غاندي الذي لا نعرف!
رئيس مركز الكندي للدراسات والبحوث.
لا يعرف الكثير من العرب والمسلمين حقيقة غاندي الزعيم الهندي الهندوسي المتعصب، الذي أخفى تعصبه الهندوسي في جسد نحيل يُظهر ضلوعًا بارزة وخلف مُغزل وشاة لا تقل عنه نحافة وهزالًا!
استطاع غاندي أن يخدع الحركات الوطنية وأظهر نفسه بأنه البطل الوطني الذي استطاع بنضاله أن يحرر الهند من الاستعمار البريطاني؛ ما جعله رمزًا لكثير من الحركات الوطنية التي كانت تقارع الاستعمار وتطالب بالاستقلال.
بدأت الحركة الوطنية لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني على يد الحركة الإسلامية؛ ما أثار مخاوف الإنجليز الذين لا يغيب عنهم المكر والخداع والدهاء؛ فعمدوا إلى القضاء عليها كعادتهم بأسلوب المكر والخداع الذي برعوا فيه وأصبح سمة من سماتهم الجينية والخلقية بتنحية المسلمين عن زعامة وقيادة الحركة الوطنية واستبدال الهندوس بهم؛ حتى لا تعود السيادة للمسلمين على الهند الذين حكموها لأكثر من 8 قرون.
اتجه العمل لتحرير الهند من الاستعمار البريطاني عن طريق الجمعية الإسلامية العامة في مدينة لكنؤ (بومباي) التي كان يشرف عليها كبار علماء المسلمين في الهند، مطالبين بحقوق المسلمين كوطنيين أصليين ردًا على السياسة الإنجليزية التي تعمدت إقصاءهم ومعاملتهم وكأنهم عنصر غريب عن الهند.
وفي الوقت نفسه، أنشأ الهندوس المؤتمر الوطني العام الذي أطلقوا عليه اسم «المجلس الملي الوطني الهندي العام»، الذي كان يهدف إلى تحقق السيادة للهندوس على الأقليات الهندية التي يقصدون بها المسلمين على وجه التحديد والتخصيص.
في عام 1916م، انتبهت الحكومة الإنجليزية في الهند لنشاط الجمعية الإسلامية، فقامت بنفي محمود الحسيني بالإيعاز له بمغادرة الهند، وألقت القبض على أعوانه من رموز الجمعية الإسلامية أبو الكلام آزاد، وحسرت ماهان، وظفر الله خان، ومحمد علي، وشوكت علي، الذين استمر اعتقالهم حتى عام 1919م.
تم إطلاق سراح المعتقلين من الزعماء المسلمين الذين عقدوا لقاءً جامعًا للزعماء المسلمين بدعوة من مولاي عبد الباري، رئيس العلماء، لمناقشة موضوع تأسيس جمعية إسلامية لتنظيم مطالب الاستقلال في الوقت الذي ظهرت فيه مؤامرة الدول الغربية على الخلافة العثمانية لإسقاطها، فكان إعلان إنقاذ الخلافة الإسلامية من مخالب الأعداء الطامعين.
نجح الزعماء في تأسيس جمعية أو حركة الخلافة في بومباي في فبراير 1920م، برئاسة غلام محمد فتو، وميان حاجي خان، وضمت في عضويتها كبار الزعماء المعروفين في الهند، وشرعت في جمع التبرعات المالية لمساعدة الخلافة العثمانية، وأقبل المسلمون من كل مناطق الهند لدفع الأموال حتى بلغ إجمالي ما جمع أكثر من 17 مليون روبية.
في تلك الأثناء، لم يكن غادي معروفاً في الأوساط السياسية الهندية إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى؛ حين اقترب من جمعية الخلافة، فرحب به المسلمون مع تحذير المولوي خوجندي الذي كان على صلة به ويعرف سريرته ويعلم تعصبه للهندوسية.
نجح في اختراق جمعية الخلافة، وأظهر أنه ناصح أمين فطلب من المسلمين إشراك الهندوس في الجمعية، فانطلت خدعته وتم تكليفه بالسعي في الأمر، فطاف الهند يدعو إلى الوفاق، ويحض الهنادكة للانضمام إلى الجمعية.
بعد عودته عمل على إقناع جمعية الخلافة بالانضمام إلى الكونجرس (المؤتمر الوطني) فانضمت الجمعية إليه وتبعتها باقي الأحزاب الإسلامية بناء على الثقة في غاندي.
عقد الكونجرس اجتماعًا استثنائيًا في مارس 1920م، في بلدة باكبور، حضره 25 ألف مندوب أغلبهم من المسلمين، وتم تعديل النظام الأساسي للكونجرس بعد تعديل المادة التي تنص على كلمة إصلاح إلى عبارة «استقلال الهند»، وشرعت الأحزاب الهندية بعد هذا المؤتمر بالمطالبة باستقلال الهند التام عن بريطانيا طبقًا لرغبة المسلمين بعد أن كانوا في الكونجرس لا يطالبون إلا بالإصلاحات فقط.
ارتعبت الحكومة البريطانية من هذا التحول الذي أصبح يهدد وجودها في الهند؛ فألقت القبض على الزعماء المطالبين بالاستقلال وزجت بهم في السجون.
اجتمع قادة الحركة وقدم أبو الكلام آزاد اقتراحًا باسم الأعضاء المسلمين بإعلان الأمة الهندية، وأن الحكومة الإنجليزية غير شرعية ويجب مقاطعتها فوافق أعضاء الجمعية، وانعقد على أثره مؤتمر جمعية الخلافة الذي أعلن موافقته بالإجماع على قرار الحركة، فقام غاندي خطيبًا ليعلن موافقته المشروطة بعدم مناوأة الحكومة البريطانية فقال: إن اتحاد الهنادكة مع المسلمين يبقى متيناً ما لم يشرع المسلمون في مناوأة الحكومة البريطانية، ويشهروا في وجهها السلاح.
فرد عليه أبو الكلام آزاد: إن كان غاندي يتصور أن أعمال المسلمين في الهند لا تقوم إلا على مساعدة الهنادكة فقد آن له أن يخرج هذه الفكرة من دماغه، وليعلم غاندي أن المسلمين لم يعتمدوا قط على أحد إلا على الله عز وجل وعلى أنفسهم.
شرع الهنود في تطبيق قرارهم من خلال مقاطعة الحكومة وممارسة العصيان المدني؛ فامتنعوا عن دفع الضرائب وأعاد الموظفون الرتب والنياشين والبراءات التي منحتها لهم الحكومة في السابق، كما امتنع المحامون عن الدفاع أمام المحاكم؛ بل قام المسلمون بحرق كل مخازنهم التي تحتوي على البضائع الإنجليزية، وتركوا وظائفهم فحل الهندوس محلهم، واضطر الكثير منهم إلى الهجرة خارج الهند تاركين أملاكهم وأراضيهم في الهند.
كان للمقاطعة أثر كبير خاصة في مقاطعة البنغال الذين امتلأت بهم سجون الحكومة التي لم تعد تسعهم؛ ما دفع اللورد ريدنج الحاكم العام في كلكتا إلى القول: إنني شديد الحيرة من جراء هذه الحركة ولست أدري ماذا أصنع فيها؟
لجأت الحكومة الإنجليزية للمؤامرة للقضاء على هذه الحركة الفاعلة والمؤثرة، فوجدت في غاندي خير واجهة لهذه المؤامرة للقضاء على حركة الاستقلال أو تحجيم الدور الكبير الذي كان يمثله المسلمون فيها.
عقد اللورد ريدنج مع غاندي صفقة لفك التوافق بين المسلمين والهندوس تم تسريبه والإعلان عنه من قبل الحكومة البريطانية بعد 6 أشهر، وكان مدخلًا للورد ريدنج إلى هذا الاتفاق مع غاندي تغذية النزعة الهندوسية لدى غاندي وتخويفه من المسلمين.
قال ريدنج لغاندي: إن مركز القوة في حركة استقلال الهند هم المسلمون، ولو أسرعت بريطانيا بتلبية طلباتكم وسلمت مقاليد الأمور؛ فإن مصير الهند آيل ليد المسلمين ولن يكون للهندوس، وهذا سوف يعيدكم إلى ما قبل الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية.
وإذا كنتم -الهندوس- تريدون أن تحتفظوا لأنفسكم باستقلال الهند؛ فعليكم أولاً أن تسعوا أولاً لكسر شوكة المسلمين، وهذا لا يمكنكم إلا بالتعاون والتنسيق مع الحكومة الإنجليزية، ويتطلب منكم تنشيط الحركات الهندوسية وتفعيلها وتوسيع نطاقها للتفوق على المسلمين، وبذلك أؤكد لكم أن حكومة بريطانيا لن تتأخر في منحكم الاستقلال والاعتراف لكم به.
في أغسطس عام 1920م، عقد مؤتمر الخلافة في كراتشي وأعلن مقاطعة الحكومة؛ فأمرت الحكومة باعتقال الزعماء المسلمين وعلى رأسهم محمد علي، و5 آخرين قدمتهم للمحاكمة وهم بدورهم رفضوا الاعتراف بالحكومة والمحكمة التي قضت عليهم بالسجن لمدة عامين مع الأشغال الشاقة وهذه ضربة موجهة من الإنجليز للمسلمين لمنح الفرصة لغاندي الذي كان يعمل تحت عينها، بل بالتنسيق معها.
ولما عقد اجتماع الكونجرس في ديسمبر 1920م، استغل غاندي الفراغ الذي سببه سجن الزعماء المسلمين وقال: بما أن الزعماء يعتقلون ولا سبيل للمداولة معهم في منهاج أعمال المؤتمر، فأقترح عليكم تعييني رئيساً للمؤتمر وتخويلي السلطة المطلقة لتنفيذ ما أراه صالحًا من قرارات وإجراءات.
وافقت اللجنة على طلبه دون أن تتنبه إلى ما كان يضمره ففاجأهم في اجتماع الكونجرس برئاسته في أغسطس 1921م، بمدينة أحمد آباد بإعلانه: أن الوقت الذي يصر فيه المؤتمر باستقلال الهند لم يحن بعد، وبهذا عطل إعلان الاستقلال الذي كان يصر عليه الزعماء المسلمون، وبهذا الإعلان أدرك المسلمون حقيقة غاندي المتآمر مع الإنجليز ضد المسلمين، وحقيقة اتفاقه مع الإنجليز على تسليم الهند للهندوس وتحجيم الوجود الإسلامي في الهند تمهيدًا للقضاء عليه في شبه القارة الهندية.
هذا هو غاندي، وهذه هي حقيقته التي لم نعرفها أو تم تغييبها عن الأجيال في العالمين العربي والإسلامي حتى بلغ بأحد أكابر المفكرين العرب من انخداعه بغاندي فكتب عنه بأنه في مجالسه وحوله الآلاف المؤلفة من البشر -الهندوس- مدرسة وجهت إلى ضمير القرن العشرين!
الحقيقة أن غاندي هندوسي متعصب لقوميته وعقيدته كاره للمسلمين متآمر عليهم وعلى عقيدتهم، وهكذا كان تلاميذه من الهندوس من بعده متمثلين في نهرو، وابنته أنديرا غاندي -ابنة نهرو- وصولًا إلى مودي، رئيس وزراء الهند الحالي، وما يفعله بمسلمي الهند ما هو إلا امتداد واستمرار لتعصب غاندي ضد تواجد الإسلام والمسلمين في شبه القارة الهندية التي كانت إحدى القلاع الإسلامية في زمن القوة والتمكين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق