علاقة "غولن" بالأموال الإيرانية
إبراهيم قراغول
ليس بإمكاننا الوقوف على مدى صحة كلمات رجل الأعمال الإيراني رضا ضراب في المحكمة أو ما إذا كان قد تعرض لضغوط؛ إذ لسنا قادرين على تحليل تلك الاعترافات. فهو في نهاية المطاف تحالف مع واشنطن وبدأ يتحدث وفق التوجيه الأمريكي – الغولاني بعدما صار جزءا من حملة جديدة تستهدف تركيا. وأما المهمة الداخلية لهذه الحملة فتدار من خلال كمال كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري.
إن تلك المحكمة الأمريكية لا تختلف أبدا عن موجة استهداف تركيا يومي 17 – 25 ديسمبر 2013، فهم يفعلون الآن في أمريكا ما فشلوا في فعله في تركيا قبل 4 سنوات. إنها ليست قضية رشوة، بل دعوى تدخل سياسي مرتبطة بمحاولة الانقلاب الفاشلة التي نفذت صيف العام الماضي. إننا أمام مخطط "انقلاب اقتصادي"؛ إذ إنهم يسعون لوضع أساس حالة من قطع الطرق هدفها فرض الخراج على تركيا.
يجب على الذين يصفون هذه الأحداث بأنها قضية رشوة أن يعلموا أن لا يمكن بأي حال أن تكون قضية داخلية تركية موضوعا يطرح على محكمة أمريكية. فكما أن المحاكم التركية لا تنظر دعاوى أكبر بلدان الرشوة والفساد في العالم، فإنهم كذلك لا يمكنهم نظر أي دعوى داخلية تركية.
لكن من قرأ الأقوال المدلى بها سيلاحظ علاقة أخرى في قضية ضراب، ألا وهي:
مخطط تلهف غولن والسي آي ايه على الأموال الإيرانية
في الحقيقة فقد دخل تنظيم غولن الإرهابي في علاقات مالية مع إيران؛ إذ أقدم التنظيم وكذلك وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) في عمل سرا مع إيران التي تعرضت لأزمة عقب فرض حصار اقتصادي عليها. وقد نجحت إيران في كسب أموال طائلة بعدما تعاونت مع غولن والسي آي ايه من أجل ضخ أموال النفط الإيراني في النظام العالمي.
لا شك أن الجهات الأمنية والاستخباراتية في هذا البلد هي المسؤولة عن الكشف عن ملابسات هذه العملية وعلاقة تنظيم غولن الإرهابي بتلك الأموال.
ثمة علاقة بين قرار فرض حصار على إيران ومخطط تنظيم غولن للتهافت على الأموال الإيرانية؛ إذ جرى تنفيذ هذه المهمة كمشروع أمريكي. كما يجب التحقيق بشأن حجم الأعمال التي نفذها تنظيم غولن مع إيران خلال تلك الفترة والطرق والأشخاص التي استخدمها لتنفيذ هذا وحجم العمولات أو الرشاوى التي حصل عليها أعضاء التنظيم وكيف أديرت حركة الأموال والدور الذي لعبته دبي في هذه المهمة.
بدأت الهجمات عندما أغلق باب إيران بوجه غولن
ربما لاحظت إيران علاقة تنظيم غولن الخفية بجهاز السي آي ايه والمخطط المتستر وراء قرار الحصار، وعليه فقد أوقفت تلك العلاقة أو قطعتها بالكلية. ومنذ ذلك الحين أصبح تنظيم غولن عدوا لدودا لإيران، فأخذ ينشر الكتب المناوئة لطهران ويعقد ندوات "المتعة" ويعد ملف التحقيق بقضية "السلام والتوحيد" ويتبنى خطابا مهاجما لإيران.
لقد كانوا على وشك إعلان الحرب على إيران وسجن كل من يتاجر معها، وهكذا كان ملف 17 – 25 ديسمبر. لقد بدأت محاولة الانقلاب الاقتصادي حينها؛ إذ تحرك تنظيم غولن بغضب وحقد، بالتعاون مع الاستخبارات الأمريكية، من أجل إسقاط الحكومة التركية. لقد كانت القضية هي أموال فشل التنظيم في الحصول عليها.
واشنطن وغولن كانا أول من خرق الحظر المفروض على إيران
لقد تعاون تنظيم غولن سرا مع إيران ليخرق الحظر المفروض عليها مع أسياده من الأمريكان، وعندما أغلق هذا الباب أمامه أعلن الحرب ضد إيران والحكومة التركية. لقد تركزت القضية على أموال النفط الإيراني، ولم يكن لها علاقة بمزاعم الفساد.
في رأيي هناك علاقة بين حملة غولن في تلك الفترة وبين مجموعة دوغان التي بدأت تستهدف تركيا هذه الأيام من خلال قضية ضراب. ومن ينظر إلى ما نشرته جريدة حريّت حينها وما تنشره اليوم سيرى أن موجة الغضب نفسه، غضب غولن، لا تزال مستمرة على صفحات الجريدة.
صحفيون طلبوا رشوة من ضراب
أذكركم مرة ثانية: كم عدد أعضاء تنظيم غولن الإرهابي الذين حصلوا على أموال أو عمولات من العمل مع إيران في تلك الفترة؟ وما حجم الأموال التي ربحها التنظيم من التعاون مع طهران؟
أريد إطلاعكم على شيء أذكره من تلك الفترة: النقاش حول مطالبة صحفيين مبلغ مليون دولار من ضراب. كان الصحفيان آدم ياوز أرسلان وكامل مامان، من كوادر صحيفة بوغون، هما من طلبا هذا المال من ضراب. (وكلاهما هرب إلى الولايات المتحدة). وأما جريدة يني شفق فقد أجرت حوارا مع ضراب. (لقد نشرنا التسجيلات الصوتية الخاصة بهذا الحوار) وقد بدأ تنظيم غولن بإفشاء شائعات تفيد بأن جريدة يني شفق طلبت رشوة، بيد أنهم هم من طلبوها. وهم يحاولون إخفاء بعض الأمور.
أمر النشر صدر من أكرم دومانلي ليبدأ الصراع
لم يكتف أكرم دومانلي بهذا الخبر، بل أصدر تعليمات بنشره مرة ثانية كخبر رئيس بجريدة حريّت. وعندما علمت ذلك اتصلت برئيس تحرير حريّت أنيس بربر أوغلو وقلت له "لا تفعلوا هذا، إنه أمر خاطئ، فهم من طلبوا الرشوة. والآن يهاجموننا من على صفحات جريدتكم، فلا تسمحوا لهم باستغلال جريدتكم في هذه الأمور الخبيثة، ولو فعلتهم فستكونون قد بدأتم صراعا كبيرا".
فكان جوابه "نثق بأن ما نفعله شيء صحيح"، فأجبته "لقد تلقيتم تعليمات فعل هذا من أكرم دومانلي"، وحذرته مرة أخرى من فعل هذا.
لكنهم فعلوها.. أرسل لها بعدها بربر أوغلو الصفحة الأولى من الجريدة حتى قبل طباعة الطبعة الأولى. لقد نفذوا تعليمات دومانلي بحذافيرها، فكررت رد فعلي الغاضب. ولقد خففوا من حدة التصريحات في الطبعة الليلية.
ما علاقة خبر حريّت بالأموال الإيرانية؟
فكروا معي، يقدم دومانلي على إصدار تعليمات بنشر أخبار بعينها في جريدة حريّت التي استغلوها هي الأخرى كجبهة هجومية في تنفيذ مخططات تنظيم غولن للانقلاب الاقتصادي.
أدركت ذلك اليوم كيف استغل غولن جريدة حريّت، لكني لا أعلم ما إذا كان هناك بُعد مادي أو علاقة تعاون مع إيران بالنسبة للشراكة بين مجموعة حريّت وتنظيم غولن. غير أن هذا السؤال لا يزال يتردد في ذهني بشكل أقوى.
هل يمكن أن تكون عودة مجموعة دوغان إلى "إعدادات المصنع" ومواصلتها للنشر بالطريقة ذاتها من خلال جريدة حريّت، تحدث بنية الانتقام لما حدث في الماضي؟ أم تكون المجموعة تتخذ لنفسها موقعا جديدة في محاولة الانقلاب الاقتصادي التي بدأ تنفيذها في نيويورك؟ يجب أن يكون من يجيب عن هذا السؤال هم من كشفوا عن تقارب "مثير" مع مجموعة دوغان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة صيف العام الماضي.
مجموعة دوغان وكيليتشدار أوغلو
يعتبر زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو هو العنصر الداخلي للعملية ذاتها، فالدور الذي يلعبه الرجل مع مجموعة دوغان والمهمة الكلفان بها في المحور المضاد لتركيا يحتاجان إلى التوضيح بشكل كبير.
ليس لأحد علاقة بأي قضية من رشوة أو فساد. لقد تنافسوا فيما بينهم لاستيعاب غضب غولن على الأموال التي فشل في حصدها. فجميعهم يلهثون وراء تنفيذ مخطط الضغط على تركيا في عملية مشتركة بين السي آي ايه وتنظيم غولن؛ إذ إنهم يقفون في المكان نفسه الذي وقفوا فيه دوما عند حدوث أي تدخل أجنبي.
الحصار الأمريكي لا يهمنا.. لقد أصابت تركيا في موقفها
لا يهمنا قرار الحصار الأمريكي ضد إيران؛ إذ يتعلق القرار بشركاتهم ومواطنيهم، ذلك أننا لسنا أمام قرار حظر صادر عن الأمم المتحدة. لقد أصابت تركيا في موقفها، وعليها مواصلة هذا. لا نهتم أبدا بالدعوى المنظورة في نيويورك في حين تحاول أمريكا استهداف تركيا مرة من الداخل من خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، ومرات من الخارج عبر سوريا والتنظيمات الإرهابية.
لقد نصبوا المسرح وبدأوا تمثيل المسرحية. عناصر الجبهة أنفسهم، الولايات المتحدة وتنظيم غولن وحزب الشعب الجمهوري ومجموعة دوغان. لكنهم لن يستطيعوا فعل شيء، لأن الماضي قد ولى.
نحن من ستكون لنا الكلمة العليا، نحن من سيعد ملفات دعاوى إرهاب ماكغروك وجرائم حربه، دور الأوساط العسكرية والاستخبارات والبعثات الدبلوماسية الأمريكية في الهجمات الإرهابية داخل تركيا، والمزيد من ملفات الجرائم ضد الإنسانية الأخرى. وأسوأ ما في الأمر أن كيليتشدار أوغلو، الذي استغلوه للوصول إلى مآربهم، سيبقى بلا حليف أو مدافع.
أعتقد أن من يتابع هذا الأمر بدقة سيرى بوضوح مخططات تنظيم غولن والسي آي ايه لنهب الأموال الإيرانية، ومحاولاتهما للانتقام من تركيا بعدما فشلا في الحصول على تلك الأموال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق