كنز إستراتيجي:
ولكنك تتجاهل الإستثناء فقد قال تعالي في آية أخري ﴿...مَن قَتَلَ نَفْسًۢا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍۢ فِى ٱلْأَرْضِ ...﴾...فهناك إستثناء وهو الإفساد في الأرض... وهؤلاء الأخوان المتأسلمون هم كلهم قتلة وإرهابيين ومفسدون في الأرض.... وبذلك فقتلهم جائز شرعا....
قلت: سأفترض معك جدلا أن كل من كانوا في رابعة لم يكن فيهم طفل ولا إمرأه ولم تكن فيهم نفس واحدة بريئة أو مؤمنة... وسأفترض معك جدلا أنهم كلهم وبلا إستثناء واحد كلهم إرهابيون و مفسدون في الأرض.... بل لنفرض أنهم جميعا كانوا كفار...
فإن قتال الكفار له أصول... فقد أمرنا رسولنا ألا نقطع شجرة ولا نحرق ولا نقتل طفلا ولا إمرأه ولا شيخا كبيرا...
بل إنك لو كنت تبارز بالسيف رجلا كافرا ثم سقط منه سيفه وأصبح أعزل... فلا يجوز لك أن تقتله و هو أعزل... وإن فعلت فقد أشركت بالله...
فإن كان هذا هو الحال مع الرجل الكافر الأعزل... فما بالك بمن يصوب الرصاص بكل خسة علي طفل أو مرأة أو رجل أعزل... ناهيك عن أنهم مؤمنون.
سألني مستنكرا: فماذا تتوقع مننا أن نفعل مع هؤلاء الخونة وهم يحملون الأسلحة الثقيلة والمدفعية ويختبأون خلف النساء ويصدرون الأطفال من الملاجئ وهم يحملون الأكفان؟؟...
قلت: حتي لو إفترضنا جدلا أن كل ما تقوله صحيح وأنهم جميعا في رابعة فعلوا ذلك... فإن هذا لا زال لا يجيز لك أن تصوب فوهة بندقيتك تجاه رؤوسهم فتقتلهم...
سأل مستنكرا: فماذا نفعل إذا؟؟
قلت: تضرب علي اليد التي تحمل السلاح حتي يسقط منها السلاح... أو تضرب علي القدم حتي تشل حركته وتمنعه من الفرار... وإن كانوا مجموعات كبيرة فيمكنك أن تطلق عليهم الغاز المخدر... حتي إذا ما أغمي عليهم تأخذهم دون مقاومة أو دماء.
وحتي بعد أن تقبض عليهم فليس لك أن تقتلهم من تلقاء نفسك... وإنما تأخذهم إلي القاضي فيوجه لهم الإتهام ويعطيهم فرصة الدفاع عن أنفسهم... فإن حكم القاضي أنهم مفسدون في الأرض وعقابهم القتل... فهذا ذنبه هو ويحاسب عنه يوم القيامة....
ضحك بقهقة عالية وقال لي: إنت إنسان رومانسي جدا...
قلت: لا أفهم ما تقصد... أنا إنسان يحاول أن يكون مسلم...
وفي الإسلام الذي أعرفه لا يوجد مبرر إطلاقا لما حدث من ذبح في رابعة والنهضة وغيرها... وبغض النظر عن العدد هل هم ثلاثة آلاف أو حتي نفس واحدة فقط... فكل من قتل أو أمر بالقتل أو علم بالقتل ولم يمنعه فهو مشرك... مشرك... مشرك..
وسخريتي من إسمه لا شئ في مقابل ما سيراه من الله يوم تشهد عليهم أيديهم و ألسنتهم.
إذا نقول والله أعلم أن عبد الفتاح السيسي مشرك... مشرك... مشرك...
هو وجنوده... سواء جنوده بالسلاح... أو جنوده باللسان والقلم... أو جنوده بالقلب كالذي فوض وأيد... فجميعهم شركاء معه في الشرك... ونحسب أن عقابهم يوم القيامة عسير... إلا أن يتوبوا ويصلحوا قبل أن تبلغ الحلقوم...
ولكن لإننا لسنا مثلهم... فشركهم لا يجيز لنا سفك دمائهم...
وإنما نقول لهم "حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من قتل وكل من أمر بالقتل وكل من فوض وكل من شجع وأيد".




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق