السبت، 3 أكتوبر 2015

تركيا .. والارهاب الممارَس ضد الاسلام

تركيا .. والارهاب الممارَس ضد الاسلام


بقلم: إبراهيم كاراغل

خاص ، ترجمة وتحرير تركيا بوست
هل كنتم تتوقعون عراقا كعراق اليوم قبل خمسة عشر عاما؟ وهل كنتم تتوقّعون سوريا كسوريا اليوم قبل عشر سنوات؟
وهل كنتم تتوقعون يمن اليوم قبل ثلاث سنوات؟
هل كان خطر في ذهنكم قبل ستة أشهر أن تدمّر ليبيا بغياب القذافي، والإطاحة بحسني مبارك وبداية ثورة التحرير، وأن تترك شعارات الحرية في ساحة التحرير مكانها لشعارات الانقلاب، وإن أول محاولة ديمقراطية فيها ستؤول إلى الفشل؟
هل كنتم تعرفون قبل سنة أن إيران ستتفاهم مع الغرب؟ هل تستطيعون التنبؤ بأن خليج البصرة سيكون سببا للانجرار لمواجهة حادة بين إيران والمملكة العربية السعودية؟

حروب طاحنة للبشر

لا شك أنكم ترون الآن أن معظم هذه الدول يكون متوسط ضحايا العنف فيها مئة شخص يوميا، كما أنها تعاني من الحرب الأهلية المعلنة أحيانا وغير المعلنة في أحيان أخرى، وأنها فقدت مقومات النهوض لفترة قريبة إضافة إلى غرقها في الاقتتال الداخلي.. لِمَ لم نتنبأ بهذا مسبقا؟ لِمَ لم نقدر على مواجهتها؟ لقد كان ذلك لأننا استهزأنا بمن انتبهوا للمشكلة وحذّرونا، اتّهمناهم بالتشاؤم ووسمناهم بعداوة الغرب وبذلك وصلنا للحال الذي نحن فيه.

ماذا يكون حال تركيا بعد خمس سنوات؟ تقدموا خطوة للمستقبل انظروا لبعد سنوات، عشر.
ماذا ترون أو ماذا يمكنكم أن تروا؟
هل يمكنكم رؤية تفكّك كل جغرافيا إلى قطع صغيرة، وتحوّل جميع الهويات لمواجهات، وإن خطوة واحدة بعدها، بعد ثلاث أو خمس سنوات يمكن أن تكون كارثة كبرى؟ إذا كان بإمكاننا انتشال تركيا من السجن الثقافي الذي يأخذ العقول رهينة، ويلوثها ، إذا كان ذلك يهمنا؛ فإن علينا أن نخطو خطوة عاجلة بالنظر إلى الخطوة التالية إن كنّا نحمل همّ تركيا..
استهداف تركيا بالإرهاب
إن تركيا هي الدولة التي يسعون لكبتها ومحاصرتها أمام هجمات البي كا كا ومشاريع الانتخابات، و١٧ كانون الأول، وأحداث الغيزي .

حيث تم تجهيز جميع ما يلزم للصراع الداخلي، وتم تكوين الوسط السياسي لمثل هذا النوع من الصراعات.
والمعارضة السياسية التقليدية قد تموضعت في مثل هذه الجبهة أثناء فرارها من السلطة.
تم تجهيز جبهة الثروة، وتم تفعيل المنظمات، وتم تجنيد الإعلام في جبهة هذه الحرب الكبرى.
ولأن إعلام آيدن دوغان يقدّم لنا صورة واضحة عن هذه التجهيزات والأحداث فإنه يتابَع عن كثب.

هنالك توجه لحشر الأحزاب السياسية والإعلام مع المنظمات الإرهابية، وجعل الثروة والمنظمات الإرهابية في جبهة واحدة وتمكينها من اللعب بمستقبل تركيا. لقد تم إنشاء جبهة لم نعهد مثلها في تاريخ الجمهورية.
إن ما أخافه أن يترنّح من عليه أن يكون قويا ومرفوع الرأس في هذه الفترة. وهذه العاقبة هي ما يسعون لتحقيقها ويعملون عليها. لأن هذا الترنح فيه زوال لتركيا. وهذه نهاية لنا جميعا. وهي خسارة للجميع بغض النظر عن الجبهة التي ينتمي إليها أو الموقف الذي اتّخذه.

محاولات صنع سوريا أخرى
هناك تدخّل صارخ وسعي حثيث لتحويل تركيا لسوريا أخرى. وفي إطار هذا السعي لم تبق منظمة أو بنية تقريبا لم تُسَق للجبهة. واجتمع الكل في هذه الجبهة المشؤومة عدا من لاحظ اللعبة وقاومها.
إن نجحت خطّتهم ستنتظرنا اشتباكات وانتقامات بين المدن والأحزاب والأحياء. ستنزل الهوية العرقية، والانتماء المذهبي، وجميع نقاط الاختلاف على الشوارع كاشتباكات. وما قام به تنظيم “بي كا كا” في “جزرة” ستقوم به منظمة أخرى في اسطنبول. وبذلك سيتهاوى مركز تركيا ويضعف ويفرق محيطها. فافهموا هذه الأيام جيدا لكيلا تقولوا بعد خمس سنوات أو عشر “ماذا حدث لنا”. حاولوا أن تفهموا سيناريو أحداث هذه الأيام وكيف تدار. وإياكم أن تفكّروا أن جميع ما سبق نتاج خيال خصب مستحيل الحدوث.

كيف لنا ألا نرى تحول ما نظنه خيالا إلى واقع يدق أبوابنا؟ إنه التفكك الكبير الثاني بعد تفكك الدولة العثمانية ويتم تقاسم القوى والدول مرة أخرى وترسم. وبعد تفكك الدولة العثمانية تُوجّه المنطقة لتفكك آخر أكبر. قد لا نرى معظم الدول الموجودة الآن بعد عشر سنوات. قد نرى دولا جديدة، ودويلات جديدة أو حتى دويلات المدن. ومن يقاوم هذا يعلَن عدوا الآن. من يحاول كشف اللعبة، ومن يدافع عن وطنه، ومن يستوعب الانتقام التاريخي بين الشرق والغرب يستهدفون جميعهم.

تلك الجبهة المعروفة تُعلِن حربا ضد كل من يحاول إنشاء مستقبل مرتبط بتراث وحضارة الماضي، وضد من يقف بقدم ثابتة ضد تحويل تركيا لسوريا أخرى او أوكرانيا أخرى. فيتواجه من يحمون بلادهم مع من يقيمون شراكة علنية مع الإرهاب.
تلك الجبهة التي تقوم باغتيالات دموية بالأسلحة وأخرى إعلامية للشخصيات.
لذلك نتحدث هنا عن “حرب استقلال”.
نتحدث هنا عن التحرر، والتخلص من التبعية، وأن نعود لذواتنا، وننهي الوصاية. لذلك ندعو لـ “مقاومة لا ترحم” لحماية آخر معقل لنا. فامنعوا ما سيحدث بعد عشر سنوات.

تركيا بين مجموعة دول مفكّكة
كونوا يقظين تماما نحو استعدادات الاحتلال الداخلي وجبهة الشر هذه. ولا تنسوا أن جغرافيتنا تنجرّ نحو حرب كبرى. في هذه المنطقة التي تُعرَف بأنها “جغرافيا الفوضى” تعتبر تركيا حصنا حصينا، إذا لم نحافظ عليها كملجأ للجميع؛ لن يكون لنا في الشرق الأوسط المسلم ملجأ آخر يحمينا.
إن التطورات الأخيرة من دخول روسيا إلى سوريا والأنباء التي تتحدث عن أنها ستشن غارات جوية على المعارضين، هي نذير حرب في المنطقة.

في الحقيقة كانت هناك حرب عالمية قائمة تستهدف جميع الجغرافيات المسلمة. إ
ننا نرى مناطق الاشتباكات في عدة دول و تبدو لنا كأنها منفصلة عن بعضها، لكننا نرى جميعا أنها تُحوِّل لجبهات أبعد من الحدود المرسومة.
هذا الأسلوب جربوه لمدة طويلة على المنظمات.
بينما وضعت داعش لتغبش عيوننا…
استُخِدمت “القاعدة” كأداة تمويه لاحتلال العراق وأفغانستان. والآن تم إعطاء مهمة التمويه لداعش. فبينما تغبش عيوننا بداعش يخرج أمامنا هدف آخر، أترون؟ فتمويه داعش يستهدف تركيا. وعاصفة التفكّك تعصف بالحدود التركية. هناك محاولة لتصدير مثال سوريا لتركيا.
اتهِمت تركيا بدعم داعش في البداية. ثم أقنعوها بالاشتباك مع داعش. والآن يحاولون إرضاءنا بالجناح السوري لتنظيم “بي كا كا” وهو “حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي” في استهداف داعش.
إذا لم نتيقظ لما حولنا سنرى غدا أنقاضا. فبعد تفكّك سوريا توجّهوا إلى منطقة شمال سوريا. أطلقنا نداءات عاجلة. قلنا: تتم الإحاطة بتركيا من الجنوب، ويتم فصل جميع اتصالاته بالجنوب، ويتم تشكيل المنطقة لتكون جبهة ضد تركيا. تأخرت الاستجابة جدا. تم قطع ممر شمال سوريا نوعا ما، وتم إيقافه الآن. وعقب ذلك مباشرة باشر تنظيم “بي كا كا” وجناحه السوري “حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي” المتواجد في المنطقة بهجمات في المدن التركية، وبمحاولة للسيطرة على بعض المحافظات.

هذه التطورات ليست عادية. بينما كان عناصر “حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي” الذين درّبتهم أمريكا يهاجمون المحافظات في الشرق والجنوب الشرقي، بدأ الإعلام المدعوم من نفس الجهة أو الإرهاب التكفيري بشن ضربات من الغرب.
وبهذا تتضح الشراكة بينهم بشكل جلي لا يدع مجالا للشك. هذه اللحظة التاريخية مهمة جدا لدرجة أننا إن لم نكن متيقظين اليوم فسنرى أنقاضا فيما بعد..

مصدر الإسلاموفوبيا..
لاحظوا.. “مراكز الإعلام” التي أقامت شراكة مع الإرهاب والتي أصبحت الآن الناطق الإعلامي للإرهاب، هي المركز الأم للإسلاموفوبيا في تركيا وتقوم بنشر الكراهية.
لاحظوا كل ذلك لتدركوا صراع تركيا الحالي من اليوم.إن النقطة المشتركة بين عناصر هذه الجبهة هي أنهم جميعا يخافون من الإسلام..
نعيد ونكرر: إن عقدة الحظ السيء في المنطقة تنفك في هذه الدولة. وكما حدث سابقا مع الحملات الصليبية، والغزو المغولي، والحرب العالمية الأولى فإن هذه الدولة قادرة على عكس عاصفة الكارثة العالمية القادمة. يكفي أن تنظروا للمستقبل بوعي، انظروا جيدا لما يحاك ضدنا، لتثبت أقدامكم ولا يصيبنكم الوهن. فمهما كانت سيناريوهاتهم كبيرة فإن صدى الظفر سيكون مدويا .

المصدر: صحيفة يني شفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق