حروب الجوع القذرة جزء من السياسة الأمريكية في المنطقة!
إضاءات سياسية فلسطينية عربية إسلامية
مضر أبو الهيجاءصرح الكاهن الأمريكي اللعين ترامب لأكسيوس اليوم قائلا: ينبغي ألا تبقى حماس في غزة وعليكم ألا تنسوا 7 أكتوبر!
(وذلك في سياق خطابه الموجه للإسرائيليين حكومة وشعبا)
فما الذي يمكن أن نفهمه من خطاب ترامب المتربع على عرش البيت الأبيض، وما هي خلفيته، وما الذي يجب أن نعدله ونصوبه؟
1/ من الواضح أن ترامب المعبر عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية يخشى من تراجع الحالة الإسرائيلية عن القيام بدورها التنفيذي للأعمال القذرة الموكلة لإسرائيل، وهو تراجع وارد نتيجة حالات المد والجزر التي تشهدها إسرائيل بسبب حالة الحراك والتصادم الجماهيري بين شرائح المجتمع الإسرائيلي، أو الخلخلة الجزئية في التحالفات القائمة في الحكومة الإسرائيلية، والتي جاءت كنتيجة لحالة صمود عموم الشعب الفلسطيني في غزة والقدس والضفة وأراضي ال48.
إن هذا التراجع المحتمل لا يناسب المشروع الأمريكي وتطلعاته في المنطقة، ورغم الرؤية الأمريكية المتوحشة، فإنها تتميز بالعقل الواعي في تصرفاته مع حالتي المد والجزر الواجبة للإبقاء على حيوية إسرائيل كمكون غربي تنفيذي يقوم بالأعمال القذرة بشكل فاعل منسجم مع المطالب الغربية.
2/ لا شك بأن خلفية خطوات المشروع الأمريكي وسياساته تنطلق من رؤية المشروع الصهيوصليبي، وهي لا تنطلق في صياغة تصوراتها وخطواتها من إعتبار واقع فلسطين وجماعاتها وحركاتها، ولا هي معنية بالزيت ولا الزيتون ولا المسجد الأقصى المبارك، بل تستخدم كل تلك العناصر لإدارة الصراع في تلك الجغرافيا بين الأصيل فيها والدخيل عليها.
3/ إن حلول أمريكا المتقدم والثقيل في المنطقة العربية من نافذة غزة والقضية الفلسطينية، يشير إلى سياسة ستتوسع في دول المنطقة بهدف إضعافها وإعادة ترتيبها بشكل مختلف عن القرن المنصرم ومخطط سايكس بيكو، ولذلك فإن أمريكا هي الطرف الأصلب في إرادة بقاء وتوسع وتمدد معارك الطوفان، بل إن الإدارة الأمريكية متقدمة على قيادة حركة حماس والقيادة الإسرائيلية في الحرص على إبقاء الصراع الساخن بمسمييه المناسبين لها، وهما الجهاد من جهة ومحاربة الإرهاب من جهة أخرى، ولذلك فنحن أمام شكل من أشكال الاحتراب الذي إن توقف لبرهة فسيعود للاشتعال من جديد ولو في جغرافيا أخرى مستهدفة، لاسيما وسورية ومصر مرشحتين للإغراق في أشكال من الطوفان في ميادين متفرقة.
4/ من الواضح أن التصور الأمريكي التوسعي يستفيد سياسيا وعسكريا بشكل متقدم من الجماعات الإسلامية الجهادية المحدودة والقاصرة والمتفردة، وذلك على أرضية محاربة الإرهاب محل الإجماع الدولي الصليبي، وقد حققت أمريكا نجاحا كبيرا في استثمار عملية 7 أكتوبر ومعركة الطوفان، والتي أطلقتها حركة حماس في غياب وعي ورشد كاملين وذلك نتيجة عنصرين هما:
ارتباط وتحالف حماس مع إيران واختطاف الأخيرة لقرارها السياسي بشكل متقدم بعد عام 2017، ثم هيمنة القيادات العسكرية في حماس على مسار الحركة برمته، وتجاوزهم لجميع قياداتها السياسية وإضعاف صورتهم في أوساط الحركة بهدف سلب شرعيتهم ومصادرة دورهم ووضعه في أيدي العسكر، وهو ما حصل قبل الطوفان وتحقق في عملية 7 أكتوبر، حيث لم تكن هناك أي قيمة ولا أثر لكل القيادة السياسية للحركة في ميزان القرار الإستراتيجي، مما دفع بفلسطين وشعبها وأقصاها ومستقبلها للهاوية حيث دخلت في نفق عميق.
لقد أغلق الكاهن الأمريكي فوهة هذا النفق بعد أن وصل الفلسطينيون إلى نهايته واصطدموا بالجدار، وبتلك الطريقة فقد بات القرار الفلسطيني بيد جميع المشاريع والدول والشخصيات المؤثرة -خارج النفق- سوى شعب وقيادات وحركات فلسطين، والتي تم تجاوزها بعد أن اصطدم مشروعها بالجدار نتيجة افتئاتها فأصبحت مخصية الفعل والتأثير!
5/ من المهم للعقل الإسلامي الإستراتيجي المتصف بالقوامة الشرعية والمسؤولية الأخلاقية والوعي السياسي الواسع والعميق، أن يتصف بالجرأة في مراجعة تجارب أعمال والتغيير والتحرير، والوقوف على الثغرات والأخطاء سواء على مستوى الأفكار والتصورات القاصرة والعليلة، أو على مستوى الشخصيات القيادية المشوهة فكريا والقاصرة عقليا والمختلة في أدائها الجهادي ومواقفها السياسية.
إن حالة القصور العامة في العقل الإسلامي المعاصر تصل به إلى درجة العقم في النظر والتجديد، علاوة عن معالجة النوازل التي تعيشها الأمة في حضور الجماعات الباهت والفاقد للون والطعم والرائحة، وهو ما تجسد في النازلة الغزية حيث ترك الغزيون كما القضية الفلسطينية أمام تصرف المشاريع المعادية والتي أصبحت هي وحدها المقررة لمستقبل فلسطين شعبا وقضية!
النازلة الفلسطينية والكارثة الغزية درس كبير!
إن ضرورة الوقت التي ستعيد تقويم مسار فلسطين وتمنع سورية من التيه وتحمي مصر من التفكيك المستهدف هي إعادة النظر الناقد في تصورات ومرتكزات المشروع الإسلامي للتغيير والتحرير.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 12/8/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق