التصعيد بعد قبول الوسطاء.. اختبار لنية الحرب في غزة أم هندسة لشروط ما بعد النار؟

في هذا المقال التحليلي نحاول تسليط الضوء على إعلان الفصائل الفلسطينية، في 18–19 أغسطس 2025م، قبولها مسودة وُضِعت عبر الوساطة المصرية – القطرية لوقف مؤقت للقتال وتبادل أسرى وتوسيع الممرات الإنسانية في غزة، عقب ذلك مباشرة تصعيد «إسرائيلي» مكثّف؛ ما أسقط رواية سائدة بأن المقاومة تُعطّل المسار، وفتح سؤالًا أوضح: هل المشكلة في تفاصيل الصفقة، أم في قرارٍ سياسي بعدم إنهاء الحرب الآن؟
الوقائع والأحدث
- جوهر المقترح (وفق روايات متقاطعة): هدنة لمدة نحو 60 يومًا، وانسحابات «إسرائيلية» جزئية، وإطلاق دفعات من الأسرى الصهاينة مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وزيادة كبيرة في تدفق المساعدات، مع استئناف التفاوض على ترتيبات دائمة.
«إسرائيل» لم تُعلن قبولًا مماثلًا، وأشارت إلى شروط أعلى (إطلاق الجميع وتفكيك قدرات «حماس» قبل إنهاء الحرب)، وبالتوازي استمرّ القصف والعمليات البرية في غزة.
السياق الميداني والإنساني في غزة يبرز من خلال أرقام سجلها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، حيث استشهد حتى الآن نحو 62 ألف فلسطيني، وأصيب أكثر من 152 ألفاً آخرين منذ أكتوبر 2023م، مع انهيار متسارع لمؤشرات الأمن الغذائي وسجلات موثقة لسوء التغذية الحاد.
وتبقى تقديرات الضحايا متصاعدة؛ قتلاً وتجويعاً، حيث يستخدم الجيش «الإسرائيلي» سلاح التجويع كأحد أهم الأسلحة لحسم المعركة في الميدان، وقد وثقت منظمات الأمم المتحدة تصاعداً غير مسبوق وصل للمرحلة الخامسة من سوء التغذية يعاني منه عموم السكان في قطاع غزة مع مناطق إنسانية غير آمنة تضيق على الغزيين يوماً بعد يوم، وتهديدات باجتياح كامل لمدينة غزة حيث يتواجد أكثر من مليون فلسطيني.
- في الداخل «الإسرائيلي»: يتزايد الضغط الاجتماعي من عائلات الرهائن وصولاً للإضراب الذي أعلن عنه الأحد الماضي، وشارك فيه أكثر من مليون «إسرائيلي» للمطالبة بإنجاز صفقة تبادل للأسرى ووقف الحرب، مع أزمة سياسية حول قانون تجنيد الحريديم تُضعف تماسك الائتلاف وتشدد كُلفة القرار لدى نتنياهو.
تفكيك المأزق «الإسرائيلي».. التصعيد أداة تفاوض
قبول الفصائل حوّل نقطة الاتهام: بدل تحميل غزة مسؤولية تعطيل المسار، باتت الكرة سياسيًا في الملعب «الإسرائيلي»؛ لتضع نتنياهو أمام قيد مزدوج:
- على الصعيد الداخلي، فإن أي وقف للقتال الآن يُقرأ في «إسرائيل» على أنه هزيمة للمعسكر اليميني المتطرف، ويهدد تماسك ائتلافه الحاكم المأزوم أصلاً.
- خارجيًا، استمرار الرفض يفاقم الكلفة الدبلوماسية، خصوصًا مع تزايد الصور القادمة من غزة وجدار القانون الدولي الآخذ في التشكّل.
في هذا الإطار، يصبح التصعيد العسكري المتزامن مع قبول الفصائل لمقترح الوسطاء آلية لرفع الكلفة وتعديل الشروط تحت النار قبل أي تهدئة، عبر توزيع نطاق السيطرة الميدانية، وهو أمر عبر عنه نتنياهو ووزير حربه بالقول: إن قبول «حماس» للمقترح جاء نتيجة ما أسماه «الضغط العسكري الهائل»، وهي رسالة للقاعدة اليمينية الداخلية، لكن هذا التصعيد يحمل أخطاراً كبيرة على المستوى الدولي، ويزيد من عُزلة «إسرائيل»، ويعاظم من مستوى الضغط الدولي والحقوقي، مُضافاً له تنامي الشرخ الداخلي بفعل الحركات الاحتجاجية الرافضة لهذا السلوك.
الوقائع والأحدث
- جوهر المقترح (وفق روايات متقاطعة): هدنة لمدة نحو 60 يومًا، وانسحابات «إسرائيلية» جزئية، وإطلاق دفعات من الأسرى الصهاينة مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وزيادة كبيرة في تدفق المساعدات، مع استئناف التفاوض على ترتيبات دائمة.
«إسرائيل» لم تُعلن قبولًا مماثلًا، وأشارت إلى شروط أعلى (إطلاق الجميع وتفكيك قدرات «حماس» قبل إنهاء الحرب)، وبالتوازي استمرّ القصف والعمليات البرية في غزة.
السياق الميداني والإنساني في غزة يبرز من خلال أرقام سجلها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، حيث استشهد حتى الآن نحو 62 ألف فلسطيني، وأصيب أكثر من 152 ألفاً آخرين منذ أكتوبر 2023م، مع انهيار متسارع لمؤشرات الأمن الغذائي وسجلات موثقة لسوء التغذية الحاد.
وتبقى تقديرات الضحايا متصاعدة؛ قتلاً وتجويعاً، حيث يستخدم الجيش «الإسرائيلي» سلاح التجويع كأحد أهم الأسلحة لحسم المعركة في الميدان، وقد وثقت منظمات الأمم المتحدة تصاعداً غير مسبوق وصل للمرحلة الخامسة من سوء التغذية يعاني منه عموم السكان في قطاع غزة مع مناطق إنسانية غير آمنة تضيق على الغزيين يوماً بعد يوم، وتهديدات باجتياح كامل لمدينة غزة حيث يتواجد أكثر من مليون فلسطيني.
- في الداخل «الإسرائيلي»: يتزايد الضغط الاجتماعي من عائلات الرهائن وصولاً للإضراب الذي أعلن عنه الأحد الماضي، وشارك فيه أكثر من مليون «إسرائيلي» للمطالبة بإنجاز صفقة تبادل للأسرى ووقف الحرب، مع أزمة سياسية حول قانون تجنيد الحريديم تُضعف تماسك الائتلاف وتشدد كُلفة القرار لدى نتنياهو.
تفكيك المأزق «الإسرائيلي».. التصعيد أداة تفاوض
قبول الفصائل حوّل نقطة الاتهام: بدل تحميل غزة مسؤولية تعطيل المسار، باتت الكرة سياسيًا في الملعب «الإسرائيلي»؛ لتضع نتنياهو أمام قيد مزدوج:
- على الصعيد الداخلي، فإن أي وقف للقتال الآن يُقرأ في «إسرائيل» على أنه هزيمة للمعسكر اليميني المتطرف، ويهدد تماسك ائتلافه الحاكم المأزوم أصلاً.
- خارجيًا، استمرار الرفض يفاقم الكلفة الدبلوماسية، خصوصًا مع تزايد الصور القادمة من غزة وجدار القانون الدولي الآخذ في التشكّل.
في هذا الإطار، يصبح التصعيد العسكري المتزامن مع قبول الفصائل لمقترح الوسطاء آلية لرفع الكلفة وتعديل الشروط تحت النار قبل أي تهدئة، عبر توزيع نطاق السيطرة الميدانية، وهو أمر عبر عنه نتنياهو ووزير حربه بالقول: إن قبول «حماس» للمقترح جاء نتيجة ما أسماه «الضغط العسكري الهائل»، وهي رسالة للقاعدة اليمينية الداخلية، لكن هذا التصعيد يحمل أخطاراً كبيرة على المستوى الدولي، ويزيد من عُزلة «إسرائيل»، ويعاظم من مستوى الضغط الدولي والحقوقي، مُضافاً له تنامي الشرخ الداخلي بفعل الحركات الاحتجاجية الرافضة لهذا السلوك.
أين تقف واشنطن وأوروبا اليوم؟
في واشنطن، تُبقي الإدارة الأميركية الباب مفتوحًا لهدنةٍ جزئية/مرحلية مقابل رهائن، لكنها لا تُقيّد عسكريًا شريكها «الإسرائيلي»، بل تُحيل قرار التوسّع أو احتلال غزة بالكامل إلى «تل أبيب»؛ ما يقلّل قدرة الوساطة على فرض نهاية حربٍ واضحة.
واشنطن تعمل منذ البداية على دعم كل الخطوات «الإسرائيلية» وتوفر لها الغطاء السياسي والإعلامي، لكنها تقف اليوم في نقطة حرجة بين إعلاناتها المتكررة عن رغبتها في وقف الحرب، والتعنت «الإسرائيلي» حتى الآن في قبول مقترح تقول المصادر: إنه يتطابق مع مقترح ويتكوف الأخير.
في أوروبا، يتسع الفارق بين دول تضغط لوقف التوريد/التطبيع مع مواقف حقوقية متقدمة، ودول تُوازن التزامات التحالفات والسوق الدفاعية، فتخرج بسياسات مرقّعة تعزّز صورة الازدواجية الأخلاقية؛ وهو ما يضع الموقف الأوروبي في مكان حرج للغاية، ويفقدها القدرة على التأثير مع استمرار بقائها تحت سقف الموقف الأمريكي، كما أنها متهمة اليوم بتحويل الحرب في غزة لأداة ابتزاز للإدارة الأمريكية في خطواتها نحو حسم الصراع بين أوكرانيا وروسيا.
حسابات الفصائل الفلسطينية
من منظور تفاوضي، القبول السريع بمقترح الوسطاء ليس تنازلًا مجانيًا رغم أنه كان مفاجئاً للكثيرين، حيث قدمت الفصائل تنازلات جوهرية في محاولة لوقف نزيف الدم والتجويع داخل غزة، كما أن هذا القبول السريع من الفصائل جاء لفضح نوايا «إسرائيل» عبر تعزيز السردية الفلسطينية التي تقوم على عدم رغبة الاحتلال في وقف الحرب بل إدارتها، مع تحويل المفاوضات لتكون أداة لكسب الوقت لصالح تعزيز الضغط العسكري والتخفف من العبء الأخلاقي بالادعاء أن المعطل للمفاوضات هو الطرف الفلسطيني وليس «الإسرائيلي»، وبذلك يمكن القول: إن الفصائل بهذه الخطوة حققت التالي:
- نقلت عبء التعطيل إلى الطرف «الإسرائيلي».
- وحدة الموقف الفلسطيني الداخلي، حيث ساهمت كل الفصائل في الاجتماع الأخير في القاهرة.
- زادت الضغط على الوسطاء العرب على وجه التحديد للتحرك بشكل أكثر فعالية نحو الإدارة الأمريكية و«إسرائيل»، بدل الضغط على الفصائل الفلسطينية التي قدمت المرونة الكافية لتحقيق الاتفاق.
- إبقاء الورقة الأثقل «التفاهم على ترتيبات دائمة والانسحاب الكامل» للتفاوض لاحقاً، بعد كسر معادلة التجويع، لكن هذه المقاربة تتطلب انضباطاً ميدانياً وإعلامياً يمنع «إسرائيل» من إعادة تدوير سردية خرق التهدئة كذريعة لتفجير المسار.
السيناريوهات المتوقعة
في تقديرنا، نحن أمام 3 سناريوهات متوقعة بعد هذا الإعلان:
1- هدنة قصيرة مشروطة: قبول «إسرائيلي» متأخر بوقف مرحلي يطلق نصف الأسرى ويختبر الامتثال، يُتيح استراحة إنسانية ويُعيد تموضع القوات؛ لكنه يُبقي مفاتيح الحرب/السلم بيد قرار سياسي لاحق، وفي المقابل تكسب الفصائل الفلسطينية الوقت لكسر حالة التجويع وإراحة السكان المُنهكين بفعل الحرب، ومعالجة بعض القضايا الإنسانية والأمنية الداخلية في غزة.
2- تعظيم التصعيد لتحسين الشروط: موافقة «إسرائيل» على المقترح سيفتح المجال للتفاوض وليس الدخول الفوري في التهدئة، وبالتالي قد يذهب الجيش «الإسرائيلي» كما هو حاصل الآن نحو استمرار القصف والدفع البري في غزة المدينة وخان يونس؛ بهدف رفع كلفة الرفض على الطرف الفلسطيني قبل أي جولة لاحقة؛ كلفته ارتفاع الخسائر المدنية وتعاظم التآكل السياسي الخارجي.
3- انفجار سياسي داخلي في «إسرائيل»: خاصة إذا قرأ الجمهور المعارض لنتنياهو رغبة أمريكية في التوصل لاتفاق؛ ما يزيد من ضغط عائلات الرهائن، يترافق معه مأزق تجنيد الحريديم ومعها تآكل الثقة الأمنية؛ ما قد يفرض تقاطعات تُجبر الحكومة على صفقة لاحقة أوسع من دون إعلان «نهاية حرب» رسمية.
هذه السناريوهات تستوجب، في تقديرنا، من الفاعلين السياسيين الفلسطينيين والعرب مواصلة الضغط على الإدارة الأمريكية، مع تعزيز السردية الفلسطينية، وتكثيف الجهد الإعلامي العالمي الذي يكشف أزمة التجويع والقتل اليومي لتحسين الحالة التفاوضية للطرف الفلسطيني، وعدم ترك المجال للإرادة «الإسرائيلية» لتحدد هي أياً من هذه السناريوهات تختار.
ختاماً، إن القبول الفلسطيني السريع اختبارٌ للنيات لا للنصوص؛ فقد عرّى أن المعضلة ليست في تفصيلة بند، بل في قرار الحرب ذاته.
وأيًّا يكن المسار، سيظلّ ميزان الشرعية على الطاولة؛ أرقام الضحايا، ومؤشرات المجاعة، وأوامر المحاكم الدولية تُعيد تعريف كلفة الإصرار على الحرب.
الحرب في غزة
الوساطة المصرية القطرية
الأسرى الفلسطينيين
الفصائل الفلسطينية
وقف إطلاق النار بغزة
صفقة تبادل الأسرى
سلاح التجويع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق