الأربعاء، 6 أبريل 2016

«جون بيلجر»: هل يُخفي الإعلام حربًا عالمية دائرة؟



«جون بيلجر»: هل يُخفي الإعلام حربًا عالمية دائرة؟

مترجم عنA World War has Begun: Break the Silenceللكاتب John Pilger
الترجمةعبد الرحمن طه 
طالب بكلية طب الفم والأسنان, جامعة القاهرة

في فيلمه الوثائقي، «الحرب التي لا ترونها»، حاور الصحفي الأسترالي «جون بيلجر» مجموعة من الصحفيين البارزين، في الولايات المتّحدة وبريطانيا. ما اتّفق عليه الجميع، هو أنّ المذيعين والإعلاميين لو كانوا قد قاموا بدورهم، وتشكّكوا وأثاروا الأسئلة حول امتلاك الرئيس العراقي الراحل «صدّام حسين» لأسلحة دمارٍ شامل؛ لو لم يُقدم الإعلاميون على ترديد وتضخيم أكاذيب «جورج بوش» و«طوني بلير»، فلربما تراجعت الولايات المتّحدة عن غزو العراق، ولربّما بقي الآلاف، ممّن أزهقت أرواحهم الحرب، أحياءً.

اليوم، يتساءل «بيلجر» عمّا إذا كان الإعلام يُمهّد لحربٍ جديدة، ضدّ روسيا والصين، عن طريق نقل الصورة بشكلٍ غير محايدٍ، كما حدث أثناء حرب العراق، والعديد من الأحداث، التي سبقتها وتلتها.
"كَم شخصًا يدري بأن حربًا عالمية قد بدأت؟ في الوقت الحاضر، هي حربٌ دعائية أسلحتُها الكذِب والتشتيت، لكن هذا يُمكن أن يتغيّر في لحظة، مع الأمر الخاطئ الأول؛ مع انطلاقة الصاروخ الأول."

هل یستحق «أوباما» جائزة «نوبل» للسلام؟

رُبّما لا يدري الكثيرون أن كلمة «بيكيني» هي في الواقع اسم مجموعة جزر من ضمن جُزر «المارشال» الواقعة في المُحيط الهادئ. وربّما لا يدرون أيضًا، أنّها كانت الأرض المُختارة من قِبل الولايات المُتحّدة لتجربة الانفجارات النووية بين عامي 1946 و1958.
أجرى «بيلجر» مُقابلاتٍ مع سكّان هذه الجزر ومحيطها.
يُعاني الكثير منهم من مرض السرطان، وأمراض أخرى تُهدّد حياتهم، نتيجةً للإشعاع الذي لوّث بيئة هؤلاء وحياتهم، ربّما للأبد.
هؤلاء الفُقراء المرضى هم ضحايا «القوّة الغاشمة المغتصبة، التي أصبحت اليوم أكثر خطورة من أي وقتٍ مضى»، على حدّ وصفه.




يُذكّر «بيلجر» بخطاب الرئيس أوباما في التشيك، حين تعهّد بجعل العالم خاليًا من الأسلحة النووية. صفّق الحشد، وهلّل الإعلام، ومُنح الرئيس الأمريكي جائزة «نوبل» للسلام.

لكن هل صدق «أوباما»؟ ما تبيّن لاحقًا هو أن كل هذا كان زائفًا، حيث إن الإنفاق على التسليح النووي في عهد «أوباما» غير مسبوق، بل وتُخطّط الإدارة الأمريكية لإنتاج قُنبلة نووية مُصغّرة. وهو ما يجعل استخدامها «أمرًا يُمكن التفكير فيه»، طبقًا للجنرال «جيمس كارترايت».

الاستفزاز الأمريكي للقوّتين النوويتين: روسيا والصين

في الثمانية عشر شهرًا الأخيرة، لم تتوقّف عمليات حشد القوات العسكرية الأمريكية على الجبهة الغربية لروسيا، والتي تُعدّ الأكبر منذ هجوم النازيين على الاتحاد السوفيتي. بعد انقلاب «كييف» الذي خططته الولايات المتّحدة، على حد ّ قول «بيلجر»، وصل إلى سدّة الحكم نظام أوكراني معادٍ لروسيا، يعجّ بالنازيين من أحفاد الفاشيين، الذين يمتدحون «هتلر» علنًا، ويدعون لطرد الأقلية الروسيّة من أوكرانيا. ناهيك عن نشر القوات الأمريكية في «لاتفيا» و«ليثوانيا» و«إستونيا».

أمّا الصين، فلا يمرّ يومٌ إلا ويتمّ وصمها بأنها «تهديد». يمتدّ نطاق مماثل من القوات الأمريكية العسكرية حولها شبكة من القواعد العسكرية، والصواريخ البالستية، وقاذفات القنابل. وفي 2015، أجرت الولايات المتّحدة وأستراليا، في سريّة، مناورةً عسكريةً بحريّة جويّة كُبرى، عُرفت باسم «سيف الطلسم»، بهدف التدرّب على الحصار البحري للصين،  ومنع وصول البترول والعديد من المواد الخام الحيوية القادمة من الشرق الأوسط وإفريقيا.

لكن هذه الأخبار نادرًا ما يُسلّط عليها الضوء في 
الغرب، بل ربّما«يُقال عكسُها لإخفاء الحقيقة»، كما 
يقول «بيلجر».

«سيرك» الانتخابات الأمريكية: شيطنة «ترامب» والدفع بـ«كلينتون»

لا يختلف «بيلجر» عن الرأي العام الأمريكي في كراهيّته لـ«ترامب»، واختلافه اختلافًا جذريًّا مع أغلب مواقفه السياسيّة، لكن الإعلام يُهاجمه بلا هوادة؛ يقّدمه على أنه مجنون فاشيّ، وهو أمرٌ -في رأي «بيلجر»- مُثير للشكّ. فموقف «ترامب» من الهجرة ليس مختلفًا تمامًا عن مواقف «ديفيد كاميرون» رئيس الوزراء البريطاني. «ترامب» بالتأكيد لن «يُطلق العنان لقوى العُنف السوداء» -كما نعته معلّق ليبرالي- في بلدٍ تزخر بحوادث إطلاق النار، وتشنّ شرطتها حربًا ضد مواطنيها من السود؛ دولة أسقطت عشرات الحكومات -العديد منها ديمقراطي- وقصفت آسيا والشرق الأوسط مرارًا، وتزهق عدّة أرواح بجرّة قلم كل ثلاثاء، طبقًا لـ«نيويورك تايمز»، حين يوقّع «أوباما» على أوامر إرسال طائرات الـ«درونز»، لتحصد أهدافها. صحيحٌ أن «ترامب» ما هو إلا عرضٌ لأيديولوجية «الأمركة» الشاملة، إلا أنّه، في ذات الوقت، خارجٌ عن النظام؛ يرى أن حربَ العراق «جريمة»، ولا يريد قتال روسيا أو الصين. ربّما يفسّر هذا الهجوم الشرس من وسائل الإعلام.


أمّا «هيلاري كلينتون»، فهي جُزء من النظام. وكما حيّت الجماهير أول رئيس أمريكي أسود، فإنهم سيستقبلون أول رئيسة أمريكية، ويتغاضون عن جرائمها وكذبها.
في حملتها الرئاسية لانتخابات 2008، هدّدت «كلينتون» بتسوية إيران بالأرض، باستخدام القنابل النووية، وساهمت في الدمار الذي لحق بليبيا عام 2011. ربّما لهذا تحظى بدعم اللوبي الإسرائيلي، وشركات الأسلحة، المُستفيدة من العنف الدائر في الشرق الأوسط، ليتمّ الدفع بها كمرشّح «النساء»، في مواجهة «ترامب» الفاشي الشرير.

يتساءل «بيلجر»، في نهاية المقال، عن أسباب غياب الحراك السياسي المباشر في مواجهة أمثال «أوباما» و«كلينتون». السيناتور «بيرني ساندرز»، المُرشّح لرئاسة الولايات المتّحدة، وعد بدعم «كلينتون» حال فوزها بالرئاسة، وقال إن أوباما قام بـ«عمل رائع». لم يُعارض أحد في أستراليا حكومة «مالكوم تيرنبول» حين أعلنت ميزانية دفاع تبلغ 195 مليار دولار.
أين الشجاعة، والخيال والالتزام اللازم لبدء الرحلة الطويلة نحو عالم أفضل، وأكثر عدلًا وسلامًا؟
 أين الأصوات المعترضة في الفنّ، والسينما، والمسرح، والأدب؟
 أينّ هؤلاء الذين سيكسرون الصمت؟
أم أن علينا أن ننتظر حتى انطلاقة الصاروخ النووي الأول؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق