الأحد، 24 فبراير 2019

الساعات الأخيرة

الساعات الأخيرة قبل الانقلاب.. 
كيف أدار السيسي لعبة "الخداع الإستراتيجي" ضد مرسي؟


بثت قناة الجزيرة فيلما وثائقيا بعنوان "الساعات الأخيرة" يحكي ما دار في الأيام واللحظات الأخيرة من رئاسة الرئيس المعزول محمد مرسي، وكيف تدخلت المؤسسة العسكرية المصرية في الأزمة السياسية متظاهرة بالسعي إلى حلها، بينما كانت تمارس "الخداع الإستراتيجي" حتى تكمل خطوات انقلابها على أول رئيس مدني منتخب للبلاد.
وتحدث الفيلم إلى مقربين من مرسي بينهم خالد القزاز مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، حيث روى الأحداث حسب تسلسها الزمني كما رآها هو من داخل كواليس الرئاسة المصرية، قائلا إن مواقف قيادة القوات المسلحة في الأيام العشرة الأخيرة من حكم مرسي كانت تتعمد أن تكون "حمالة لكل الأوجه"، وعندما يستفسر الرئيس عن موقف ما يستشكله تقوم هذه القيادة ممثلة في وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي بالمراوغة وتقديم التبريرات.
تحركات مريبة
وأشار إلى أن المؤسسة العسكرية قدمت أولا للرئاسة "مجموعة مقترحات تحولت إلى من مطالب، مستغلة كون أولى أولويات الرئيس مرسى كانت محاولة توحيد الصف الوطني"، لكنها في ذات الوقت قامت بخطوات "مريبة" في شكل تحرك عسكري على الأرض يهدد بفرض واقع جديد، ومن ذلك مطالبتها بنقل الرئيس إلى قصر القبة بذريعة توفير حماية أكبر له.
وأضاف القزاز أنه في يوم 29 يونيو/حزيران استدعى الرئيس مرسى وزير الدفاع السيسي ومعه ثلاثة من المجلس العسكري، وكان اللقاء حول الاتفاق النهائي للخروج من الأمة السياسية مع المعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ، وخرج الجميع من هذا اللقاء على "خريطة واضحة". ورجع الرئيس إلى القوى المؤيدة له فوافقت على الاتفاق باستثناء حزب النور.
وأوضح القزاز أنه حضر خلال ذلك اتصالا بين مرسي والرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، الذي حاول بشكل دبلوماسي أن يقدم مقترحات بضرورة القيام بتنازلات حقيقية يستطيع الرئيس من خلالها احتواء الأطراف السياسية المختلفة.
وفي يوم 30 يونيو/حزيران نظمت المعارضة مظاهراتها، وتوصل الفريق الرئاسي إلى أنه "خرجت أعداد كبيرة بمطالب واضحة ينبغي التعامل معها"، وفي نفس الوقت في مجموعة كبيرة من المؤيدين في ميدان رابعة العدوية. وكان هناك إحساس بأن الوضع يمكن الوصول فيه إلى مخرج.
وقال القزاز إنه في يوم 1 يوليو/تموز جاء السيسي لإكمال عملية التفاوض مع مرسى وحضر هذا اللقاء رئيس الوزراء هشام قنديل، ولكن أثناء اللقاء أذاع المجلس العسكري بيانه الذي حدد فيه مهلة 48 ساعة لحل هذه الأزمة وإلا فإنه سيتدخل في الأمر بشكل مباشر.
أطلع الفريق الرئاسي الرئيسَ مرسي على فحوى البيان فقام بتعنيف السيسي بشدة، قائلا إن مثل هذا البيان لا يصح أن يخرج من المؤسسة العسكرية لأن هذا ليس دورها، وطالبه بتصحيح هذا الموقف. قدم السيسي تبريرا بأن ذلك لتهدئة الأوضاع، وبعد تراجع المؤسسة العسكرية عن بيانها "كان الجميع ينتظرون انفراجة في اليوم التالي".
قرار الحسم
وفي يوم 2 يوليو/تموز رجع السيسي لمقابلة الرئيس مرسي وحضر معهما رئيس الوزراء، وعرض الرئيس لأول مرة تغيير رئيس الوزراء هشام قنديل بشخص يتم الاتفاق عليه مع الأطراف المختلفة إضافة إلى تغيرات في الوزارات السيادية أو تغيير وزاري شامل، وفي نهاية اللقاء قال السيسي "هذا الاتفاق يكفي وزيادة وإن شاء الله سيكون بداية حل الأزمة".
وأشار القزاز إلى أن الأمور أخذت منحى مختلفا تماما؛ إذ في نهاية نفس اليوم وردت مكالمة قصيرة تحدث فيها اللواء محمد العصار مع عصام الحداد، وأخبره بأن الفريق السيسي يبلغهم أن "الاتفاق غير مقبول والباشا لازم يمش"؛ في إشارة إلى رحيل الرئيس محمد مرسي.
قرر الرئيس مرسي أن يخرج في خطاب إلى الشعب لـ"محاولة تهدئة الأجواء وإعادة فتح مساحات أخرى". وسجلت كلمته عبر هاتف أحد الحضور من الفريق الرئاسي لأن التلفزيون تحت إدارة المؤسسة العسكرية ولن يذيع الكلمة.
وفي صباح يوم 3 يوليو/تموز علم الرئيس مرسي –عبر محادثة بين وزير خارجيةقطر حينها خالد العطية وعصام الحداد- بأن هناك كان مفاوضات دولية جارية، وضمنها مبادرة أميركية مطروحة من بين بنودها إحداث تغييرات وزارية شاملة وأخرى للمحافظين، مع إيقاف العمل بالدستور.
وختم القزاز بأن الفريق الرئاسي فوجئ عصر ذلك اليوم بأن الحراسة الخاصة بالرئيس مرسي سلمت أسلحتها وغادرت القصر، إضافة إلى أن المنتدبين من وزارة الخارجية لم يأتوا لعملهم في هذا اليوم. ثم قطع خط الاتصال الأرضي عن رئيس الجمهورية وتم التشويش على الإرسال في مكاتب فريقه؛ ثم أذيع بيان الانقلاب.
وقد استضاف الفيلم –بالإضاف إلى القزاز- كلا من وزير التخطيط والتعاون المصري الأسبق عمرو دراج؛ ووزير الاستثمار المصري الأسبق يحيى حامد؛ والعضو السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي أندرو ميلر؛ ووزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية وكان آنذاك وزيرا للخارجية.


هناك تعليقان (2):

  1. ((يروي تفاصيل مهمة، سواء في حجم خيانة السيسي،أو خذلان كثير من الأطراف
    لكنه لايغيّر أصل السؤال الكبير، بل يعززه، وهو أن السذاجة السياسية، منذ البدأ كانت واضحة في طريقة تفكير الرئيس مرسي وبنية الإخوان السياسية، التي لم تقدر ضرورة التدرج لديمقراطية نشأت في قبضة الذئاب ))
    مهنا الحبيل

    ردحذف
  2. ((أقلّوا اللوم على الرجل :
    لم تكن أمريكا لتسمح بنموذج حكم ديمقراطي , إسلامياً كان أو غير إسلامي , لأنه يخرب مصالحها و مصالح الغرب وإسرائيل في المنطقة .أتفق مع قول القائل بغياب الخبرة السياسية في الحكم, لكن الرجل لم يحكم عملياً,و لم تكن مقدرات الدولة -على غناها- بيده , بل بيد خصومه.))
    Muhamad diabi

    ردحذف