السبت، 23 ديسمبر 2023

رسالة إلى الشعب اليهودي في إسرائيل

رسالة إلى الشعب اليهودي في إسرائيل




متظاهرون يهود بالزي الديني الرسمي يرفعون لافته ان الصهيونية ضد اليهودية 

وان اليهودية دين ولكن الصهيونية جنسية (الجزيرة)

هذه رسالة موجّهة إلى الشعب اليهودي في إسرائيل، نعم إنها لكم، وهي المرة الأولى التي أكتب فيها لقرّاء غير جمهوري العربي. أكتب هذه الرسالة لكم في ظروف شديدة الصعوبة والتعقيد والاحتقان والغليان والاستقطاب والدموية لدى كلا الشعبَين: العربي واليهودي؛ بسبب الحرب البربرية التي تشنّها حكومتكم ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ 75 يومًا.

أرسلها لكم لتستمعوا إلى صوت آخر، وأفكار أخرى، ومقاربات غير تلك التي تغرقون فيها صباح مساء، فلا تستمعون إلا لأصواتكم المبحوحة بصيحات الانتقام والتهديد والوعيد والقتل والتنكيل، التي تجاوزت حدودها، وتحوّلت إلى همجية ووحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلًا.

ولعلَّ هذه الرسالة تخرجكم قليلًا من دائرة أحاديثكم المغلفة بالقذائف والدمار والقتل والأشلاء، وتخرجكم من طاحونة الأكاذيب التي تصمّ آذانكم، وتعمي أبصاركم.

أنقذوا إنسانيتكم، وبرهنوا للعالم أنكم بشر من لحم ودم وأحاسيس، ولا تشاركوا حكومتكم في جريمتها الكبرى ضد الإنسانية. تخلّصوا من أكاذيب قادتكم وكثّفوا حراككم وضغطكم على حكومتكم لتوقف الحرب في قطاع غزة، لتَسْلموا من لعنة غزة القادمة

تمهيد

إذا كنتم اعتبرتم الهجوم الذي قامت به حركة "حماس" يوم 7 أكتوبر همجية ووحشية، واعتبرتموهم أقل من الحيوانات؛ بسبب صدمتكم من ارتفاع عدد القتلى والجرحى في هذا الهجوم؛ من سكان مستوطنات غلاف غزة، ومن قوات جيشكم وشرطتكم التي تسببت في قتل وجرح القسم الأكبر من الضحايا، حسب التحقيقات الإعلامية المحايدة الإسرائيلية والأجنبية؛ فماذا تقولون عن الهجوم الانتقامي الذي يقوم به جيشكم ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

هذا الهجوم الذي راح ضحيته حتى الآن أكثر من 20 ألف قتيل وأكثر من 50 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، في حرب تدميرية استعراضية جنونية لم تترك منزلًا ولا مدرسة ولا جامعة ولا مستشفى ولا مسجدًا ولا كنيسة ولا سوقًا؛ تحت ذريعة القضاء على حماس، والمقاومة وتحرير الأسرى والمختطفين؟

ليسوا عماليق!

عمدت القيادات السياسية والدينية إلى حثّكم على تأييد الحرب، وتعبئة شبابكم وشاباتكم للمشاركة فيها، باعتبارها حربًا ضد العماليق الذين أمركم الله بقتلهم والتنكيل بهم وبأطفالهم ودوابهم.

ولكن الحقيقة التي يخفونها عنكم أن سكان قطاع غزة ليسوا عماليق، فالعماليق الفلسطينيون كانوا مشركين، ولم يعد لهم وجود، حيث دخلوا في الإسلام وآمنوا بالله، وبملائكته، وكتبه، ورسله، آمنوا بمحمد، وموسى، وهارون، وعيسى، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب؛ وغيرهم من الأنبياء والرسل الذين تؤمنون بهم، عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

كما آمنوا بالقرآن الذي نزل على محمد، وبالتوراة التي نزلت على موسى، وبالإنجيل الذي نزل على عيسى، والزبور الذي نزل على داود، واختلطوا مع الكثير من الأقوام والأعراق الذين مرّوا على فلسطين واستقرّوا فيها.

فإذا كنتم تساندون هذه الحرب البربرية ضد شعب قطاع غزة؛ لأنهم سلالة العماليق؛ فهذا ليس صحيحًا، فشعب غزة شعب يؤمن بالله الذي تؤمنون به وبالأنبياء والكتب السماوية التي تؤمنون بها، ولكن قادتكم- السياسيين والدينيين- يكذبون عليكم، لتساندوهم في حربهم على غزة، وتقدّموا أبناءكم قرابين لأطماعهم الشخصية؛ السياسية والاجتماعية والدينية.

لماذا يحاربونكم؟

إن أبناء الشعب الفلسطيني لا يحاربونكم؛ لأنهم سلالة العماليق، ولا لأنكم يهود، وإنما لأن الحركة الصهيونية اغتصبت أرضهم، وأقامت عليها دولتكم، وما زالوا يتجرعون مرارة التشريد والنزوح والحصار والاضطهاد والقتل والإعاقة والأسر والتعذيب، على أيدي قياداتكم الإجرامية المتوحّشة منذ أكثر من 75 عامًا.

وإذا كنتم تصرّون على حقكم التاريخي في هذه الأرض، فالفلسطينيون كذلك يصرّون على حقّهم التاريخي فيها، وسيواصلون محاربتكم لاستعادتها، فهي أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم، وهو حق حفظته لهم الشرائع الإلهية والدولية.

وحتى لو تمكنتم من القضاء على حماس والمقاومة في هذه المعركة، فستنبت ألف حماس أخرى، وسيتحول كل فلسطيني شهِد هذه الحرب إلى قنبلة موقوتة تنفجر في وجوهكم في أي لحظة، وفي أي مكان على مدى الأيام.

وإذا كنتم تريدون العيش على أرض إسرائيل في أمن وأمان دون خوف أو تهديد أو وعيد؛ فلا تستمعوا لقادتكم الذين لا يهمهم سوى أن يصنعوا مجدًا شخصيًا لأنفسهم على حساب أمنكم ودمائكم.

لا تصدّقوهم!

لقد قامت دولتكم على التضليل والأكاذيب والخداع والقتل والإرهاب، من أجل السيطرة والتحكم والهيمنة، وليس من أجل جمع الشعب اليهودي في مكان واحد وتخليصه من عنائه التاريخي، كما تروّج لكم الحركة الصهيونية، بدليل أن عدد اليهود الذين يعيشون خارج دولة إسرائيل في الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، وكندا، وأستراليا، وروسيا، وأوكرانيا، وغيرها؛ أكثر من عدد اليهود الذين يعيشون في إسرائيل رغم مرور 75 عامًا على تأسيسها فوق أرض فلسطين.

فلماذا لا يعود هؤلاء اليهود إلى أرض الأجداد كما تزعم الحركة الصهيونية؟ إنها أكاذيب الحركة الصهيونية المستمرة التي صنعت لكم مأزقًا كبيرًا قبل 100 عام، عندما أغروا آباءكم وأجدادكم بالهجرة إلى فلسطين ليعيشوا في جنّة الدولة اليهودية، دون أن يخطر ببالهم أنهم ينتقلون إلى بؤرة صراع وتوتر لن تخمد أبدًا؛ بسبب مقاومة أصحاب الأرض وإصرارهم على استعادتها مهما كلفهم ذلك من ثمن.

من المتطرف الأكبر؛ الجماعات الإسلامية الفلسطينية أم الجماعات الدينية الصهيونية، التي تدعو إلى القضاء التام على الشعب الفلسطيني بقنبلة نووية أو ترحيله من أرضه إلى منافٍ جديدة، وتمارس القتل والسرقة والاعتداء والحرق والتنكيل في كل وقت؟

داعش الصهيونية

استطاعت آلة الكذب الصهيونية الهائلة داخل إسرائيل وخارجها أن توهمكم وتوهم العالم بنزاهة قادتها، وعدالة قضيتها، ونقاء صفحتها، وإنسانية سلوكها، وقد كشفت لكم الحرب المجنونة التي تشنّها حكومتكم على قطاع غزة نوعية القادة الذين أسّسوا دولتكم وقادوها حتى اليوم، ومستوى الإجرام الذي مارسوه ضد الشعب الفلسطيني، من حاييم وايزمان إلى بن غوريون، وغولدا مائير، وإسحاق شامير، ومناحيم بيغن، وإسحاق رابين، وشيمون بيريز، وأرييل شارون، وإيهود باراك، وأخيرًا بنيامين نتنياهو.

وبسبب الضخّ المتواصل لآلة الكذب الصهيونية؛ فإنكم لا تعرفون شيئًا عن تفاصيل جحيم الأعمال الوحشية اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في كافة مجالات حياته، بحيث باتت الاعتداءات والانتهاكات والجرائم التي قامت بها (داعش) لا تستحق الذكر أمام المذابح السوداء التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني طيلة تاريخ قضيته على أيدي زعماء داعش الصهيونية.

وإن كنتم لا تصدقونني فلتشاهدوا فيلم (طنطورة) الوثائقي، وهو فيلم ليس عربيًا ولا إسلاميًا، وشاهدوا مسلسل الوعد (The Promise) الذي أنتجته "بي بي سي". ولم تكن آلة الكذب هذه بعيدة عما جرى في الهجوم الذي قامت به حماس والمقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر، حيث تم تلفيق الصور والمعلومات التي تضلل الشعب الإسرائيلي والعالم وتصرفه عن حقيقة ما حدث في هذا اليوم، وقبل هذا اليوم، وقد تكشّفت لكم بعض الحقائق التي أثبتت ضلوع حكومتكم في جرائم هذا اليوم، وستكشف لكم الأيام القريبة القادمة عن بقية ما حدث، وعما حدث في الأيام والأشهر السابقة ليوم الهجوم.

التطرف الأكبر

أعتقد أن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة، والقصف الذي دمّر أكثر من 60٪ من البنية التحتية والفوقية لقطاع غزة؛ أثبتا لكم من المجرم والإرهابي: المقاومة الفلسطينية أم الاحتلال الصهيوني؟ ومن المتطرف الأكبر: الجماعات الإسلامية الفلسطينية أم الجماعات الدينية الصهيونية؟ وهي التي تدعو إلى القضاء التام على الشعب الفلسطيني بقنبلة نووية، أو الاستيلاء على أرضه وترحيله إلى منافٍ جديدة، وتمارس القتل والسرقة والاعتداء والحرق والتنكيل في كل وقت، دون أن ينكر عليها أحدٌ شيئًا مما تقوم به، وذلك لسبب بسيط يخدعونكم به، وهو أنهم يزعمون أنهم يقاومون الإرهاب الفلسطيني ويعملون على استعادة أرض الدولة اليهودية.

فالصهيونية الدينية باتت تحتل موقعًا متقدمًا في المشهد السياسي الصهيوني، وتصدّر الأكاذيب نفسها التي أسستها الحركة الصهيونية، وتعبِّئ بها رؤوسكم صباح مساء.

أوقفوا الحرب

إنكم تتابعون حرب الإبادة التي تشنّها حكومتكم ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؛ بابتهاج شديد أنساكم إنسانيتكم، وأنساكم اللعنة التي ستحل عليكم بسبب النتائج الإنسانية الكارثية التي خلّفتها هذه الحرب.

كيف تصمتون على حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها جيشكم في قطاع غزة، ضد الأبرياء والمدنيين؟ أم أنكم تصدّقون ما يقوله لكم قادتكم من أن هذا الشعب من الأغيار، ولن يحاسبكم الله على جرائمكم في حقه.

إن جرائم حكومتكم وجيشكم في قطاع غزة ستتحول إلى لعنة كبرى، ستلاحقكم على مدى الأيام، وسيسطرها التاريخ في أسود صفحاته، لعنة دينية وسياسية وإنسانية. وأنتم تلاحظون حجم التغيرات التي تحدث في العالم تجاه الشعب اليهودي بسبب هذه الحرب.

أنقذوا إنسانيتكم، وبرهنوا للعالم أنكم بشر من لحم ودم وأحاسيس، ولا تشاركوا حكومتكم في جريمتها الكبرى ضد الإنسانية، واعملوا ما ينقذكم من لعنة غزة القادمة. تخلّصوا من أكاذيب قادتكم وكثّفوا حراككم وضغطكم على حكومتكم لتوقف الحرب في قطاع غزة، قبل أن يفوت الوقت، ولا تجدوا مفرًا تلجؤون إليه.

أما كيف يتحقق السلام وتعيشون في أمن وأمان، وكيف يتم احتواء المقاومة وإيقاف العداءات، ففي رسالة قادمة بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق