الأحد، 26 نوفمبر 2023

العرب صرعى بين مطرقة ملالي طهران وسندان الغرب

 العرب صرعى بين مطرقة ملالي طهران وسندان الغرب

لطالما كانت المنطقة العربية ساحةً للصراعات بين القوى العظمى، فمنذ العصور القديمة كانت المنطقة محل أطماع الإمبراطوريات المختلفة، واليوم لا تزال المنطقة تعاني من هذا الوضع حيث تقف إيران من جهة والغرب من جهة أخرى في حالة تصارع على النفوذ في المنطقة، ونتيجة لذلك وجدت الدول العربية نفسها واقعة بين مطرقة ملالي طهران وسندان الغرب والتناغم الحاصل بين المطرقة والسندان.

ملالي طهران

تسعى إيران منذ عقود إلى نشر نفوذها في المنطقة العربية وتستخدم في ذلك مجموعة من الأدوات من بينها الدعم المالي والعسكري للجماعات المتطرفة، ونشر الأفكار المتشددة وإنشاء ميليشيات موالية لها في مختلف الدول العربية.

ولعل أبرز الأمثلة على تدخل إيران في المنطقة دعمها لجماعة الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحركة حماس في فلسطين، وحركة النجباء في العراق، كما تسعى إيران إلى السيطرة على الممرات المائية الحيوية في المنطقة مثل مضيق هرمز ومضيق باب المندب.

الغرب

من جانبها تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى فرض نفوذها في المنطقة والحفاظ عليه، ومنع إيران من الهيمنة الكلية عليها،وتستخدم الولايات المتحدة في ذلك مجموعة من الأدوات من بينها العقوبات الاقتصادية، والضغوط السياسية، والتدخل العسكري المباشر.

كان أبرز الأمثلة على تدخل الغرب في المنطقة: 

الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، والغارة الإسرائيلية على سوريا في عام 2013، وهنا يبدو أن الوضع في المنطقة العربية سيظل وضعاً صعباً في المستقبل المنظور حيث ستستمر إيران في سعيها إلى نشر نفوذها، وكذلك يستمر الغرب في الحفاظ على نفوذه، ولكي تتمكن الدول العربية من حماية نفسها من النفوذ الإيراني والغرب عليها أن توحد صفوفها وتتعاون فيما بينها، وتسعى إلى بناء اقتصاد قوي، وجيش قوي، ومؤسسات قوية.

إن تصريح بعض القوى الغربية بأنه إن لم تكن هناك إسرائيل لاخترعناها.. وأوجدناها بالمنطقة.. بمعنى أن لإسرائيل أهمية كبرى في وجودها بالمنطقة، وتلك ليست تصريحات بل هي اعترافات صريحة ومباشرة وتقطع الطريق أمام التخمين والتحليل والتأكيد والنفي، ولا تفسير لتلك التصريحات سوى حاجة الغرب إلى قاعدة في قلب المنطقة وتوفرت العديد من القواعد بالإضافة إلى قواعد إسرائيل التي يمكن وضع فيها ما لا يمكن وضعه بأي مكان آخر في العالم إضافة إلى أنها صانع قلق وأزمات يحتاجه الغرب بالمنطقة،وبالإضافة كذلك إلى إيران الشاه وإيران الملالي إذ كان نظام الشاه شرطيا قبيحاً عابثاً بالمنطقة فلما انتهت صلاحيته تم استبداله بالملالي أي أن كلا النظامين نظام الشاه ونظام الملالي يلعبان نفس الأدوار كلٌ في مرحلته، واليوم وبوجود إسرائيل إلى جانب نظام الملالي كقوة خنق وتقييد وابتزاز للدول العربية يتضح أكثر من ذي قبل حاجة المنطقة العربية إلى استعادة سيادتها وامتلاك زمام أمرها كي لا تكون كرماد يثيره عبث الأقدام وتذروه الرياح.

نظام الشاه ونظام الملالي يلعبان دور شرطي الغرب في المنطقة

تتفق العديد من الآراء على أن نظام الشاه ونظام الملالي في إيران لعبا دورا مهما كشرطي للغرب في المنطقة؛ فنظام الشاه الذي كان يحكم إيران من عام 1953 إلى عام 1979 كان مدعوماً من قبل بريطانيا والولايات المتحدة، وكان يلعب دورا مهما في مكافحة الشيوعية بالمنطقة.

وقد ساعد نظام الشاه الولايات المتحدة في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، ووقف بوجه الحركات القومية والاشتراكية في المنطقة،كما كان يدعم الغرب اقتصاديا ويسمح للشركات الغربية بالعمل في إيران.

وبعد الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979 استمرت إيران في لعب دور شرطي للغرب في المنطقة، فنظام الملالي الذي قفز على السلطة في إيران منذ ذلك الحين يدعم في باطن الأمر الولايات المتحدة في توجهاتها بالمنطقة، ويقف بوجه الحركات القومية والإسلامية في المنطقة.

وقد ساعد نظام الملالي الولايات المتحدة في حربها ضد تنظيم القاعدة في أفغانستان على الرغم من علاقات ملالي طهران مع القاعدة، وكذلك تعاون الملالي ودعموا الغرب في حربها ضد مسرحية داعش في العراق وسوريا، كما يسمح الملالي للشركات الغربية بالعمل في إيران.

أدلة عديدة تدعم هذه النظرية، ومنها:

  • الدعم العسكري والاقتصادي والتكنولوجي من الغرب:تلقى كلٌ من نظام الشاه ونظام الملالي دعما كبيرا من الغرب في المجالات العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، وقد ساعد هذا الدعم نظامي الحكم على البقاء في السلطة ولعب دور مهم في تعزيز مصالح الغرب بالمنطقة.

  • الموقف السياسي من قضايا المنطقة:اتخذ نظام الشاه ونظام الملالي موقفا سياسيا متقاربا مع الغرب في العديد من قضايا المنطقة، وقد وقف كلا النظامين في وجه الحركات القومية والاشتراكية في المنطقة، ودعما الغرب في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي.

  • العلاقات الاقتصادية مع الغرب:كانت إيران ترتبط بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الغرب في عهد نظام الشاه وكذلك الحال مع نظام الملالي، وقد ساعدت هذه العلاقات على تعزيز مصالح الغرب في المنطقة.

أهمية وجود إسرائيل في المنطقة بالنسبة للغرب

تتمتع إسرائيل بأهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة للغرب لا سيما الولايات المتحدة، وذلك لأسباب عديدة منها:

  • الأهمية الجيوسياسية: تأتي أهمية إسرائيل بالنسبة للغرب انطلاقا من وجودها في منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة ذات أهمية إستراتيجية كبيرة للغرب حيث تتحكم المنطقة في ممرات التجارة الحيوية، مثل مضيق باب المندب، وقناة السويس، والبحر الأحمر،كما أن إسرائيل تقع بالقرب من مناطق نفوذ روسيا والصين مما يجعلها قاعدة مهمة للغرب لمراقبة هذه الدول، وكذلك أهمية ممر مضيق باب المندب الذي تقع إسرائيل على مقربة منه، وهو ممر حيوي يربط بين البحر الأحمر والمحيط الهندي،وتمثل نسبة حركة السفن عبر هذا المضيق حوالي 10٪ من التجارة العالمية،كما أن وجود إسرائيل بالقرب من قناة السويس كقناة حيوية تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

  • الأهمية الأمنية:تعتبر إسرائيل دولة قوية عسكرياً، ولديها علاقات تعاون عسكرية وأمنية وثيقة مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى.

  • الأهمية الاقتصادية:تعتبر إسرائيل دولة متقدمة اقتصادياً، ولديها اقتصاد متنوع يعتمد على التكنولوجيا والصناعة،كما أن إسرائيل تتمتع بعلاقات اقتصادية قوية مع الدول الغربية مما يجعلها شريكاً مهماً للغرب في مجال التجارة والاستثمار كدولة رائدة في مجال التكنولوجيا حيث تتمتع بصناعة تكنولوجيا متقدمة مثل صناعة الطائرات والسفن والصناعات الكيماوية.

ويتسائل الجميع دائما هل لا يدرك العرب مدى خطورة نظام الملالي عليهم، ألم يشعر العرب بذلك بعد تسلق الملالي إلى السلطة على جماجم الثوار الوطنيين، ألم يشعروا بذلك بعد حرب الملالي على العراق، ألم يشعروا بذلك بعد سجل تعاطي الملالي مع العراق منذ وقف إطلاق النار وحتى غزو العراق سنة 2003، ألم يشعروا بذلك منذ أن سلم الأمريكان العراق للملالي كهدية ثمينة على طبق من ذهب، ألم يستشعر العرب منذ ذلك التاريخ خطورة ما هو مقبل عليهم، ألم تكن الحرب في سوريا وقمع ثورتها رسائل علنية واضحة بأن ملالي طهران لا يمكن أن يكونوا سوى أعداء للعرب؟ وكثيرة هي الأسئلة في هذا الإطار.

نعم، يدرك العرب مدى خطورة نظام الملالي عليهم؛فقد أظهرت نتائج الاستطلاعات أن الأغلبية الساحقة من العرب ترى أن إيران تشكل تهديدا لأمنهم القومي،كما أن مواقف الدول العربية تجاه إيران تعكس هذا الوعي، حيث تمر العلاقات العربية مع نظام الملالي بحالة من الجمود والتوتر ومعارضة كافة توجهات الملالي داخل الدول العربية.

أمثلة على مخاطر نظام الملالي على العرب:

  • دعم إيران للإرهاب:تدعم إيران العديد من الجماعات الإرهابية في المنطقة بما في ذلك حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والحوثيين في اليمن، وهذه الجماعات مسئولة عن العديد من الهجمات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل مئات الأبرياء العرب.

  • نشر إيران للفكر المتطرف:تسعى إيران إلى نشر فكرها المتطرف في المنطقة، ويهدد هذا الفكر يهدد الأمن القومي العربي ويشكل خطراً على القيم العربية الأصيلة.

  • محاولة إيران الهيمنة على المنطقة:تسعى إيران إلى الهيمنة على المنطقة، بما في ذلك التدخل في شؤون الدول العربية ودعم الانقلابات،وتهدد هذه المحاولات الأمن القومي العربي والاستقرار الإقليمي.

وبناءً على ذلك فإن العرب يدركون جيدا مدى خطورة نظام الملالي عليهم، ويبذلون جهودا للمواجهة، وعلى سبيل المثال فإن ما جرى في العراق ولبنان وحدهما كان كافيا ليفهم العرب مدى خطورة نظام الملالي عليهم؛ ففي العراق ساعد ملالي إيران في صعود حزب الله إلى السلطة، والذي أصبح يشكل تهديدا مباشرا للحكومة العراقية، كما دعم ملالي إيران الميليشيات المسلحة في العراق، والتي تسببت في العديد من الهجمات الإرهابية ضد المدنيين العراقيين.

وفي لبنان دعمت ملالي إيران حزب الله الذي أصبح قوة سياسية وعسكرية مهيمنة في البلاد؛ إلى جانب دعمهم لميليشيات مسلحة شيعية أخرى في لبنان وقد تسببت في العديد من الهجمات الإرهابية ضد المدنيين اللبنانيين، ومن هنا وبناءً على ذلك فإن ما جرى في العراق ولبنان وتمدد منهما وحدهما كان كافياً ليفهم العرب مدى خطورة نظام الملالي عليهم، ويدركوا أن هذا النظام يشكل تهديدا مباشرا لأمنهم القومي واستقرارهم الإقليمي.

مصير كتلة خشب أو حديد عربية واقعة بين مطرقة الغرب وسندان الملالي هو أن تتعرض لضغوط من كلا الجانبين، وربما تقع مساحة تلك الكتلة موقع مسرح للصراع ينتهي مع الوقت إلى السحق والدمار..فمن ناحية الغرب ستكون الكتلة العربية هدفا للغرب لتطبيق نموذجه الديمقراطي الليبرالي بالمنطقة، ومن هنا سيسعى الغرب إلى الضغط على الكتلة العربية لتغيير أنظمة الحكم فيها.

أما من ناحية ملالي إيران فستكون الكتلة العربية هدفاً للملالي ومشروعهم التوسعي المتطرف بالمنطقة، وسيسعى الملالي إلى إهلاك الكتلة العربية وتغيير أنظمة الحكم فيها، وتحويلها إلى دول موالية لخلافة الملالي في طهران،وفي ظل هذه الضغوط فإن الكتلة العربية ستواجه تحديات كبيرة، وسيكون مصيرها مريراً، ومن المحتمل أن تتعرض للتفتت أو أن تقع تحت سيطرة أحد الجانبين، أو أن يُرسم لها طريقاً وسطاً بين الإثنين.




    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق