الجمعة، 1 أبريل 2016

السيسي وأمّ الغلام

السيسي وأمّ الغلام


 عبد الحكيم حيدر

في زمن تصنيع الأساطير، نسمع الكثير من أصحاب الخطط والمطامع، فها هو عبد الفتاح السيسي، بالأمس، قد حفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب في "مسجد أم الغلام"، واستمع بعمق أيضا إلى الشيخ متولي الشعراوي.
وورد في خطط الغيطاني، أيضاً، أن عائلة السيسي ورد اسم الأسرة ومقهاهم، وهو مقهى السيسي، في "حديث الصباح والمساء" للأديب العالمي نجيب محفوظ، وكأنها الخبر للعالم من باطن الغيب على تأصيل وتأصّل العائلة من قريحة أديبٍ عالميٍّ حاز "نوبل" من مقهاه في "الفيشاوي" الذي لا يبتعد عن مسجد أم الغلام كثيراً، وكيف لا، والطفل قد حفظ القرآن في مسجد أم الغلام، وما أدراك ما هي أم الغلام، حتى وإن أقرّ عبد الحليم قنديل، في ذكر طهارة يد الرجل التي لا تشوبها شائبة، وقال عنه، في خبطةٍ واحدةٍ، بأنه "صاحب رؤية"
وأيضا لم يأخذ متراً واحداً من أراضي الدولة في زمن النهب والتهليب، أما عن باقي الأوصاف الأخرى التي شطحت، كفريدة الشوباشي، فقد شبّهته بالمسيح. وهنا، فقد تفوقت كثيراً على أم الغلام، وعلى حفظه كتاب الله، وتماهت به مع المسيح عيسي بن مريم. أما والأمر قد فلت من أيدينا جميعاً، فسنعود لحكاية أم الغلام. 
أم الغلام أسطورة شعبية تحكي أن جنود معاوية، حينما علموا أن رأس الحسين وصل إلى المكان وهي عند امرأة، جاءوا، وكانت المرأة قد أعدّت، هي الأخرى، نفسها لحماية الرأس الشريف، وتكملة الأسطورة، فقطعت رأس ابنها، تضحيةً للرأس الشريف، وأعطت رأس ابنها للجنود، وبذلك حمت رأس الحسين من جنود معاوية، والتي سيُبنى عليها فيما بعد المسجد، مسجد أم الغلام الذي سيحفظ فيه السيسي القرآن الكريم فيما بعد، فهل لاحظ أحدٌ منكم، مثلاً، وهو يستمع لكلماته أن الرجل فيه من بركة القرآن شيئا؟ ولو حتى على مستوى نطق الجملة فقط أو سبك العبارة؟ 
نعود إلى موضوعنا، هل هناك أشرف من امرأةٍ تضحي برأس ابنها، فداءً لرأس سيد شهداء أهل الجنة، وهل أكثر من أن يبُنى لها مسجد باسمها، وهل أجمل من أن يحفظ فيه الغلام السيسي القرآن الكريم فيما بعد طفلاً، قبل أن يكون رئيساً بزمن طويل؟ والأساطير تتناسل، والبركات أيضا تأتي من طين المكان عند اللزوم. 
يُروى أن الحسين بن علي، ابن بنت الرسول وسيد شهداء أهل الجنة، كان قد تزوج ببنتٍ من بنات كسرى، بعدما اعتقت، لأن النبي، كما أوصى وكما أفتى عمر بن الخطاب، لا بد أن يُعامل أولاد الكرام بكرم، فاعتقت بنت كسرى، وخُيّرت في أمر الزواج، فاختارت الحسين، وكان اسمها شهؤنياز، أو فاطمة فيما بعد، وقد أنجبت له علياً زين العابدين، وأخته زينب، والذي قال فيه الدؤلي: 

وإن غلاماً بين كسرى وهاشم/ لأكرم من نيطت عليه التمائم 

لماذا تتناسل البركات، في هذه الليلة، حول رأس الحسين، على الرغم من أن الفتى الذي حفظ القرآن في مسجد أم الغلام، وعلى بعد أقدامٍ من قبته الشريفة، أسال جنود داخليته دماء ستة من المسلمين في غرة عيد رمضان بالرصاص الحي قتلاً، وتلاها بالقطع ما هو أفظع، وسبقها أيضاً، وكأن أساطير الرؤساء لا بد أن تشرب من الدماء كي تكتمل البركات، على الرغم من أنه عفيف اليد واللسان، كما قالوا سابقاً، ولم يأخذ متراً من أراضي الدولة، في زمن التهليب.
ولكن، ببركة أم الغلام ومسجدها وحفظه القرآن صبياً، كان في ذمته المالية 20 مليونا من الجنيهات (في بداية حكمه)، تكفي وحدها فقط لا غير، من حمل بعيريْن من الفضة والذهب والحرير والدماقس عربون محبةٍ، حتى لزينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فأيّ بركةٍ حلت على الفتى، بعد حفظه القرآن في مسجد أم الغلام؟ وأيّ ثراءٍ ينتظر فقراء مصر؟ وخصوصاً بعدما وصل الدولار إلى عشرة أمثاله من المرحوم الجنيه المصري سابقاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق