ابن العلقمي يبيع.. وسيناء تضيع
د. محمد عباسكان ذلك منذ أربعين عاما إلا قليلا.. كنا في رمضان.. في انتظار الإفطار.. وكنت أستمع إلى المذياع متثائبا وإذا بي أنتفض صائحا وقد خيل إلىّ أنني سأطول بيدي القصيرة المقيدة سماء أمنياتي بل وأن وأطير في الهواء لأحلق فوق أرض المعارك طائرة تقصف أو صاروخا ينفجر في بني إسرائيل حتى لو كانت لحظة الانتصار هي لحظة الانفجار هي آخر لحظة في العمر.. كان المذياع يذيع:
- نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة.
انفجر الرعب وانفجر الحزن وانفجر الشوق وانفجر العجز وانفجرت القدرة وانفجر الألم وانفجر الأمل وانفجر الثأر وانفجر القهر وانفجر التاريخ وانفجرت الجغرافيا وانفجرت الصحراء وانفجرت الجبال وانفجر الدم وانفجرت الأشلاء وانفجرت الهزيمة وانفجر النصر وانفجر الخوف وانفجر القلب المرعوب في الفرح المرغوب.
تداعت المعارك كأفراد قبيلة يستدعي قريبهم بعيدهم عند المحن فرأيت بدرا الكبرى وأحد والخندق و اليرموك والقادسية ونهاوند وبلاط الشهداء وعين جالوت وكربلاء والقسطنطينية وديو البحرية التي شهدت بداية انتصار الغرب على المماليك والعثمانيين والأهرام ونافارين ومرج دابق والتل الكبير وهزيمة 56 العسكرية التي خدعونا فقالوا أنهم انتصروا فتكررت أفدح ألف مرة في 67. توارت الانتصارات وتوالت الهزائم وكف قلبي عن الخفقان مائة مرة ألف مرة مليون مرة.. لكننا في النهاية انتصرنا..
نعم.. في رمضان-أكتوبر73- انتصرنا...
ومنذ أيام كنت كعادتي أمام شاشة الكمبيوتر.. أقرأ وأكتب في نفس الوقت والتلفاز يذيع لا ألتفت إليه إلا عندما يدهمني خبر.. فأنصرف إليه عما أنا فيه.
وفجأة سمعت:
- نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة.
لم أعرف إن كان جزءا من برنامج تسجيلي أو فيلم سينمائي أم مسلسل تلفازي لكن موجة هائلة لطمتني فردتني إلى بؤرة الحدث كأنها ما تزال حية.. وانفجرت دموعي..
منذ أربعين عاما إلا قليلا كلما سمعت هذا البيان انفجرت دموعي.
لن يفهم هذا إلا من كابد ألم الهزيمة عام 67.
***
انفجر داخل قلبي المترع بالحزن. السؤال محشوا بالخديعة مكسوا بالفجيعة:
- سيناء التي فقدناها عام 67 واستعدناها بسبب حرب 73.. لماذا نضيعها الآن.. لماذا.. لماذا.. لماذا.. لماذا نتركها لابن العلقمي يضيعها.
نعم.. لماذا؟! إن الأحداث واضحة حتى يكاد يراها الأعمى.. بل إنها معلنة أيضا.. ومنها المخطط لتفتيت وتحطيم العالم الإسلامي..كانت البداية تفتيت دولة الخلافة.. ثم الغواية بالدولة القومية ثم تفتيت كل قطر في تلك القوميات.. ثم القضاء على الدولة القومية لصالح الدولة القطرية.. ثم إشعال الفتن بين كل قطر وآخر.. ثم تفتيت كل قطر.. في هذا الإطار يدور مخطط عزل سيناء عن الوطن.. ولعزل أهل سيناء عن الأمة.. ولتدمير البنية الاقتصادية.. والأكثر من ذلك أن هذا المخطط يهدف أيضا أن يدمر ولاء أهلنا في سيناء لمصر... ذلك أن ابن العلقمي وأتباعه يعاملون أهلنا في سيناء كأعداء وليس ثمة نتيجة وهدف لذلك إلا فصل سيناء عن مصر وإعطائها ثمرة ناضجة لإسرائيل.
نعم .. إن كل الحماقة وكل الغباء لا تكفي لتفسير ما يحدث في سيناء.. لكأنما تسلط شيطان يدفع أبناءنا هناك للكفر بالوطن والأمة والدولة.. لكن هذا الشيطان بشر.. إنه حاكم ووزير ومحافظ وضابط وصحيفة وفضائية ..مخطط تدميري تفتتيتي هائل يسعى لتفتيت مصر كلها بين دويلات للنصارى(من يضمن لنا ألا يكون هناك طلبات بدويلة لشنودة ودويلة لمكسيموس وهكذا دواليك) وللنوبيين وللبدو.
***
هناك شيطان من الإنس.. يقبع في مكان ما.. له من الإمكانيات والسلطات ما يجعله يقدر.. هذا الشيطان البشري ينفذ خطة طويلة الأمد لفصل سيناء عن مصر وبيعها لإسرائيل..شيطان بدأت جذوره الأولى أيام محمد علي لكنه ترعرع الآن وتغول وقضي على منافسيه أو أصابهم بالعجز والشلل.. ولقد خطر ببالي لفترة طويلة أن هذا الشيطان يمكن أن يكون غبيا لا يدرك مغبة ما يفعل.. ولكن ما استقر في وجداني أخيرا أنه يعلم جيدا ويتآمر واعيا .. تماما كما فعل ابن العلقمي حين أسقط عاصمة الخلافة.
***
شيطان بشري تآمر وأوعز وخطط كي نضيّع المليارات عبثا وفسادا في توشكا .. ولم يكن يقصد التعمير ولا محض الفساد لكنه كان يستهدف امتصاص سيولة متاحة بالمليارات كان من الطبيعي أن توجه لإعمار سيناء لكن ذلك الشيطان غير وجهتها إلى الرمال وإلى جيوب زبانيته لتظل سيناء خالية.. وليجيء بعد عام أو بعد مائة عام يقول: انتظرناهم من الشمال فجاءوا من الجنوب.
ألا تصدقوني؟.. هل تتهموني بالمبالغة أو التشاؤم؟!
أعرضوا عما أقول إذن وصدقوا استشاري الإسكان -المهندس الأشهر مصمم مكتبة الإسكندرية- ممدوح حمزة يحذر من بيع الأراضي في توشكا لإسرائيليين.
المهزلة أننا نجد منهم من يقول أن الاستثمار في توشكا استهدف حماية أمننا القومي.. والغالب أن الخائن الذي قال ذلك سمع الجملة من يهودي إسرائيلي صهيوني فكررها كما سمعها دون أن يتنبه لضرورة تغيير الضمير ليصبح:"أمنهم القومي".
***
ثم أننا لم نكتف بالتوجه جنوبا بعيدا عن حرم أمن إسرائيل.. وليتنا اكتفينا بذلك..ففي عصور الانحطاط يكون مجرد الامتناع عن الفاحشة فضيلة..
ذلك أن الشيطان البشري لم يكتف بالإهمال فكلله بالتدمير فاستولى على أراضي بدو سيناء لإقامة مشاريع سياحية للصفوة وشاركهم في مياههم ومصادر رزقهم. وقد بلغ بهذا الشيطان الفجور أنه أصدر قرارا بوقف التراخيص في الساحل الشمالي كي يزيد من سعر الأراضي التي استولى عليها في سيناء.
***
لماذا حطم ابن العلقمي قلوب أهلنا في سيناء..
ألم يعرف علاقتهم الحميمة بالفلسطينيين.. فالأمر ليس مجرد الدين الواحد واللغة الواحدة والأمة الواحدة بل هم أشقاء وأبناء عمومة من نفس القبائل بالمعنى الحرفي فكيف كانوا يحتملون حصار أشقائهم بالنار والفولاذ وممالأة إسرائيل عليهم..
عندما أدركت إسرائيل أنهم يهربون السلاح للفلسطينيين اتهمهم أمننا وإعلامنا-هل هناك فرق؟!- بأنهم يهربون المخدرات.. ولو كانوا يهربون المخدرات فعلا لكانوا في الصدارة..وزراء وقادة وأعضاء في مجلس الشعب.
ثم أن أهل سيناء بعد أن حوصروا في كل فج لم يعودوا يقتاتون إلا من تهريب الغذاء إلى إخوانهم الجوعى عبر الأنفاق. فلما سد ابن العلقمي كل الأنفاق جاع إخوانهم وجاعوا.
ألم يدرك ابن العلقمي أن تدمير مئات الأطنان من المواد الغذائية أمام الجياع هنا وهناك من أجل خاطر إسرائيل سيشعل النار في الأفئدة والضمائر.
تقول صحيفة التايمز الأمريكية أنه ونظرا لأن البدو مهمشون ولا تشملهم أي خطط حكومية للتنمية فإنهم مجبرون أن يعملوا دائما خارج نطاق القانون لكسب عيشهم، وأنهم خلال العامين الماضيين وبسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة ازدهرت أحوالهم بسبب تزايد أعمال تهريب المواد الغذائية إلى غزة، وكذا الأسلحة.
وأضافت «تايم» الأمريكية أن ما قد يشعل فتيل الخلاف مجددا بين الحكومة والبدو هو أن البدو في مناطق شمال سيناء كانوا يعتمدون في رزقهم علي الأنفاق التي كانوا يوصلون من خلالها البضائع إلي قطاع غزة، وخاصة خلال العامين الأخيرين اللذين كان القطاع محاصرا خلالهما بشدة، وبالتالي استفاد البدو خلالهما وحققوا مكاسب جيدة، إلا أن الجدار الفولاذي الذي بدأت مصر بناءه للقضاء علي الأنفاق عطل هذا المصدر من مصادر رزق البدو.
أمريكا تفهم.. وابن العلقمي الغبي لا يفهم..
***
لماذا عاملهم ابن العلقمي بمنتهى الشك وكأنهم مواطنون بلا دين ولا أخلاق ولا انتماء !! وأكبر دليل على ذلك هو أنه بعد تفجيرات شرم الشيخ في يوليو 2005 وتفجيرات دهب في ابريل سنة 2006 تم اعتقال عشرة آلاف من بدو سيناء عشوائيا وتم تعذيب ما يزيد عن 2500 بدوى واحتجازهم بدون اتهام وكأنهم في جوانتامو.
لماذا اتهمهم عمرو أديب-وهو المقرب للرئاسة- بالخيانة و بعدم الولاء وانعدام الوطنية، وأن قربهم من إسرائيل غير ولاءهم لمصر(من المؤكد أن عمرو أديب نفسه ومن يروج لهم أقرب لإسرائيل) بينما تشيد قيادات كبرى في الجيش والمخابرات ببطولاتهم ودعمهم الهائل للجهد العسكري المصري، ومن هؤلاء: اللواء يحيى شبايك الذي كان أحد القائمين على العمل الفدائي بسيناء قال: "كنت شاهد عيان على بطولات خارقة قدمها بدو سيناء ضد الاحتلال في فترة كان العمل فيها قاسيا.. وللأسف بعد كل هذه السنين أصاب بالأسى الشديد كلما سمعت عن اتهامات للبدو بالخيانة والعمالة.. علينا بدلا من اتهامهم أن نمنحهم بعض فضلهم". وقد أشاد بهم أيضا اللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية والعامة سابقا وكثيرون غيره.
لماذا لجأ الجبار الباطش الغبي إلى اختطاف زوجات المطلوبين من البدو وأبنائهم لإجبار الرجال المطلوبين على تسليم أنفسهم . ألم تكن هذه الطريقة هي التي فجرت بحرا من الدماء –من الطرفين- في العقد الأخير من القرن الماضي في صعيد مصر وفي القاهرة. لقد كانت تلك الممارسة إجراما.. أما تكرارها في سيناء فهي جريمة الخيانة العظمى والتآمر ضد الوطن والتعاون مع الأعداء لتفتيت الوطن. ألم يكن فيهم رشيد يكبح جماح الانهيار وحدته قبل أن يتواصل استفزاز البدو وإهانتهم حتى ينفجر احتجاجهم بقطع الطريق الدولي ورشق السيارات المارة بالحجارة لأكثر من خمس ساعات احتجاجا على عدم تقديم ضابط شرطة قتل بدويا إلى المحاكمة.
***
لماذا اشتد الضغط الهمجي المتوحش من القوة الباطشة العمياء حتى دفع المئات من بدو سيناء للتجمع ومحاولة العبور الأسلاك الشائكة على الحدود المصرية ـــ الإسرائيلية باتجاه إسرائيل هرباً من ملاحقات أمنية ضد بعضهم.
لماذا تواصل الضغط الوحشي الخائن إلى الدرجة التي دفعت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية لتنشر أن بدو سيناء مستعدون لحمل السلاح ضد مصر في أي حرب قادمة مع إسرائيل.
لقد أوصلهم الشيطان ابن العلقمي لحادثة لم تحدث من قبل في تاريخ مصر.. عندما اختطفوا واحتجزوا وأسروا خمسة وعشرين من رجال الشرطة قائدهم عميد لتخرج إحدى الصحف الصليبية تسكب البنزين على النار بمانشيت يتهم البدو بالقضاء على هيبة الشرطة بدلا من أن تنتقد الأسلوب الأمني غير المتعقل.
***
لماذا أفقدوهم الأمل والثقة في وطنهم الأم؟!
لماذا.. لماذا؟!..
لماذا اضطهدوهم ونكلوا بهم وازدروهم.. لماذا..
لكن الإنصاف يقتضي هنا أن أقرر أن نفس الازدراء الإهانة والمهانة قد وجهت لأبناء الوادي.. لكنهم كانوا أكثر تعودا وصبرا.. ولا أقول خنوعا واستسلاما.. وهو الأمر الذي يصعب توفره عند البدو العرب الأحرار..
***
لماذا لم يعمروا سيناء؟..
كلهم اتفقوا.. منذ محمد على وحتى الآن..
لماذا لم يختلف تصرف الاستعمار عن تصرف الضباط الأحرار؟!
هل تحظر معاهدة السلام تعمير سيناء ؟
أم أن هناك رفضاً إسرائيلياً صريحاً لتعمير سيناء حتى تستطيع اجتياحها في ساعات قليلة عندما تريد ؟
لماذا أهملنا مشروع السادات لتنمية وتعمير سيناء.. أهملنا هذا المشروع الذي أدرك أن تفريغ وسط سيناء يخل بالأمن القومي المصري فقرر أن يعمر وسط سيناء وأمر بإعطاء الأولوية لهذا المشروع علي أن ينتهي في عام 2017 بزراعة كل منطقة وسط سيناء إلي جانب تهجير وتسكين أربعة ملايين مصري من أبناء الوادي في وسط سيناء ليكونوا خط دفاع أساسياً عن أرض مصر. حيث توجد ممرات وسط سيناء التي جاءت إلينا منها كل الغزوات القديمة والحديثة.. من أجل ذلك بدأ مد النيل إلى وسط سيناء عبر ترعة السلام حيث يوجد أكثر من نصف مليون فدان من الأراضي المنبسطة والتي يمكن زراعتها بأقل التكلفة إذا وصلت إليها المياه.
فجأة جاء ابن العلقمي فأصدر قرارا بتغيير مسار ترعة السلام من وسط سيناء إلي أقصي الشمال لتكون ملاصقة للبحر الأبيض المتوسط في سهل الطينة. ذلك السهل الساحلي غير الصالح للزراعة لزيادة نسبة الكالسيوم في تربته. وكان هذا القرار يفسد المشروع كله ويجعل ما أنفق عليه-كما ما أنفق على توشكا- هباء تذروه الرياح.. ذلك أن ابتعاد ترعة السلام عن منطقة وسط سيناء يجعل تلك الترعة بلا قيمة. بل إن ابتعاد الترعة عن وسط سيناء ووجودها في الشمال لابد أن يغري سكان وسط سيناء وكلهم من الرعاة المتنقلين بحثاً وراء المياه أن يهاجروا إلي الشمال للاقتراب من مصدر المياه في ترعة السلام. وهذا يعني تفريغ وسط سيناء من السكان. وترك منطقة الممرات مكشوفة بلا مواطنين. وهذا ليس حديثنا بل إنه بتصرف قليل جدا هو ما نشرته الصحف الحكومية.
من هو المجرم الذي فعل ذلك؟!
بل من هو الخائن وكم كان الثمن؟!.
***
نحن لا نتحدث كمعارضة تريد تشويه النظام فنحن لسنا المعارضة بل إننا الأمة..
وإننا نستند إلى تقرير رفعه صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى المصري للرئيس حسني مبارك عن خطورة ترك السلطات المصرية سيناء فارغة من التكتلات السكانية، وأثار التقرير قضية وجود حالة من الاحتقان بين شيوخ القبائل وضباط الشرطة بسبب سوء معاملتهم ومحاولة إشعالهم الفتنة بين العشائر.
وبين التقرير البرلماني أن نسبة التدهور في تنفيذ مخطط تنمية سيناء بلغت 70% في المشروعات الزراعية والسمكية و66% في الصناعة والتعدين والبترول و83% في السياحة و95% في التنمية العمرانية، و57% في النقل والاتصالات و86% في المياه والصرف الصحي و97% في برامج البيئة و90% في الخدمات التجارية والمصرفية و90% في الخدمات البشرية.
لماذا يا بن.. العلقمي؟!
لماذا أوقفت ترعة السلام؟
ولماذا رفضت تمويل مسار السكة الحديد من بئر العبد إلى رفح.
***
لماذا يمالئ ابن العلقمي أعداء الله ويبرأ من أوليائه؟..
لماذا نعطي إسرائيل الغاز والأسمنت ونمنعه عن إخوتنا في غزة؟..
لماذا كان ما حدث في أرض سياج؟!
ولماذا تمَّ منح شركة "اكسبلوريشن" حق التنقيب عن البترول والغاز بشمال سيناء، كما حصل المسئولون عن شركة "ميرهاف" على وعود مماثلة بعقود سخية في نفس المجال. والشركتان إسرائيليتان.
لماذا تم –بمنتهى العنف- إجهاض مشروع الطريق العلوي الذي كان سيربط السعودية بسيناء ولمصلحة من؟ رغم أن هذا المشروع كان يمكن أن ينافس بدخله قناة السويس. فلماذا؟!.
لماذا يا بن العلقمي تمنع أهالي سيناء من تملك الأراضي الزراعية والسكنية الموجودة في حيازتهم منذ قرون؟.
لماذا يا بن العلقمي لا يصل إرسال تلفازنا وإذاعاتنا إلى معظم سيناء في وقت تسيطر فيه القنوات الإسرائيلية على الموجات، مما أوقع المصريين في حبائل عدو تاريخي لهم، مع تلقيه رسائل عبر البرامج الإسرائيلية تشعل الفتنة بين القبائل، وتزيد من تشاحنهم مع أجهزة الأمن.
لماذا تمنع البنوك من تمويل المشاريع في سيناء؟
لماذا يمنع حتى رجال النظام من إنشاءات سكنية تعمر المنطقة وتحتاجها المشاريع؟ واسألوا الدكتور حسن راتب.
***
إن أبجديات الإستراتيجية تقول أن"الفراغ في سيناء يغري بالعدوان".
ولقد اعترف بها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق "حبورا آيلاند" حين صرح بأن إسرائيل باتت ترفض بشكل واضح فكرة اقتسام تلك المساحة الصغيرة من الأراضي مع الفلسطينيين لإقامة دولتين لشعبين. لأن هذا يضر بنظرية الأمن الإسرائيلي. ومن ناحية أخري فاليهود يؤمنون بأن سيناء هي الأرض المقدسة التي نزل فيها الوحي علي موسي. ويضيف المجرم أن من حق إسرائيل الحصول علي أراضي سيناء وأراضي الضفة الغربية معلنة أن مشكلة الشعب الفلسطيني ليست مسئولية إسرائيل وحدها ولكنها مسئولية "22" دولة عربية.
اليهود يخططون لذلك ويعلنونه فنتهم به إخوتنا في غزة ظلما وعدوانا ونعاقبهم عليه!.
لقد كانت سيناء كما ذكر الدكتور / عبد الوهاب المسيري في موسوعة اليهود واليهودية والصهيوينة مركز اهتمام المؤتمرات الصهيونية على امتداد قرن من الزمان ، وخاصة المؤتمر السادس الذي عقد في بازل في أغسطس 1903برئاسة هرتزل للمرة الأخيرة . والذي طالب بسيناء كي تكون حاجزا بشريا يهوديا وحليفا لبريطانيا ضد ثورة متوقعة للمصريين.
ولقد مر الزمن ولما تزل أطماع إسرائيل كما هي.. ففي 4 سبتمبر 2008 ألقى آفى ديختر وزير الأمن الداخلي الصهيوني ، محاضرة في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي ، عن الإستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة وكان ما يتعلق سيناء أن الانسحاب الإسرائيلي منها تضمن أن تبقى رهينة لدي إسرائيل بضمان أمريكي. وأن ابرز محددات السياسة الإسرائيلية تجاه مصر في ظل السلام الشامل والعلاقات الأكثر من طبيعية هي :
تعميق وتوطيد العلاقة مع مصر الرئيس المصري والنخبة الحاكمة للحزب الوطني والوزراء والنخب الحاكمة والناظمة لحركة مصر ، و النخب الاقتصادية ( رجال الأعمال ) , والنخب الإعلامية والثقافية(ولاحظوا أن وزير الأمن الإسرائيلي هو الذي يقول ذلك وكأن كل من ذكرهم تبع له ورهن إشارته).
***
إن الأحداث تثبت أن إسرائيل لم تتخل أبدا عن أطماعها في سيناء . وليراجع من يشأ ما فعله خائن استطاعوا استمالته هو اللواء ماهر غبريال، لواء الشرطة السابق بمديرية أمن جنوب سيناء، حيث تآمر لتسهيل استيلائهم على أراض في سيناء بأسماء مستعارة.
***
لماذا بعد التدخل الأمني الغبي زادت معدلات الجريمة في سيناء ، بعد أن تكرر الاعتداء الأمني على ممثلي العشائر وامتناع البعض منهم عن ملاحقة المجرمين الذين يدخلون المناطق الجبلية خوفا من اتهامهم بالجاسوسية لصالح أجهزة الأمن.
ألم يشعر الأمن بالخزي عندما طلب شيوخ بدو سيناء بأن يكون رجال القوات المسلحة لا الشرطة في المنطقة هم الجهة الوحيدة التي تتعامل معهم لقدرة رجال القوات المسلحة على حفظ أقدار الشيوخ وحسن معاملة الجميع، مع خبرتهم الواسعة بطبيعة السكان ودروب المنطقة.
لماذا يقوم الجهاز الباطش الجبار الغبي بإهانة الشيوخ وتعذيب الأمة وهتك الأعراض؟.
لماذا عذبوا الشيخ محمد عبد الحميد إمام مسجد أم القرى بالعريش واعتدوا عليه بالسب والضرب بأقذع أنواع السباب وهددوه بالاعتقال والتعذيب بالكهرباء والتعليق وذلك بادعاء أن خطبته تضمنت تحريض الناس على الجهاد.
لماذا قبضوا على عشرة آلاف من البدو بعد عمليات إرهابية يرى معظم الخبراء الأمنيين أن إسرائيل وراءها كي تثبت عجز النظام المصري عن حفظ الأمن؟ لماذا قبضوا على 140 سيدة اتخذوا كرهائن ولماذا ينزعون النقاب من على وجوه النساء في الشوارع.. لماذا دفعوا الرجال إلى حلق لحاهم خوفا من الاشتباه وهل يدركون مهانة ذلك على عربي حر؟..
***
لماذا عذبوهم..
قصص التعذيب تتراوح ما بيم التعليق من خلف وشد الرجلين بالحبال، كهرباء توصل عن طريق مشابك تربط في أصابع الرجل..يقول أحدهم: (...أخدونا على سجن طره.. كان معايا تقريبا 125 شاب.. كانوا ست عربيات ترحيلات.. 20 يوم ما حدش كلمنا.. في أمن الدولة في العريش كان الصريخ والصوات من كل مكان.. رجاله وحريم.. شتموني رديت عليهم.. قعدت هناك 10 دقايق بس شفت فيهم الويل.. شفت التعذيب على ناس تانيه بس.. شفت بعنيه رجاله بزازهم سايحه.. كهربوهم في بزازهم وفي حتت تانيه من جسمهم.. عمري في حياتي ما شفت حاجة زي كده ولا في الأحلام، الصوات كان من كل الاتجاهات، من يميني وشمالي ومن ورايا وأنا قعدت 10 دقايق بس.. أنا فدائي.. أموت أموت، وأعيش أعيش بس بكرامتي.. كانوا بيكهربوا الناس.. جلدهم كان بيسيح.. كانوا بيعلقوا الناس ويعلقوا أنبوبة بوتاجاز في رجليهم واللي مش معلقين أنبوبة بوتاجاز في رجليه كانوا بيشدوا رجليه بالحبل.. الـ120 اللي طلعوا معايا اتعذبوا لما ماتوا هنا قبل الترحيل.. في طره جابوا لنا دكتور وأدونا علاج.. في الترحيلة كان فيه 15 ست نزلوا في القناطر غالبا، قرايب الحاج فليفل (من قرية الميدان عند مدخل العريش متهم في أحداث طابا) أخدوا كل القرية ستات ورجاله وأطفال (5 أطفال)..
***
لماذا.. لماذا.. لماذا يا بن العلقمي؟!
لقد اضطر أهلنا في سيناء إلى أن يحاربوا من أجل الحصول على بديهيات لعن الله من ألجأهم إلى طلبها. اضطروا إلى أن يطلبوا الأساسيات التي لا يمكن أن تستقيم حياة أو كرامة بدونها. الحمد لله أن عبدة الشيطان والصهاينة والأمريكان لم يلجئوهم إلى التوسل ألا يحال بينهم وبين الهواء بعد أن حيل بينهم –بالجدار الفولاذي ومنتجعات الدعارة- وبين الماء!..
لقد صرخوا على لسان المفوض/ محمد أبو راس فأصدروا :"بيانا من قبائل بدو سيناء" يقولون فيه:
إننا أبناء قبائل سيناء لا نقبل أن يزايد أحد على وطنيتنا مهما كان موقعه أو مركزه، فنحن مصريون وطنيون و سجلات المخابرات الحربية تشهد بذلك. و لكن للأسف نقولها بمرارة أننا أبناء سيناء و نعامل من قبل الأجهزة الأمنية معاملة لا إنسانية و الحكمة تقول (إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلي ضده) و هذا ما حدث بالفعل.
و تتمثل هذه المعاملة في الاعتقال العشوائي. فهناك آلاف المعتقلين من أبناء سيناء دون محاكمة وورائهم أسر لا عائل لها إلا هذا المعتقل و هناك مطاردين محكومين غيابيا في قضايا ملفقة إليهم ..و نعامل نحن أبناء سيناء معاملة مهينة للكرامة داخل أقسام الشرطة و المعابر الحدودية و على نقاط التفتيش و ما أكثرها في سيناء.
إننا لا نطلب المستحيل و مطالبنا شرعية من حق أي مواطن مصري و مطالبنا تتلخص في:
1. الإفراج عن المعتقلين الذين تم تبرئهم من القضاء
2. إعادة النظر في الأحكام الغيابية العسكرية و المدنية الملفقة.
3. وقف إطلاق النار العشوائي من قبل الأجهزة الأمنية.
4. رفع ظلم و تغول الأجهزة الأمنية.
5. تقديم الضباط الذين ارتكبوا جرائم قتل لمحاكمة عادلة.
6. منع انتهاك حرمات البيوت بأخذ من لا ذنب له من نساء و شيوخ و أطفال كرهائن.
7. توفير فرص عمل لأبناء القبائل.
***
يتفتت الوطن.. يتمزق.. تتبعثر أشلاؤه .. ويضيع..
وما يسحق القلب أن جهد أعداء الخارج هو الأقل وأن دور خونة الداخل هو الأجل.
يدور الزمان دورته فيعيد سيرته فكأنما عاد ابن العلقمي من جديد..
كان ابنَ العلقمي وزيراً للخليفةِ العباسي المستعصمِ ، وكان الخليفةُ على مذهبِ أهلِ السنةِ ، كما كان أبوهُ وجدهُ ، ولكن كان خائبا.
استجاب ابن العلقمي للتتار فأضعف الجيش وقوى الشرطة.. حتى انخفض عدد الجيش من مائة ألف إلى عشرة آلاف"[ البداية والنهاية : 13/202 ].
ثم عقد ابن العلقمي أواصر الصداقة بينه وبين اليهود(عفوا.. أقصد التتار) وأشاع بين الناس أن الصهاينة (عفوا.. أقصد التتار) لا يريدون إلا السلام والوئام ونهي الناس عن قتالهم وحذر من الإرهابيين الذين يريدون توريط الدولة في حرب خاسرة وراح يعدد ميزات السلام..
وصدقه الناس فكان مآلهم الهلاك والدمار.
وكان داهية استطاع أن يستغل صفات الضعف في الخليفة لينفث سمومه ويلعب به كيف أراد، لتسقط بغداد، ليقضى الله أمراً كان مفعولاً) [تاريخ الإسلام، الذهبي، (11/177)].
***
ماذا تريدون بسيناء..
لقد كان كل جهد ابن العلقمي أن يحرم أهل سيناء منها وأن يحولها لماخور للإسرائيليين وبيت دعارة متضخم.
في إحدى المظاهرات القريبة أفادت وكالة أسوشيتد برس للأنباء أنه حتى بعد تفرق الرجال بقيت نحو 200 سيدة وهن يصرخن "نريد أطفالنا" و"اليهود كانوا أفضل منكم".
(ياااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه!)
ومنذ عشرين عاما كان" أحمد" يهاتفني من العريش مقسما أنه لولا الإسلام والولاء والبراء لاختار التبعية لإسرائيل..
أيامها أطلقت النذير تلو النذير..
كنت أشعر أن كياني يتهدم.. أن عينا من عينيّ تسقط من وجهي وتتدحرج على الأرض أمامي.. فيهرسها حذاء غليظ لجندي أمن في سيناء ويفقؤها قلم كاتب سلطة ويسملها قرار حاكم.
كنت واثقا بعد تحذيري أن دواعي السياسة ستتراجع لمصلحة الأمن القومي.. وأن الأمن الغبي سيتنحى ليتقدم الحكماء وعلماء الإستراتيجية..
لكن ما حدث كان مذهلا..
كأنهم كانوا يتصنتون على المكالمة بيني وبين أحمد العريشي..
كأنهم اكتشفوا السر.. وهو أن ما يربط أهل سيناء بأمتهم هو الإسلام ولاشيء سواه.. ولذلك فقد حوّلوا هجومهم إلى الإسلام.. ومحاربة النقاب واللحى وتعذيب شيوخ المساجد!!.
***
يا رب السموات والأرض!!..
إني أشكوهم إليك..
صبرا على لأوائك لا إله سواك..
عند الله نحتسب أمتنا وفساد أئمتنا.
تاريخ كتابة المقال
26-3 2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق