الانقلاب يخسر داخلياً وخارجياً رغم أنفه.. كيف؟
ياسر الزعاترة
لم تكن وجبات الإعدام المثيرة للسخرية التي قدمها قضاء الانقلاب سوى الوجه الأكثر إثارة في مسيرة بؤس تتواصل منذ 3 يوليو الماضي، ولا يغير في حقيقتها كل ذلك الحديث الممل عن «خريطة الطريق نحو الديمقراطية» الذي يردده بعض أبواق الانقلاب ليل نهار.
من المؤكد أن الانقلابيين يجعلون حياة مؤيديهم صعبة إلى حد كبير عبر ممارساتهم الرعناء التي لا تتوقف. يحدث ذلك على الصعيد الداخلي والخارجي.
فخارجيا يضطر مؤيدو الانقلاب، وهم غالبية دولية لا يخرج عن إطارها سوى الاتحاد الإفريقي وتركيا (قطر عربيا)، إلى توجيه سيل من الانتقادات لنظام الانقلاب من أجل الحفاظ على ماء الوجه أمام الرأي العام في بلادهم، وأمام المجتمع الدولي، لاسيَّما أن بعض ممارساته لا يمكن الدفاع عنها بحال، وفي المقدمة أحكام الإعدام الجماعية.
الأميركان كانوا يتقدمون إلى الأمام في سياق دعمهم للانقلاب، واستئناف ما توقف من مساعدات، حيث أعلنوا عن استئناف جزء من المساعدة العسكرية، ومنح النظام 10 طائرات أباتشي، فيما تجاملهم لندن (تجامل مؤيديهم الخليجيين بتعبير أدق) بإعلان تحقيق في ملف جماعة الإخوان في بريطانيا، أما الاتحاد الأوروبي عموما فهو يتحرك عبر (آشتون) بشكل واضح لصالح الانقلاب، لكن ما جرى مؤخرا لم يكن بالإمكان الدفاع عنه، ما اضطر المتحدثين باسم الدول الأوروبية إلى شجبه، كما حصل مع أحكام الإعدام.
ثمة دول كبرى لا تبدو معنية بحقوق الإنسان، وهي أصلا ليست مؤهلة لذلك، كما هو حال الصين وروسيا، إذ تقف إلى جانب الانقلاب، ما يجعله يشعر بأن العالم كله معه.
يبقى أن هناك من لا يشعرون بالإحراج أبداً من أية ممارسة يقوم بها نظام الانقلاب، وفي المقدمة نتنياهو الذي كان الأكثر حماسة في ترويجه دوليا، وهو الذي أسهم في تغيير الموقف الأميركي،مع أن«كيري»، وربما أيضا مجاملة لإسرائيل كان يفعل ذات الشيء على أمل أن يجامله نتنياهو في ملف التسوية دون جدوى!!
الطرف الآخر الذي لا يشعر بالإحراج هو المتمثل في أنظمة الثورة المضادة عربيا، والتي لا يمكن أن توجه أي انتقاد لسلوكه، بل يقاتل بعضها دفاعا عنه في كل الأروقة الدولية، ثم يستخدم بعضها ثقله الاقتصادي أحيانا في ذات السياق، كما حصل مع التحقيق في ملف الإخوان في بريطانيا.
داخليا يبدو الأمر مشابها، فنحن إزاء نخب حسمت أمرها لصالح الانقلاب، وتملك من الوقاحة ما يحملها على الدفاع عن أية ممارسة يقوم بها أيا كانت، ولو تمثلت في إعدامات جماعية، فضلا عن تكميم الأفواه، وحتى لو كانت وقفا لأنشطة حركة كان لها دورها في ثورة يناير كما هو حال حركة 6 أبريل، إلى غير ذلك من الممارسات المتعلقة بمطاردة الإعلام، وبانتهاك الدستور، فيما يتصل بترتيب الانتخابات وإجراءاتها.
لكن نخبا أخرى ما لبثت أن شعرت بالحرج، بخاصة تلك التي تحرص على صورتها أمام الغرب، إلى جانب آخرين ربما أصيبوا بصحوة ضمير، ولم يجدوا بدا من الجهر، ولو بين حين وآخر بشيء من الاعتراضات على ما يجري من مطاردة لكل ما يمت إلى ثورة يناير بصلة، مع أن الأصل أن ما يعرف بثورة 30 يونيو إنما جاءت لاستكمال أهداف ثورة يناير.
لعل أهم ما يمكن قوله في هذا السياق هو أن ما يفعله نظام الانقلاب ليس مقصودا، فهو، بخاصة في هذه المرحلة التي يقوم خلالها بتثبيت نفسه؛ لا يبدو معنيا بفض الناس من حوله، لا داخليا ولا خارجيا، لكنه يفعل ذلك رغما عنه، حيث ينفلت العقال وسط حشد هستيري.
قد يبدو هذا الطرح غريبا بعض الشيء، لكنها الحقيقة التي تؤكدها تجارب الاجتماع السياسي، ذلك أن لا يمكن لأي نظام سياسي مهما كان، أن يقرر سحق أكبر قوة سياسية في البلاد من دون أن يعسكر المجتمع برمته، ويحوله إلى سجن كبير.
من المؤكد أن الانقلابيين يجعلون حياة مؤيديهم صعبة إلى حد كبير عبر ممارساتهم الرعناء التي لا تتوقف. يحدث ذلك على الصعيد الداخلي والخارجي.
فخارجيا يضطر مؤيدو الانقلاب، وهم غالبية دولية لا يخرج عن إطارها سوى الاتحاد الإفريقي وتركيا (قطر عربيا)، إلى توجيه سيل من الانتقادات لنظام الانقلاب من أجل الحفاظ على ماء الوجه أمام الرأي العام في بلادهم، وأمام المجتمع الدولي، لاسيَّما أن بعض ممارساته لا يمكن الدفاع عنها بحال، وفي المقدمة أحكام الإعدام الجماعية.
الأميركان كانوا يتقدمون إلى الأمام في سياق دعمهم للانقلاب، واستئناف ما توقف من مساعدات، حيث أعلنوا عن استئناف جزء من المساعدة العسكرية، ومنح النظام 10 طائرات أباتشي، فيما تجاملهم لندن (تجامل مؤيديهم الخليجيين بتعبير أدق) بإعلان تحقيق في ملف جماعة الإخوان في بريطانيا، أما الاتحاد الأوروبي عموما فهو يتحرك عبر (آشتون) بشكل واضح لصالح الانقلاب، لكن ما جرى مؤخرا لم يكن بالإمكان الدفاع عنه، ما اضطر المتحدثين باسم الدول الأوروبية إلى شجبه، كما حصل مع أحكام الإعدام.
ثمة دول كبرى لا تبدو معنية بحقوق الإنسان، وهي أصلا ليست مؤهلة لذلك، كما هو حال الصين وروسيا، إذ تقف إلى جانب الانقلاب، ما يجعله يشعر بأن العالم كله معه.
يبقى أن هناك من لا يشعرون بالإحراج أبداً من أية ممارسة يقوم بها نظام الانقلاب، وفي المقدمة نتنياهو الذي كان الأكثر حماسة في ترويجه دوليا، وهو الذي أسهم في تغيير الموقف الأميركي،مع أن«كيري»، وربما أيضا مجاملة لإسرائيل كان يفعل ذات الشيء على أمل أن يجامله نتنياهو في ملف التسوية دون جدوى!!
الطرف الآخر الذي لا يشعر بالإحراج هو المتمثل في أنظمة الثورة المضادة عربيا، والتي لا يمكن أن توجه أي انتقاد لسلوكه، بل يقاتل بعضها دفاعا عنه في كل الأروقة الدولية، ثم يستخدم بعضها ثقله الاقتصادي أحيانا في ذات السياق، كما حصل مع التحقيق في ملف الإخوان في بريطانيا.
داخليا يبدو الأمر مشابها، فنحن إزاء نخب حسمت أمرها لصالح الانقلاب، وتملك من الوقاحة ما يحملها على الدفاع عن أية ممارسة يقوم بها أيا كانت، ولو تمثلت في إعدامات جماعية، فضلا عن تكميم الأفواه، وحتى لو كانت وقفا لأنشطة حركة كان لها دورها في ثورة يناير كما هو حال حركة 6 أبريل، إلى غير ذلك من الممارسات المتعلقة بمطاردة الإعلام، وبانتهاك الدستور، فيما يتصل بترتيب الانتخابات وإجراءاتها.
لكن نخبا أخرى ما لبثت أن شعرت بالحرج، بخاصة تلك التي تحرص على صورتها أمام الغرب، إلى جانب آخرين ربما أصيبوا بصحوة ضمير، ولم يجدوا بدا من الجهر، ولو بين حين وآخر بشيء من الاعتراضات على ما يجري من مطاردة لكل ما يمت إلى ثورة يناير بصلة، مع أن الأصل أن ما يعرف بثورة 30 يونيو إنما جاءت لاستكمال أهداف ثورة يناير.
لعل أهم ما يمكن قوله في هذا السياق هو أن ما يفعله نظام الانقلاب ليس مقصودا، فهو، بخاصة في هذه المرحلة التي يقوم خلالها بتثبيت نفسه؛ لا يبدو معنيا بفض الناس من حوله، لا داخليا ولا خارجيا، لكنه يفعل ذلك رغما عنه، حيث ينفلت العقال وسط حشد هستيري.
قد يبدو هذا الطرح غريبا بعض الشيء، لكنها الحقيقة التي تؤكدها تجارب الاجتماع السياسي، ذلك أن لا يمكن لأي نظام سياسي مهما كان، أن يقرر سحق أكبر قوة سياسية في البلاد من دون أن يعسكر المجتمع برمته، ويحوله إلى سجن كبير.
وهذا بالضبط ما يحدث في مصر هذه الأيام، إذا أن المطلوب هو شيطنة وسحق أكبر قوة سياسية فازت في 5 جولات انتخابية هي الأكثر نزاهة وشفافية في تاريخ البلاد كله.
كل ذلك لا يعني أن الانقلاب يترنح كما يذهب البعض، فهو وإن كان يعيش ارتباكا على كل صعيد، إلا أن اختلال ميزان القوى الداخلي والخارجي لصالحه يجعله قابلا للبقاء لبعض الوقت، وبالطبع ريثما يشعر المجتمع بثقل وطأته، ويبدأ بالتجمع من جديد في ميدان النضال السلمي للتخلص منه.
كل ذلك لا يعني أن الانقلاب يترنح كما يذهب البعض، فهو وإن كان يعيش ارتباكا على كل صعيد، إلا أن اختلال ميزان القوى الداخلي والخارجي لصالحه يجعله قابلا للبقاء لبعض الوقت، وبالطبع ريثما يشعر المجتمع بثقل وطأته، ويبدأ بالتجمع من جديد في ميدان النضال السلمي للتخلص منه.
ما نحن متأكدون منه هو أن ذلك سيحدث، بصرف النظر عن التوقيت، لكن تاريخا يُكتب في مصر الآن، ولن يرحم أولئك الذين يصرون على السير في ركب الظلم والطغيان، بخاصة أولئك الذين يستخدمون الدين في السياق من أمثال حزب النور وحشد من مشايخ الانقلاب.
أما الإخوان ومؤيدوهم والقوى المتحالفة معهم، فهم يتقدمون ركب النضال، ولا يمكن للقمع مهما بلغ أن ينجح في اجتثاث قوىً متجذرة في ضمير شعبها دينيا واجتماعيا وسياسيا، ولديها ذلك الحشد من الرجال المخلصين، بل والنساء أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق