الخميس، 25 أغسطس 2016

الرئيس والإيفيهات والكمبوشة والتحويجة

الرئيس والإيفيهات والكمبوشة والتحويجة

أحمد عمر

صحيح: هذا الرئيس ملهم، لا يحتاج إلى كمبوشة، والكمبوشة هي قمرة تحت المسرح، يكمن فيها شيطان، ليوسوس للممثل العبارات التي نسيها، وقد يلقِّنه إيفيهات أيضاً، وهناك علاماتٌ كثيرة تدلُّ على أنّ عبد الفتاح السيسي يلجأ لسماعة الكمبوشة، فهو ينسى حتى وهو يقرأ من الورقة، فينقطع عن الناس، ويعتكف على الهواء الحي، وتصيبه حالة معروفة للقاصي والداني، ولا تنفعه معها أدوية الصيدليات، ولا رقّة زينة يازجي، التي مثلت معه دور البطولة في إحدى المقابلات.

لم يمتثل الرئيس لنصائح صحافي الانقلاب الأشهر، إبراهيم عيسى، بألا يرتجل خطاباته، لكن الرئيس الذي يفكّر أولياء أمره بالبحث عن دوبلير له، لأنه صار عبئا عليها، ومصاباً بإدمان الرز، غرَّته نفسه وصدقها، وآمن بالشاعر في داخله، كما آمن بالطبيب والفيلسوف. 

معلقاته كثيرة، أشهرها على الإطلاق "شينيته" التي يقول فيها: "أنا محمّل برسالةٍ من مصر، مصر قالتلي لازم تبلغ الرسالة للمصريين، بتقولكم كلكم، أنا أمانة في رقبتكم، اوعوا تختلفوا، أو حدّ (غيري) يضحك عليكم ويخدعكم". 
وغيري هذه من كمبوشة كاتب هذه السطور.
"مصر بتقولكم: مكاني مش اللي أنا فيه، بقى أنا برضو حجمي كده، أنا متحوجش وأنتم هنا". 


يقترح كاتب السطور هذه لأول ديوانٍ له عنوان "الحلزونة يما الحلزونة". 
تظهر الشعرية في نثر عتبة شينية السيسي، وليس في متنها، عندما يدّعي دور ساعي البريد، ويقول إنه محمَّل برسالةٍ من مصر التي يصلي لها في ختمة كل خطاب ثلاث مرات: تحيا ميسر، فيغشى على الجمهور من اللوعة والوجد.
قالت العرب قديماً: لكل شاعر شيطان. 

يقول حسان بن ثابت قبل إسلامه مفصحاً عن شيطان كمبوشته: ولي صاحب من بني الشَّيْصبَان/ فَطَورا أقول وطورا هوهْ.
ويقول الثعالبي إنَّ شيطان الأعشى ميمون بن قيس، اسمه مسحل، وإنّ مدرك بن راغم هو شيطان الكميت، وإنّ لافظ بن لاحظ اسم شيطان امرئ القيس، وإنّ هادر بن ماهر هو اسم شيطان النابغة الذبياني، وإنّ هبيد بن الصلادم هو شيطان عبيد بن الأبرص... 

وقال الفرزدق مفتخرا بشعره: أنا أشعر خلق الله شيطاناً".

وتروي كتب الشعر أنّ الشاعر الأندلسي ابن شهيد كانت له "بشرة خير"، زعم فيها أنَّ للناثرين شياطين، مثل عبد الحميد بن يحيى والجاحظ، وبديع الزمان لبشارته غرضان:
أولها أنَّه ناثر من أصحاب الشياطين، وثانيها السخرية من بعض زملائه الناثرين. جعل ابن شهيد الجنَّ شعوباً وقبائل، كل قبيلة تحمل اسم قبيلة من الإنس، لكننا لم نرَ اسم كاترين آشتون، ولا الآنسة لميس الجبالي (اثنان في واحد) بين أسماء الشياطين، فكلهم ذكور.

أغلب الظنِّ أنَّ شيطان السيسي منه وفيه، وهو شيطانٌ زاهد يعيش على الرز وحده، وليس له طمعٌ في أية حاجة، أقسم بالله تاني. لكنَّ بعض الظنِّ الآثم، وشياطين النثر، تدفعنا إلى الظنِّ بأنّ للسيسي شياطين بالألوف في مصر، يقيمون في عمارة ماسبيرو، وفي إرم ذات العماد، وفي تل أبيب، وفي البيت الأبيض.


يبدو للناظر، في هذه السنوات الخداعات، أنّ الله وضع له القبول، كما قال شيوخ السلفية، وأنّ لخطبهِ جاذبية وعاطفة، وأنَّ لحديثه شعرية، كنت أنوي أن أُفرد لها مقالاً، وقد أذهلني رئيس عربيات الخضار وترعة المفهومية، وأدخلني في "الحيطة"، عندما أطمأن على المفيض. 


يخرب عقله، الرئيس المشغول بالإرهاب، يجدُ وقتا للاطمئنان على صحة نهر النيل الأسير في بلاد الحبشة، وعلى غضبه، وأخشى أنْ يجبي الخراج من الغيوم، كما فعل هارون الرشيد، ويقول لها: ح تدفعي يعني ح تدفعي، غيوم أهل الشر فقط. 
لا أعرف من الذي نصح الطبيب السيسي بعيادة المفيض هاتفياً، ومن هي الشياطين التي َتؤُزُّهُ أزّاً؟
داخل في عرضك يا بن شهيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق