الأحد، 2 فبراير 2014

سفينة الشرعية وطوفان العسكر..من البرادعي إلى بلال فضل


سفينة الشرعية وطوفان العسكر..من البرادعي إلى بلال فضل


 أحمد فهمي
كاتب ومحلل سياسي مصري

يوم الجمعة 28 يونيو 2013م، انطلقتُ من التجمع الخامس بالقاهرة لقضاء بعض الحاجات، مررت على شارع التسعين، فوجدت مجموعات من الشباب والفتيات يرتدون قمصانا برتقالية اللون، ويضعون سماعات ضخمة بعرض الشارع من الاتجاهين، ويبطئون السير، ويهتفون بحماسة ضد مرسي والإخوان والمرشد، وكانوا متحمسين لدرجة أني أوجست منهم.. كانوا ينتمون إلى حزب مصر القوية..

مجموعات أخرى خرجت تهتف بحماسة ضد الإخوان، بينهم 6 إبريل، والتيار الشعبي، وفي الخلفية كان أشاوس حزب النور تحت قيادة برهامي يصيدون في الماء العكر، ويسخنون الأجواء ضد الرئيس عبر الفضائيات..

كان مع هذه المجموعات رموز وإعلاميون وكتاب مستقلون، يدعمون ويؤازرون الانقلاب على الرئيس مرسي..

في الأيام الأولى للانقلاب، كان مؤيدو الشرعية ينادون هؤلاء: اركبوا معنا .. ستغرقون عن قريب.. احذروا فالعسكر لا أمان لهم.. اليوم تنقلبون على الشرعية، وغدا ينقلبون عليكم ويغدرون بكم..

لم يستجب منهم أحد، وقال قائلهم: سآوي إلى ديمقراطية تعصمني من العسكر..

اليوم ماذا حدث؟...

قفز البرادعي خارج الصورة، وانعزل تماما عن الشأن المصري، وأصبح يغرد بمعدل تغريدة كل شهرين، بعد أن كان في زمن مرسي "عصفورا في وقت التزاوج" لا يتوقف عن "الزقزقة"..

قادة 6 إبريل في السجن، ومصر القوية خارج التغطية تماما، والعسكر يرسلون عمرو موسى ليهدد أبو الفتوح محذرا إياه من الترشح، ويطلق السيسي برهامي على الرجل ليقول إن أبو الفتوح أعقل من أن يترشح في مواجهة السيسي..

حتى التيار الشعبي، غرقوا في بحر العسكر، وصار زعيمه "صباحي" يمسي مرشحا ويصبح غير مرشح..

أما حزب النور، فبدلا من الجلوس على الطاولة الرئيسية، تحول إلى خادم للعسكر، وأصبح قادتهم يعزون أنفسهم بمقولة أن "نادل القوم سيدهم"، وقال أحدهم قبل أيام معاتبا العسكر: (ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين )..

وأخيرا وليس آخرا، يغرد بلال فضل موبخا العسكر لمنعهم مقالا كتبه ينتقد فيه السيسي، مذكرا إياهم بمآثره في إسقاط مرسي..

كان الرئيس مرسي متمسكا بمكاسب ثورة يناير، حريصا على بقاء الحرية الإعلامية والسياسية، لم يقصف قلما، ولم يغلق حزبا، ولم يوقف فضائية، رغم أن أجهزة الاستخبارات عرضت عليه العودة إلى أسلوب مبارك في تسخير أجهزة الإعلام والإعلاميين، لكنه رفض بثبات وثقة من يوقن أن المبادئ لن تستقر دون تضحيات..

كان مرسي هو الرئيس الوحيد الذي أُحرِقت مقرات حزبه وهو في الحكم، ثم وهو في السجن..

رغم كل ما سبق، فإن "سفينة الشرعية" لا تزال مبحرة، ولا يزال الانقلاب يفيض قمعا وبطشا، ولا تزال الدعوة عامة: اركبوا معنا..

هذه ليست "سفينة مرسي" ولا "سفينة الإخوان" ولا حتى "سفينة الإسلاميين"، بل هي "سفينة النجاة" من "طوفان العسكر" الذي لن يبقي أخضرا ولا يابسا ..

فليركبها كل من لم تتلطخ يداه -أو لسانه- بدماء المصريين، وكل من لم يدعم أو يؤيد فض اعتصامي رابعة والنهضة..

اليوم تمضي السفينة في طريقها، فمن أدركها نجا، ومن أعرض عنها غرق مع العسكر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق