السيسي في بيت الطاعة الروسي
وائل قنديل
فشلت دولة عبد الفتاح السيسي في منع وصول قنبلة شديدة الانفجار إلى متن طائرة الركاب الروسية، في مطار شرم الشيخ الدولي، لكنها نجحت في منع وصول مجموعة من الشباب والفتيات، حاملين شموعاً، إلى شارع محمد محمود، المطل على ميدان التحرير.
حمل الإرهاب قنبلة، وعبر بها كل الحواجز الأمنية، فنجح في الوصول إلى الطائرة، وتفجيرها في الجو، وتحويل ركابها المائتين وأربعة وعشرين إلى أشلاء، ثم نجح في تجاوز الجميع، ليصل إلى حطام الطائرة، ويحرز جوازات سفر الضحايا، بينما دولة السيسي"الرئيس الدكر القوي القادر" تتحسس عوراتها الأمنية والسياسية المكشوفة.
وحمل الشباب ورودهم وشموعهم، قاصدين شارع محمد محمود، لإحياء ذكرى شهداء مذبحة العسكر ضد الثوار، التي وقعت قبل أربعة أعوام، وقراءة الفاتحة على أرواحهم، ففشلوا في الوصول، الليلة الفائتة، إذ كان وسط القاهرة مزروعاً بالأكمنة الأمنية، المستعدة مبكراً للغاية، من أجل منع الوصول إلى الشارع، فاعتقلت من اعتقلت، وطاردت من طاردت، حتى خارج حدود الميدان.
تلك هي الدولة الفاشلة، بكل معنى الفشل، تصفع وتهان وتسقط منكفئة على وجهها، تلعق بلادتها وخيبتها، في الاختبارات الحقيقية، كما جرى في فضيحة شرم الشيخ، وتستأسد وتتنمر على مواطنيها، وتستنفر كل قدراتها، لمنعهم من التعبير عن مشاعرهم الغاضبة على قتل أقرانهم، في مذبحةٍ نفذتها السلطة العسكرية ضدهم.
يمكنك أن ترى، الآن، بوضوح شديد مشاهد ركوع مصر عبد الفتاح السيسي تحت أقدام روسيا فلاديمير بوتين، بل ويمكنك القول إن السيسي دخل بيت الطاعة الروسي، مسحوباً من أمعائه، من دون أن يقوى على الاعتراض أو حتى الهمهمة.
وقع الروس عقد إنشاء محطة الضبعة النووية، لقاء خمسة مليارات دولار، سيطرق السيسي أبواب أهل الأرز، مجدداً، للحصول عليها، وبات "جنرال مسافة السكة" متماهياً، وملتزماً، وماشياً على خطوط روسيا، المرسومة بالدم، بلا أي ميل أو انحراف، ليصبح الباب مفتوح ا لكي يقفز السيسي بقواته إلى الجحيم السوري.
اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قبل يومين، لم يأت على ذكر تحقيقات الطائرة الروسية، لكنه تحدث عن محاربة الإرهاب، وذكر الموضوع السوري نصاً.. المعنى، هنا، أن عبد الفتاح السيسي، من الآن فصاعداً، لن يفعل إلا ما تريده روسيا. سيصدع لأوامر بوتين، ذليلاً كسيراً، بعد ضبطه متلبساً بالفشل والبلادة، في موضوع الطائرة.
وبعد الضبط سيتم إحضاره، صاغراً، في أي مسألة تحددها موسكو، سواء في سورية، أو في سيناء، فإن قرر الروس دك سيناء على رؤوس أهلها، لن يفتح فمه بكلمة، وإن قالوا له اخلع ملابسك وارتد زي السباحة في بحيرة الدماء السورية، فلن يتردد أو يتلكأ.
السؤال هنا: ماذا عن موقف السعودية من السيسي، وموقف السيسي من السعودية، مع التزامه بنصوص الكرملين المقدسة؟ هل يستطيع أن يرفع عينه، طالبا كميات إضافية من الأرز، لزوم الطبخة النووية الروسية؟
بالتأكيد، لن يستطيع، وحتى إن فعل، فلن يعره أحد اهتماما، بعد أن حسم اختياره في الموضوع السوري، لمصلحة الروس، ما يعني مباشرة القطيعة مع الرياض، في هذا الأمر، على الأقل، وبالتالي، الابتعاد خطواتٍ عن أجندة البيت الأبيض، ما يمكن معه القول الآن إن الجنرال الفاشل يحشر نفسه في تلك المساحة الروسية الصغيرة، مختاراً أو مجبراً، بعد كارثة الطائرة.
وبما أنه انتهى إلى هذا الخيار البلشفي، واضعاً كل البيض في سلة روسيا، فإن قادم الأيام سيشهد مزيداً من الجنون القمعي، والانتقال كلياً إلى حالة الدولة العسكرية الخائفة من مواطنيها، وإن كان أطفالا، مع فرض مزيد من الضرائب والمصادرة والتحفظ على أموال الأفراد وومتلكاتهم، وتجفيف الحياة السياسية، بحيث يأتي مجلس النواب المقبل نسخة مصغرة من الدوما (البرلمان الروسي)، وتعود مجددا قصائد الغزل الذليل في الدب الروسي، وقائده المظفر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق