مفارقات بين قبلتنا الأولى والثانية
بقلم : أ.د.صلاح سلطان
قبلتنا الله الأولى هي المسجد الأقصى التي قال الله فيه : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء:1) ، وقبلتنا الثانية هي المسجد الحرام الذي قال الله فيه : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96)، قبلتنا الثانية وضع الله أساسها ورفع ابراهيم قواعدها، وقبلتنا الأولى بنيت بعد أربعين عاما من القبلة الثانية، وهي موطن آل عمران وجدة عيسى التي وهبت ما في بطنها محررا لخدمة المسجد الأقصى، وولدت حوله مريم البتول، ومولد سيدنا عيسى بن مريم عليه السلام، وقبلتنا الثانية عاش حولها اسماعيل عليه السلام ونسله حتى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وقد كان الإسراء والمعراج استجماعا لهذا الخير كله، فاجتمع الأنبياء جميعا في المسجد الأقصى ليصلي بهم النبي صلى الله عليه وسلم، ويتسلم ميراث الأنبياء في التشريف والتكليف بحماية المسجد الأقصى، وفرضت الصلاة في هذه الليلة، وظلت القبلة 16 شهرا إلى بيت المقدس تأكيدا لذلك، واليوم وما أدراك ما اليوم؟! يحتل اليهود القدس حاضنة الأقصى، ويحفرون الأنفاق تحته إلى 80 مترا تمهيدا لهدمه وبناء هيكل داود، وأجهزوا على كل الآثار التاريخية للأنبياء والخلافة الإسلامية أسوأ مما فعل المغول بتراثنا عندما احتلوا العراق والشام سنة 656 هجرية.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تمر ذكرى الإسراء كل عام في رجب، وبعدها ذكرى تحويل القبلة في النصف من شعبان، ولا يهب المسلمون لاستنهاض قبلتهم الأولى من غدر الصهاينة المعتدين، والأمريكان المعاونين، والأوربين المساندين، والعرب المتفرجين!
ثم يأتي الحج بعد الذكرى بشهور فلا تكاد ترى أو تسمع ما يحفز المسلمين للجهاد ضد الصهاينة المعتدين، وكسر الحصار لمساندة رجال الأقصى من أهل فسلطين، متناسين أن أول أمر بالجهاد جاء في سورة الحج وختمت السورة بدعوة أن نكون شهداء على العالمين، فهل نتحمل مسؤوليتنا، ونستحث رجولتنا، ونستعيد مقدساتنا من بغي الظالمين؟!
هلاَّ تحولت ذكرى الإسراء والمعراج وتحويل القبلة والعمرة والحج إلى ثورة وهيام أن نستعيد قبلتنا الأسيرة، وأرضنا الكسيرة، لإنهاء هذه المفارقة الخطيرة بين قبلتنا الأولى والثانية!، أحسب أن فقه الأولويات يقول يجب أن تكون هذه قضيتنا الأولى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق