ما بعد زفة السيسي المحبطة
ياسر الزعاترة
لن نضيف الكثير إلى ملايين السطور التي كتبت خلال الأيام الماضية عن الانتخابات المصرية، والتي تؤكد حجم الخيبة التي أصيب بها الانقلابيون جراء عزوف الناس عن المشاركة، ويبدو أن القوم قد وقعوا في شر أعمالهم، إذا كان بوسعهم أن يدفعوا حمدين صباحي إلى الانسحاب، فالدولة العميقة لا يعجزها أي شيء، لكنهم فضلوا تركه كخيار يعزز شرعية السيسي، فكانت الفضيحة التي تجلت أمام العالم أجمع.
لا قيمة بالطبع للنسبة التي أعلنت، وهي أقل من نسبة 2012، فبعد تمديد التصويت ليوم ثالث، وقبلها عمليات الحشد الجنوني، ومن ثم التهديد بغرامة قدرها 500 جنيه على شعب بائس فقير، في حال عدم المشاركة في التصويت، بعد ذلك كله وسواه، لا يمكن أخذ أية نسبة على محمل الجد، ويكفي أن جميع أنصار الانقلاب قد اعترفوا عمليا بخيبتهم مما جرى، فضلا عن الإعلام العالمي (دعك هنا من كذب النسبة دون شك).
ما ينبغي أن يقال هنا هو أنه لو أجريت الانتخابات مباشرة بعد الانقلاب بشهر أو شهرين، لربما كانت النتيجة مختلفة إلى حد كبير، فقد كانت الدعاية التي أعقبت الانقلاب رهيبة، لكن مرور شهور طويلة على الانقلاب كان كفيلا بتفكيك وفضح كل الأكاذيب التي قام عليها، فضلا عن تأكيد فشل الانقلابيين على كل صعيد، والأهم من ذلك كله افتضاح الدولة البوليسية التي تتأسس على الأرض، والتي باتت تخيف جميع الشرفاء، بل حتى المواطنون في مصر، من دون أن ينفي ذلك حقيقة وجود انقسام في المجتمع، وهو انقسام كان موجودا في الأصل قبل انتخاب مرسي وبعده، لكن خمس جولات انتخابية كانت تؤكد أن الانقسام لم يكن نصفيا بالكامل، إذ كان التفوق واضحا لصالح من لديهم آمال بالتغيبر.
الآن يمكن القول بكل بساطة إن دعاية الانقلاب قد افتضحت، وسحره قد انكشف، لكن ذلك لن يغير في حقيقة مُرة تتمثل في أن ميزان القوى لا يزال مختلا بالكامل لصالحه، أكان داخليا من حيث انحياز القضاء والإعلام والجيش والأمن ومؤسسات الدولة العميقة، أم خارجيا من حيث الوضع الدولي (الكيان الصهيوني عنصر فاعل هنا) والإقليمي والعربي باستثناءات محدودة لا تغير الكثير.
ما ينبغي أن يقال هنا هو أنه لو أجريت الانتخابات مباشرة بعد الانقلاب بشهر أو شهرين، لربما كانت النتيجة مختلفة إلى حد كبير، فقد كانت الدعاية التي أعقبت الانقلاب رهيبة، لكن مرور شهور طويلة على الانقلاب كان كفيلا بتفكيك وفضح كل الأكاذيب التي قام عليها، فضلا عن تأكيد فشل الانقلابيين على كل صعيد، والأهم من ذلك كله افتضاح الدولة البوليسية التي تتأسس على الأرض، والتي باتت تخيف جميع الشرفاء، بل حتى المواطنون في مصر، من دون أن ينفي ذلك حقيقة وجود انقسام في المجتمع، وهو انقسام كان موجودا في الأصل قبل انتخاب مرسي وبعده، لكن خمس جولات انتخابية كانت تؤكد أن الانقسام لم يكن نصفيا بالكامل، إذ كان التفوق واضحا لصالح من لديهم آمال بالتغيبر.
الآن يمكن القول بكل بساطة إن دعاية الانقلاب قد افتضحت، وسحره قد انكشف، لكن ذلك لن يغير في حقيقة مُرة تتمثل في أن ميزان القوى لا يزال مختلا بالكامل لصالحه، أكان داخليا من حيث انحياز القضاء والإعلام والجيش والأمن ومؤسسات الدولة العميقة، أم خارجيا من حيث الوضع الدولي (الكيان الصهيوني عنصر فاعل هنا) والإقليمي والعربي باستثناءات محدودة لا تغير الكثير.
وفي وضع من هذا النوع لا يحتاج النظام أي نظام إلى نسبة تأييد كبيرة لكي يتماسك، ولعل نموذج النظام السوري واضح هنا، فهو بطائفته، وبعض الأقليات من حولها، تمكن من البقاء، حتى الآن على الأقل، رغم أن مؤيديه قد لا يختلفون عددا ونسبة عن مؤيدي النظام المصري الحالي.
من المؤكد أن الوضع الاقتصادي يبدو ضاغطا إلى حد كبير على أعصاب النظام، لكن وضعا كهذا لا يكفي أيضا لإسقاطه في بلد لم يخرج عمليا من دوائر الأزمات الاقتصادية منذ زمن طويل، فكيف وهناك بعض الدول التي تملك القابلية لدفع الكثير من أجل الحيلولة دون سقوطه؟!
على أن الجانب الذي لا يمكن إخفاؤه هو أن نتيجة الانتخابات ستفضي إلى زعيم أقل شرعية من الزعيم الذي كانوا يروجون له، ورفعوه إلى مستوى الآلهة والأنبياء والقديسين، لكن المشكلة أن زعيما كهذا، ومن حوله آخرون قد يميلون إلى مزيد من البطش للحيلولة دون أي مس بهيبتهم، وذلك عبر تأكيد الدولة البوليسية.
في ضوء ذلك كله نميل إلى تأكيد أن النظام لن يهتز بالسرعة التي يعتقد بها البعض، ولا بد من أجل تحقيق من إعادة تجميع الناس حول فكرة الثورة واستعادتها من جديد، وهذا يستدعي ميثاق شرف وعهد بين جميع القوى الحية في مصر، وعندها فقط سيكون للثورة صوت في الداخل وصوت في الخارج عبر المنفيين والهاربين، وسيؤدي ذلك بمرور الوقت إلى هز أركان النظام، وصولا إلى التجمع في الميادين لإسقاطه مع أخذ التجربة الماضية بعد الثورة بكل تفاصيلها في الاعتبار من أجل عدم تكرار أي من الأخطاء التي ارتكبت.
على أن الجانب الذي لا يمكن إخفاؤه هو أن نتيجة الانتخابات ستفضي إلى زعيم أقل شرعية من الزعيم الذي كانوا يروجون له، ورفعوه إلى مستوى الآلهة والأنبياء والقديسين، لكن المشكلة أن زعيما كهذا، ومن حوله آخرون قد يميلون إلى مزيد من البطش للحيلولة دون أي مس بهيبتهم، وذلك عبر تأكيد الدولة البوليسية.
في ضوء ذلك كله نميل إلى تأكيد أن النظام لن يهتز بالسرعة التي يعتقد بها البعض، ولا بد من أجل تحقيق من إعادة تجميع الناس حول فكرة الثورة واستعادتها من جديد، وهذا يستدعي ميثاق شرف وعهد بين جميع القوى الحية في مصر، وعندها فقط سيكون للثورة صوت في الداخل وصوت في الخارج عبر المنفيين والهاربين، وسيؤدي ذلك بمرور الوقت إلى هز أركان النظام، وصولا إلى التجمع في الميادين لإسقاطه مع أخذ التجربة الماضية بعد الثورة بكل تفاصيلها في الاعتبار من أجل عدم تكرار أي من الأخطاء التي ارتكبت.
والخلاصة أن ما جرى في الانتخابات يؤكد أن شعب مصر لم يكون صيدا سهلا لأدوات الكذب والتزوير، وأنه لا يزال محبا لثورته، منحازا لحريته، وسيكمل مشواره نحو الحرية، وسينتصر من جديد مهما طال الوقت وكثرت التضحيات.
ولا ننسى أن الثورات عموما تمر بموجات ومنحنيات، لكن انتصارها حتمي ما توفرت شعوب حية، وشعب مصر من هذه الشعوب، بل من خيرتها.