قرار ترامب... لا تحسبوه شرّاً بل هو خير
من القدس، انطلقت الانتفاضة الفلسطينية ومن أجل القدس ستستمر.. ومن القدس انكشف المستور وسقطت الأقنعة وعرفنا المخلص للقضية الفلسطينية وعرفنا المتاجر ومن يعيش اليوم في أحضان الصهاينة.
ظن ترامب، في لحظة نشوة وانتصار لمشروعه اللوبي الصهيوني، أنه حان أوان تقديم الهدايا للكيان الغاصب وفرضه كأمر واقع ما دام واقع الشرق الأوسط مؤلماً، وكل لديه فلسطينه وقضيته، وكل يغني على ليلاه.. ليُفاجَأ بانتفاضة فلسطينية من جاكرتا إلى الرباط.
الرسالة وصلت.. فلسطين وقدسها خط أحمر، والقضية الفلسطينية لا تزال قادرة على توحيد الأمة، ولا تزال الأيقونة التي تشعل الضمائر الحية، والصراع العربي الإسرائيلي مستمر ولن ينهيه موقف قيادات عربية، فهي لا تملك مثله تماماً حتى تعطي من لا يستحق..
لديهم وعد بلفور ووعد ترامب ولدينا وعد الله ووعد شباب الحجارة والمقاومة، هكذا ردت الشعوب العربية والإسلامية على الرئيس الغني المجنون والعابث بكل شيء والذي لا يحسب حساب ما يغرد به ولا ما يفعل..
لقد أعاد ترامب عن غير قصد القضية الفلسطينية لتتصدر الواجهة والقضايا في عالم عربي ومسلم مكلوم أبكته بغداد وأحزنته دمشق وأحرجته صنعاء كثيراً، ولكن تبقى القدس أيقونته ومحركته في صراع أزلي لم ينته ولن ينته حتى يعود الحق لأصحابه، فلا يموت حق وهنالك به مطالب.
قرار ترامب كان صادماً ومحزناً لكثير، ولكن الخير الذي نحسبه شراً لقد كشف المستور وفضح من يتغطى بلباس الدين والقضية وهي منه براء، لقد أصبح ترامب ومن ورائه طرفاً في الصراع وخصماً مباشراً بعدما ظل لعقود من الزمن في ثوب غير ثيابه..
الولايات المتحدة كانت طوال عقود راعية للسلام رغم أنها أقرب لإسرائيل وغالباً ما حمت قادة الكيان الغاصب من المقاضاة والمحاكمة تحت ذريعة حق الفيتو الذي تملكه واليوم فقط سيعلم الجميع أن واشنطن لا تصلح لمهمة السلام ويدها ملطخة بدماء الفلسطيني بحكم الدعم السياسي والعسكري لنتيناهو وجماعته.
لقد عرى ترامب بعض القادة العرب الذين باركوا خطوته وبعض العلماء الذين تجنبوا الأقصى في خطبهم خوفاً من السلطان وبطشه وخوفاً على مناصبهم فانكشفت حقيقتهم أمام الجميع..
ففي يوم القدس تبيض وجوه وتسود وجوه ولا عذر للمتخلفين عن الصف وقد وضع ترامب، سدد الله خطاه، على رأي "السديس"، الأمة في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني. لقد ظهر الإسلام الوهابي في ثوب جديد مخجل جداً ولا يليق بشيوخ لهم في قلوب الملايين محبة.. أليس بر الأمة وقضاياها أولى من بر الملك والسلطان؟
لقد كان خطاب ترامب خيراً، وحسبه شراً، فظهر الرجل المتهور متباهياً بتوقيعه يفاخر به أمام العالم وكان لزاماً على الأمة أن ترد وأولها ساسة فلسطين، فالجميع مجمع على ضرورة الإسراع بالمصالحة الفلسطينية وتوحيد الصف المقاوم في وجه ترامب ومن يقف وراءه.
الشعب الفلسطيني رمز من رموز الصمود والتضحية والنضال ولن يخيفهم بلفور الجديد ولا غيره. وشعوب الأمة من وراء ذلك ستهتف باسم فلسطين ومقاومتها وستدعمها بكل ما أوتيت من قوة حتى يتراجع ترامب ويعتذر..
ولن يقف الأمر عند ذلك.. بل إن الصراع العربي الإسرائيلي دخل مرحلة جديدة وهي مرحلة الفصل، وهي مرحلة لا بد من أن ترحل فيها إسرائيل عن الوجود ويعود الحق لأصحابه.
لقد كان ترامب مخطئاً في حساباته على الأقل من ناحية قراءة الواقع حين ظن أو نقل إليه أن القضية الفلسطينية لم تعد لها الأولوية في الشارع العربي والإسلامي، فكانت جمعة الغضب خير رد.. ولو واصل جنونه فسيخرج الوضع على السيطرة وستتحول المنطقة إلى نار ستأكل الجميع بمن فيهم حليفه نتنياهو وبعض من المباركين من المتصهينين العرب.
من يبلغ ترامب أنها القضية التي لا تنهيها الدماء والمجازر ولا يقتلها اعتراف ولا توقيع.. إنها فلسطين أرض الشهداء باقية وسوف تبقى القدس عاصمتها الأبدية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق