الاثنين، 20 نوفمبر 2023

تهويد المعرفة

 تهويد المعرفة

سالم النخيلان 

امتلاك العلم والمعرفة يدل على التقدم الفكري والحضاري، وإفادة الناس علمياً ومعرفياً يدل على الرقي الأخلاقي والبشري، ولا فائدة لعلمٍ لم يحسّن من خُلق صاحبه.

امتلك الغرب الكثير من الهيئات والمنظمات البحثية والدولية على مستوى العالم، وهذا أمر حسن، وحقٌ مشروع لكل مجتهد، ولكن الكثير من هذه الهيئات والمنظمات إما مسيطرٌ عليها من قِبل الصهاينة أو أنها جعلت هذه العلوم والمعارف تخدم بشكل أو بآخر القضايا الصهيونية المحوّرة للحقائق والمجرّدة من الإنسانية.

عندما أجلى النبي، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم،
يهود بني النضير، من المدينة فكّروا بالثأر فتوجّهوا لقريش، صاحبة الثأر الأول والعِداء القائم مع النبي - صلى الله عليه وسلم- لتحريضهم على غزو المدينة؛ سألت قريش بني النضير (إنكم يا معشر يهود أهل الكتاب الأول وأعلم الناس بمحمد فهل هو على الحق؟ أجابت اليهود: والله إن دينكم خيرٌ من دينه)، علماً بأن دين قريش هو عبادة الأصنام وليس ديناً سماوياً حتى.
«لن يهدأ اليهود حتى تتغلغل كل معتقد وفكرة عنهم في كل العقول فيصبح التاريخ وتصير الأرض يهودية» ·

هذا نص من كتاب تهويد المعرفة للكاتب السوري ممدوح صبري عدوان، غيّر هذا الكتاب الكثير من أفكاري على المستوى الشخصي، أكّد بعضها وأضاف على البعض...
يحكي لك الكاتب في هذا الكتاب عن كيفية تغير الكثير من ثوابت المعرفة والعلوم لتخدم اليهودية أو الصهيونية، بل وكيف نعيش نحن على التلقي العلمي للمعارف الغربية باستسلام، وكيف نعيش على ردود الأفعال تجاه أي اكتشاف علمي تطرحه المنظمات الدولية؛ بين من يريد إثبات خطأ غير المسلمين، ومن يجهد نفسه في البحث ليثبت أن الأبحاث الغربية دائماً صحيحة لأنهم برأيه أصحاب تقدم ورُقي، وبين من يبحث بحيادية ليكتسب معلومةً لنفسه...

على حسب فهمي لكتاب تهويد المعرفة، أن الصهيونية جعلت منا شعوباً تعيش على ردود الأفعال تجاه أي معلومةٍ تُطرح، فنلهو بها ساعةً ثم ما يلبثون أن يجدوا ما نلهو به ثانيةً، بينما يصنعون هم القرار والفعل ونحن نقوم فقط باتّباع القرار ورد الفعل، وكيف تخلل الكثير من الأمور إلى أفكارنا بين نقاشٍ وجدلٍ عقيم، أصبحنا لا نستطيع الخروج من صناديق عقولنا التي أسلمنا مفاتيحها لتكاسلنا عن التفكير واكتفينا بنظرية المؤامرة عن الإنتاج العلمي والمعرفي.

بما أن الكثير من العلوم غير مسلّم بها، وهي معلومات تحتاج في إثباتها قواعد علمية محددة رغم إنكار من لا يريد الاطلاع عليها، أو لا يراها من منظورك، أو الباحث عن مصلحته في الإنكار رغم صحة المعلومة...!

عندما سألت قريش، بني النضير، عن صحة نبوة النبي، عليه الصلاة والسلام، وكانوا بنظر قريش، مالكي معرفة، أجابت بني النضير، بما يخدم مبتغاهم وقريشٌ اكتفت بما يخدم رغبتها ومصلحتها، بينما المسلمون في المدينة كانوا يعيشون على صنع القرار وعدم العيش على ردود الأفعال.
أعتقد أننا بحاجة لقراءة تأملية لواقع الأحداث في العقود الماضية وإسقاطها على وقتنا الحالي، والتوجه بجدية لتعلم كيفية الخروج لمشاركة العالم القرارات والعلوم والمعارف، تاركين العيش على فتات المعرفة التي تقدم لنا على طبق التهويد والتغريب ونحن نتلقى بين مشكّك ومستسلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق