الثورة تحاصر الانقلاب في ذكرى حرب أكتوبر
بقلم: د. سيف الدين عبدالفتاح
أستاذ العلوم السياسية ـ القاهرة
مظاهرات اليوم (أمس الجمعة 04/10) والتي تشهد تحولات نوعية مهمة للغاية، تعبر في حقيقة الأمر عن مدى التراكم الذي حدث في هذه الملحمة الثورية ضد الانقلاب.
وأكبر تحول نوعي يمكن رؤيته أن الثورة الآن هي التي تحاصر الانقلاب بشكل فعلي، فحينما تتابع الصور المنشورة تجد أن قوات الجيش مثلا هي التي احتلت ميدان التحرير، وأن المتظاهرين يحاول الوصول إلى هذا الميدان وتحاصره من كل الجهات، لكن قوات الجيش تمنع هؤلاء من دخول هذا الميدان. والصورة نفسها في ميدان رابعة العدوية، حيث يحاصره أيضا المتظاهرون والثوريون والمحتجون، وهو ما يؤكد المعاني التي تحملها هذه الرمزية المهمة.
ويرى الجميع الآن، وبشكل فعلي محسوس، أن الثورة تحاصر الانقلاب. وأي عمل يتم من خلال خارطة الطريق التي رسمها الانقلاب، أو ما أسميه "قاطعة الطريق"، التي قطعت الطريق على مسار ديمقراطي حقيقي، هو أمر لا يمكن القبول بشرعيته، دعهم يقومون بصياغة دستور كما يريدون، ودعهم يدعون الناس إلى هذا الاستفتاء، فإن أكثر من يذهب للاستفتاء سيصوت بـ"لا"، ليس باعتباره نوعا من المشاركة وإنما هو إعلان رفض في مظاهرة إلى الصناديق.
هذه المسائل كلها تؤكد أن معنى الاعتراض على الانقلاب يتعلق بمصير ومستقبل مصر السياسي، بمعنى أن الطريق إلى مستقبل مصر هو الانتخابات وليس الانقلابات.
والقائلون بأن هذه المعركة ممتدة يعرفون أن الانقلاب لن يتخلى عما فعله بسهولة، وأن هذه تشكل محطة ثورية ضمن هذه الملحمة البطولية الممتدة، لكنهم يقولون إن هذا اليوم وغدا وبعد غد (الجمعة، السبت والأحد: 04ـ 05ـ 06/10) يشكل محطة نوعية تفصل في شيء مهم للغاية، وهو أن هذا الشعب يواصل ثورته منذ أكثر من 100 يوم و15 جمعة، وفي هذه الجمعة يؤكد أنه يحاصر هؤلاء الانقلابيين الذين يهددون باحتلال الميادين، فإذا بالثوار يتسابقون لدخولها رغم الحواجز والموانع، وهو ما يؤكد إفلاس الانقلاب، وأنه هو المحاصر وليس الثورة.
وهؤلاء السلميون الذي يتحركون من كل مكان ويثبتون للعالم أن القاهرة عاصمة الثورة، إنما يؤكدون بهذا الإنجاز أنهم قادرون على أن يصلوا إلى كل مكان وليس هناك من يمنعهم أو يقوى على منعهم، رغم قرار حظر الزمان والمكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق