الاثنين، 18 مارس 2024

استمرار الخداع الأمريكي والعربي

 استمرار الخداع الأمريكي والعربي

لأكثر من خمسة أشهر تستمر الإدارة الأمريكية في مساندتها للعدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، بكل أنواع المساندة من عتاد حربي ومالي وسياسى، ومنع مجلس الأمن من إصدار قرار بوقف إطلاق النار، والضغط على الدول الحليفة لها سواء الغربية أو العربية لمساندة إسرائيل للقضاء على المقاومة.

وخداع الجماهير العربية والاسلامية من خلال تسريب بعض الأخبار، مثل وجود خلاف بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، أو امتعاض الإدارة الأمريكية من عدد ضحايا القصف الإسرائيلي، أو اعتراض الإدارة الأمريكية على الغزو البري الإسرائيلي المرتقب لرفح، أو عقد هدنة بشهر رمضان، أو نحو ذلك من تسريبات مدروسة ومقصودة لتنويم الشعوب لإتاحة المزيد من الوقت لإسرائيل لتحقيق أهدافها.

ونفس الخداع مارسه الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الرئيسية، من خلال زيارات قادتها للدول العربية وخاصة دول الجوار لفلسطين، للتنسيق على الإجهاز على المقاومة والتصريح في كل مرة ببيانات إعلامية شكلية لا علاقة لها بمضمون المباحثات.

والتي سارع معظمها لإمداد إسرائيل بالتأييد العسكري والسياسي، والتنكيل بالمتظاهرين المساندين للحق الفلسطيني، كما سارعت بوقف الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لمجرد مزاعم إسرائيلية عن مشاركة 12 شخصًا من العاملين بها بغزة في عملية طوفان الأقصى، من بين 13 ألف شخص يعملون بها في غزة، وقبل صدور نتائج تحقيق تجريه الأمم المتحدة في هذا الخصوص، ورغم قيام الأونروا بتسريح بعض الموظفين، وإعلانها صدور اعترافات لبعض العاملين بها نتيجة التعذيب الذي لاقوه من قبل الإدارة الإسرائيلية.

  بدء صرف مكافآت المواقف العربية

لكن الرواية الإسرائيلية تجد تصديقًا دائمًا لدى تلك الدول الغربية ووسائل الإعلام بها، بداية من اتهام عناصر من حماس بعمليات اغتصاب خلال عملية طوفان الأقصى، وهو ما نفته أسر الضحايا، مرورًا بتبني الرواية الإسرائيلية بعد قصفها لمستشفى المعمداني وغيرها من المستشفيات، وكان آخرها تبني الرواية الإسرائيلية لمقتل 118 شخصًا كانون ينتظرون المساعدات بشمالي غزه، وأن وفاتهم جاءت بسبب التدافع وليس بسبب الرصاص الإسرائيلي.

ولم تكن الصورة مختلفة كثيرًا بالبلدان العربية والإسلامية والتي تعامل قادتها مع العدوان الإسرائيلي كأنهم مراقبون أجانب، حيث اكتفي البعض ببيانات الإدانة للقصف الوحشي، الذي أسفر عن أكثر من مائة ألف شخص في غزة ما بين شهيد وجريح بخلاف المفقودين، بينما شارك آخرون في الحصار لغزة وتجويع شعبها أملًا في الرضا الغربي الذي بدأت بوادر مكافآته العملية مؤخرًا.

وهكذا اتفق موقف الولايات المتحدة وقادة الدول الغربية والعربية على هدف واحد مشترك، وهو تمكين العدوان الإسرائيلي من تحقيق أهدافه بالقضاء على المقاومة، والضغط من خلال تجويع شعبها لشق الصف الغزاوي، ودفع المقاومة لتسليم ما لديها من أسرى دون التزام بوقف العدوان أو عودة النازحين إلى ديارهم بشمالي غزة، أو تبييض السجون الإسرائيلية من خلال الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بها.

والنتيجة دخول شهر رمضان مع استمرار القصف الإسرائيلي، واستمرار أنواع الخداع في شكل إسقاط جوي للمساعدات ببعض المناطق، والحديث عن بناء ميناء بغزة لتلقي المساعدات عن طريق البحر، قيل إن إنشاءه سيستغرق شهرين وبتمويل عربي، وبما يعطي للإدارة الإسرائيلية شهرين آخرين لتحقيق أهدافها، وحتي إذا انتهت تلك الفترة بدون تحقيق الهدف، فسوف تبتكر حيل أُخرى للتمويه علي شعوب المنطقة لكسب مزيد من الوقت.

شكوك بأهداف أمريكا من ميناء غزة

والغريب أن الإدارة الأمريكية التي تدعي الإنسانية من خلال إقامة هذا الميناء، والتي كان يمكنها إجبار إسرائيل على فتح المعابر التي تربطها بغزة لإدخال المساعدات، تصر على استمرار إمداد إسرائيل بما تحتاجه من سلاح في نفس الوقت، ولا تتحدث بالمرة عن وقف إطلاق النار.

مما يدعو للشك في نواياها من إقامة هذا الميناء البحري بغزة، خاصة أن قيامها بالإنزال الجوي للمساعدات مؤخرًا وعزمها على إقامة الميناء البحري قد تأخرا كثيرًا، حيث بدأ منع الغذاء والدواء والوقود عن غزه باليوم التالي لعملية طوفان الأقصى أي منذ أكثر من خمسة أشهر.

وتشارك الدول العربية خلال رمضان بإلهاء شعوبها بالمزيد من المسلسلات الرمضانية والبرامج الترفيهية، وجلسات تعاطي الشيشة ونحو ذلك من وسائل اللهو حتى وقت السحور، وإصدار التصريحات الرسمية عن سعي المسؤولين بها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، من خلال اتصالاتهم بالمسؤولين الغربيين، رغم أن تلك الاتصالات تستهدف تحقيق الهدف المشترك بالقضاء على المقاومة.

والحصول على مكافأة موقفها الذي أسفر عن ضعف إدخال المساعدات، وهلاك العديد من أطفال ونساء وشيوخ غزة بسبب الجوع ونقص الرعاية الطبية وعدم السماح لبعضهم بالعلاج خارجها.

وها هي ثمار مواقف بعض الأنظمة العربية تسفر عن عطاء سخي من قروض صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي وفي الطريق قروض أخرى من اليابان وبريطانيا على حساب دماء شهداء غزة.

وهكذا سيكتب التاريخ أن المرة الأولى التي هاجم فيها العرب إسرائيل كانت في أكتوبر/تشرين الأول 1973، وأن المرة الثانية كانت بعد مرور 50 عامًا في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من خلال عملية طوفان الأقصى التي استطاعت تخطي القبة الحديدية والجدار العازل وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، من خلال بضعة آلاف من رجال المقاومة.

والذين ألحقوا به خسائر كبيرة وأسروا من جنوده العشرات، استطاعوا الصمود لأكثر من 150 يومًا في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة بالآلة العسكرية الغربية، رغم تدمير المرافق والشوارع والمساكن والحصار، لكن جيرانها العرب خذلوها، بل شارك بعضهم في حصارها وتجويعها وما زالوا يسعون للقضاء عليها إرضاء لإسرائيل ومن وراءها، في ظل شعوب عربية واسلامية محاصرة ومقيدة ومستكينة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق