النصارى يحكمون مصر!
الجزء الاول
[بقلم: د. محمد عباس (www.mohamadabbas.net)]
بسم الله الرحمن الرحيم
كلما ازدادت الخطوب، وتهاطلت المصائب، وتكاثرت الفتن، تدهمني الحيرة، وينقض السؤال ظهري، سؤال يقول: في أي الشئون أكتب، ولأي الفتن أتصدى، وعن أي الخطوب أدافع، أتقلب على الجمر و أقبض عليه إذ أتساءل: أي الكوارث أولى بالمواجهة، و أي المصائب لا يجوز التواني عن الحديث عنها، كلما حدث ذلك تتغير أولوياتي، فأنصرف عما نويت التصدي له، وأتحول عما أردت الخوض فيه، ليس انصرافا عن المهم، بل اتجاها للأهم، فأكون كالأب الذي ينصرف عن ابنه الذي تصرعه الحمى، إلى ابنه الآخر الذي يكاد النزيف أن يقتله، وما أكثر ما انتويت أن أكتب حاشية في أمر ما، حاشية من بضعة سطور، فإذا بالحاشية تتحول إلى مقال، وكم من مرة انتويت أن أكتب مقالا واحدا أعود بعده إلى ما كنت فيه، لكن المقال يستدعي أجزاء و أجزاء و أنا أدرك أنني لم أكمله، و أن هناك نقاطا في غاية الأهمية لم أذكرها، أقول كلما حدث ذلك ينساب إلىّ خيال حزين، ربما كان رؤيا، وربما كان من خلال أستار الزمن رؤية، عن فارس، ربما كان في الأندلس أو في العراق أو في فلسطين أو في سيناء أو في البوسنة والهرسك أو الفلبين أو كوسوفا أو في بخارى أو في سمرقند، أو الشيشان أو كشمير أو في دمشق وبيروت والرياض والقاهرة، فارس يحاول الدفاع عن قلعة تهدمت حصونها ونقبت ثغورها، وانشغل ولاتها الخونة، و أمراؤها اللصوص، انشغلوا عن الدفاع عنها بجمع ما سرقوه منها والهرب، ويقف الفارس حيرانا، هذا الثقب أولى بالدفاع أم تلك الثغرة، تلك الثلة من فرسان العدو أم تلك القلة، هل يندفع إلى اليسار أم اليمين أولى، إلى الأمام أم الخلف أخطر، كلما اتجه إلى مكان اكتشف أن الخطر في المكان الآخر أشد، وكلما عزم على أمر وجد أن فرصة تنفيذه قد ولت، تجيئه النداءات من كل صوب، والاستغاثات من كل جهة، اختلطت الأصوات فما عاد يعلم إن كان الصوت صوت أخيه أم صوت عدوه، وما إذا كانت الاستغاثة صادرة لتحذيره أم لتضليله كي يندفع إلى المكان الخطأ في الزمان الخطأ، اشتبكت الأصوات واختلطت الملامح، الأعداء يلبسون زى قومه وقومه يلبسون زى الأعداء، لم يعد يعرف، لم يعد يفهم، عيناه تكذبان وأذناه تكذبان وفكره يختل، إلى من يستجيب؟ من يُنجد وبمن يستنجد؟؟ تدور عيناه، تنسعر عيناه، يجرى لكن في نفس النقطة من المكان، يلهث، يدور حول نفسه، يظل يدور، ويدور ويدور..***
يستبد بي هذا الخيال الكابوسي، ثم ما يلبث حتى يستسلم لواقع لا يكاد يختلف عنه، فمنذ شهور، مرت كدهور، و أنا أنوي العودة للكتابة عن شهيد الإسلام سيد قطب، لعن الله قاتليه، و نصر متبعيه وتابعيه، ورحت أؤجل و أؤجل، ملتمسا الأعذار لنفسي، فالشهيد – إن شاء الله- يستطيع أن ينتظر، وهو – إن شاء الله- في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وعندما انتقلت المجاهدة زينب الغزالي – وهي الشهيدة في فراشها إن شاء الله – إلى رحاب الله، قلت لنفسي قد آن الأوان إذن، لأن مدخل الكتابة عن الفصل الأخير من حياة الشهيد سيد قطب، لابد أن يمر من خلال أيام من حياة المجاهدة العظيمة، و عزمت، وتوكلت، وقدرت، ونويت..
نعم.. عزمت، وتوكلت، وقدرت، ونويت.. لكن الله قدر أمرا آخر، عندما اشتعلت النار في مكان آخر، من الشلو المليء بالحروق، والجسد المليء بالجراح، و أقصد بهذه النار تلك المسرحية المجرمة، التي تسئ إلى الإسلام أبلغ إساءة، والتي مثلت في إحدى الكنائس في مدينة الإسكندرية، ربما كان المسيح عليه السلام يقصد مثلها عندما تحدث عمن يحولون دور العبادة إلى مغارات لصوص.
و أنبه القارئ الكريم إلى ملابسات لابد يدرك أسبابها حيث أنني سأحاول قد ما أستطيع، أن أستعيض بالتلميح عن التصريح، وبالإشارة عن العبارة، ليس لمجرد الحفاظ على الوطن من تداعيات الفتنة، بل رعبا من تحذيرات سيدي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، رعبا من أن أخطئ في حق ذمّيّ أو معاهد ولو بغير قصد فلا أشم رائحة الجنة، رعبا من أن أخالف الرسول الخاتم الذي اجترأ عليه عباد الشيطان رغم أنه يقول في قبط مصر:
- "من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما"
الراوي: عبد الله بن عمرو بن العاص - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3166
- " إنكم ستفتحون مصر. وهي أرض يسمى فيها القيراط. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها. فإن لهم ذمة ورحما ".الراوي: أبو ذر الغفاري - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2543
- الله الله في قبط مصر؛ فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله
الراوي: أم سلمة هند بنت أبي أمية- خلاصة الدرجة: إسناده صحيح رجاله ثقات- المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 3113
- إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة و رحما
الراوي: كعب بن مالك - خلاصة الدرجة: صحيح على شرط الشيخين - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 1374
***
إن القارئ الذي يتابعني، يعلم أنني عزفت منذ عشرين عاما عن الدخول في هذا الأمر إلا في لمحات سريعة، ولعله يدرك السبب، ذلك أنني – كما تعود القارئ مني- لا أسمي الأشياء بغير أسمائها، ولا أري التأول والتقية حقا لي، و أنني عندما لا أستطيع قول ما أعتقد أنه الحق فإنني أصمت، ليس جبنا، و إنما فطنة المؤمن.
تجنبت الحديث عن الفتنة الطائفية لأنني أرى أن هذه الفتنة وما سبقها ليست فتنة طائفية بالمعنى الصحيح، فهي ليست بين أتباع محمد و أتباع عيسى عليهما السلام، و إنما هي بين أنصار الله و أنصار بوش، بين أتباع محمد وعيسى وموسى عليهم السلام جميعا و أتباع المخابرات المركزية الأمريكية و الموساد. بين أبناء مصر و أعداء مصر. بين الشرفاء والخونة، بين العملاء والوطنيين، بين الأصلاء والدخلاء، إنها قضية ينبغي أن تحكم فيها المخابرات لا الشريعة، وألا يحدد الفقهاء الجرائم الكامنة فيها.. بل محاكم أمن الدولة.. وأن يتحرى عن مخازيها ومؤامراتها جهاز مباحث أمن الدولة لو كان بالفعل جهاز مباحث أمن دولة وليس فرعا للموساد والسي آي إي.
وعندما نبهني البعض إلى موقع عبد الشيطان زكريا بطرس شعرت بالاشمئزاز والعزوف فالرجل كلب من كلاب النار يمزق الحقيقة وخنزير يدنسها. تجنبت الرد عليه والانشغال به، فمن ناحية ليس فيما يطرحه أي جديد، ومن ناحية أخرى هو عميل لجهاز مخابرات ما، ومهمته أن يشغلنا بسفاسفه وحديث إفكه عما هو أهم من مواجهة أكاذيبه. بل إن مجهود هؤلاء الناس غالبا ما يصب في صف الإسلام، لأن من يستمع إلى مثله ويصدقه، تكون صدمته هائلة عندما يكتشف الحقيقة، ويترتب على هذه الصدمة إما الإلحاد بمعنى الكفر بالدين كله و إما الدخول في الإسلام. وبغض النظر عن الصواب والخطأ فإن الكفر بالدين كله قد يتسق اتساقا شيطانيا، أما الإيمان باليهودية دون المسيحية والإسلام، أو الإيمان باليهودية والمسيحية والكفر بالإسلام فعبث لا يمكن للعقل البشري أن يتورط فيه، ذلك أن نقطة العبور أو التحول، أو الحد الفاصل بين بشر كالأنعام أو أضل، وبشر كالملائكة أو أفضل، هي نقطة الإيمان بالغيب كمطلق، وبعد هذا الإيمان يأتي الإيمان بالرسل، جميعا، كنتيجة طبيعية بل وحتمية للإيمان بالغيب.
ولقد ذكرت في مقال سابق ما قاله المفكر المسيحي الشهير نظمي لوقا في كتابه محمد الرسالة والرسول: " أن التسليم بوجود رسل ونزول وحي يجعل من الصعب التسليم برسالة ورفض الأخرى، والإقرار بظهور رسول ونفي ذلك عن آخر" (ولأنه تحدث عن نبي الإسلام بموضوعية و إجلال في كتابه" محمد الرسالة والرسول" فطرده البابا شنودة شر طردة، وحرم الصلاة عليه في كنائسه، ودارت أرملته الكاتبة صوفي عبد الله على الكنائس دون فائدة: راجع المقال بالغ الأهمية للأستاذ جمال سلطان- مجلة المنار الجديد – شتاء 2005).
نعم.. لم يكن الأمر صراعا بين المسلمين والمسيحيين بل صراعا بين الأمناء والخونة، بين الشرفاء والعملاء، بين الطيبين البسطاء والجواسيس، وليس عندي في ذلك شك.
بيد أننا يجب أن نعترف أن أولئك وهؤلاء يوجدون على الجانبين.. ولست أظن – على سبيل المثال – أن البابا شنودة، أشد خطرا على الأمة – وبالتالي الوطن والدولة – من وزير الأوقاف أو بعض كبار الشيوخ في الأزهر. كما لا أظن أن أقباط المهجر رغم خيانتهم وعمالتهم أشد خطرا من كتائب المثقفين المجندين كعملاء في الداخل. والعملاء لا تستعمل هنا ككناية أو تشبيه أو مجاز، بل كصفة، فهؤلاء تسميهم الصحف الفرنسية والألمانية بكتاب المارينز وبصحف المارينز، والمقصود بالنسبة لهؤلاء، الصحف والأقلام التي سخرت وتسخر للترويج لأفكار أمريكا الساعية إلي تعميم الحرية والديمقراطية عبر العالم والتي تعتم علي كل الأخبار حول جرائم أمريكا وإسرائيل، والتي خصصت لها الحكومة الأمريكية بمختلف فروعها حوالي 628 مليون دولار في السنة المالية 2004. الصدمة التي أحدثها إدراك المحافظين الجدد في واشنطن بأن مخططهم لغسل عقول المسلمين لم يحقق نجاحا يذكر زادهم شراسة في حرب التضليل. إلا أن العقول والقلوب المدربة على توقي الخطر الخارجي قد تغفل عن الخطر الداخلي.. رغم أن الخطر الداخلي لا يقل خطورة عن الآخر وقد يزيد.
نعم.. انحرافات المنافقين أشد خطرا.. وكذلك انحرافات المنحرفين عن طريق الإسلام ولو دون ردة ظاهرة أو باطنة.
هل هناك فرق حقيقي بين مجلة روز اليوسف ومواقع الأقباط؟ بين عبد الله كمال و أوغسطينوس؟ بين رفعت السعيد وزكريا بطرس.
هل هناك أي فرق؟!.
***
ليس من حقي التأول ولا التقية، فإما أن أصمت و إما أن أقول الحقيقة بملء فمي..
مهما كانت جارحة أو محرجة أو دامية..
وليس أمامنا سوى أن نسمي الأشياء بأسمائها.. لا بعكس أسمائها كما يفعل سوانا فيسمي الاستسلام سلاما والخيانة تحررا والكفر فكرا والزنا حبا والسرقة مهارة والاختلاس شطارة، والتجهيل تنويرا، والكذب تطويرا، والانحلال حرية، والاستغلال حقوقا، وينسب الخمر إلى الروح فيقول المشروبات الروحية..و..و...
الحقيقة التي أواجهها اليوم هي أن المسرحية التي مثلت في مغارة اللصوص السكندرية، هي بالفعل مسرحية سافلة مجرمة، ولقد كنت حريصا على ألا أكتب حرفا واحدا قبل أن أشاهدها أكثر من مرة، ولقد دهشت لكم الإجرام والبذاءة والكذب فيها، ولكن دهشتي وذهولي الأكبر، كانت عندما تصدى البعض لينكر ذلك، وليدعي أن المسرحية لا تمس الإسلام بل تحارب الإرهاب. وكان هذا القول كذبا فاجرا كالمسرحية نفسها، كذب يزداد فجوره كلما ازداد منصب قائله ومدعيه. كان ممن قاله صحافيون علمانيون، وكان منهم أقباط غير شرفاء، لكن المذهل حقا أن يتورط في هذا الكذب الفاجر قيادات كنسية.
كان كذبا فاجرا، لأن من يقول أن المسرحية لم تتطرق للإسلام بل للإرهاب يعلم ما في المسرحية، ويعلم أنها كلها تسفه الإسلام وتحقره وتزدريه، وأن الكاهن الذي وقف يحيي الممثلين في نهاية المسرحية قد مرغ قداسته المدعاة في الوحل، وهبط إلى مرتبة كمراتب عادل إمام، أو أي ممثل أو ممثلة ساقطة في مسرحية هابطة في ملهي ليلي.
نعم..
أعترف..
آذت المسرحية مشاعري، لكن ما آذاها أكثر كذب كبارٍ غير محتاجين إلى الكذب.
إن الكذب كله مرفوض، وهو رذيلة، بل كبيرة من الكبائر، يدل على خسة في النفس، وفساد في الطبع، ولعلنا نذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سئل: "أيزني المؤمن؟ قال: نعم. أيسرق المؤمن؟ قال: نعم. أيكذب المؤمن؟ قال: لا".
إذن فصفة الإيمان – كلها – منفية عن كل من يكذب في أي ملة و أي دين..
و أولئك الذين كذبوا ليسوا عبادا لله سواء حرف دينهم أم لم يحرف..
ليسوا عبادا لله بل عبيدا للشيطان. لا فرق بين كبير وصغير.. بل إن الشيطان يتسلط على الكبار أكثر.. ملوكا كانوا أو رؤساء أو بابوات وشيوخ.
***
لعل القارئ يدرك أن المسرحيات لا تُحكى، لأن ما يتم قوله فيها بالصمت والإشارة والموسيقى والديكور و الإيماءات والإيحاءات لا تقل أهمية عما يقال بالكلمات، لذلك أقول للقارئ أن ما ورد في هذه المسرحية الساقطة إساءة للإسلام نفسه، إساءة فاجرة، للإسلام وليس للإرهاب، الإسلام المتمثل في القرآن الكريم و النبي محمد صلى الله عليه وسلم بشخصه والسنة الشريفة مباشرة وليس في أقوال الفقهاء أو سيرة العلماء أو فقه التابعين وتابعيهم.
نعم.. الإهانة موجهة للإسلام: للقرآن الكريم و للرسول العظيم صلى الله عليه وسلم..
ولقد قال بعضهم أن المسرحية تشبه أفلام عادل إمام..
ولقد كذب وكذب عادل إمام..
عادل إمام، الشيوعي، عميل الداخلية، المستهزئ بدين الله وبعباده الصالحين، والذي يدعي البعض علاقته الوثيقة برئيسنا القادم، جمال مبارك، عادل إمام هذا – رغم تفاهته وفسوقه- لم يبلغ هذا القدر المنحط من المجاهرة بالعداء للإسلام والسخرية من القرآن.. إلا أنني أحسب أن عادل إمام لم ينكص عن ذلك بسبب بقايا إيمان أو إخلاص أو حتى احتراما لعشيرته وقومه.. لكن عادل إمام أكثر حصافة و أقل وقاحة لذلك فهو يعرف الحدود التي يجب أن يقف عندها.
الفارق إذن هو الفارق بين مهارة قرد يتسلق ويتسلل ويهرب.. وغباء ثور يقتحم ويحطم حتى لو تهاوى السقف على أم رأسه.. وحتى لو تسبب بحماقته وطيشه في أن يرجمه الناس كالزناة والخطاة.
هل يدرك الثور الغبي أنه غبي؟!
ملحوظة: في نهاية المسرحية يقف شخص يلبس ملابس قسيس ليحيي الممثلين، وكلما حيا ممثلا انطلق الممثل ليقبل يده!!.. والملحوظة مهداة لخنازير التنوير الذين لو رأوا مشهدا مماثلا مع مسلم لا يمثل الإسلام في شيء لما كفوا عن العواء والنباح والفحيح.
***
لا أكتب في صحيفة يومية، والصحيفة الأسبوعية التي كنت أكتب فيها أغلقت لأنها دافعت عن الإسلام، لذلك لن يكون مجديا أن أتصدى لتفاصيل المسرحية التي أفاضت الصحف اليومية والأسبوعية في عرضها، لكنني أشهد أمامكم يا أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله شهادة يسألني الله عنها يوم القيامة أنه لا توجد صحيفة واحدة تزيدت أو أضافت إلى ما ورد بالمسرحية فعلا، ومن الناحية الأخرى، فلا يوجد أي صحيفة، ولا حتى الصحف كلها، قد استطاعت أن تعرض كل ما ورد في العمل الفاجر.
تقول المسرحية الفاجرة أن الإسلام دين لا يفهمه أحد وأن القرآن لا معنى له وأن المسلمين مخادعون وإرهابيون و أن القرآن يدعو للعنف والفواحش و أن المسلم متوحش متخلف مجرم لا يستمع لمنطق العقل ويقتل لأتفه الأسباب و أن الشرع يتم تفصيله حسب المقاس و أن هدف المسلمين تدمير المسيحيين وتخريب الكنائس وقتل القساوسة.
دعنا الآن من أن هذا كله ليس قول الإنجيل ولا المسيح ولا حوارييه.. و إنما قول بوش وشارون والموساد والسي آي إيه وعملائهم أينما كانوا.. وكما ذكرت في المقالة الماضية فإن هذه هي الآلية التي يتبعها أي مجرم خسيس لكي يوجد لنفسه المبررات والدوافع للجرائم التي ارتكبها أو تلك التي يوشك على ارتكابها، دعنا من ذلك، ودعنا أيضا من مزيد من التفاصيل عن المسرحية الفاجرة.
دعنا من ذلك لنطرح بعض التساؤلات:
- إن كان هناك منحرف مجرم ألف هذه المسرحية المجرمة الساقطة، فماذا عن العشرات والمئات الذين من المحتّم أنهم علموا بالجريمة فصمتوا..
- يدّعي المجرمون أن المسرحية لم يشاهدها أي مسلم.. فمن الذي سرب تسجيلها إلى المسلمين..
- لماذا هذا التوقيت بالذات يتم توزيع 200000 اسطوانة والمسرحية على شباب الجامعات في مظروف مكتوب عليه: كل عام وانتم بخير وبمناسبة شهر رمضان الكريم.. لاحظوا عدد الاسطوانات الموزعة .. وبالتالي التكلفة التي تناهز نصف مليون جنيه.. من السهل تعقب مصدرها لمن يريد..
- لقد أعلن "عدلي أبادير " في أحد قنوات القمر الصناعي أنه يجهز لفيلم تسجيلي عن اختطاف فتاة مسيحية وإرغامها على الإسلام؟؟ وأنه سيفضح المسلمين ومصر على مستوى العالم. وعدلي أبادير هذا مكانه مستشفى للأمراض العقلية، لكن الكونجرس يستضيفه والمخابرات الأمريكية والإسرائيلية تحركه، لكن ما العجب في ذلك؟ بوش المجنون نفسه: مجنون ويحكم.. وكذلك شارون المجرم.. وبلير الشاذ وبيرلسكوني اللص.. فما كل أولئك سوى دمى تحركها أجهزة المخابرات في لعبة سيدها الشيطان.
- هذه المسرحية السافلة ليست سوى قمة جبل الثلج العائم الذي يختفي معظمه.. هي المفضوح والمكشوف فما هو المخبوء والمستور؟ .. إنها متصلة بسياق يتصل فيه الداخل بالخارج والماضي بالحاضر في منظومة شيطانية واحدة منذ يوحنا الدمشقي حتى الآن، سياق المؤامرة، سياق الغارة على العالم الإسلامي، سياق التبرير للجرائم التي يوشكون على ارتكابها فيبادرون بالتمهيد والتبرير لها. وفي هذا السياق المتصل يقول خنزير من خنازيرهم في مجلة صوت مصر الحر:
"أنا القبطي الفرعوني صاحب الأرض، أنا القبطي الشامخ صاحب هذا الوطن الذي سُلِبَ مني منذ الغزو الإسلامي وإلى الآن، وسيرحل قريباً كما رحل من أسبانيا، فلم تعد النعرة الإسلامية لها جاذبيتها الآن في جو أصبح الغرب المتحضر يفهم أن العرب جرب"...
هذا الفاجر يجيب لنا عن سؤال يقول: ماذا يريد خنازير المهجر عملاء المخابرات الأمريكية والإسرائيلية.
في نفس السياق أيضا يقول خنزير آخر لا أدري لماذا تستضيفه الجزيرة ولماذا تسمح له القدس العربي بالكتابة فيها.. يقول هذا الخنزير ( واسمه مجدي خليل):
"لقد دفع الأقباط المسالمون حوالي 4000 قتيل وجريح خلال العقود الثلاثة الماضية بدون سبب سوى لكونهم مسيحيين، هذا بالإضافة إلى تخريب ونهب ممتلكات بعشرات الملايين وممارسة التهجير القسري لخلخلة الصعيد من الكثافة القبطية، بالإضافة إلى تطفيش مئات الألوف للهجرة للغرب حيث الحريات والفرص المتكافئة "..
4000 أيها الكذاب..
4000!!
والأمر الطبيعي بعد الكذبة الفاجرة أن يتدخل العالم لإنقاذ الأقباط من المذابح، لذلك فإن هذا الخائن طالب بالتدخل الأجنبي في شئون مصر، بدعوى حماية الأقباط!!.. فكتب يقول: "إن المطالبة بممارسة ضغوط دولية على الدول من أجل المحافظة على حقوق مواطنيها واحترام المواثيق الدولية هو أمر مشروع تماما، داخليا وخارجيا.. ولا عجب في هذا، فنحن نعيش في عصر الدولة ناقصة السيادة، وهذا أحد أهم أوجه ظاهرة الكونية"
فهل رأى الناس كذبا أكثر وقاحة وفجرا.. كذب الماضي وكذب الحاضر.. كذب يبارزون فيه الشيطان فيبزونه .. كذب يستمر فيتحدث الفاجر عن واقعة لم تحدث أبدا ولا في خيال الشيطان ذاته حيث يقول الجاسوس العميل: "بكي البابا شنودة على العنف الموجه ضد الأقباط والذي كان هو شاهد عيان عليه منذ حادثة السويس في 4 يناير 1952، والذي قامت به جماعة الأخوان المسلمين حيث تم حرق عدد من الأقباط بشكل بربري والطواف بهم في الشوارع وإلقائهم في إحدى كنائس السويس وإشعال النار فيها"..
هل سمع أحدكم بمثل هذا الكذب الفاجر..
بل هل تتخيلون يا قراء أن تصل الخسة والانحطاط إلى هذا الحد؟!..
المسلمون هم الذين يقتلون ويحرقون.. لكننا لا نقول المسيحية ولا حتى الصليبية بل نقول الأمريكيين أو البريطانيين أو الروس أو الهنود أو الصرب أو التايلانديين ..
لا نتهم المسيحية – رغم ما يفعله بنا أتباعها- سموا ونبلا وترفعا عن الألم و إدراكا أن وازرة لا تزر وزر أخرى..
لا نتهمها رغم أن كل بلايانا من أتباعها.. وكل كوارثنا من أبنائها .. وليسوا أتباعها ولا أبناءها بل أتباع الشيطان وعبيده.
لا نتهمها رغم اعترافات اللورد كرومر بخيانات بعضهم كما خان البعض الآخر إبان الحملة الفرنسية.. إذ يكشف اللورد كرومر في مؤلفه (مصر الحديثة) الروح المتعصبة لبعض الأقباط المتطرفين (مجلد 2 فصل 36 الطبعة الإنجليزية) بقوله:
" إن مباديء الحيدة الدقيقة التي طبقها البريطاني كانت غريبة عن طبيعة القبطي وعندما بدأ الاحتلال البريطاني أخذت تساور عقله آمال معينة فكان القبطي يقول لنفسه: إنني مسيحي والإنجليز مسيحيون فلو كان الأمر بيدي لكنت تعصبت للمسيحيين على حساب المسلمين... وكان يقول لنفسه ولما كان للإنجليز السلطة فإنه من المؤكد أنهم سوف يحابون المسيحيين على حساب المسلمين.. هذا هو الخطأ المحزن الذي يلام هؤلاء الأقباط عليه ولما اكتشف القبطي أن هذا الأسلوب في التفكير عقيم وأن سلوك الإنجليزي مرجعه مبادئ لم يضعها القبطي في اعتباره ويعجز عن فهمها تملكه إحساس بالفشل عمق ضغينته.. لقد كان يرى أن تطبيق العدالة بالنسبة للمسلمين يعنى الظلم له وكان يعتقد ولو بطريقة غير شعورية بأن الظلم وعدم محاباة الأقباط ألفاظ مترادفة".
نعم فكر خسيس.. نعم .. لكننا لم نحمله على الأقباط جميعا بل حملناه على من قاله..
***
هناك حكاية فرعية أريد أن يكون القارئ على علم بها كي يعيش معي الأحداث كما حدثت، ففي منتصف رمضان فوجئت بمكالمة هاتفية ذكرتني بالمسرحية الشهيرة: "القصة المزدوجة للدكتور بالمي" تأليف الكاتب الأسباني الكاتب "أنطونيو بويرو باييخو"(1916-2000م) ، ترجمة الأستاذ الدكتور الحداثي صلاح فضل ( ينطق اسمه زملاؤه وتلاميذه بطريقة أخرى: إذ يقولون: بل كان صلاحـــاً فـضــلّ!..) وقد مثلت المسرحية على المسرح في الثمانينيات، ثم عارضها الكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس في مسرحية (الاغتصاب) حاول في إعداده لهذه المسرحية مقاربة الهم الفلسطيني، على خلفية نفس الأحداث.
لحظة التنوير في المسرحية تبدأ بكتاب، تحمله زوجة معتقل مات من التعذيب، إلى زوجة الضابط الجلاد الذي قتله، ولم يكن لدي المسكينة أي فكرة عن طبيعة عمل زوجها، الجلاد، الحيوان الوحش المسعور ( وليأخذها مني ضباط الأمن في كل أرجاء عالمنا العربي والإسلامي: كل من يمارس التعذيب جلاد، حيوان وحش مسعور، أما من يمارسها لصد الناس عن دين الله وهو يعلم، فليس في كفره شك، ولتعلم زوجته و أبناؤه و أهله أن حكمه حكم الكافر).. أقول أن لحظة التنوير تبدأ بهذا الكتاب، والأرملة المعذبة تتحدث إلى زوجة الجلاد بألم لا يوصف وبازدراء، لأنها زوجة جلاد لم تحاول أن تعرف عن طبيعة عمله شيئا. وتدور أحداث المسرحية بعد ذلك لتنتهي بالجلاد قتيلا.
في تلك الليلة الرمضانية هاتفني شخص ما:
- هناك قرص مدمج ( CD) أريد أن أوصله إليك..
حاولت أن أؤجل مجيئه حتى ينتهي رمضان، كان سيقطع أكثر من مائتي كيلومتر، وكان سيضيع علىّ برنامجي في تلك الليلة، حاولت، لكنني فهمت منه أن الأمر يثقل ضميره، و أنه يريد أن يلقي الحمل علىّ بعد أن فعل ما بوسعه.
كان حييا مهذبا.. تكتسي ملامحه بتلك النظرة النبيلة الحزينة التي يتسم بها من يحملون هم نصرة لا إله إلا الله محمد رسول الله، أعطاني القرص المدمج وسألني إن كنت قد سمعت شيئا عن قصة المسرحية التي مثلت في كنيسة مار جرجس في الإسكندرية، وعن المظاهرات التي تمت في الأسبوع الأول من رمضان بسببها، كانت معلوماتي محدودة، وكنت حريصا على ألا أحكم قبل أن أرى، بدا لي الشاب الجميل كما لو كان جنديا، ظل يجري ويسابق الزمن مائتي كيلومتر، كي يبلغني، أنا الجندي الأقدم منه، بالكارثة الجديدة التي حلت، وبدالي، أنه في اللحظة التي أبلغني فيها، قد أبرأ ذمته أمام الله، وارتاح ضميره، بعد أن نقل إلىّ همه وغمه وعذابه، وبدا كما لو أنه قد تخلص من حمل ثقيل أبهظ ظهره، لينقض ظهري أنا، وتحدثت ملامحه: "لا أطلب منك شيئا.. أتركك لضميرك"..
هالني ما سمعت.. هاهي ذي قصة الوليمة تتكرر مرة أخري.. قصة الفسوق والمجون والكفر.. قصة الإجرام والإسفاف والاعتداء على قدس أقداسنا وكرامة رسولنا صلى الله عليه وسلم.. هاهو جيش الشيطان يتجمع من جديد.. وهاهي ذي الشراذم الساقطة الباقية من جسد سلطة تعفنت وتحللت ولم يعد لها من الأمر إلا أن تقايض بكل شيء كي تستمر عاما آخر..
ترددت في جنبات نفسي أصدا ندائي يومذاك : " من يبايعني على الموت" .. أنت تعلم يا علام الغيوب أنني كنت أعنيها وكنت قد أعددت نفسي لها.. و أنني أتشبث بها.. دثارا يغطي نار القلق المستعرة داخلي خوفا من الحساب.. من النار.. وقبل الحساب وقبل النار خوفا من خزي الوقوف أمامه وأنا من أمة مهزومة، وما كان لها أن تُهزم، فليس أمامها من سبيل إلا الشهادة أو النصر..
نكأ الشاب النبيل الجرح.. طلبت منه أن يشرح لي الأمر..
وها أنذا أنقلها بنفس حروفه تقريبا كما سمعتها منه يومها ثم كما استزدت منه بعد ذلك هاتفيا أو بالشبكة العنكبوتية. لقد فكرت أن ألحق كل جزء مما قاله الشاب أو كتبه بما يوافقه ويواكبه في مقالي.. فألحق حديثه عن المفتي بما كتبته أنا عنه، وتعليقه على البابا بتعليقي عليه لكنني فضلت أن أترك حديثه كما قاله.. يحمل مشاعره كما أحسها وبألفاظه كما قالها، شهادة أمام الله والأجيال القادمة يعرفون منها كيف حدث ما حدث.. يعرفونه يقطر صدقا لا كذبا.. شرفا لا خسة.. أمانة لا عمالة.. ولكي تكتمل شهادتي فإنني لم أجر إلا بعض تصويبات نحوية و إملائية وقليلا جدا من التصويبات الأسلوبية( جملتين أو ثلاث) .. كما أنني لاحظت ربما مرة أو مرتين أنه ذكر اسم البابا دون لقبه، فأضفت اللقب.. ثم أنني قدمت الفقرة الثانية وجعلت الأولي – وهي التي تتحدث عن المفتي- جعلتها الأخيرة.. وهذه شهادة منى أمام الله قبل أن تكون أمام الناس. و أرجو أن يلاحظ القارئ أنني ميزت كلام الشاب بأمرين: أن الخط مائل و أن الخلفية خضراء، ولكي لا يلتبس الأمر على القراء في المنتديات العديدة التي تعرض مقالي كنص دون تنسيق فإن كلام الشاب يبدأ من الفقرة التالية إلى فقرة تقول: ويجول في خاطري سال : إذا كان المفتى لم يفعل هذا أو ذاك فلماذا لم يصمت مثلما عهدناه دائماً في قضايا المسلمين الكبرى والهامة ؟؟؟. كما يجب أن أضيف هنا، أن شهادة الشاب تتفق تماما مع المكالمات الهاتفية العديدة التي جاءتني من الإسكندرية مسلمة ومحيية بمناسبة العيد.. نعم.. تتفق تماما.. والآن إلى الشاب النبيل..
منذ أكثر من ثمانية شهور والجمر يشتعل تحت الرماد، وذهب بعض الشباب إلى جهاز مباحث أمن الدولة في الإسكندرية و أبلغوه بالأمر و أعطوهم نسخة من الرص المدمج بالمسرحية.
بعجرفة وصلف رد المسئول بأنهم سينظرون في الأمر، ثم لا شئ..
ظلت النار تشتعل، وقلوب الشباب الغض تحترق وكل آن و آخر يستغيثون بمسئول هنا أو هناك بلا جدوى..
ثم بدأت القضية تطفو على السطح بتحقيق نشرته جريدة الميدان الأسبوعية بتاريخ (6/10) عرضت فيه نصوصا من المسرحية وتحدثت عن توزيعها على نطاق واسع في الجامعات ، وتابعتها جريدة الأسبوع في الأسبوع التالي بتحقيق للصحفية زينب عبد اللاه نبهت فيه على خطورة المسرحية وما تحتويه من سب وتهكم على أقدس المقدسات الإسلامية، وعادت الميدان فنشرت تحقيقاً موسعاً عن المسرحية ومحتوياتها واستطلعت آراء عدد من المسلمين والمسيحيين الكتاب والمفكرين، وذهبت أيضا إلى كنيسة مار جرجس بمحرم بيك لسماع رأيهم ولكن لم يسمح للصحفيين بالدخول واكتفي القساوسة بقولهم أن البابا أمرهم ألا يتحدثوا في المسرحية لأنه شخصياً بتابع الحدث، وذهبت الجريدة أيضاً إلى مقر البطريركية في العباسية فلم يتحدث لها أحد ورفضوا لقاء الصحفيين، ومع هذا التفاعل وانتشار الخبر وتكبر الكنيسة عن الحديث إلى المسلمين وسكوت القيادات الأمنية والدينية والقانونية على هذه الجريمة , قامت أول مظاهرة للشباب المسلم أمام الكنيسة الآثمة في الإسكندرية , بعد صلاة التراويح يوم الجمعة (14/10)
خرج الشباب تملئ حلوقهم المرارة القاسية، مرارة الشعور بالخديعة ونكران الجميل من الكنيسة التي ما عاشت الأمان إلا في ظل الإسلام وأهله، وبينما تظهر لهم التسامح ظاهرياً فهي من أعماق قلبها تزرع الكراهية والحقد والكذب تجاه المسلمين في نفوس أتباعها، وفي الوقت الذي تظهر فيه احترامها للإسلام ظاهرياً فهي في أعماقها تجعل من أقدس مقدساته مادة للضحك والسخرة والتندر، خرج الشباب تملئ حلوقهم المرارة، مرارة الشعور بالغدر والخيانة من قيادات الدولة ومؤسساته , الذين يملئون الدنيا ضجيجاً ويشحنون الأمة كلها لوفاة ممثل أو مرض رئيس أو هزيمة رياضية، وعندما يُسب ربّ المسلمين ويستهزئ بكتابهم ويطعن نبيهم يصمت الجميع وكأن شيئاً لم يحدث، لقد غدروا بالشباب المسلم عندما استنفدوه في مناسباتهم التافهة وتركوه وهو جريح والكلاب تنهش في دينه وعقيدته بلا رأي ولا عون، خرج الشباب يملؤهم الغضب لله ورسوله تجاه الكنيسة ...ولكن
لم يدفعهم الغضب إلى التحطيم والتخريب ، وإنما وقف الشباب يتظاهرون معبرين عن غضبهم وقد أقاموا بأجسادهم سوراً حول الكنيسة حتى لا ينفلت الزمام من أيديهم ويثور العامة على الكنيسة ومن فيها، كانت تلك الوقفة النبيلة تحرص على ألا يصيب الكنيسة أو من فيها أذى، لم تكن تريد ذلك، كانت تريد فقط أن تلقي الضوء على الحدث وتعبر عن غضب الشباب تجاهه وتعلن مطالبها للجميع. وانصرف الشباب بعد وعود من الأجهزة الأمنية والإدارية في الإسكندرية بالتحقيق ومعاقبة الجاني والمسئول عن هذه الجريمة، ولكن ثورة جمرة الغضب لم تهدأ في نفوس المسلمين في الإسكندرية فقامت في الأيام التالية عدة مظاهرات خرج فيها أهالي الإسكندرية رجالا ونساء ليعبروا عن غضبهم ويعرضوا مطالبهم حتى أنه خرجت مظاهرة نسائية يوم السبت (15/10) تعبر عن الغليان في صدور أبناء هذا الدين..
مرت الأيام والمظاهرات والكنيسة صامته صمت القبور وكلما خاطبت احد رجالها يقول لك البابا بنفسه يتولى هذا الموضوع , وفعلا بعد المظاهرة الأولي توجه البابا شنودة إلى الإسكندرية ونزل بها لعدة أيام, وانتظر المسلمون ما تتمخض عنه الاجتماعات بين قيادات الدولة ورجال الكنيسة.
وتمخض الجبل فولد بياناً مستفزاً للمجلس الملي يتحدث عن مؤامرة تحاك ضد الأقباط وعن قلقه تجاه ذلك ويتهم الصحافة بإثارة الفتنة , أحدث البيان صدمة للمسلمين جميعاً بل ولبعض العقلاء من المسيحيين، وانتظر الناس حركة رجال الدولة ولكن لم يتحرك أحد، بل على العكس، قامت الأجهزة الأمنية باستدعاء بعض الدعاة وهددتهم باعتقال كل من يحاول أن يثأر لدينه، وراحت الصحف العميلة تطرح القضية من زاوية أخري تماما وتتحدث عن الشباب الذين قادوا المظاهرات وعن خطرهم وعمالتهم وأغراضهم الدنيئة في إشعال الفتنة, وهنا بدأت تدوي على ساحة الحدث أصوات أجهزة الإعلام وهي تعلن أن هناك أيد خفية تحرك الحدث وتهدف إلى زرع الفتنة وتعلن تمسكها بالوحدة الوطنية وعلى اثر ذلك تحركت أجهزة امن الدولة للقبض على من شارك في المظاهرة الأولى.
وهنا اسقط في الشباب المسلم.
وبدا للجميع أن الدولة اختارت أن تداري ضعفها وعجزها أمام الكنيسة عن طريق التنكيل بالمسلمين وبدا للجميع أن الأمر قد مر بسلام لرجال الدولة والكنيسة أما المسلمين الغاضبين فأجهزة الإعلام والأمن كفيلة بإسكاتهم.
حتى كان يوم الجمعة( 21/10) والذي افتتحه الأمن بمنع الصلاة في مسجد أولاد الشيخ المجاور للكنيسة ظناً منه أن هذا يعجز المسلمين الغاضبين ويعيق حركتهم و ولكنه فوجئ أن أهالي الإسكندرية تواعدوا بالخروج من المساجد بعد الصلاة للاحتشاد أمام الكنيسة , ووقف الأمن أما م الجموع عاجزاً بالكلية , عاجزا عن تلبية مطالبهم العادلة والمشروعة وعاجز عن مواجهة غضبهم النبيل على دينهم فلجأ إلى القوة لتفريق المتظاهرين وارتفعت يده العاجزة عن القصاص من الظالم إلى البطش بالمظلوم وهنا كانت أحداث الإسكندرية الدامية التي استشهد فيها ثلاثة من المسلمين.
3-
المظاهرات كانت عفوية وليس لها علاقة بأي تنظيمات سياسية كالإخوان أو غير سياسية كالدعوة السلفية
بل دعني أقول أن هذه التنظيمات كانت تنأى بنفسها عن تحمل مسؤولية هذه المظاهرات!!
غريبة هي التنظيرات التي سمعت عن من قام بالمظاهرات فالكل ممكن يصدق أن الإخوان فعلوها من اجل الانتخابات
والبعض ممكن يصدق أنها من ترتيب الحكومة لتكريس قانون الطوارىء وانتهاك الحريات
والبعض أنها من ترتيب صهيوني لضرب عنصري الأمة
الغريبة انه لا احد من العلمانيين ومن تابعهم ممكن يصدق أن هناك من المسلمين من غار على دينه ورسوله فتظاهر غريبة جدا ألا يكون هذا في خلدهم !!!!
4- البابا لا يبكى إلا يوم الأربعاء !!!
بكى البابا بعد أن مات من مات من متظاهري العزة في محرم بك من مات..
بكى البابا بعد أن أصيب من أصيب من المسلمين..
بكى البابا بعد أن اعتقل من اعتقل من المسلمين..
بكى البابا بعد كل هذا دمعتين دمعتين..
بكى لكي يتحول من جان إلى مجني عليه..
بكى والكاميرات تنقل له إلى العالم مدى محنة الأقباط وهم يتهجمون على دين الأغلبية والأغلبية الهوجاء تتظاهر يا للعجب!!!..
بكى دموع التماسيح وكان بكلمة يقولها أو يشرح فيها ما حدث من كنيسة تتبعه وقساوسة منتمين للكنيسة كان ممكن أن يوقف تلك الفتنه..
لكن يعلم الله كم سعدت لعدم اعتذاره حتى ينضح للعامة والخاصة وجهه القبيح ولله الحمد من قبل ومن بعد.
5- نشرت صحيفة الأسبوع عدد 31اكتوبر 2005 تحت عنوان " مجمع البحوث الإسلامية يناقش أحداث الإسكندرية" : سيطرت أحداث محرم بك بالإسكندرية على مناقشات الجلسة التي عقدها مجمع البحوث الإسلامية والتي عقدت الخميس الماضي حيث تم عرض تقرير من السي دي الخاص بالمسرحية التي تم عرضها بكنيسة مار جرجس وأثارت الأزمة أشار التقرير إلى أن المسرحية تحمل إساءات للدين الإسلامي حيث تضمنت قراءات محرفة لآيات من القران بجانب إساءات للرسول صلى الله عليه وسلم وطالب التقرير بضرورة التحري عن مصدر السي دي وتحديد المسئول عن ذلك .
ولنا تعليق هذه الحقيقة أدركها الشباب المسلم المتظاهر قبل أن يدركها المفتى ومجمع البحوث ولذلك تظاهروا فهل نحولهم إلى جناة أم إلى شرفاء لم يطأطئوا رؤوسهم كما طأطأها....
(1) حوار عزت السعدني في الأهرام ,تحقيق السبت (29/10/20005)
يقول الأستاذ عزت السعدني في مقدمة العمود الرابع ما نصه :"وذهبت إلى الدكتور على جمعة مفتي الديار المصرية أسأله لعلى أجد عنده ملاذاً...
قلت له : هل رأيت مسرحية كنت أعمى وأصبحت مبصرا"والتي عرضت في كنيسة محرم بيك وتتداول الآن على أقراص CD.
يقول فصلية المفتي : نعم شاهدتها
أسأله : وما رأيكم دام فضلكم ؟؟
يقول فضيلة المفتي : عمل سيئ يسيء للإسلام والمسلمين .... ويجب محاكمة كل من قام به وشجعه وصوره ووزعه على الناس.
أسأله: هل صدمك هذا السي دي.
فضيلة المفتي :لم اصدم ...لان الناس تسرق وتقتل وترتكب الجرائم ..وهي جريمة مثل كل الجرائم ولابد من معاقبة مرتكبيها . وجاءت في وقت تشمر فيه عصابة الإفك في نيويورك عن ساعديها لكي تهاجم مصر، والغريب أنهم من أبناء هذا الوطن ومن أقباطه الذين طردتهم الكنيسة لسوء تصرفاتهم وخبث نواياهم.
أسأله :هل هناك مخطط لإظهار هذه المسرحية الآن في وقت الانتخابات البرلمانية لصالح مرشح دون أخر؟.
فضيلة المفتي : ممكن برضه ولم لا.
قلت : وما العمل؟.
فضيلة المفتي: العمل عمل الله .. والقانون ... والغريب أن الذين ارتكبوا هذا الإثم نسوا تماماً قول المسيح بن مريم عليه السلام :باركوا لاعنيكم"أهـ
هذا ما قاله المفتي بالنص في جريدة الأهرام ..ولكن ....
يظل ما قاله المفتي في برنامج البيت بيتك(21/10/2005) مع المذيع الكارثة تامر أمين من أنه لا توجد مسرحية أصلا والكنيسة ليس لها علاقة بالموضوع ودعوته للغاضبين لربهم ودينهم أن يتمسكوا بالوحدة الوطنية.
يظل قوله هذا هو الأشهر والأقوى والأكثر شيوعاً بين الناس وهنا حق للعقلاء أن يتساءلوا:
- لماذا يتحدث المفتي بلسانين ويتكلم بلغتين ؟؟؟.
- هل لم يكن يعلم بأمر المسرحية ولما رآها تغير رأيه؟؟؟.
لكنه لم يقل لا اعلم بل قال لا توجد ولا داعي ولا.....
- هل يتحدث المفتي مثل الساسة في بلادنا حديثين: فحديث للخاصة وحديث للعامة؟؟
- هل تحرج المفتي عندما نفي وجود المسرحية بينما اعترفت بها الكنيسة ؟؟.
- هل وهل وهل ...
تختلف الآراء والتحاليل لكلام المفتي ...
ولكن الشيء الوحيد المتيقن أن المفتي سقط سقطة كبيرة وعظيمة لا ولن ينساها تاريخ الأمة..
وان المفتي ولى الأدبار في معركة من اشرف المعارك لتي يخوضها الإنسان في حياته .. معركة الدفاع عن الدين , الله والرسول والقران.
وأن المفتي خسر فرصة لا تعوض يصلح بها صورته المشوهة عند جماهير المسلمين ويبني له في قلوبهم مكانة عظيمة.
ويجول في خاطري سؤال : إذا كان المفتى لم يفعل هذا أو ذاك فلماذا لم يصمت مثلما عهدناه دائماً في قضايا المسلمين الكبرى والهامة ؟؟؟
***
نكأ الشاب النبيل الجرح.. بعد أن شرح لي الأمر..
نكأ الشاب النبيل الجرح وهو يؤكد أن المظاهرات كانت عفوية وليس لها علاقة بأي تنظيمات سياسية كالإخوان أو غير سياسية كالدعوة السلفية.. نكأ الجرح.. فالحقيقة كما أعلمها علم المتصل لا المنفصل أن هذه التنظيمات كما قال كانت تنأى بنفسها عن تحمل مسؤولية هذه المظاهرات!!
نكأ الشاب النبيل الجرح و أوجع قلبي وهو يلاحظ أن الكل يضع كل الاحتمالات لهذه المظاهرات إلا الاحتمال الوحيد الصحيح.. فالكل يمكن يصدق أن الإخوان فعلوها من أجل الانتخابات والبعض يؤكد أنها من ترتيب الحكومة لتكريس قانون الطوارىء وانتهاك الحريات والبعض يقول أنها من ترتيب صهيوني لضرب عنصري الأمة .. أما الغريب فهو أنه لا أحد من هؤلاء وعلى رأسهم العلمانيين يمكن يصدق أن هناك من المسلمين من غار على دينه ورسوله فتظاهر..
نكأ الشاب النبيل الجرح و أنا أحس بكلماته على الورق تصرخ:
غريبة جدا ألا يكون هذا في خلدهم !!!!
غريب يا بنيّ.. وقد أوجعتني والله..
هل أحسستم بوجعي يا قراء..
وهل أوجعكم وجعي..
وهل أوجعكم ما أوجعني..
أوجعني أيضا وصف الشاب للشباب المسلم الذي وقف في المظاهرة الأولى، ورغم غضبهم فقد أقاموا بأجسادهم سوراً حول الكنيسة حتى لا ينفلت الزمام من أيديهم ويثور العامة عليها..
أوجعني عندما تذكرت ما يفعله العمانيون الأشرار من تشويه للشباب المسلم، وهم بهذا يقومون بأكبر خدمة للموساد والسي آي إيه.. إنهم صحفيو المارينز.. وهم الطابور الخامس الذي يفت في عضد الأمة ومهمته كسر قلب الأمة المتمثل في هذا الشباب الذي لا يوجد غيره ليدافع عن الدين والهوية والأمة والوطن عندما تقتحم الدبابات الأمريكية والإسرائيلية باقي عواصمنا.
***
عندما اندلعت أعمال العنف في المظاهرة الأخيرة في الإسكندرية كنت حريصا على معرفة من الذي مارسه، كنت أدرك أن الضوابط الشرعية التقليدية وعجز الفقهاء عن التجديد تكبل الشباب المسلم و أنه يصعب أن يمارس العنف ضد كنيسة حتى لو اعتدت هذه الكنيسة، هذا الشباب النقي الطاهر الذي يعبد الله كأنما كل يوم آخر يوم في حياته لا يقدم على فعل إلا بفتوى خاصة بعد الصحوة الإسلامية وتجارب ممارسات العنف غير الكافي والتي جاءت بمردود عكسي، تصوري النظري إذن كان يؤكد لي أن العنف مارسه آخرون، وهو ما أكده لي عالم من علماء الإسكندرية والذي كان شاهد عيان.. فلقد صدق حدس الشباب المسلم.. استطاعوا هم ضبط أنفسهم.. لكن العامة لم يستطيعوا.. قال لي الرجل أنه سمع العشرات يؤكدون أنهم لا يصلون.. ولكن عندما يسب النصارى الرسول صلى الله عليه وسلم أو يهينوا القرآن فإنهم سوف : " يجيبوا عاليها واطيها".. و أكد لي الرجل أن هذا لم يحدث إلا بعد تلكؤ الأمن وطناش أهل السياسة والحكم.
***
الأمن الباطش الجبار صمت..
واللواء الوغد الخسيس الذي أمر بهدم مدرسة الجزيرة الإسلامية صمت..
أعوان الشيطان وكلاب النار الذين نكلوا بالشباب المسلم أيام الوليمة أيما تنكيل كانوا أمام النصارى كالجرذان و أمام المسلمين كالضباع الضارية التي لا تقتات إلا لحم البشر.
أعوان الشيطان وكلاب النار من كتاب وصحافيين وسياسيين ومفكرين فعلوا نفس ما فعلوه أيام الوليمة..
نفس الحجج النجسة التي تنطلق من أرواح نجسة وصف القديس أوغسطينوس مثلها بقوله: إنهم يرغبون في تدمير الحق الذي لا يمكن تدميره. أمّا الخنازير فتختلف عن الكلاب فهي لا تهاجم لتمزّق بأسنانها، لكنها تدنّس الشيء إذ تدوسه بأقدامها في طياشة... إذن لنفهم أن "الكلاب" تُشير إلى مقاومي الحق، "والخنازير" إلى محتقريه.
نعم..
كنا وما زلنا نواجه الكلاب والخنازير..
نفس الكلاب والخنازير..
***
إنني أذكر القراء فقط بما فعله اليهود عند عرض مسلسل يتعرض لبروتوكولات حكماء صهيون، البروتوكولات، وليس للتوراة أو سيدنا موسى، كما أذكرهم بما فعلته مكتبة الإسكندرية من إلغاء عرض البروتوكولات في أجنحتها أصلا. كما أذكرهم أيضا بمظاهرات المسيحيين أثناء فضيحة الراهب المشلوح، وكان مشلوحا لم يعد ينتمي إلى الكنيسة، ولم يعد ما يهينه ينسحب عليها، وكان من فضح الأمر ونشره صحافي علماني لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، ومع ذلك هاجت الدنيا وماجت، واعتذر كل مسلم عن عمل لم يكن مسئولا عنه بداية ونهاية، وبالرغم من ذلك تظاهر شباب الأقباط وخربوا , وأصابوا رجال الأمن ولم يكد يصب منهم أحد. وبعدها ادعوا بالكذب الخسيس المنكر أن رجال الأمن هم الذين اعتدوا عليهم، رغم أنهم يعلمون أنهم لو قتلوا رجال الشرطة الموجودين جميعا لما امتدت يد إليهم بسوء، حيث تكرس جبن من عبد الطاغوت ونسي الله فأنساه نفسه. ولو حدث الأمر مع مسلمين لما اكتفت الشرطة بإبادتهم عن بكرة أبيهم، بل كانوا سيشنون حملات عسكرية بالمصفحات والطائرات والصواريخ على بيوتهم ومدنهم وقراهم ليدمروها تدميرا.
أذكر القراء كذلك بمظاهرات الأقباط أثناء العمل السينمائي " بحب السيما "رغم أن معظم طاقم العمل كان مسيحيا..وبرغم أنها كانت إيحاءات فنية ( إبداع كما يقول خنازير التنوير).. وليس التعرض لمقدسات وكتب. كان تمثيلا وممثلين وممثلات في قصة خيالية وليس قساوسة يتحدثون عن القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.
***
ذلك الفاجر الذي ترحب به أجهزة الإعلام لأنه كلب أمريكي وخنزير من خنازير المهجر، ترحب به و كأنه بشر سوي لا كمجرم ينبغي محاكمته يروج زورا حكاية حرق الأقباط في السويس. وهو نفس المنهج الخسيس المجرم الذي اكتشفت أنهم جميعا يتبعونه في أبسط القضايا و أعقدها.. يمارسونه في قضية وفاء قسطنطين، وفي قضية أسلحة الدمار الشامل، بنفس الطريقة التي يمارسونه بها في محاولة اصطياد سوريا.
لم يحرق المسلمون أحدا..
كانوا هم الذين حُرِقوا لا حَرَقوا..
وبالرغم من ذلك لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين..
لم نتهم المسيحية ولم نقل أنهم قاموا بحرق (100) شاب مسلم بالبنزين، بل قلنا فعلت الشرطة في تايلاند ذلك، بل وصرح رئيس البوليس في المنطقة بأن حياة المسلم لا تساوي (26) سنتاً فقط (ثمن الرصاصة).
لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين بتسليط الكلاب المدربة على التهام للأعضاء الذكرية لـ 300معتقل في سجن أبو غريب بعد فتح أرجلهم عنوة عبر قيود حديدية في أيديهم وأرجلهم مثبتة في الحائط ووفاتهم على الفور..
لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين بالمسئولية عن مصرع مصرع 60 طفلاً في سجن أبي غريب بعد تقطيع أطرافهم أمام أمهاتهم، ومن ربط الأعضاء الذكرية والألسنة أحيانا للعديد من أبناء العراق الصامد بالأسلاك الكهربائية..
لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين بإجبار المعتقلين على اللواط والإتيان بحركات جنسية مهينة وهم عراة ليتم تصويرهم على أنهم همج، ومن دهسهم أحياناً بالأحذية العسكرية على الرأس والرقبة والأماكن المجروحة، ومن تقييد بعضهم وربطهم بالأسرة وهم عراة وحرمانهم من الطعام الشراب لساعات طويلة، ومن تعليق البعض منهم لعدة ساعات لإجبارهم على الإدلاء باعترافات كاذبة، ومن تبول على أجساد بعضهم العارية وجراحاتهم، ومن وضع حبال حول رقاب بعضهم وجرهم بها كالكلاب، ومن حلق رؤوس عراقيات وضربهن وإجبارهم على المبيت في الماء وعلى عدم النوم والوقوف لمدد طويلة أحياناً ووفاة العديد منهن بعد اغتصابها أو اغتصابه..
لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين بذلك أو بغير ذلك مما تواترت أخباره ويعف اللسان عن ذكره وكان ضمن 100 ألف حالة تعذيب أكدتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان وأظهرتها عدسات الكاميرات وتناقلتها جميع وكالات الأنباء ووقف عليه العالم كله..
لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين بما أوقعته إدارة بوش ( لم نقل إدارة المسيحيين أو الصليبيين رغم أنه هو قالها ) على العراقيين في سجون الموصل وأم قصر وبوكا وغيرها، وعلى مجاهدي طالبان في سجون أفغانستان وفي (جوانتانامو) بـ (كوبا) ..
لم نتهم المسيحية ولا اليهود بما نشرته صحيفة (ديلي ستار) الملحقة بـ (الهيرالد تريبيون) فقد أمدت إسرائيل الأمريكيين بآليات ونظم تعذيب لانتزاع الاعترافات من أسرى ومعتقلي السجون العراقية حتى بات العسكريون الأمريكيون يستمعون بعناية فائقة إلى خبراء إسرائيليين للتزود بخبراتهم في التعامل مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية.. وعملاً بمبدأ أن الفعالية في انتزاع الاعترافات ينبغي أن تكون لها الأسبقية على احترام مقتضيات الديمقراطية وحقوق الإنسان فقد أقيمت تدريبات مشتركة أمريكية إسرائيلية في صحراء النقب.
لم نتهم المسيحية ولا اليهود بما حدث عندما ثار الجزائريون أثناء الحرب العالمية الثانية مطالبين بحريتهم، فما كان من البوليس الفرنسي إلا أن قصف المتظاهرين بمدافع الميدان التي تستخدم في تحطيم الحصون، كان القصف وحشيا، وكان ذلك في الثامن من مايو سنة 1945، فأعلنت الأحكام العرفية على أثر ذلك، وأقبل الطراد ديجواى – تراون" ليواصل المذبحة فأمطر مدينة خزاطة" وابلاً من قنابله الثقيلة، وقامت قوات الجيش بالحملات التأديبية، وشنق الوطنيون من غير محاكمة، كان عدد القتلى من العرب كما قيل أولاً بصفة رسمية إنه 1500، غير أن الجيش أعلن أنه يتراوح بين 6000 و 8000. ثم جاءت إحصاءات أخرى تقول إن العدد الصحيح هو: عشرون ألفا، وبعد إعادة النظر في حقائق الأمور تبين أن العدد الصحيح هو 000 40 قتيل، وقد أيده القنصل الأمريكي ببيانات من عنده.
أربعون ألف قتيل يحصدون هكذا بين عشية وضحاها!!!
أربعون ألفا......
ولم نتحدث عن وحشية المسيحية أو المسيحيين..
بعد المذبحة.. ذهب المبشرون كي ينصروا اليتامى من أبناء الشهداء.. تماماً كما حدث لأبناء وبنات مسلمي البوسنة والهرسك – وليقولوا لهم وهم يحشرونهم في إحدى الملاجىء المسيحية: الله محبة!!!" و على الأرض السلام!!!" و للناس المسرة!!!".
***
ولم يكن الأمر عابرا ولا جديدا..
كانوا دائما كذلك.. منذ مذبحة معرة النعمان وبيت المقدس مرورا عبر القرون حتى مذابح الفلوجة وبغداد وتلعفر..
ولم نتهم المسيحية بالهمجية والوحشية والتخلف..
في نهاية القرن التاسع عشر كانت القوات الأميركية تكتسح كل أرض ظهرت عليها حركة مقاومة في الفيليبين، وكما هو الأمر الآن في العالم، لم يعد يقاوم إلا المسلمون. كانوا منذ مائتي عام يحاربون الاستيلاء على بلادهم وتنصيرها حتى جاءت القوات الأمريكية ولم تترك هناك فلبينيا واحدا إلا قتلته. وكذلك لم يعد في هذا البلد رافضون للوجود الأميركي لأنه لم يتبق منهم أحد"!!! ويضيف صحفي رافق الحملة ما نصه: "إن الجنود الأميركيين قتلوا كل رجل وكل امرأة وكل طفل وكل سجين أو أسير وكل مشتبه فيه ابتداءً من سن العاشرة، واعتقادهم أن الفلبيني ليس أفضل كثيرا من كلبه وخصوصا أن الأوامر الصادرة إليهم من قائدهم الجنرال "فرانكلين" كانت :"لا أريد أسرى ولا أريد سجلات مكتوبة!!.
كانوا مسيحيين جميعا ومع ذلك لم نتهم المسيحية ولم نقل عليهم بالحق ما ادعوه بالباطل علينا.
لم نقل ذلك.. رغم أن نفس هذا الإجرام موجود أيضاً بين فرق النصارى أنفسهم: فقد اشتركت الكنيسة الكاثوليكية في صربيا مع قساوستها ورجال الإكليرك والرهبان وكذلك أعضاء منظمات الشباب الكاثوليك في المذابح التي لاقاها الأرثوذكس من أهل الصرب في معسكرات الاعتقال التي كان يشرف عليها القساوسة الكاثوليك وأسفرت عن مقتل 700000 من الصرب الأرثوذكس و 90000 من اليهود والزيجويتر، على الرغم من علم البابا بما يحدث هناك تبعاً للتقرير المفصل الذي قدمه إليه (بوكون) في الثامن من أكتوبر لسنة 194. ( باختصار وتصرف عن: الغارة على العالم الإسلامي د/ ربيع بن محمد بن علي).
يقول أحد ضباط الأمم المتحدة الذين خدموا في البوسنة والهرسك: "إنه قضى شهوراً طويلة لا يستمع إلا لطلقات الرصاص والبنادق ولا يرى سوى قذائف الصرب التي كانت تتوالى تباعاً فوق أشباح الموتى وهي عطشى لمزيد من الجثث من الرجال والنساء والأطفال المسلمين في مذبحة (سربرنيتشا) المروعة".
ولم نتهم اليهود أو النصارى الصليبيين بالوحشية والهمجية والتخلف..
ولقد اعترف قائد القوات الصربية (فوشتيك) لمجلة (ديرشبيجل) الألمانية وقال بالحرف الواحد: "لقد قتلت وحدي مئات المسلمين، وقمت شخصياً بإطلاق الرصاص على الأسرى المسلمين للقضاء عليهم"، وعندما نبهته المجلة إلى المعاهدات الدولية التي تحرم قتل الأسرى قال: بأنه "لما لم يجد سيارات لنقلهم، وجد أن أرخص طريقة هو قتلهم بالجملة، مثلما أجهز رفاقه الصرب على 640 مسلماً كانوا يختبئون في مخبأ"، كما ذكر: "أن من لم يقتله كان يقوم أحياناً بخرق عينيه وتعذيبه، وانه كان يلجأ إلى تهشيم أيدي الأسرى ببطء حتى يعترفوا بما يريد"، وحين سؤل عن هدف الحرب التي تخوضها القوات الصربية في البوسنة صرح بقوله: "المسلمون في أوربا يجب أن يختفوا كأمة، وأن على المسلمين في البوسنة إعلان تحولهم عن الإسلام وأن يصبحوا صربيين أو كروات أما الخيار الثالث فهو الموت، وإن بيننا وبين المسلمين الألبان في كوسوفو ثأر وسنقوم بطردهم ومن يرد البقاء سنقتله، لا نريد مسلمين بيننا أو حتى في أوربا كلها"، كما يؤكد حقيقة العداء بين الغرب والإسلام ما صرح به جزار الصرب الأرثوذكس الأصوليين (سلوبودان ميلو سوفيتش)، وذلك حين سئل عما يفعله في مسلمي البوسنة فقال: "إنني أطهر أوربا من أتباع محمد".
حدث هذا كله ولم نتهم اليهود أو النصارى الصليبيين بالوحشية والهمجية والتخلف..
***
النصارى يحكمون مصر! الجزء الثاني [بقلم: د. محمد عباس (www.mohamadabbas.net)] بسم الله الرحمن الرحيم نعم..
حدث هذا كله ولم نقل أن المسيحيين إرهابيون.. حتى عندما تفجرت الحقائق بالفضائح وثبت – على سبيل المثال- أن طائرات حلف الناتو التي كانت تحلق فوق سماء البوسنة لم تكن تضرب المعتدي، بل تضرب مواقع خلفية لا توقف الزحف الصربي على الجيب الذي وعدت الأمم المتحدة بحمايته.
وما (سربرنيتشا) التي نحكي أحد فصولها، وما (بيهاتش) التي نقصُ بعض ما حدث فيها، إلا اثنتان من عشرات المدن البوسنوية التي تم فيها طبقاً لبعض الإحصائيات قتل وتعذيب وحرق ما يزيد عن300 ألف مسلم أغلبهم من النساء والأطفال، منهم 70 ألف قضوا نحبهم في مجازر جماعية و50 ألف معاق وما يزيد عن 120 ألف مفقود، كما تم تدمير أكثر من 800 مسجداً من أصل 1500 مسجد، وطرد جماعي قسري لما يزيد عن مليوني مواطن- هم تقريباً جملة من بقي حياً من سكان هذه الدولة المسلمة- بلا مأوى ولا طعام ولا خيام، واغتصاب ما يزيد عن 75 ألف جندي داخل ما يقرب من عشرين معسكراً لأكثر من 700 ألف طفلة وسيدة، زرعت أرحام المئات منهن بأجنة ذئاب وكلاب بشرية تنتسب إلى تلك الحضارة الزائفة الفاجرة التي لا تعرف الرحمة ولا تمت للإنسانية ولا للقيم والمبادئ النبيلة بأدنى صلة، والغريب في الأمر أن عمليات الاغتصاب غالباً ما كانت تتم علانية وعلى مرأى ومسمع من الجميع بل وأمام الآباء والأزواج في كثير من الأحياء، وكان جزاء من يتحرك لإنقاذ أي منهن وابلاً من الرصاص يخترق رأسه ويسقط بعدها صريعاً مضرجاً في دمه، ووسط هذا الجحيم تروي بعض التقارير الرسمية الأوربية مأساة أكثر من 60 أسرة تعرضت لاعتداءات تفوق الخيال وكلها من قبيل ما ذكرنا. ( باختصار وتصرف عن: الغارة على العالم الإسلامي د/ ربيع بن محمد بن علي).
ولم نتهم اليهود أو النصارى الصليبيين بالوحشية والهمجية والتخلف..
وإزاء هذه الأعمال البربرية والأوضاع الهمجية أجمع المراقبون الدوليون من كل جنس أن الذي جري في هذه الآونة شيء يصعب إيجاد وصف مناسب له، وربما لو اطلعوا على ما فعله الأمريكان وتحالفه البغيض بقيادة مجرميّ الحرب (بوش) و(بلير) فيما بعد في مسلمي الفلوجة وأبو غريب وجوانتانامو فيما أسمياه بالحرب الصليبية الثالثة لتغير رأيهم، لكن نستأنس على أي حال لبيان ما جرى في البوسنة بتقرير (شفارتز) عضو الحزب الديمقراطي المسيحي وعضو البرلمان الألماني الذي ورد في إحدى نشرات منظمة البر الدولية بتاريخ 16/ 7/ 1413 تحت عنوان (رأيت بعيني) وفيه يقول: "رأيت طفلاً لا يتجاوز عمره الثلاثة أشهر مقطوع الأذنين مجدوع الأنف، رأيت صور الحبالى وقد بقرت بطونهن ومُثل بأجنتهن، رأيت صور الشيوخ والرجال وقد ذبحوا من الوريد إلى الوريد، رأيت الكثيرات ممن هتكت أعراضهن ومنهم من تحمل العار ولم يبق لولادته سوى أسابيع، رأيت صوراً لم أرها على أية شاشات تليفزيونية غربية أو شرقية، وأتحدى إن كانت عند هؤلاء الجرأة والشجاعة لبثها"، وما أشبه الليلة بالبارحة فما يعاود الغرب فعله ومعه الشيطان الأكبر في مسلمي أفغانستان والعراق وجوانتانامو لا يقل بشاعة عما فعله الصرب.
ولم نتهم اليهود أو النصارى الصليبيين بالوحشية والهمجية والتخلف..
والذي لا شك فيه، أن ما رآه (شفارتز) وسبق أن تعجب له (كاميرون) لا يساوي شيئاً بالنسبة لما حجب عنها، فهما معذوران في عدم دقة ما وصفاه لأنهما لم يريا وحوش الصرب يقطعون- حين قتلهم المسلم البوسنوي- إصبعين فقط من أصابع يده ويتركون الثلاثة الباقية علامة التثليث .. ولا وهم يدهمون القرى فيبدؤون أول ما يبدؤون بتدمير ودك المساجد بالمدافع والدبابات وأحياناً عن طريق القذائف والمتفجرات التي يضعونها بداخلها، كما كانوا يبالغون في تعذيب حفظة القرآن وأئمة تلك المساجد ويذبحونهم في أغلب الأحيان على مرأى ومسمع ويمثلون بجثثهم .. ولا وهم يأخذون أطفال البوسنة إلى كندا وأمريكا والغرب ليتم تنصيرهم داخل الأديرة ولا يسمح بزيارتهم إلا للقساوسة .. ولا وهم يقومون بنحر المجموعات التي كانت تحاول الهرب بعد الإمساك بهم .. ولا وهم يلقون بمئات الجثث في الأنهار وأحياناً يتركونها في الشوارع والطرقات فما يكون مصير من يحاول أخذها ليدفنها إلا نفس المصير.. ولا هم يقومون بإجبار امرأة مسلمة على شرب دم ابنها الصغير بعد قتله أمامها.. ولا وهم يضعون الأطفال المسلمين في فرّامات اللحم وخلاطات الأسمنت ومطاحن الأعلاف.. ولا وهم يقومون بدفنهم أحياء وأحياناً بسحب دمائهم حتى الموت لنقلها - حسب ما جاء في جريدة (المسلمون) بتاريخ 24/ 7/ 92 – لجنود الصرب.. ولا وهم يطلبون من المسلمين من خلال دار الإذاعة الخروج من منازلهم وإلا تعرضوا للقتل فما يكون مصير من خرجوا ممن زاد عددهم عن الألف إلا القتل.. ولا وهم يسمحون لهم لبضع ساعات لشراء الخبز كيما يسدوا رمق أطفالهم الذين عضهم الجوع حتى إذا ما خرجوا لشرائه حصدتهم قذائف الهاون من فوق رؤوسهم.. ولا وهم يقومون بتجنيد الشباب المسلم واقتياده إلى الخطوط الأمامية بعد إلباسهم نفس لبسهم ليكونوا دروعاً بشرية في مرمى نيران الحرس الدفاعي المسلم.. ولا وهم يقومون في يوم واحد هو 17/6/ 1992 بقتل ألف مسلم ثم يتبعون ذلك بفقء أعينهم وبرسم الصلبان على جثثهم بالخناجر ثم بتقطيع آذانهم وأنوفهم ويتركونهم بعد ذلك نهباً للحيوانات تلغ في دمائهم.. ولا هم يقومون بحصد 20 ألف مسلم في 31/ 10/ 92 خارج (يابيتش) والاستمتاع بقتلهم بعد حصارهم- حسب إذاعة لندن الذي وصفت هذا العمل بأنه انتهاك خطير لحقوق الإنسان.. ولاهم يقومون بشوي طفل رضيع على النار أمام أبيه تماماً كما يشوى اللحم، ويأمرون الأب تحت تهديد الرصاص أن يأكل من لحم فلذة كبده ليطلقوا عليه الرصاص بعد ذلك.
ولم نتهم اليهود أو النصارى الصليبيين بالوحشية والهمجية والتخلف..
لم ير (شفارتز) ولا (كاميرون) من بقرت بطونهن من النساء المسلمات بعد أن خطت ورسمت على أجسادهن الصلبان.. ولا من قتلن منهن بعد عملية الاغتصاب ويقدر عددهن بأكثر من 30 ألف فتاة شوهد بعضهن عراة قد قطعت صدورهن ومثل بهن.. ولا من لقين مصرعهن بعد أن استؤصلت أرحامهن لا لشيء إلا لأنهن كن في الدورة الشهرية إبان فترة الغزو.. ولا الأسرى من الذكور وهم يجبرون على خلع ملابسهم الداخلية والكشف عن أعضاء الذكورة لديهم، فإذا وجدوا أنه مسلم مختون قطعوا أعضاءه التناسلية ثم قاموا بذبحه وإلقائه في الماء المغلي وشيه كالذبائح.. ولم يريا عمليات التعذيب والتمثيل والذبح الواسعة النطاق التي كانت تتم بالمدى والسكاكين حيث يتم تقييد الشباب الأعزل ولعلماء المسلمين هناك ثم يطرح أرضاً ويلقى بعد ذبحه- حسب شاهد عيان- في المستنقعات أو الأنهار أو في أكوام القمامة.. ولا مئات الألوف ممن نزحوا نساءً وأطفالاً وشيوخاً عن بلادهم وأخرجوا منها بغير حق إلا أن يقولوا (ربنا الله)، وأضحوا- وهم يتسولون لقمة العيش- بلا وطن ولا عائل ولا مأوى بعد أن سلبوا كل ذلك وشردوا أفراداً وجماعات في بقاع شتى هرباً من الجحيم، ولم يريا هذا الصربي الذي كان يجول بين عشرات القناصة مفتخراً بما فعله إخوانه في البوسنة ومعلناً أنه تواق لتكراره مرة أخرى في (كوسوفا).. وبدا واضحاً أن تلك هي حقيقة النظام الذي يدعي أنه عالمي وحيد، والحضارة التي تدعي أنها لا تفرق بين الناس على أساس الجنس أو اللون أو الدين، والقول باعتذار حكومة الصرب فيما بعد يكذبه واقع انخراطها الآن مع حكومات الغرب في إرسال جنودها وعدتها وعتادها لحرب المسلمين في العراق وأفغانستان.
ولم نتهم اليهود أو النصارى الصليبيين بالوحشية والهمجية والتخلف..
لقد انتشرت الفتوحات الإسلامية من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً ومن جبال القوقاز شمالاً إلى أواسط أفريقيا جنوباً.. ولم يجرؤ مؤرخ مهما كان مغرضاً أو حاقداً على الإسلام وحضارته أن يتهم جيشاً عربياً أو إسلامياً بفعل شيء من ذلك أو بارتكابه جرائم حرب أو قيامه بإبادة جماعية ضد سكان بلدة أو جزيرة مهما كانت نائية أو صغيرة أو تافهة كما فعل الصرب في البوسنة، وكما يفعل اليهود في فلسطين، والأمريكان والبريطانيين في الفلوجة والبصرة والرمادي والنجف وبعقوبة والموصل وتلعفر وبغداد وغيرها، وكما يفعل كل أولئك ومن كان على شاكلتهم في مسلمي البلاد التي يستعمرونها شرقاً وغرباً غير مكتفين بالزج بأهل البلاد التي يحتلونها داخل سجون أوطانهم ولا بنهب نفطهم وخيراتهم بحجج واهية استنكرها المنصفون ممن هم على دينهم وقام أقرب الناس إليهم وأخلصهم لبني جلدتهم بتفنيدها، لكونها في جملتها ذرائع لا تنطلي على من عنده مسحة من عقل أو مثقال ذرة من ضمير، ولكونها في مجموعها حجج هي أوهى من نسج العنكبوت.. وعلى أولئك المبهورين بحضارة الغرب من أهل النفاق والطابور الخامس أن يراجعوا بأنفسهم التاريخ ويقرؤوا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالنصارى عند فتحه بيت القدس وما فعله صلاح الدين بهم عند تحريرها، ليتأكدوا من صدق ما نقول وليميزوا بين الحضارة الحقيقية المتمثلة في عظمة الإسلام ورجال الإسلام.. وتلك الحضارات المعاصرة الزائفة التي بنيت على الهمجية والبربرية واستلاب أراضي الغير ونهب ثرواتهم دون وازع من ضمير ولا احترام لقيم. .(الغارة على العالم الإسلامي)..
والغريب في الأمر أن تنبري بعض الأقلام لتبرئ ساحة الغرب من تهمة العداء للإسلام وترفض مصطلح (حرب الحضارات)، وكأن ما ذكرنا نتفاً منه وما يجري على الساحة العراقية والأفغانية يحدث على كوكب آخر، أو لكأننا معاشر أتباع محمد الذين نسعى للصدام.. ويتعامى أصحاب هذه المقولة وكأنهم في حالة سكر أو إغماء وتغابٍ عن آلاف الأطنان من القنابل الأشد فتكاً وعن ترسانة الغرب وآلته العسكرية التي ما فتأت ولا زالت تجوب بلاد المسلمين شرقاً وغرباً وهنا وهناك بعد أن جاءت بنفسها طائعة مختارة من كل حدب وصوب تدمر وتهلك وتخرب.. يقول اليهودي المتعصب (صموئيل هنتجتون) في أخطر فقرات كتابه (صراع الحضارات) في كشفه لحقيقة الأمر وفي رده على حسني الظن من المسلمين كي يصححوا معلوماتهم ويعدلوا من تفكيرهم الخاطئ: "إن الصراع على خطوط الصدع بين الحضارتين الغربية والإسلامية قد بدأ منذ أكثر من ألف وثلاثمائة عام، وعلى مدى القرون كان الاحتكاك المسلح بين الغرب والإسلام ولم يهدأ أبداً، ومن غير المتوقع أن يؤول ذلك التفاعل إلى الزوال بل يمكن أن يصبح أكثر ضراوة.. إن الإسلام- هكذا هو يقول- يمتلك حدوداً دموية"، والفقرة الأخيرة التي علل بها روح الصدام، هي بيت القصيد لأن (هنتجتون) يعلم قبل غيره أن أنهار الدم التي فجر ينابيعها وأوقد نارها يهود كل عصر ومصر، إنما جاءت بفعل الغرب وأن الروح الصهيونية والصليبية البعيدتان كل البعد عن دين موسى والمسيح، لم يخمد لهيب سعارها المتأجج في صدور هؤلاء وأولئك على امتداد التاريخ القديم والحديث، بل ولغاية تصريح بوش الأخير بشن الحملة الصليبية.. مروراً بالحملات والحروب الصليبية التي أطلقها البابا (أوربان الثاني) في نوفمبر سنة 1095 م، ودعا لها حكام الغرب وداهمت- كما هو الحال الآن ولكن أكثر الناس لا يعلمون- كل ما واجهها في بربرية متعطشة للتخريب والتقتيل حتى كانت الخيول تنزلق في برك الدماء المسلمة وسقط فيما سقط كثير من نصارى القدس .. وبجحافل الفرس والرومان وجيوش (جنكيزخان) وولده (اغوتاي) التي اجتاحت العالم الإسلامي عام 1221، 1236، ومن بعدهما هولاكو الذي استطاع بالمغول عام1258أن يبيد جند الخليفة المستعصم عن آخرهم، واستباحوا كل شيء ببغداد وأجهزوا على ما يربو عن التسعين ألفاً من سكانها دون تفرقة حتى امتلأت الدروب بالجثث وداستها الخيول.. وبحملات (تيمورلنك) الذي زحف بقواته على بغداد في 1393 وأشاع في الأهالي القتل والتعذيب كعصر الأعضاء والمشي على النار والتعليق من الأرجل ودس خرق التراب الناعم بأنف المعذب، وأتم احتلال بلاد الشام ثم احتلالها بعد مذابح شملت الأطفال والنساء والشيوخ وبعد أن كلف كل واحد من أتباعه بأن يأتي برأسين حتى بلغ عدد القتلى تسعين ومائة ألف.. وبسقوط غرناطة سنة 1492م الذي راح ضحيته الآلاف وأجبر 400000 أربعمائة ألف على الدخول في المسيحية بعد أن نصبت لهم محاكم التفتيش وعقب تعرضهم لفظائع وأهوال تشيب لها الولدان.
يصرخ د/ ربيع: أين حقوق الإنسان من اتخاذ أطفال دروع بشرية يضعونها على فوهات الدبابات ومن قتل جرحي وطردهم أحيانا وتدمير مراكز طبية وأخذ كل ما تبقى من أجهزة طبية من داخل المستشفيات بعد الاعتداء على الأطباء لمنع معالجة الجرحى وقصداً لإفناء من لم يفن من رصاصات القناصة وقنابل الفوسفور وقذائف الطائرات ونيران الدبابات والمدرعات التي لا تبقي ولا تذر وتدمر البيوت على ما ومن فيها؟ أين حقوق الإنسان من هذه الانتهاكات التي نسمع عنها مما يجري في الهند وبورما وبلغاريا وكشمير والفلبين وغيرها ضد كل ما هو إسلامي؟ وفي أي نظام أو أية شريعة يُمنع المعتدى عليه من الدفاع عن نفسه ويحظر عليه السلاح بل ويطلب منه تسليم بنادقه المتهالكة التي بقيت مع بعض أفراده في حين يتمتع المعتدي بدباباته وطائراته وصواريخه وكامل عتاده يقتل ويهلك ويدمر؟ أين ذلك النظام الدولي الجديد الذي يدعي القوامة على العالم إلا أن يكون هذا النظام أقيم خصيصاً لمواجهة الإسلام والمسلمين؟.
حدث هذا كله فلم نتهم المسيحيين ولا المسيحية بالتوحش والتخلف والإرهاب..
حدث فلم نعلن الحرب على العالم..حاولنا فقط أن ندافع عن أنفسنا.. وفشلنا.. لأن الغرب – المسيحي – كان قد جاء بمجموعة من القوادين والنخاسين وجعلهم ملوكا علينا..فأذلونا..
لم نتهم الجمع بل حددنا التهمة بمن يرتكبها فقط..
لأننا خير أمة أخرجت للناس لم ننسب الفعل للدين ولم نقتل لمجرد الاشتباه كما يفعل وحوش يدعون انتماءهم زورا إلى عبد الله المسيح عيسى ابن مريم.
أساءوا إلينا فرددنا على إساءاتهم بالإحسان..
***
كان لا بد أن أكتب هذا كله ردا على موجة الهجوم الوقحة التي لا تعرف الحياء والتي انطلقت ضد الإسلام والمسلمين بعد افتضاح ما حدث.. موجة حاولت قلب الأمر كله وكأن الأمر لم يتم بسبب مسرحية مجرمة سافلة بل بسبب غوغائية المسلمين المتخلفين..
من الفقرات السابقة أظننا نعرف من هو الوحشي ومن هو المتخلف..
***
ومع احتدام الأمر في الإسكندرية، ومع صلافة البابا وهو يرفض الاعتذار، وجدت صاحبي وقد بلغ به الانفعال كل مبلغ يهتف صارخا:
- سوف يتغير الحال.. وسننهض من كبوتنا.. ويومها سنفعل بهم الأفاعيل..
وقلت له في وجوم:
- ولا حتى هذه ستنالها.. فدينك يعصمهم منك مهما جاروا عليك.. نعم.. ديننا يمنعنا من الثأر والانتقام.. بل ويدعونا إلى الصفح والمغفرة..
صدقت يا رب..
صدقت يا حبيبي..
كنتم خير أمة أخرجت للناس.. لم نتهم المسيحية ولا المسيحيين.. بل لن نحملهم مسئولية ما فعلوه بنا..
***
فلنترك حظيرة الخنازير تلك لنتجه إلى خنزير آخر.. في حظيرة خنازير أخرى.. حيث تتعدد الأماكن ويتوحد الهدف: تشويه الإسلام تمهيدا للقضاء عليه.. واتهام المسلمين بما ليس فيهم لنزع صفة البشرية عنهم حتى يستسيغ العالم إبادتهم دون إدانة..نواصل تقليب الصفحات في سفر جليل جميل " الغارة على العالم الإسلامي وصدام الحضارات"إعداد د/ ربيع بن محمد بن علي الأستاذ بالجامعة الإسلامية حيث يتعرض لترجمة (روبرت) اللعين في لمعاني القرآن الكريم بطريقة أعطت صورة بشعة لهذه المعاني.. ومن ترهاته أنه أعطى معنىً غامضاً لخطاب (يا أهل الكتاب) وجعله يبدو في معظم الأحيان وكأنه موجه إلى المسلمين.. كما أضفى على كل الآيات المتعلقة بأحكام الزواج والطلاق معاني جنسية داعرة بحيث تبدو للقارئ الغربي لاسيما الرهبان مثيرة للاشمئزاز والنفور، ففي ترجمته مثلاً لقول الله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره.. البقرة/ 230)، يقول: "فلا تحل له حتى يطأها رجل غيره".. وجعل المعنى في قوله سبحانه: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم في الدين.. البقرة/ 220)، (تمارسوا معهم اللواط).. وفي قوله: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم).. البقرة/ 223) (فأتوهن في أدبارهن).. وفي قوله تعالى: (يا أيها النبي إنا احللنا لك أزواجك.. الأحزاب/ 50) هكذا: (نحن نجيز لك أزواجك اللائي أتيتهن مهورهن، وجميع إمائك اللائي أعطاكهن الله، وبنات عمك وبنات عماتك، وبنات خالك وبنات خالاتك اللائي اتبعنك، وكل امرأة مؤمنة إذا هي ترغب أن تقدّم جسدها أو نفسها للرسول، وإذا الرسول يرغب أن يضطجع معها فليفعل، وهذا خاص لك وليس للمؤمنين الآخرين).. وهكذا.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قام معلق مجهول بالتعليق والتحشية على تلك الترجمة فزاد في التشويه إلى أقصى حد فمثلاً عندما لا يتفق القصص القرآني مع بعض قصص العهد القديم.. مثل وسوسة الشيطان لآدم وزوجه للأكل من الشجرة، بينا في العهد القديم: أن الحية هي التي أغرت آدم بالأكل من الشجرة.. يهاجم القرآن ويتهمه بالخرافة ويعلق عليه وعلى القصة الرائعة لحمل مريم بعيسى عليه السلام كما جاءت في سورة مريم بقوله: (كذب وقح) .. كما علق على قوله تعالى من سورة الغاشية: (فذكّر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر) قائلاً: (لماذا أنت بعد هذا توجَّه أصحابك إلى أن يُحوِّلوا الناس إلى دينك بالسيف، إذا أنت تقول مثل هذه المبادئ التي لا تُجبر الناس على الطاعة، فلماذا تُجبر الناس على الطاعة ولماذا تُخضعهم بالقوة مثل الحيوانات والبهائم المتوحشة، وليس بواسطة الحجج والبراهين مثل البشر، في الحقيقة أنت نموذج للكذّاب، فأنت في كل مكان تُناقض نفسك).. فهل يقول عاقل بأن إلهاً يخاطب نبيه بهذه اللهجة وبهذا الخبل؟ وما الذي يجبر هذا الإله لأن يرسل هذا النبي من الأساس إذا كان هذا هو حاله؟ اللهم إن هذا بتهان عظيم. (الغارة على العالم الإسلامي وصدام الحضارات إعداد د/ ربيع بن محمد بن علي الأستاذ بالجامعة الإسلامية.).
***
ما أريد أن أقوله، أن ما عرض في مغارة اللصوص، لم يكن مقطوع الصلة بما قبله ولا بما حوله، إننا نتكلم عن انحراف واسع المدى.
انحراف ممتد عبر التاريخ.. ذلك أن هذه الحملة العدوانية الشرسة- المتمثلة في تصوير الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام في صورة بالغة البشاعة ومغايرة تماماً للحقيقة وقائمة على التلفيق والأوهام وليّ الحقائق من طرف وسائل الإعلام في الغرب وقيام الحرب الصليبية المقنعة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإسلام والمسلمين تحت مسمى (الحرب على الإرهاب وإزالة أسلحة الدمار الشامل)- هذه الحملة ليست جديدة ، بل هي عقيدة غربية موروثة تشكلت ونمت منذ القرن الأول وحتى نهاية القرن الثامن الهجري.. وانتقلت هذه العقيدة كاملة متماسكة عبر هذه القرون الثمانية لتصل إلى القرون الحديثة والمعاصرة، وأصبحت أشبه بالمستنقع الآسن العَفِن الذي تغرف منه وسائل الإعلام الغربية وبعض رجال الدين الإنجيليين في أميركا، وينشرونها عبر وسائلهم المختلفة على أنها حقائق. ينشرونها أيضا عبر عملائهم وجواسيسهم من أقباط مهجر وعلمانيين وشيوعيين.
***
نعم.. الحملة لا تقتصر على المسرحية السافلة ولا على الكاهن الساقط الذي باركها..
الحملة سلسلة طويلة تمتد من يهوذا الإسخريوطي إلى كاهن الكنيسة الساقط..
الحملة تضم الآلاف والملايين..
الحملة تضم خنازير مثل "جيري فالويل" الذي لا يكف عن مهاجمة النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال بعض وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى، ومما قاله فالويل مساء يوم الأحد 6 أكتوبر 2002م في برنامج 60 دقيقة: "أنا اعتقد أن محمداً كان إرهابياً، لقد قرأت ما يكفي من المسلمين وغير المسلمين أنه رجل عنف، ورجل حروب.. في اعتقادي المسيح وضع مثالاً للحب كما فعل موسى، وأنا اعتقد أن محمداً وضع مثالاً عكسياً".
***
نعم.. الحملة لا تقتصر على المسرحية السافلة ولا على الكاهن الساقط الذي باركها.. إنها تضم خنزيرا اسمه “بات روبرتسون" ويقف خلف أقوى تحالف سياسي ديني في الحزب الجمهوري وهو التحالف النصراني، وفي هجومه على النبي عليه الصلاة والسلام من خلال برنامج هانتي وكولمز في قناة فوكس الإخبارية قال ما يلي: "كل ما عليك هو أن تقرأ ما كتبه محمد في القرآن، إنه كان يدعو قومه إلى قتل المشركين.. إنه رجل متعصب إلى أقصى حد.. إنه كان لصاً وقاطع طريق.. (...).
***
تقول المسرحية السافلة مثل ذلك..
نعم.. الحملة لا تقتصر على المسرحية السافلة ولا على الكاهن الساقط الذي باركها.. إنها تضم واحدا آخر مثل فرانكلين جراهام الذي قام بعمل الطقوس الدينية لتنصيب الرئيس الأمريكي الحالي (جورج دبليوبوش) وقد أدلى (فرانكلين) بتصريحات إعلامية ذكر خلالها أن الإرهاب جزء من التيار العام للإسلام، وأن القرآن (يحض على العنف) وكرر جراهام خلال برنامج (هاينتي وكولمز) المذاع على قناة فوكس نيوز الأمريكية في الخامس من أغسطس 2002م رفضه الاعتذار عن تصريحات أدلى بها بعد حوادث سبتمبر 2001م وصف فيها الإسلام بأنه دين (شرير)..
نعم.. هو أيضا رفض الاعتذار.. فالكفر ملة واحدة..
نعم.. الحملة لا تقتصر على المسرحية السافلة ولا على الكاهن الساقط الذي باركها.. إنها تضم خنزيرا سافلا مثل جيري فاينز: وهو راعي كنيسة في (فلوريدا) افترى على الرسول عليه الصلاة والسلام واتهمه زوراً وبهتاناً بأنه "شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان، وتزوج من 12 زوجة آخرهن طفلة عمرها تسع سنوات ( أعتذر عن ذكر الباقي فهو بشع وكاذب.. ولم يطاوعني قلبي ولا قلمي على نشره بسبب شدة بذاءته في الهجوم على حبيبي وسيدي ومولاي صلى الله عليه وسلم.
لقد تعمدت الإطناب لسببين، السبب الأول أن أؤكد أن عواء الذئاب ونباح الكلاب والخنازير على الإسلام لم يتوقف أبدا، و أن المسرحية السافلة التي مثلت في مغارة اللصوص لم يكن استثناء و أنه لم يؤثر في الإسلام أبدا والسبب الثاني أن أطرح على القراء منابع هذه الصورة الملفقة المشوهة والتي تمثل العقيدة الدينية الغربية الموروثة والتي تمثل المصدر الرئيسي للعلمانيين والقوميين والشيوعيين في بلادنا.. لأنه إذا عرف المنبع النجس بطل العجب.
لقد كان هدف تلك الخنازير من ذلك التشويه، تحصين النصارى من أهل الذمة الذين أدركوا عدالة الإسلام وسماحة المسلمين، والحيلولة بينهم وبين اعتناق الإسلام خاصة بعد دخول الكثيرين منهم في الإسلام .. فلم يجد وسيلة لتثبيت النصارى على دينهم سوى محاولة تشويه الإسلام بالباطل.
في هذا المستنقع النتن سوف نرى جذور العلمانيين العرب.
ولنطالع على سبيل المثال الترجمة المشوهة لمعاني القرآن الكريم التي قام بها (روبرت أوف كيتون) لحساب بطرس المكرم سنة 537 هـ / 1143 م .. أو رسائل الكندي..في هذه أو تلك سنعثر على مرجعية أنصار أمريكا وإسرائيل أدعياء السلام والاستسلام.. ومهاجمة شعائر الإسلام، واعتبار الحج عملاً من أعمال الوثنية، ويرى أن الجهاد في سبيل الله إنما هو عمل الشيطان..!!
هل تشمون الآن نتن روائح فكر نوال السعداوي وصلاح عيسى وجابر عصفور و أدونيس ومجلة روز اليوسف؟!
هل ترون فاروق حسني و أزلامه؟
هل ترون النخبة؟؟
هل ترون عبد الرحمن الراشد والشرق الأوسط والحياة والأهرام والأخبار؟..
هل ترون رفعت السعيد وقد بارت كل تجارته، فكلما ازداد الخونة كسد سوقه وقل الطلب عليه؟..
هل ترون المسوخ التي جاءت بدلا من المسوخ التي ذهبت؟..
يواصل د/ ربيع بن محمد بن علي فضحه للعدوان الفكري الإعلامي على الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام من جانب رجال الدين الإنجيليين ووسائل الإعلام الغربية- الذي يُعبِّر عن عقيدة موروثة ويمثل الدوافع الحقيقية لحرب دينية مصطنعة- ليس إلا وسيلة تمهيدية ضمن وسائل كثيرة يشملها هذا العدوان السافر على الإسلام والمسلمين والذي يهدف ضمن ما يهدف- رغم كل الأقنعة الزائفة التي يستتر بها- إلى مسخ هوية الأمة الإسلامية وتحويلها عن دينها وتدمير عقيدتها، وتمزيقها إلى دويلات وطوائف متناحرة لا تدين بالولاء إلا لأمريكا وإسرائيل، ونهب ثرواتها ومقدراتها، وتحويلها إلى مجرد مجتمعات استهلاكية لمنتجاتهما وتحويل كل فرد مسلم إلى مجرد كائن بهيمي لا حافز له ولا هم إلا السعي اللاهث وراء لقمة العيش وإشباع غرائزه الفطرية.
نعم..
مسخ لهوية أمتنا..
والقضاء على الإسلام..
وهذه المرجعيات والمراجع هي البركة العفنة التي تتربى فيها الخنازير..
فهل تشمون روائح النتن يا قراء؟..
وبرغم كل ما كان وما هو كائن فإننا لا نتهم المسيحيين ولا حتى اليهود..
هل تذكرون كيف انقلبت الدنيا من أجل تماثيل بوذا..
هل تذكرون كيف روعوا وشوهوا طالبان.. وكيف اتهموهم بالهمجية والتخلف لأنهم لا يدركون قيمة تلك الأصنام.. ثم كيف اتهموا الإسلام كله بالهمجية والتخلف لأنه لم يدرك ولم يدرك أهله قيمة تلك الآثار.. هل تذكرون كم من واحد منا انخدع فانضم إليهم مهاجما طالبان المتوحشة التي تقتل التماثيل!!.. غفر الله لكثير ممن ندعو لهم بالهداية والمغفرة.. غفر الله لشيخنا العظيم القرضاوي ولكاتبنا الكبير فهمي هويدي..
خُدعوا بالحضارة فانخدعوا..
كان ابن عباس رضي الله عنه يقول من خدعنا بالله انخدعنا له..
أما القسم من نخبتنا التي نظنها على خير فقد انخدعت بغير الله!!..
هل تعرفون ما فعل رواد الحضارة بعد ذلك بآثار العراق؟..
لكننا – نحن خير أمة أخرجت للناس- لم نقل ماذا فعل الصليبيون بهذه الآثار.. بل قلنا فقط ما روته صحيفة (الأسبوع) بتاريخ 22/ 3/ 2004 - 17/ 5/ 2004- 14/ 11/ 2004 وعلى لسان مدير المتاحف، ومدير المحفوظات الوطنية (سعد إسكندر) - أن هناك ما يزيد على (51) ألف قطعة أثرية عراقية مفقودة، فضلاً عن سرقة ونهب أكثر من 60% من تاريخ العراق المكتوب، وهذه النسبة تمثل ملايين السجلات والوثائق الملكية منذ العهد العثماني.
لم نتهم – نحن الأمة الوسط- الصليبيين ولا اليهود رغم أن الجرائم الأمريكية والصهيونية على تراث الأمة وحضارتها لا تقف عند حد، فقد نشرت صحيفة (الجارديان) البريطانية بتاريخ 15/ 1/ 2005 مقالاً افتتاحياً عن التدمير المتعمد الذي تعرض له تراث الحضارة البابلية على يد قوات الغزو جاء فيه: "أن الدمار الذي سببه إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية على حطام مدينة بابل التاريخية أحدى أهم وأشهر المناطق الأثرية في العالم، يعتبر أحد أدنأ الأعمال البربرية الثقافية في الذاكرة الحديثة، حيث إنه عمل لا تبرره أي ضرورة عسكرية وكان من الممكن تجنبه تماماً إذ لم تكن هناك ضرورة لبناء المعسكر في المدينة حيث كانت توجد حدائق بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم، وندرك- والكلام لا زال على لسان (د/ جون كورتيز) من المتحف البريطاني وكما جاء في تقريره-- أن السلطات الأمريكية كانت على علم تام بتحذيرات علماء الآثار بالأهمية الأثرية العالية لهذه المنطقة ورغم ذلك فقد تجاهلت القوات الأمريكية هذه التحذيرات تماماً"، وأعرب د/ كورتيز عن دهشته إزاء "الدمار الهائل الذي لحق بالموقع فيما بعد والذي لم يقتصر على هدم بعض الصروح الأثرية النادرة مثل بوابة الإله (عشتروت) إحدى أشهر الآثار في العالم، بل امتد إلى ما يقرب من ثلاثمائة ألف متر مربع من المنطقة الأثرية تم تسويتها بالأرض ودفنها في الردم المأخوذ من مناطق أخرى، لإنشاء مهبط لطائرات الهيلوكوبتر ومواقف لسيارات النقل الثقيل لم يكن يجب أبداً وضعها فوق هذا الكنز الأثري- ويضيف د/ كورتيز- أن هذا العمل البشع من وجهة النظر الأركيولوجية، يعني أن مواقع أثرية لم يسبق التنقيب فيها قد أصبحت مدمرة للأبد، مما يحرم البشرية من الحصول على معلومات أثرية مستقبلة منها ومن هذه المنطقة الحدائق المعلقة نفسها، وقد تضاعف الدمار نتيجة استجلاب رمال وردم من مناطق أخرى قد يكون بعضها مواقع أثرية بدورها".
وقد نقلت الإذاعة عن مراسل من المتحف البريطاني أن الولايات المتحدة تسببت في خسائر فادحة في مدينة بابل العريقة التي فاقت في روعتها أية مدينة أخرى، وأضاف المراسل في تقريره أن طرقاً مرصوفة منذ ألفي عالم قد دمرت بالعربات العسكرية، وأن بقايا الآثار استخدمت لحشو أكياس الرمل عندما أقيمت قاعدة عسكرية هناك، وأن المركبات العسكرية الأمريكية سحقت تحت عجلاتها وجنازيرها ألفين وستمائة عام هي عمر حجارة الرصيف الأثري الذي دمرته تلك المركبات، أما الرمال الأثرية التي تحتوي- حسب قول الإذاعة- على قطع أثرية، فقد أزيلت هي الأخرى واستخدمت لملء أجولة الرمال ولأغراض عسكرية أخرى، الأمر الذي أدي إلى طمس المعلومات حول المكان سيما بعد أن أزيلت أتربة التربة السطحية لثلاثمائة ألف متر مربع من المنطقة وتم تغطيتها بالحصى ومواد معالجة كيمائية، ونقلت الإذاعة على لسان أحد الباحثين وعن متحدث باسم القوات الأمريكية قولهما: إن المنطقة شوهت معالمها تماماً، وأن الغزو والتدمير كان على نحو خطير، وطال إلى جانب الحدائق برج بابل الذي يعد هو الآخر كنزاً من كنوز العالم القديم ومعلماً بارزاً من معالم الحضارة البابلية التي قامت منذ أربعة آلاف سنة.
ومرة أخرى: تذكروا تماثيل بوذا!!ّ
تذكروها واكتشفوا بأنفسكم نوع الكذب الخسيس المجرم الذي يواجه به هؤلاء الناس العالم.. ابتداء بجورج بوش وانتهاء بالكاهن الساقط الذي بارك المسرحية السافلة مدعيا أنها تدين الإرهاب ولا تسئ للإسلام.
نعم..
هذا متصل بذاك..
ومسرحية الإسكندرية استمرار لخيانات قطيع غير بسيط من الأقباط لوطنهم عبر التاريخ ليتركز في النهاية في أقباط المهجر.
نعم.. لم تكن مسرحية الإسكندرية استثناء ولا خطأ عارضا و إنما كانت استمرارا لحقد قديم لم يمت أبدا.. دفن تحت وطأة انتصار الإسلام الطاغي و إبهاره و إعجازه.. دفن ولم يمت.. نعم.. دفن ولم يمت فتشبع عفونة معتقة عبر التاريخ تشمها في بعضهم فكأنها وصمة عارهم عبر التاريخ.. وصمة عار تشمها في بوش كما تشمها في نابليون كما في كاترين وبطرس كما في كمال أتاتورك ومبارك وعبد الله وجمال عبد الناصر وصلاح عيسى والغيطاني ومئات و آلاف وملايين.. ارتضوا غير شرع الله وحاربوا الله ورسوله..
***
نعم..
علاقة الأقباط بالمسلمين في مصر حفلت بتسامح هائل من المسلمين وبانحراف من بعض الأقباط.. ولم يكن الانحراف بسبب وجود مشكلة لدينا في قبول النصارى.. على العكس.. كانت المشكلة في قبول النصارى للمسلمين..و كان المستشرق الفرنسي كيمون في كتابه (باثولوجيا الإسلام يقول: "أعتقد أنه من الواجب إبادة خُمس المسلمين، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وتدمير الكعبة، ووضع قبر محمد وجثته في متحف اللوفر"..
***
في المسرحية السافلة سوف نشم ذات الرائحة النتنة..
كانت المشكلة انحرافا في صلب الفكرة تعرض لها الدكتور هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية ـ لندن في مقالة متميزة – و إن كنت لا أتفق معه في كثير مما ورد فيها، ولكنها على أي حال جهد وجهاد يحتمل الأجر أو الأجرين.. وعنوان المقال: " هل كان للأقباط دور تاريخي في مقاومة المحتل (حملات صليبية ـ فرنسي ـ بريطاني)؟
يستعرض الدكتور هاني السباعي في بحثه استعراضهم للقوة واستقواء بعضهم بالأجنبي عبر التاريخ ونقضهم العهود، ونقضهم عقد الذمة منذ الفتح الإسلامي سنة 20هـ ، رغم تعامل ولاة المسلمين معهم بكل تسامح، فكانوا يتظاهرون ويعلنون العصيان المسلح على الدولة ويقتلون عمال الحكومة ويتصلون بدولة الروم ثم يتصدى الحكام لهم بإرسال من يطالبهم بفض العصيان في مقابل العفو عنهم إلا أنهم في الغالب يتعنتون ويصرون على التمرد بزعم أن دولة الروم قد تساعدهم غير أن حساباتهم كانت على الدوام خاطئة فسرعان ما ينتصر عليهم جيش المسلمين ثم يعفو عنهم الخليفة أو الوالي ويجددون له الولاء والطاعة والالتزام بنود عقد الذمة المنصوص عليه في اتفاقيتي بابليون الأولى (الخاصة بأهل مصر قبل فتح الإسكندرية)سنة 20هـ وبابليون الثانية (الخاصة بأهل الإسكندرية) سنة 20هـ أيضاً، لكنهم يعودون مرة أخرى لعصيانهم متذرعين بأحداث لا تتناسب وحجم عصيانهم المسلح..
كما يلاحظ ما يحدث في العصر الحديث، حيث غر بعضهم تحريض أقباط المهجر وخفافيش البنتاجون .. فراحوا يبتزون الحكومة.. ويلاحظ الدكتور هاني السباعي أن تمرد الأقباط و أخطاءهم تقابل من السلطة بصبر منقطع النظير وغير معهود على رجال الشرطة الذين يتعاملون بمنتهى الرقة مع مثل هذه الأحداث رغم استفزاز المتظاهرين لقوات الأمن والحكومة وترديد شعارات معادية للإسلام وأهل البلد والحكومة نفسها ( وصل الأمر إلى استعمال هتافات مثل الاستنجاد ببوش وشارون والهتاف: لا إسلام بعد اليوم). وبرغم ذلك فإن الحكومة عادة ما تستجيب للابتزاز .. الحكومة التي دأبت على تدليل الأقلية القبطية والرضوخ لمطالبهم المتعسفة التي يفتقدها الشعب المسلم في مصر، بل يطالب عدد كبير من المسلمين أن تعاملهم الحكومة مثلما تعامل الأقلية المسيحية حيث كل أنواع القمع والتضييق على المسلمين سواء في الفصل من الوظائف الحكومية والتربوية وإحالة العديد من المدرسين إلى وظائف إدارية، والطرد من المؤسسة العسكرية أو جهاز الشرطة أو الأجهزة الإدارية الحساسة وغير الحساسة في الدولة لكل من يشتبه أن له قريباً كان ذات يوم معتقلاً سياسياً أو يشتبه بأن هذا القريب كانت له صلة بالجماعات الإسلامية، بالإضافة إلى حملة حكومية منظمة بغية تجفيف المنابع الإسلامية سواء في برامج الإعلام أو المناهج التعليمية. هذا كله بالإضافة إلى مطاردة وملاحقة الإسلاميين (60 ألف معتقل مسلم لا يوجد بينهم نصراني) عبر سلسلة المحاكمات العسكرية وتأميم النقابات المهنية وفرض الحراسات عليها والاعتقال طويل الأمد ومحاربة روح التدين، والسخرية من الهدي الظاهر لدى المتدينين المسلمين كالنقاب واللحية وتسخير كافة الأجهزة الأمنية لمحاربة الإسلاميين تحت شعار محاربة (الإرهاب)..
يتحدث الدكتور هاني السباعي بعد ذلك عن تاريخ طويل من الغدر والتشويه والكذب ويدين بقوة موقفهم إبان الغزوة الفرنسية والإنجليزية لمصر. ويقرر أن ما يقوم به أقباط مصر بقيادة الأنبا شنودة الثالث هو إهانة لمشاعر المسلمين في مصر وفي العالم الإسلامي بأسره. الأنبا شنودة الذي عودنا على اعتكافه السياسي في وادي النطرون مهدداً القيادة المصرية الخانعة المرتجفة من ضغوط الغرب؛ لن يجدي اعتكافه هذا إذا تمخض الزلزال وخرج المارد من قمقمه فلن يتحمل الشعب المصري كل هذه الإهانات المتكررة من أقباط مصر، تلك الأقلية التي لا هم لها إلا الاستقواء بالغرب .. لا .. ولن تنفعهم أمريكا ولا قوات الناتو ولا من في الأرض جميعاً من غضبة الشعب المصري المسلم المكلوم المهان في دينه وكرامته.. فأفيقوا قبل أن يتمخض الزلزال.. وساعتها سيقول الجميع ولات حين ندم!.
حاشية على بحث الدكتور هاني السباعي:
أعتقد أن الدكتور هاني السباعي يتحدث عن أقلية داخل أقلية، أقلية سافلة وسط أغلبية أفضل، تماما كأقليات اليسار السافل بين المسلمين، نعم.. أقلية و إن كنت أظن أنها تزداد تدريجيا, أقلية.. لا أقولها نفاقا أو مجاملة للأقباط، فالتاريخ يتحدث فعلا عن ترحيب الأقباط – في مجملهم- بالفتح الإسلامي .. ليس ميلا للدين الجديد و إنما لأنهم كانوا يعتبرون الرومان كفارا و أعداء معا وكانوا يرون أن المسلمين أقل كفرا من الرومان الذين عاملوهم بوحشية منقطعة النظير، لقد قتل جستنيان الأول عام 560م 000 200 في الإسكندرية وحدها. وكان التاريخ الدامي لا ينفك يذكرهم بكيفية دخول المسيحية لمصر في عام55 م علي يد مارمرقس الرسول وإنشاء أول كنيسة في مصر في منطقة بوكاليا في الإسكندرية وكيفية قتل مارمرقس الرسول بمعرفة الوثنيين بربطه من رقبته في عام68 م بحبل وجره في الشوارع حتى ظهرت عظامه وكيف عاش المسيحيون في اضطهاد دائم في مصر وصل ذروته في عهد دقلديانوس حاكم الدولة الرومانية في عام284 م حتى وصل عدد القتلى من المسيحيين إلي أكثر من مليون شخص. ويرى بعض المؤرخين المحايدين أن الفتح الإسلامي أنقذ قبط مصر من الإبادة. ثم أن المراجع القبطية نفسها – ومنها أنقل الآن- تذكر كيف بدأ الأقباط في مساعده عمرو بعد سقوط بابليون والإسكندرية واحتلاله البلاد وكان زعيم القبط وكبيرهم رجلا اسمه باليوناني سانوتيوس أو شنودة بالقبطي، أعلم عمرو بأحوال أهل البلاد وكيف اضطهدهم الأروام وهروب البابا بنيامين منهم واختفاؤه. فكتب عمرو بن العاص وعد عهد وأمان كالآتى ( أينما كان بطريرك القبط بنيامين، نعده الحماية والأمان وعهد الله فليأت البطريرك إلى هنا في أمان واطمئنان ليلى أمر ديانته ويرعى أهل ملته (2) وكان البابا بنيامين قد غاب عن كرسيه 13 سنه منها 10 سنين في عهد الأروام وحكم قورش(المقوقس) وثلاث سنين منذ غزا العرب مصر0كما أمر عمرو بإرجاع الكنائس التي اغتصبها الأروام من الأقباط. أما البابا بنيامين فلما عاد إلى كرسيه عمل وعلم بكل طاقته لإرجاع الذين أضلهم قورش فرجع منهم الكثيرين0وعاد الأساقفة أيضا إلى كراسيهم( أماكنهم) بعد هروبهم وأمر ملاك الله البابا أن يبنى بيعه (كنيسة) مطرا لأنها كانت أكثر الأماكن التي أهرق فيها الأروام والملكيين دماء الأقباط، ورمم أيضا أديره وادي النطرون (دير الأنبا بيشوي وأبى مقار) بعد أن دمرها الفرس وقتلوا رهبانها. ثم تروي المراجع القبطية ما قاله المؤرخون العرب انه خرج 70000 راهب قبطي من وادي النطرون بيد كل منهم عكازا عراة الأقدام وبثياب ممزقه، مهللين لعمرو بن العاص.
ولا تنفي المراجع القبطية هذا الخبر لكنها تنتقد العدد.. وترى أن فيه مبالغة كبيرة.
هامش على الهامش:
هذا هو الفاتح الصحابي الجليل عمرو بن العاص..
فهل رأيتم فاتحا في التاريخ يفعل فعله ( كلب من كلاب الروم كان يقول: لقد فتحت أمريكا العراق كما فتح عمرو بن العاص مصر.. وكلب آخر من كلاب الروم قبح الله وجهه ( أسامة أنور عكاشة) كان يقول عن الصحابي الجليل أنه أحقر شخصية في التاريخ..
ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون.
***
هكذا جرت حملات الكذب لتشويه الإسلام والمسلمين وكان هدفها الرئيسي تنفير النصارى من الدخول في الإسلام.. ولو لم تكن الغواية هائلة لما كانت الأكاذيب بهذا الحجم..
إنني أريد أن أفرق هنا بين أمرين أظنهما هامين، و أريد ألا أسقط في فخ الإساءة لأحد، كما لا أريد أن أسقط في مستنقع المجاملات الكاذبة المنافقة اللزجة.
وعلى سبيل المثال: عندما يقول المسلم أن النصارى كفار فهذا ما قرره له القرآن الذي يقول "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " 17 و 71 المائدة و" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ" المائدة 73.. إنه لا ينطلق من حكم شخصي أو هوى مضل. إنه ينطلق من القرآن كحكم سماوي مطلق لا استئناف فيه ولا قدرة لبشر على تغييره. نعم .. أعلم أن النصارى لا يؤمنون بالقرآن.. ولم نطلب منهم ذلك.. لكننا نطلب فقط أن يفهموا أننا نؤمن به أكثر من إيماننا بوجودنا الأرضي ( لا أقول ذلك لصرفهم عن محاولاتهم الساذجة السافلة لصرفنا عن الإسلام) وعندما نقول أنهم بدلوا في كتابهم، فإن ذلك يعني يقيننا المطلق بما أخبرنا به القرآن، وذلك لا يتعلق على الإطلاق، إنه لا يتعلق حتى بالنبأ الذي ذاع أن الكنيسة الكاثوليكية في روما توشك علي الإعلان رسميا عن أن80% من الأقوال المنسوبة للسيد المسيح عليه السلام في الإنجيل، غير صحيحة تاريخيا. أليس هذا ما قاله الإسلام؟ أليس هذا ما حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم .
على الجانب الآخر .. ما هي مرجعية النصارى عندما يحكمون على المسلمين في شيء؟ هل قاله الله؟ هل نطق به عبد الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام؟ أم أنه رأي بشر.. إنني أرجو من القارئ القبطي أن يفهمني، إنني أحاول مناقشة الأمر بصورة عقلية مجردة، لا أهدف منها أبدا إلى إقناعه بالإسلام، بل أهدف منها – و أقولها بلا خجل وبلا كبرياء مرذول – إلى استرضائه. نعم أريده أن يفهم أنني عندما أقول أن الله واحد أحد لم يلد ولم يولد فإنني لا أقصد إيذاءه، وحتى عندما أقول لقد كفر الذين قالوا.. فإنني لا أملك من الأمر شيئا ولا حيلة لي ولا لغيري فيه.. بمعنى أنني من ناحية لا أقصد إيذاءه، ومن الناحية الأخرى فإنه إن كان ضروريا أن يمنعوا تلك الآيات من أن تتلى على الأرض فليس لهم إلا سبيل واحد.. أن يقتلوا مليارا وثلاثة أرباع مليار مسلم.. وهذا أيضا لن ينالوه أبدا.. ليس استكبارا.. ولكن أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك.
بشكل آخر: عندما يقول المسلم على النصراني أنه كافر فذلك أمر طبيعي.. تماما كما أنه طبيعي أن يقول النصراني عن المسلم أنه كافر، وشد ما يصيبني الاشمئزاز من إنكار هذا المعنى أو الكفر به، فمن المؤكد أن المسيحي لا يقبل أبدا أن يقال أنه مؤمن بنبوة سيد البشر وخاتم النبيين سيدنا وحبيبنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن أي مسلم لا بد أن يشعر بالفخر الشديد حينما يذكر عنه أنه كافر بالتثليث، فذلك مدح لا قدح.
نعم.. وبطريقة أخرى فالكفر يعني الغطاء، أو الإخفاء أو الإنكار، وبذلك فإن إنكار النصراني لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم تعني بالنسبة لي كفره، و إنكاري أن الله ثالث ثلاثة تعني بالنسبة له أنني كافر بما يقول.. وهذا صحيح ولا يحمل أي نوع من الإساءة أو الإهانة. إن الأمر كما قال المستشار العلامة طارق البشري ذات يوم ضاربا المثل بالماركسية، فإن لها أسسا معينة فإن آمنت بها فأنت مؤمن و إن أنكرت المادية الجدلية فأنت كافر بها دون أن يعنى هذا الرغبة في الإهانة.
***
لست أدرى هل استطعت توضيح الفكرة السابقة أم لا..
وربما يحتاج القارئ الآن أن أخفف من جهامة الكلمات وشدة وطأتها بأن أروي له الحكاية التالية..
لست أدري من الذي أدخل في روعي أن الأستاذ نبيل الذي أتعامل معه مسيحي، وظلت علاقتي به طيلة عشرة أعوام شديدة الصفاء والنعومة، كنا نلتقي – لقاء عمل – كل عدة شهور.. وكان هو يستمتع بخطئي و يتجنب كشف الحقيقة أمامي.. إلى أن التقينا في الحج!!..بعدها قلّت مجاملتي له، و أصبحت أعنفه أحيانا إذا أخطأ فيقول مازحا: ليتك ما اكتشفت الحقيقة، فأوضح له الأمر، ذلك أنني في علاقتي بالمسيحي أحمل مسئولية مضاعفة، مسئولية : " الدين المعاملة" ومسئولية توصية الرسول صلى الله عليه وسلم بهم. لكن هل تعني المجاملة أن أنكر ما هو معلوم في الإسلام بالضرورة؟ نعم.. لكم دينكم ولي دين.. لكن.. من هم هؤلاء الذين لهم دينهم ولي دين.. إنهم: " يا أيها الكافرون!"..
***
وقبل أن نعود إلى المسرحية المجرمة فإننا نعرض في إيجاز شديد رد فعل العالم على الأكاذيب القذرة والمسرحيات المجرمة وجميع وسائل الإعلام الخاضعة للصليبيين واليهود..
نعرض رد فعل العالم على الأكاذيب عابرة القارات والقرون..
هل انصرف الناس عن الإسلام؟..
هل قل عدد المسلمين؟؟..
على العكس..
رد الفعل أن عدد المسلمين ازداد وكذلك نسبتهم.
- فقد ازداد عدد المسلمين نسبة إلى سكان العالم من 18% عام 1980 23% عام 2000 ويتوقع أن يصل إلى 31% عام 2025( البيان ذو الحجة 1419).
وللمسلمين أقول أن ذلك يتم لأن الإسلام حق بذاته دون حاجة إلى دفاع ، كما أن فكرة التوحيد في الإسلام بالغة النقاء والرقي، نعم إنها نقية وشامخة للدرجة التي تخطف قلب أي إنسان على غير دين الإسلام عندما يسمع بها، وسنجد ذلك في كثير من مذكرات من هداهم الله لإسلام.
***
النماذج الوضيعة التي ذكرناها ليست استثناء و .. لا أقول أيضا أنها القاعدة في تناول الإسلام والمسلمين.. لكنها واسعة الانتشار..وعلى من يريد معرفة المزيد أن يلجأ إلى مواقع أقباط المهجر، وليست سوى أوكار للخونة والجواسيس والعملاء، وبالمناسبة سوف يذهل القارئ من أن أهم كتاب هذه الأوكار رفعت السعيد والعشماوي وحسن حنفي وفرج فودة والقمني وخليل عبد الكريم وصلاح عيسى والغيطاني ومن على شاكلتهم. دعنا من ذلك. لديّ صحيفة كنسية توزعها الأهرام تتعرض لسيدنا عمر بن الخطاب باتهامات خسيسة قذرة بشعة كالصحيفة ومن أصدرها وباركها ووزعها.. ولولا حرصي على عدم إشعال النار لذكرت التفاصيل.
***
لم تستخف الكنيسة.. بل قامت بهذا العمل الفاجر بتحد سافر للمسلمين ولأجهزة الدولة وقامت بعرض كل شيء من أسماء طاقم العمل بالكامل.. فما المطلوب من هذا التصرف الوقح...هل هو إعلان التحدي والتمرد من قبل الكنيسة على الدولة؟ هل هو السعي إلى فتنة المفروض أن يكونوا أشد الناس خوفا منها؟ هل هو الاستقواء الدنيء بالخارج ؟
يقول الدكتور يونان لبيب رزق ـ قبطي ـ في مجلة المصور : تصور نفر من الأقلية القبطية أنهم يستمتعون بالحماية الأمريكية ولعل هذا ما دفعهم إلي تأليف وتمثيل هذه المسرحية الركيكة والتي تفتقر إلي ابسط مبادئ الحبكة الدرامية، فهي تقوم منذ بدايتها علي فكرة وهمية مؤداها نجاح احدي الجماعات الإسلامية المتطرفة في إغراء شاب قبطي علي الانضمام إليها ولم يحدث أن سمعنا من قبل أن هذه الجماعات قد سعت إلي ضم أي قبطي، الأكثر من ذلك أن هذا الشاب لسبب أو لآخر قد استجاب لهذه الدعوة غير المنطقية، ولا ندري من كان وراء هذا التصرف الذي لا يمكن وصفه إلا بالتعصب وقصر بالنظر، أو على الأقل بفعل فاعل في نفس الفترة أخذت إحدى قنوات القمر الأوروبي هي قناة الحياة تبث برنامجا استفزازيا لقس مصري اسمه الأب زكريا حفل بالقصص الوهمية عن نجاحه في تنصير أعداد من المسلمين هذا فضلا عما يبشر به من معجزات وهمية.
***
هو الاستقواء الخسيس إذن.. استقواء عميان يقودون عميانا .. ولكن.. إذا كان الأعمى يقود أعمى يسقطان معا في حفرة .. و أنهم هم الذين ينطبق عليهم ما جاء في الطبعة المعاصرة للإنجيل : "كتب أن بيتي بيتا للصلاة يدعى، أما أنتم فقد جعلتموه مغارة لصوص".. أو أنهم كما قال القديس أوغسطينوس : إنهم يرغبون في تدمير الحق الذي لا يمكن تدميره. أمّا الخنازير فتختلف عن الكلاب فهي لا تهاجم لتمزّق بأسنانها، لكنها تدنّس الشيء إذ تدوسه بأقدامها في طياشة... إذن لنفهم أن "الكلاب" تُشير إلى مقاومي الحق، "والخنازير" إلى محتقريه.
- لقد بلغ الفجور بالكهنة الذين اشتركوا في هذه الجريمة أن كذبوا حتى على البابا شنودة نفسه، فقد ورد في مقدمة المسرحية أنها "حظيت بمباركة صوت البابا شنودة".. والكلمة رغم غموضها أعطت انطباعا بتورط البابا نفسه تورطا مباشرا في هذا العمل الإجرامي. ولم يكن ذلك صحيحا، و إنما تدني الكهنة إلى مستوى النصب والاحتيال، ولقد فسر الأنبا موسى الجملة، فقد أتوا بتسجيل موعظة من مواعظه و سجلوها في المسرحية لتباركها.
- لقد قلت قبل ذلك أن الغرض من مثل هذه المسرحية السافلة والكهنة السفلة الذين تبنوها هو تشويه الإسلام كي يشوهوه عند أبنائهم ولكي يبغضوا لهم أتباعه.. لكن القبطي المحترم الوقور المحروم من قبل البابا شنودة: جمال أسعد عبد الملاك يخبرنا بسبب آخر.. إن الكهنة الساقطين.. أبناء الأفاعي الذين يلبسون ملابس الكهنة.. يتاجرون في هذه المسرحيات ويكسبون منها.. وذلك سبب هام آخر.. وهو أيضا يؤكد أنهم ليسوا أتباع عبد الله المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، سواء بتحريف أو بدون تحريف ( فحتى المسيحية المحرفة لا تأمر بالكذب الفاجر أو جرائم القتل والإبادة)..و إنما هم أتباع يهوذا و أنهم ينتجون هذه المسرحيات من أجل الثلاثين فضة!!..
- أين كانت الحكومات العميلة الساقطة وهي تتراجع تراجعا بعد تراجع وتفرط تفريطا بعد تفريط.
- أين كانوا وهم يردون المؤمنات المحصنات ماريان مكرم عياد وتريزا إبراهيم ووفاء قسطنطين وغيرهن..
- أين مباحث أمن الدولة التي لا تخفي عليها في المساجد خافية؟؟ أين؟؟
- العار والشنار لأجهزة تسجل أسماء الشباب الذين يصلون الفجر في المساجد دون أن تجرؤ على التسلل لقلاع وحصون تسمى بعضها زورا كنائس.
- الخزي والعار والشنار لأجهزة لا تجرؤ على التدخل في برنامج عمل الكنائس ثانية واحدة بينما تحرص على تقييد العمل في دور عبادة المسلمين الأعداء.. في المساجد!!.. يحرص كلاب النار على ألا يذكر اسم الله فيها.. فلا تفتح إلا قبل صلاة الفرض بدقائق ثم تغلق بعد الصلاة مباشرة.. لعنهم الله و أخزاهم.. و أخزى وزيرا يوافق على هذا ويباركه.
- الخزي والعار والشنار لأجهزة الأمن الباطش الجبار التي قتلت الناس داخل المساجد وأطلقت النار داخلها وهدمت بعضها لاتهامات كلها مزورة وصمتت صمت الجرذان عندما كانت الجرائم جرائم خيانة عظمى لكنها تحدث في الكنائس.
- الخزي والعار والشنار لهم .. الخزي والعار والشنار لهم .. الخزي والعار والشنار لهم .. إنني أوجه السؤال لهم أو لأي واحد منهم ما يزال لديه دين أو ضمير- وهو الأمر الذي أرتاب فيه- هل يمكن أن يفعلوا بالإخوان المسيحيين (!!) ما فعلوه بالإخوان المسلمين؟.. ولا أقول بالجهاد أو الجماعة الإسلامية؟؟..
- لماذا استهان كلاب النار – أيا كانوا و أيا كانت مناصبهم.. من الخفير إلى الأمير.. بالمساجد وجبنوا أمام الكنائس التي تحولت إلى دويلات متناثرة داخل الدولة ؟ نعم .. دويلات لها هيئة مستقلة وخصوصية خاصة داخل البلد .. دويلات لها قوانينها وسجونها و أجهزة إعلامها بل وصحفها.
- هل يدرك القراء أن من حق كل كنيسة أن تصدر صحيفة؟! لدي بعض هذه الصحف، وهي طباعة فاخرة، وليست للتوزيع الداخلي، بل تباع، ومكتوب في صفحاتها الأولى أنها توزيع الأهرام، فهل يدرك جهاز الأمن الباطش الجبار ذلك؟ وهو الذي يحاصر أي مطبوعة للمسلمين، وهو الذي يمنع بمنتهى الجبروت والقسوة عودة صحيفة الشعب رغم عشرات الأحكام القضائية النهاية ، الخزي والعار والشنار لجهاز أمن يفعل ذلك..خزي وعار يلحق أيضا الباقين جميعا .. من الخفير إلى الأمير.
- هل تراقب أجهزة الثقافة مسرحيات الكنائس ومطبوعاتها، وهي التي لا تسمح لأي مؤسسة مسلمة بأي نشاط، إلا إذا كان هذا النشاط نفاقا وازورارا عن الإسلام، هل تراقب هذه الأجهزة نشاطات الكنائس.. أم أنها مشغولة كوزيرها الشاذ – فكريا!- بإخراج مسرحية صنع فيها – عليه من الله ما يستحقه- نموذجا للكعبة وأتى براقصة لترقص فوقه.
- أين وزارة الداخلية.. أين شرطة المصنفات وقسوتها الباطشة وهي تهاجم مساكين يرتزقون من بيع تسجيلات دينية معظمها صحيح لكنه لا يوافق هوى الشياطين التي تحكمنا ثم لم تتحرك قيد أنملة لإزار المسرحية الفاجرة.
- فحيح ونباح وعواء انطلق يقول أن المسرحية مثلت منذ عامين.. لكن التساؤل: هل تسقط جرائم إهانة القرآن وسب الرسول بالتقادم؟.. وبعد عامين فقط!!..
- فحيح ونباح وعواء انطلق يقول أن المسرحية مثلت مرة واحدة فقط.. وهذا كذب لأنها مثلت مرات عديدة.. أما المصدر فهم مسيحيون شاهدوا المسرحية.. و أسلموا بعدها!!
- فحيح ونباح وعواء انطلق يقول أن المسرحية مثلت مرة واحدة ثم صدرت الأوامر بإيقافها.. وهذا كذب.. فقد مثلت في أغسطس الماضي حيث صورت.. لكن دعونا من أجل الجدل نوافق.. فإذا كانت الأوامر قد صدرت بإيقافها فمن سجلها؟.. ومن طبعها؟
- فحيح ونباح وعواء انطلق يقول أن المسرحية لم يشاهدها مسلم قط.. فكيف وصل تسجيلها إلى آلاف المسلمين إذن؟ ( المسيحيون الذين هداهم الله للإسلام أقروا بأن التسجيل والتوزيع كان مقصودا به المسلمون وليس المسيحيين)..
- هل كل ضباط مباحث أمن الدولة مشغولون في مراقبة المساجد؟ أما من ضابط منهم يذهب ليقول لنا من الذي طبع القرص الفاجر ومن وزعه.. ومن هو الفاجر الذي وافق أو بارك؟!..
- ثم: أين شيخ الأزهر.. لا عفوا.. أنا أسحب السؤال يا قراء.. لا أسأل عن شيخ الأزهر ولا أناديه فالرجل موظف.. والموظف ملتزم بشرع ولي نعمته لا بشرع خالقه.
- أين المفتى؟.. لقد فقد الرجل احترامي كله وهو ينكر وجود تسجيل للمسرحية أصلا.. وهو قول كاذب لم يجرؤ عليه حتى البابا شنودة نفسه..
- أين النائب العام.. الذي أكتفي بصدده بأن أشكوه إلى الله.. ليس في هذه القضية فقط..بل في كل قضية يكون الحاكم طرفا فيها.. و أحيل القارئ إلى مقال لي نشرته منذ أعوام ثم ضمنته كتابي " إني أرى الملك عاريا " عن صدام عنيف مع النائب العام آنذاك حين صارحته أن قاضيا في الجنة وقاضيين في النار.
- أين وزير العدل – المزور كما اتهمه القضاة أنفسهم-..
- إنني أنقل تعليقا من رسالة قيمة لبعض من تصدوا للمسرحية الفاجرة.. تعليقا يستنكر كيف أن أصحاب هذا العمل المسرحي الهزيل قيمة ومضموناً .. نشروا مثل هذه الأفكار دون أن تطرف لهم عين..ودون أدنى مسئولية أو شعور بالآخرين..إننا كنا نتصور إن مصر من كافة طوائفها وأفكارها ومثقفيها وبُسطائِها قبل علمائها كانت ستعلن التنديد والاستنكار على الفور إذ ما تجرأ أحدهم من دولة قريبة أو بعيدة بمثل هذا العمل..إننا لم نتصور أبدا أن نُؤتى من مأمننا..ونُطعن من مكمننا..كنا نتصور أن هؤلاء الذين يسبون الإسلام( مثل زكريا بطرس وأعوانه في القنوات المشبوهة) في الخارج هم أعداء لديننا ودولتنا ، وكنا نعلم أن أغراضهم الرخيصة المكشوفة في إثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين لن يعبأ بها شبابنا الواعي للوحدة الوطنية ولمستقبل وأمن بلاده .. فإذ بعيوننا تتحول عن مكامن الخطر الخارجي لنجدها هنا ونشاهدها من الداخل للأسف. المشكلة أن الطعنة هذه المرة جاءت صريحة من قلب أقباط مصـر أنفسهم ، وليس كما أعتدنا تلقي السهام من أقباط المهجر في الخارج. الشيء المؤسف أن هذه الطعنة وهذا الاستهزاء الرهيب بشرائع الإسلام جاء من قِبَل أكبر مِلّة طائفية مسيحية في مصـر وهم الأرثوذكس ، والذي يشكلون معظم أقباط مصر المسيحيين. ولو كان هذا العمل قد قام به مجموعة من الشباب كحالة منفردة لكنا قد سكتنا ولكذبنا أنفسنا وأعيننا ، وقلنا لأنفسنا ولأبنائنا المسلمين لا تحزنوا ولا تغضبوا لأنهم مجموعة عشوائية من الشباب لا تمثل أبدا الكنيسة المصرية ، ولا تمثل أبدا إخواننا الأقباط. إلا أن الصدمة هذه المرة كانت من قبل أحد الكنائس الأرثوذكسية التي يقودها ويرأسها البابا شنودة نفسه.. حيث أن العمل تم في "كنيسة ماري جرجس – بمحرم بك- الإسكندرية" ،هذا العمل المسرحي الذي يشرف عليه قساوسة كبار وليس مجرد مجموعة من الشباب المتعصب أو غيره. إن الشيء المحزن أن هؤلاء القساوسة يفترض أنهم أكثر استيعاباً وإدراكاً للمسئولية في مثل هذه الفترات ، ولا بد أن يكونوا قدوة للآخرين ، لأنهم رجال دين في محل نظر واهتمام الآخرين حيث أن تصرفاتهم وأفعالهم محسوبة عليهم. وللأسف أن أي شخص سيشاهد هذه المسرحية سيدرك أن العمل لم يكن عشوائياً ، بل كان عملا منظما متكاملا ضخما داخل مسرح الكنيسة وخارجها ، عمل فني بما يعرفه المشاهدون من طاقم تصوير وموسيقى وديكور وكمبيوتر وملابس ومكياج وتأليف وإخراج وطبعاً لا تنسوا القساوسة ومباركتهم للعمل بأنفسهم. بل إن الجمهور المسيحي الذي كان يحضر هذا العمل لم يكن بضع أفراد ولم يكن العمل سرياً، بل كان جمهورا كبيرا ضخما بالمئات أصرت الكاميرات إظهاره عدة مرات لتوضح مدى سعادتهم وتصفيقهم الحار للعمل إعجابا به!!. وتلك نقطة أخرى لا أتوسع فيها حرصا، إذ كيف يهبط هذا الجمهور الغفير إلى هذا الدرك السافل دون احتجاج واحد، وهل هذا الجمهور لا يمثل إلا نفسه أم أنه عينة عشوائية صادقة للانحطاط والكفر والسفالة.
***
إن عنوان المسرحية نفسه يعود إلى رواية وردت في الإنجيل تقول:
" وفيما هو مجتاز رأى إنسانا أعمى منذ ولادته. فسأله تلاميذه قائلين يا معلّم من اخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى. أجاب يسوع لا هذا اخطأ ولا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه. ينبغي أن اعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار. يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل. ما دمت في العالم فأنا نور العالم
قال هذا وتفل على الأرض وصنع من التفل طينا وطلى بالطين عيني الأعمى. وقال له اذهب اغتسل في بركة سلوام. الذي تفسيره مرسل. فمضى واغتسل وأتى بصيرا "
"فالجيران والذين كانوا يرونه قبلا انه كان أعمى قالوا أليس هذا هو الذي كان يجلس ويستعطي. آخرون قالوا هذا هو. وآخرون انه يشبهه. وأما هو فقال أنى أنا هو. فقالوا له كيف انفتحت عيناك. أجاب ذاك وقال. إنسان يقال له يسوع صنع طينا وطلى عينيّ وقال لي اذهب إلى بركة سلوام واغتسل. فمضيت واغتسلت فأبصرت".(...) اسألوه فهو يتكلم عن نفسه. قال أبواه هذا لأنهما كانا يخافان من اليهود. لان اليهود كانوا قد تعاهدوا انه إن اعترف أحد بأنه المسيح يخرج من المجمع. لذلك قال أبواه انه كامل السن اسألوه، فدعوا ثانية الإنسان الذي كان أعمى وقالوا له أعطي مجدا لله. نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ. فأجاب ذاك وقال أخاطئ هو. لست اعلم. إنما اعلم شيئا واحدا. أنى كنت أعمى والآن أبصر "..يوحنا 9: 1-41.
***********
الشعب ١٠-٦-٢٠٠٦
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق