ثورة عربية أم اندثار وذلة (3 من 3)
إبراهيم يسري
لا ينبغي الاستهانة بدلالات الربيع العربي الذي يقال أنه راح وانتهي، فقد كان تعبيرا ورسالة من شعبنا العربي، من الخليح إلى المحيط، إلى حكامه وأعدائه؛ برفض التخلف عن بلاد العالم في كل المجالات، واستنكار القمع الوحشي والظالم الذي يقوم به الحكام العرب لشعوبهم؛ حماية لكراسيهم وطاعة لمن نصبهم، أو دعمهم من القوي الأجنبية التي تحرص على استبقاء وتزايد مقومات التخلف للشعوب العربية (والإسلامية).. والأهم من ذلك كله حرص القوى الغربية على نهب أموال شعبنا.. من ثرواته الطبيعية التي خصه الله بها؛ إعزازا له ولدينه ولصالح البشرية جمعاء.
والإسلام ليس حائلا ضد حكم الشعب نفسه بنفسه واختيار ولاته، بل تجلت فيه أولى خفقات الديمقراطية بمعناها الراسخ اليوم. ودعونا نلاحظ خصيصة الفكر السياسي عند العرب في صدر الإسلام، فقد امتنع الرسول صل الله عليه وسلم عن تعيين خليفة له، لرساء نظام الاختيار والانتخاب وسيلة لتنصيب الحكام. وعليه، فقد اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة، وتمت مبايعة أبي بكر خليفة للمسلمين، وهو منصب تغلب عليه السياسة أكثر من الدين، وقال أبو بكر - ما معناه- وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أصلحت فأعينوني، وإن أخطات فقوّموني. وقام رجل ليقول والله إن اخطات لقومناك بسيوفنا.
ولم يستوعب الفكر الأعرابي القبلي الوراثي هذا الأمر، فراحوا ينادون بالتوارث، بصرف النظر عن الرجوع للناس، وكان معنى ذلك في المجتمع القبلي؛ أهل الحل والعقد.
وهنا يكمن أخطر خلاف بين المسلمين؛ في أن اعتقدوا بأن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أولى بالخلافة لأنه قريب للرسول، وذهب البعض إلى أن الرسول قد أوصى بالخلافة لعلي؛ مستندين إلى حديث الغدير وحديث الخلفاء الإثني عشر. وهكذا وضعت الخطوط الأولى لخلاف تاريخي بين أكبر طائفتين إسلاميتين: أهل السنة والجماعة والطائفة الشيعية.
واستفحل الخلاف حول من لديه العصمة: الأنبياء أم الائمة؟ هل كل الصحابة عدول أم أن بينهم المنافق والفاسق؟.. ومضت الخلافات تستعر بين المسلمين، لدرجة اغتيال ثلاثة منهم (عمر وعثمان وعلي)، والنزاع بين علي ومعاوية.. إلى آخر الخلافات المتصاعدة والمتجددة التي مست السيدة عائشة، ولمن يكون التوسل، ومن هو المهدي المنتظر، ومدى مشروعية زواج المتعة، ووضع اليدين علي الجانبين أم على صدر المصلي، والسجود على الرقعة الحسينية.. إلى آخر هذه التفاصيل الجانبية التي لا تمس جوهر الإسلام كدين والتي توارثتها الأجيال.
وقد نما هذا الخلاف وترعرع عبر القرون إلى يومنا هذا، وراح ضحيته مئات الألوف من المسلمين، سنة وشيعة، وهو أمر لا يستسيغه عقل ولا يقبله منطق.
وقد قام العديد من العلماء بمحاولة إقامة تقريب بين المذاهب، بدأها محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وتبلورت بتأسيس جمعية التقريب بين المذاهب. وشجع العديد من علماء السنة هذا الاتجاه، مثل محمود شلتوت، وأصدر الأزهر فتواه الشهيرة بصحة التعبد بالمذهب الإباضي والشيعي الإثنا عشري والزيدي، وخصص الأزهر رواقا للشيعة، ونشأت فيه جماعة التقريب بين المذاهب.
ويبدو لي أن العامل الرئيسي في هذا الخلاف الكارثي يرجع إلى استعارة وإرساء معنى الكهانة والحق الإلهي للملوك من العالم المسيحي، وهو بعيد عن الإسلام بقرآنه وسنته؛ كل البعد. فقد استفحلت الكهانة في الجانب الشيعي، بينما بقيت علي استحياء في الجانب السني.
وفي العصر الحاضر، أججت جماعة الشيعة في إيران الخلاف بين السنة والشيعة؛ لتحقيق هدف سياسي وليس انطلاقا من أصول العقيدة. فهدفت الدولة الإيرانية إلى بسط نفوذها في المنطقة العربية والخروج من حدود إيران. كما أخذت المواجهة بين السنة والشيعة تتراوح بين صراع فكري، يتمثل في محاولة استقطاب الفريقين لأكبر كم من الأتباع من الفريق الآخر، إلى الصراع السياسي والمواجهات المسلحة. وسبب هذا الصراع رغبة كل جماعة فرض سيطرة مذهبها في أوسع نطاق ممكن.
الطائفية لعبة خطرة..
فقد مزقت الطائفية المسلمين وأضعفتهم، ونشرت بينهم العداء والصدام، على الرغم من سماحة الإسلام وتشجيعه للمسلمين على الاجتهاد في الرأي والتفسير، وهو ما تجلى في مصر؛ التي نشأت فيها دولة فاطمية، ولكنها زاوجت بين اجتهادات الشيعة والسنة، واحترمت الشيعي كمذهب إسلامي، وكان في الأزهر رواق خاص به.
ومع الأسف، امتد هذا الخلاف بين المسلمين في دول عديدة في آسيا وأفريقيا، وهو الأمر الذي شجعته ودعمته ورحبت به الدول الاستعمارية في عدة قرون سابقة، وتواصل ذلك في وقتنا الحالي، بهدف إضعاف المسلمين وتوقي خطرهم عليها.
ونعود هنا للموقف الراهن في بلاد العرب، فقد اغتيلت أنظمتهم، وشردت شعوبهم، من اليمن إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى مصر إلى تونس، ولا تنجو دول المغرب العربي من مصير مماثل؛ نتيجة لوحدة السبب، وهو قهر وقمع الحكام، دون اعتبار لشعوبهم، وخضوعهم بطريقة أو بأخرى للدعم الخارجي من الغرب. ومن الطبيعي أن هذه المعتقدات والخلافات كفيلة في هذه المرحلة بإذلال واندثار، إن لم يكن انتحارا، للأمة العربية والإسلامية، التي يعتبرونها - بصريح العبارة من كبار المسؤولين الغربيين - سرطانا خبيثا يهدد وجودهم، ويعدون لنا إسلاما مواتيا لمصالحهم، وبعيدا عن معتقداتنا. ومن هنا، ينبغي التعقل والتصرف بمعايير سياسية دون أحقاد طائفية.
وأتصور أن قوى الثورة، التي عبّر عنها الربيع العربي الكامنة جمراته تحت الرماد، تستوجب على العرب والمسلمين تطويع حكامها أو تنحيتهم حتى تتم مواجهة هذه القوى العاتية التي تسعى لدمارنا. ومن الصعب التنبؤ بمجريات ونتائج الثورة العربية الإسلامية المرتقبة، ولكن يمكن استشراف مساراتها في العقود القادمة:
• تناول الصراع بآليات وأفكار سياسية بعيدة عن التوسع باستخدام الطائفية. ولعلنا هنا نسترجع حكمة قديمة تقول إن عدو عدوي صديقي، ونستعيد العقيدة الغربية التي عبر عنها دزرائيلي، رئيس وزراء بريطاني في أوائل القرن الماضي، بأنه ليس لبريطانيا أصدقاء أو أعداء دائمين، ولكن لها مصالح دائمة، وهي الآن قاعدة استراتيجية عاملة في العلاقات الدولية. ومعنى ذلك؛ إنهاء القطيعة مع إيران، وتكثيف الاتصالات معها، والتوصل لإقناعها بأنه يمكنها تحقيق مكاسب لها بالحوار مع الدول العربية. كما يؤدي تعزيز العلاقات معها إلى الإقلال من احتمالات أعمال عسكرية ضدها من أمريكا وإسرائيل، وذلك أيضا من خلال حوار سياسي مكثف مع الدول الغربية؛ يقلل من شعورها بالخطر من التعاون العربي الإيراني.
• الاهتمام باستعادة التوازن الذي كان قائما بالمشرق العربي، بوجود إيران وتركيا والعراق (بدعم مصري)، إذا تخلى عن طائفية الحكم فيه؛ مستندا إلى الدور المحوري لدول الخليج الذي يمكن وضعه في صيغة تعاون استراتيجي.
• من المهم أن نتطلع إلى دور هام للسعودية في هذا الاتجاه، ولكننا أيضا يجب أن نضع في الاعتبار المصاعب التي تعوق وتقلل من فاعلية السعودية؛ بفكرها الذي ما زال متأثرا بالاتجاهات البدوية، ولا يبدو انها ستستمر في عالم جديد، كما أنها معرضة للانقسام، ويجب إنهاء تسميتها باسم الأسرة الحاكمة، فهي ظاهرة فريدة لا مكان لها في عالمنا. فقد كانت منذ الأربعينيات من القرن الماضي؛ هي أول الدول تحالفا، بل وتآمرا مع أمريكا، كما أرساها الملك عبد العزيز مع روزفلت في لقائهما الشهير على ظهر سفينة أمريكية كانت تعبر قناة السويس. وهي تنكر على مصر أن يكون لها دور ريادي، رغم حاجتها للأموال التي تضن بها دول الخليج عليها.
• يساعد على ذلك إيجاد السبل الكفيلة بإقناع حكامنا بوضع حد لتبديد ثروة شعبنا، وخاصة في بعض دول الخليج لصالح حكامه، وأن تنتهي سياسة التناول السياسي بإغراء المليارات التي تمنح للدول الغربية.
• ومما يسهل تحقيق هذه السياسة أن نستشعر بحاجة ماسة لتغيير الخطاب الديني الإسلامي؛ بما يقلل من مظاهر الكهانة فيه ويحفظ معانيه ومبادئه، حتى نسير في تطور مواكب للتطور الإنساني، وليس معاديا له.
الموضوع خطير تكتنفه صعوبات كبيرة، ولكن فلنعتبر هذه المقالات الثلاث دعوة لمفكرينا ومنظرينا، وهم كثر، بأن يسهموا في رسم طريق ثورة القرن أو وسائل استنهاضه في العقود القادمة، فلا يمكن قبول استمرار انكسارهم الذي راوح المئة عام.. فهم قادرون بإمكانياتهم ونضال شعبنا العربي والإسلامي، والأهم من ذلك كله، بكسر القيود التي تكبل إرادة الشعوب العربية في التغيير.
والإسلام ليس حائلا ضد حكم الشعب نفسه بنفسه واختيار ولاته، بل تجلت فيه أولى خفقات الديمقراطية بمعناها الراسخ اليوم. ودعونا نلاحظ خصيصة الفكر السياسي عند العرب في صدر الإسلام، فقد امتنع الرسول صل الله عليه وسلم عن تعيين خليفة له، لرساء نظام الاختيار والانتخاب وسيلة لتنصيب الحكام. وعليه، فقد اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة، وتمت مبايعة أبي بكر خليفة للمسلمين، وهو منصب تغلب عليه السياسة أكثر من الدين، وقال أبو بكر - ما معناه- وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أصلحت فأعينوني، وإن أخطات فقوّموني. وقام رجل ليقول والله إن اخطات لقومناك بسيوفنا.
ولم يستوعب الفكر الأعرابي القبلي الوراثي هذا الأمر، فراحوا ينادون بالتوارث، بصرف النظر عن الرجوع للناس، وكان معنى ذلك في المجتمع القبلي؛ أهل الحل والعقد.
وهنا يكمن أخطر خلاف بين المسلمين؛ في أن اعتقدوا بأن علي بن ابي طالب رضي الله عنه أولى بالخلافة لأنه قريب للرسول، وذهب البعض إلى أن الرسول قد أوصى بالخلافة لعلي؛ مستندين إلى حديث الغدير وحديث الخلفاء الإثني عشر. وهكذا وضعت الخطوط الأولى لخلاف تاريخي بين أكبر طائفتين إسلاميتين: أهل السنة والجماعة والطائفة الشيعية.
واستفحل الخلاف حول من لديه العصمة: الأنبياء أم الائمة؟ هل كل الصحابة عدول أم أن بينهم المنافق والفاسق؟.. ومضت الخلافات تستعر بين المسلمين، لدرجة اغتيال ثلاثة منهم (عمر وعثمان وعلي)، والنزاع بين علي ومعاوية.. إلى آخر الخلافات المتصاعدة والمتجددة التي مست السيدة عائشة، ولمن يكون التوسل، ومن هو المهدي المنتظر، ومدى مشروعية زواج المتعة، ووضع اليدين علي الجانبين أم على صدر المصلي، والسجود على الرقعة الحسينية.. إلى آخر هذه التفاصيل الجانبية التي لا تمس جوهر الإسلام كدين والتي توارثتها الأجيال.
وقد نما هذا الخلاف وترعرع عبر القرون إلى يومنا هذا، وراح ضحيته مئات الألوف من المسلمين، سنة وشيعة، وهو أمر لا يستسيغه عقل ولا يقبله منطق.
وقد قام العديد من العلماء بمحاولة إقامة تقريب بين المذاهب، بدأها محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، وتبلورت بتأسيس جمعية التقريب بين المذاهب. وشجع العديد من علماء السنة هذا الاتجاه، مثل محمود شلتوت، وأصدر الأزهر فتواه الشهيرة بصحة التعبد بالمذهب الإباضي والشيعي الإثنا عشري والزيدي، وخصص الأزهر رواقا للشيعة، ونشأت فيه جماعة التقريب بين المذاهب.
ويبدو لي أن العامل الرئيسي في هذا الخلاف الكارثي يرجع إلى استعارة وإرساء معنى الكهانة والحق الإلهي للملوك من العالم المسيحي، وهو بعيد عن الإسلام بقرآنه وسنته؛ كل البعد. فقد استفحلت الكهانة في الجانب الشيعي، بينما بقيت علي استحياء في الجانب السني.
وفي العصر الحاضر، أججت جماعة الشيعة في إيران الخلاف بين السنة والشيعة؛ لتحقيق هدف سياسي وليس انطلاقا من أصول العقيدة. فهدفت الدولة الإيرانية إلى بسط نفوذها في المنطقة العربية والخروج من حدود إيران. كما أخذت المواجهة بين السنة والشيعة تتراوح بين صراع فكري، يتمثل في محاولة استقطاب الفريقين لأكبر كم من الأتباع من الفريق الآخر، إلى الصراع السياسي والمواجهات المسلحة. وسبب هذا الصراع رغبة كل جماعة فرض سيطرة مذهبها في أوسع نطاق ممكن.
الطائفية لعبة خطرة..
فقد مزقت الطائفية المسلمين وأضعفتهم، ونشرت بينهم العداء والصدام، على الرغم من سماحة الإسلام وتشجيعه للمسلمين على الاجتهاد في الرأي والتفسير، وهو ما تجلى في مصر؛ التي نشأت فيها دولة فاطمية، ولكنها زاوجت بين اجتهادات الشيعة والسنة، واحترمت الشيعي كمذهب إسلامي، وكان في الأزهر رواق خاص به.
ومع الأسف، امتد هذا الخلاف بين المسلمين في دول عديدة في آسيا وأفريقيا، وهو الأمر الذي شجعته ودعمته ورحبت به الدول الاستعمارية في عدة قرون سابقة، وتواصل ذلك في وقتنا الحالي، بهدف إضعاف المسلمين وتوقي خطرهم عليها.
ونعود هنا للموقف الراهن في بلاد العرب، فقد اغتيلت أنظمتهم، وشردت شعوبهم، من اليمن إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى مصر إلى تونس، ولا تنجو دول المغرب العربي من مصير مماثل؛ نتيجة لوحدة السبب، وهو قهر وقمع الحكام، دون اعتبار لشعوبهم، وخضوعهم بطريقة أو بأخرى للدعم الخارجي من الغرب. ومن الطبيعي أن هذه المعتقدات والخلافات كفيلة في هذه المرحلة بإذلال واندثار، إن لم يكن انتحارا، للأمة العربية والإسلامية، التي يعتبرونها - بصريح العبارة من كبار المسؤولين الغربيين - سرطانا خبيثا يهدد وجودهم، ويعدون لنا إسلاما مواتيا لمصالحهم، وبعيدا عن معتقداتنا. ومن هنا، ينبغي التعقل والتصرف بمعايير سياسية دون أحقاد طائفية.
وأتصور أن قوى الثورة، التي عبّر عنها الربيع العربي الكامنة جمراته تحت الرماد، تستوجب على العرب والمسلمين تطويع حكامها أو تنحيتهم حتى تتم مواجهة هذه القوى العاتية التي تسعى لدمارنا. ومن الصعب التنبؤ بمجريات ونتائج الثورة العربية الإسلامية المرتقبة، ولكن يمكن استشراف مساراتها في العقود القادمة:
• تناول الصراع بآليات وأفكار سياسية بعيدة عن التوسع باستخدام الطائفية. ولعلنا هنا نسترجع حكمة قديمة تقول إن عدو عدوي صديقي، ونستعيد العقيدة الغربية التي عبر عنها دزرائيلي، رئيس وزراء بريطاني في أوائل القرن الماضي، بأنه ليس لبريطانيا أصدقاء أو أعداء دائمين، ولكن لها مصالح دائمة، وهي الآن قاعدة استراتيجية عاملة في العلاقات الدولية. ومعنى ذلك؛ إنهاء القطيعة مع إيران، وتكثيف الاتصالات معها، والتوصل لإقناعها بأنه يمكنها تحقيق مكاسب لها بالحوار مع الدول العربية. كما يؤدي تعزيز العلاقات معها إلى الإقلال من احتمالات أعمال عسكرية ضدها من أمريكا وإسرائيل، وذلك أيضا من خلال حوار سياسي مكثف مع الدول الغربية؛ يقلل من شعورها بالخطر من التعاون العربي الإيراني.
• الاهتمام باستعادة التوازن الذي كان قائما بالمشرق العربي، بوجود إيران وتركيا والعراق (بدعم مصري)، إذا تخلى عن طائفية الحكم فيه؛ مستندا إلى الدور المحوري لدول الخليج الذي يمكن وضعه في صيغة تعاون استراتيجي.
• من المهم أن نتطلع إلى دور هام للسعودية في هذا الاتجاه، ولكننا أيضا يجب أن نضع في الاعتبار المصاعب التي تعوق وتقلل من فاعلية السعودية؛ بفكرها الذي ما زال متأثرا بالاتجاهات البدوية، ولا يبدو انها ستستمر في عالم جديد، كما أنها معرضة للانقسام، ويجب إنهاء تسميتها باسم الأسرة الحاكمة، فهي ظاهرة فريدة لا مكان لها في عالمنا. فقد كانت منذ الأربعينيات من القرن الماضي؛ هي أول الدول تحالفا، بل وتآمرا مع أمريكا، كما أرساها الملك عبد العزيز مع روزفلت في لقائهما الشهير على ظهر سفينة أمريكية كانت تعبر قناة السويس. وهي تنكر على مصر أن يكون لها دور ريادي، رغم حاجتها للأموال التي تضن بها دول الخليج عليها.
• يساعد على ذلك إيجاد السبل الكفيلة بإقناع حكامنا بوضع حد لتبديد ثروة شعبنا، وخاصة في بعض دول الخليج لصالح حكامه، وأن تنتهي سياسة التناول السياسي بإغراء المليارات التي تمنح للدول الغربية.
• ومما يسهل تحقيق هذه السياسة أن نستشعر بحاجة ماسة لتغيير الخطاب الديني الإسلامي؛ بما يقلل من مظاهر الكهانة فيه ويحفظ معانيه ومبادئه، حتى نسير في تطور مواكب للتطور الإنساني، وليس معاديا له.
الموضوع خطير تكتنفه صعوبات كبيرة، ولكن فلنعتبر هذه المقالات الثلاث دعوة لمفكرينا ومنظرينا، وهم كثر، بأن يسهموا في رسم طريق ثورة القرن أو وسائل استنهاضه في العقود القادمة، فلا يمكن قبول استمرار انكسارهم الذي راوح المئة عام.. فهم قادرون بإمكانياتهم ونضال شعبنا العربي والإسلامي، والأهم من ذلك كله، بكسر القيود التي تكبل إرادة الشعوب العربية في التغيير.
اقرأ أيضا: ثورة عربية ثانية أم اندثار عربي مهين (2)
اقرأ أيضا: العرب.. ثورة القرن أم صفقة القرن؟ (1)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق