الأحد، 8 نوفمبر 2015

مالك بن نبي ماله وما عليه

مالك بن نبي ماله وما عليه



محاضرة ألقاها فضيلة الدكتور غازي التوبة حفظه الله مالك بن نبي ماله وما عليه 

لـــ الاستماع للمحاضرة هنــا
ولد الأستاذ مالك بن نبي في (1يناير 1905 م) بمدينة قسنطينة, حصل فيها على الثانوية. ثم سافر سنة 1930م إلى فرنسا, ليتخرج كمساعد مهندس كهربائي.
ألف بالفرنسية عددا من الكتب منها: (الظاهرة القرآنية), وهو أول كتاب بالفرنسية, إلى انتقاله للقاهرة, (1956) م, حيث طور معرفته باللغة العربية, فشرع بالكتابة بها.
سبب مجيئه للقاهرة: الثورة الجزائرية, ومؤتمر (باندونك)

[فكرته: إيجاد العالم الثالث الذي لا ينحاز لأي معسكر].

مالك بن نبي وعلاقته بجمال عبد الناصر:

كتب في باندونك (فكرة الإفريقية الآسيوية), وأهدى الكتاب لجمال عبد الناصر ! وعبد الناصر في تلك الفترة وما بعدها يمثل القوى التي تقف في وجه الإسلام, اصطدم مع الاخوان, وضرب التيار الإسلامي, ومع ذلك اصطف مالك بن نبي معه !! لم يقف هنا إنّما بدأ يشيد إشادة لكل خط عبد الناصر ! كقوله: “إن عملية البناء لم تبدأ في العالم الإسلامي إلا سنة 1952م”, وكقوله: “بناء عبد الناصر للمجتمع المصري كبناء النبي لمجتمع الصحابة!”, و”نقف على باب الحضارة” ! فمدح كل مخططات عبد الناصر وألحقها بمجتمع الرسول في صورة مغالية.
قيمة المفكر هي في : ما يطرحه من أفكار, في الرؤية للأمة (إصلاح, هدم, بناء), فهو كعالم غير معذور !! قيمة المفكر أن يكون لجانب الحق, فإن أقسى فترة كانت على الأمّة الإسلامية هي فترة (جمال عبد الناصر) مدعمة بفكر اشتراكي شيوعي من لافتاته: (المسلم رجعي ! الدّين يجب اقتلاعه), فترته فترة فيها تنظير مع قسوة وشراسة على كل مسلم.

“القابلية للاستعمار”

في رأيي أنّ فكرة “القابلية للاستعمار” أضعف أفكاره، وأقلّها صواباً، وبخاصة عندما ارتبطت هذه الفكرة بأمر آخر هو كلامه عن بلوغ عوامل التعارض الداخلية قمّتها في نهاية عهد دولة الموحّدين، ولم يعد الإنسان والتراب والوقت عوامل حضارة ، بل أضحت عناصر خامدة ليس بينها صلة مبدعة. وربط مالك بن نبي بين الانحطاط وبين القابلية للاستعمار فعدّ أنّ هذه القابلية للاستعمار عامل باطني يستجيب للعامل الخارجي، وأبرز مظاهر هذا العامل الباطني: البطالة، وانحطاط الأخلاق الذي يؤدّي إلى شيوع الرذيلة، وتفرّق المجتمع الذي يؤدّي إلى الفشل من الناحية الأدبية. فهل صحيح أنّ الأمّة وقعت في الانحطاط الذي أدّى إلى موات المجتمع من ناحيتي العقل والترابط؟ فهل توقّف العقل العربي عن الإبداع والفاعلية والحركة منذ عهد الموحّدين؟ وهل تفكّك المجتمع وتشرذمت الأمّة وزالت عوامل الوحدة وانتهى الناس إلى روابطهم الفردية؟ إن هذا التصور غير صحيح مع الإقرار بوجود أمراض متعدّدة، أثّرت على أوضاع الأمّة ومسيرتها منذ عهد الموحّدين، وأضعفت حيويتها، وقلّلت فاعليّتها.
أمّا عن الشقّ الأول من التوصيف وهو الزعم بأنّ العقل العربي توقّف عن النشاط والإبداع فأبرز ما يدحضه توصُّل الدكتور جورج صليبا في كتاب جديد له صدر بتاريخ عام 1999 تحت عنوان “الفكر العلمي: نشأته وتطوّره” إلى نتائج مخالفة لما طرحه مالك بن نبي؛ لأنه اتبع منهجية جديدة في دراسة العلوم العربية، قامت هذه المنهجية على رصد التطورات العلمية للعلوم العربية، وعلى عدم الانطلاق من نظريات مسبقة، وطبق ذلك على علم الفلك فتوصّل إلى أنّ العصر الذهبي لعلم الفلك العربي هو العصر الذي يطلقون عليه عصر الانحطاط بالنسبة للعلوم العربية بشكل عام.
أمّا في المجال الاجتماعي فإنّ عوامل الوحدة في الأمّة أقوى بكثير من عوامل التفكّك، وهي مازالت فاعلة مؤثّرة، ويمكن أن نشير في هذا المجال إلى عامل الوحدة الثقافية الذي استند إلى اللغة العربية وإلى الدين الإسلامي الذي وحّد التصوّرات إلى عالم الغيب والشهادة، ووحّد القِيَم الخُلُقية المرتبطة بالحلال والحرام الشرعيين، ووحّد العادات والتقاليد التي تستمد جانباً كبيراً من مفرداتها من السنّة المشرّفة، ووحّد المشاعر المرتبطة بالآلام والآمال التي تتجلّى عند الكوارث والمصائب والاعتداءات كما حدث في غزوات الصليبيّين والمغول والاستعمار، والذي أدّى أن يساعد العرب بعضهم بعضاً في كثير من المواقع والأماكن.
إنّ قول مالك بن نبي بانحطاط الأمّة منذ عهد الموحّدين هو الذي أدّى إلى القول بـ “القابلية للاستعمار”، وقد اعتبر مالك بن نبي استعمار بلادنا قدراً محتوماً “وضرورة تاريخية”، وهذا كلام غير صحيح بدليل أن فرنسا التي استعمرت الجزائر عام 1830م لم تستطع أن تستعمر مصر عندما غزاها نابليون عام 1798م، وليس معنى ذلك أن الجزائر كانت ذات قابلية للاستعمار في حين أن مصر لم تكن ذات قابلية للاستعمار، فإن النسيج الثقافي واحد في كلا البلدين، لكننا يمكن أن نفسّر نجاحه في الجزائر وإخفاقه في مصر بعوامل خارجية سياسية واقتصادية ساعدت على نجاح الاستعمار في الجزائر ولم تساعده في مصر، من مثل انشغال الخلافة العثمانية بحرب البلقان حين احتلال فرنسا للجزائر، ومن مثل تردي الوضع الاقتصادي لدى الخلافة مما جعله ينعكس على الإنفاق العسكري بشكل خاص ومستوى العمل العسكري بشكل عام، مقابل تحسّن الوضع الاقتصادي لدى أوروبا مما ساعدها على زيادة الإنفاق العسكري، ومن مثل كون الجزائر مقابل الحدود الجنوبية لفرنسا…الخ. ومما يؤكد ذلك أن المعلومات التاريخية تقول إن الجزائر كانت أقل أمية من فرنسا عندما احتلتها عام 1830م، وتقول كذلك إن ثلث أبنية مدينة الجزائر كانت أوقافاً مما يعطي قوة ورخاءً للوضع الاجتماعي الداخلي لم تكن تتمتع به باريس ذاتها.

مؤتمر باندونك (تحول حضاري)
هكذا ينظر له مالك بن نبي, بل هو تخديرٌ, لأن منطلقنا لبناء حضارة صحيحة وبناء أمّة هو نظرتنا (للكون, والحياة, والإنسان), الحضارة تبدأ من الإنسان المتوازن.

* أبرز الشخصيات التي تبنت فكر مالك بن نبي :
جودت سعيد وخالص جلبي, اللذين هما من انصار نظرية (اللاعنف) وإلغاء الجهاد, ويقول عنه جودت: “أعظم مفكر في التاريخ”

نقاط خطيرة في فكر مالك بن نبي:
يعتقد خلود الحضارة الغربية
يثني على الاستعمار في بعض الامور

لقاء الدكتور غازي التوبة بمالك بن نبي:
التقيت به لأول مرة في دمشق عام (70), في منزل الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله, مع (40) شخصية من الشخصيات الكبيرة, وحصل تعارف فما إن سمع اسمي إلا وقف ناقدا يقول: قسيت علي ظلمتني … إلا غير ذلك, يشار إلى أني طبعت كتابي في الرد عليه عام (1969)م, انتقده من حضر في أسلوبه وعدم الرد العلمي …

أبرز حسناته:
متميز بلغته العلمية
يستخدم المعادلات الرياضية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق