الأربعاء، 17 أغسطس 2016

صنعه الصهاينة.. وأخذناه بقوة!

صنعه الصهاينة.. وأخذناه بقوة!



حسام الغمري

لست أدري إن كان بطل مصر في الجودو يعلم أنه اعترف ضمناً بالكيان الصهيوني في اللحظة التي وافق فيها على اللعب ضد بطل ذلك الكيان المسخ، أما ثوب البطولة الزائف الذي حاول ارتداءه بعد هزيمته برفضه مصافحة لاعب الكيان فلا أراه إلا محاولة بائسة للحاق بآخر عربات قطار الشرف، ضررها أكثر من نفعها، والخوف كل الخوف أن يكون بطلنا المهزوم قد وافق على المشاركة في هذه المباراة لا عن ضغط مارسته عليه حكومة السيسي، بل لرغبته في استثمار فرصته الأولمبية الأخيرة بأفضل ما يمكن، وقد أتم عامه الرابع والثلاثين: لأن هذه الذاتية والفردية التي تكرست بداخلنا بعد كامب ديفيد، هي ما جعلت الصهاينة يجثمون على صدورنا لعقود طويلة دون خلاص.

وهكذا شاءت الأقدار أن يهزمنا بطلنا ثلاث مرات، مرة بتنازله عن القضية، وأخرى بمرارة هزيمته أمام الإسرائيلي، وثالثة بتصرفه الأخير المشوه المبتور، كما شاءت الأقدار أيضاً أن ألتقي بأحد مصادر المعلومات، أو ربما كانت هناك إرادة ما لتمرير بعض الرسائل من خلالي، لا أستطيع ان أجزم، ولكني دون شك استفدت كثيراً من حوار استمر لمدة 30 دقيقة مع أحد المقربين من هؤلاء المنوطين بصياغة شكل هذا العالم.

وقبل أن أتطرق مباشرة لمصير محبوبتي مصر كما تنبأ به هذا الرجل، أود أن أقول إن هذا اللقاء ذكرني بفيديو شاهدته قبل سنوات على اليوتيوب والمتحدث حاخام صهيوني كان يقول:

"البعض مندهش كيف ستصبح إسرائيل أقوى دولة في العالم كما كانت أيام النبي سليمان، وهناك دول تمتلك رؤوساً نووية أكثر من هذه التي تمتلكها إسرائيل، ولهؤلاء المشككين سأحكي هذه الحكاية"!

وبدأ الحاخام الصهيوني يحكي قائلاً:

"ذات مرة نما إلى علم أحد الملوك أن بعض الأمراء يطمعون في عرشه فجمعهم وعرض عليهم التنافس معه في سباق للديوك، على أن يتنازل الملك عن عرشه لصاحب الديك الفائز ، وإذا كان ديك الملك هو الفائز يبقى على عرشه، بتعهد من جميع الأمراء ألا ينازعوه الأمر ثانية، فوافق الأمراء".

ويستطرد الحاخام بنظرة خبيثة قائلاً:

"وفي صبيحة اليوم التالي انتخب كل أمير أقوى وأشرس ديك في مزرعته، بينما جاء الملك وهو يحمل ديكا هزيلا منتوف الريش، يكاد يمشي على ساق واحدة، فتعجب الجميع لهذا، ولكن بمجرد أن بدأ السباق، اتضحت حكمة وذكاء الملك، فالديوك القوية تصارعت فيما بينها، بينما لزم ديك الملك الهزيل أحد جانبي حلبة السباق دون ان يُعيره أي ديك قوي انتباهه، وهكذا بدأ الديك الهزيل في السير ببطء نحو خط نهاية السباق، بينما استعر الصراع بين الديوك القوية الشرسة حتى النهاية، وبهذا تحقق الفوز لديك الملك الأضعف منهم جميعاً رغم خطواته البطيئة، وحالته التي تدعو إلى الشفقة والرثاء!".

انتهت حكاية الحاخام الصهيوني في الفيديو الذي شاهدته على اليوتيوب قبل سنوات، واليوم أتابع تنفيذ هذه الخطة في أمتى رأي العين.

فالخطة كما اتضحت معالمها أن نقوم بالقضاء على أنفسنا ذاتياً -ويالغبائنا- فتتمدد إسرائيل، وبعدها ترتب حرباً عالمية أخيرة، تنهك كل القوى العظمى لتبقى هي كقوة وحيدة باقية تستعيد بسهولة ويسر مجد مملكة سليمان الذي جاء بعرش بلقيس من اليمن في مجد ونفوذ.

الخطة جُربت في السودان فقسموه، وتأملوا اليوم حالنا في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، والخليج وما يحاك له، ومستقبل الجزائر بعد بوتفليقة القعيد والمغرب التي يكمن فيه اللظى تحت الرماد، وتونس التي بقيت بين الماء وبين النار.

أما بشأن تاج العلاء في مفرق الشرق، فلقد قيل لي إن الموعد الذي تقرر أن تبدأ فيه الحرب الأهلية ضمن مخطط الفوضى الخلاقة قد اقترب -الفوضى التي ستخلق إسرائيل الكبرى- والغد القريب لن يحمل الهدأة للنفوس، لذا لم أعد أندهش وأنا أتابع كيف يتعمد السيسي دفع الأمور صوب حافة الهاوية، لا حديث مع معارضيه، لا تفاوض، لا بادرة مصالحة جادة وحقيقية، لا استثمار جيد للموارد، لا دفاع جاد عن ماء النيل، لا اهتمام حقيقي بقيمة العملة، لا اهتمام بالشباب صانعي المستقبل، وفي المقابل، تفريط رهيب في الأرض، قمع وديون وغلاء، وضرائب جديدة فاقت ما قرأناه وصفاً للهيب الجباية في العصر المملوكي، السيسي عبر أعوام يصر على ألا يحمل لنا سوى استفزازات متتالية، وكأن لسان حاله يقول: تباً لكم متى تحملون السلاح ضدي!

ولكن هل التمسك بالمزيد من السلمية وحده كفيل بإفشال هذا المخطط الخبيث؟

اللهم لا، فما أسهل أن يفتلوا جماعة منهم تحت مسمى "الظباط المنشقين مثلا" المنتصرين للحقوق والأعراض التي تُنتهك، مع بعض الفيديوهات التي تداعب المشاعر الملتهبة، وبعض العمليات التي تروي ظمأ الانتقام العادل والقصاص الذي طال أمد انتظاره، على غرار إصدارات ولاية سيناء، وعندها ستصبح هذه الجماعة كصاعق الناموس الذي سيجتمع حوله كثير ممن يعمل السيسي على دفع الغضب بداخلهم صوب حافة الانفجار، وفق دوره المرسوم، وهكذا تبدأ الحرب الأهلية تمهيداً لتفتيت مصر لدويلات، ربما إحداها تطفئ لظى نهم ساويرس واشتياقه لسلطة طائفية، ولا عجب أن تجدهم يتوسعون في شراء الأراضي اليوم وفق جعرافيا محددة، كما توسع اليهود في شراء بعض أراضي فلسطين قديماً.

هل أدركت الآن لماذا يتم تجويعك؟

والأدهى والأدعى للأسف أن تراقب كيف نُزعت العقول من عامة أهل هذا الزمان -وإلا كيف تجد من لا يزال يؤيد السيسي- كما تسلط علينا الأراذل بأبواقهم الإعلامية الفاسدة.. يحسبون أنهم على شيء وليسوا كذلك.

أخبرت محدثي في نهاية اللقاء عن ندوة كنت قد حضرتها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية لأحد السياسيين قال لنا: توقعات السياسة الأميركية كثيراً ما تخيب؛ لأنها توقعات جافة رقمية، لا تستلهم روح الشعوب وتاريخهم، والدليل أنه قابل مستشاراً أميركياً متخصصا في الشأن الإيراني عام 1979 أثناء رحلته قادما من طهران لتقييم الوضع هناك، فلما سألته عن تقريره الذي سيرفعه إلى إدارته، قال: سأقول لهم إن نظام الشاه لن يسقط؛ لأن التظاهرات ضعيفة، ولا يمكنها أن تخلع نظاماً أمددناه بالعتاد اللازم لقمع تظاهرات كهذه وإن اشتدت..

ثم أكمل المتحدث تعليقه قائلاً: ثم فوجئت أميركا بسقوط نظام الشاه الذي سرعان ما تخلت عنه ورفضت استقباله فوق أرضها، وأمرت السادات بأن ينوب عنها في هذه المهمة المحرجة، وهو الذي كان يمد إسرائيل بالبترول أثناء الحرب عكس الأكاذيب التي روج لها فيلم -أيام السادات- فأميركا لا تتأخر في ركل مؤخرة خدامها إن هم سقطوا.

لذا فرهاني الوحيد ورهان كل العقلاء الأحرار على انتفاضة كثيفة للشارع المصري، وحدها قادرة على إفشال المخطط الخبيث، وإجبار العالم على قبول تحولنا السلمي نحو الحرية، كما فعل الإيرانيون الذين أجبروا أميركا مرات على الانصياع لإرادتها، وأخيراً كما فعل الشعب التركي البطل بهبته المذهلة دفاعاً عن مصيره وإرادته.

وبعد انتصار الثورة باصطفاف الأصوات العاقلة وتوافقهم على أجندة عمل موحية ملهمة ترضي الصادقين الثائرين من أبناء شعبنا الذي طال صبره وانتظاره، وتنعش آماله، بات من الواجب مراجعة دور الكيان الصهيوني في دعم الانقلاب على ثورة يناير/كانون الثاني، وبالتالي مراجعة السلام المخدر الذي صنعوه - مع السادات - وأخذناه بقوة، فانتهى بنا الأمر بعد عقود من اعتناقه إلى السيسي بعد مبارك، ومليارات من الديون وأفق خراب غير محدود!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق