حوار مع :الدكتور مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية والخليجية
خبير سياسي لـ "مفكرة الإسلام": إيران لديها مشروع أخطر من التوسع
أكد الدكتور مدحت حماد، أستاذ الدراسات الإيرانية والخليجية بجامعة طنطا ورئيس قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب بالجامعة أن منطقة الشرق الأوسط تموج فوق صفيح ساخن، مشيراً إلى أن ما حدث في أزمة سوريا الفترة الماضية هو نوع من إعادة ترتيب الأوضاع وترتيب الأوراق ، وتمهيد الأرض لمواقف جديدة ولتطورات جديدة تصل إلى الحرب العالمية الثالثة .
وقال رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي الإيراني السنوي في حواره لـ "مفكرة الإسلام" أن تصريحات أوباما الداعية إلى التعايش بين المملكة وإيران هي لمغازلة إيران، معتبراً أن هذا التصريح هو الأكثر وضوحاً وفجوراً من جانب أوباما والذي يسعى لكسب ود المرشد علي خامنئي منذ توليه الحكم.
ورفض مدير مركز الفارابي للدراسات والتدريب التصريحات التي تشير إلى انسحاب الروس من سوريا, مشيرا إلى مرحلة التقاط الأنفاس للدب الروسي ، خاصة أن روسيا معها تفويض من بشار الأسد بالتدخل العسكري إضافة أنها الفرصة الوحيدة لروسيا ليكون لها منصات ومراقبة علي الأطلنطي.
وأضاف قائلا: وبشكل عام يمكن القول إجمالا بأن الروس هم الطرف الدولي الوحيد الذي يملك ومعه دعوة رسمية من نظام الحكم السوري الشرعي في الأمم المتحدة ولدية مندوب في الأمم المتحدة, وبالتالي فإن الوجود العسكري الروسي داخل سوريا هو وجود بناء على دعوة الحاكم في إطار مواثيق الأمم المتحد ، وهو لن يكون انسحاب كلي، ولذلك فهي لن تنسحب حتى ولو ترك الغرب أوكرانيا لها.
وإلى نص الحوار ,,,,,,,
مفكرة الإسلام : كيف ترى التصعيد الإيراني تجاه المملكة في الفترة الأخيرة؟حالة التصعيد التي تشهدها المنطقة حاليا وتقودها إيران يمكن أن نصنفها في إطار التنافس الإقليمي بين إيران والمملكة العربية السعودية ، فكلا الدولتين تتزعم معسكرا إقليميا يختلف عن الآخر, فمثلا نجد إيران يدعمها " العراق-سوريا-لبنان-وحزب الله في لبنان وأما الأطراف الدولية التي تدعم إيران فهي الصين - روسيا.
وفي المقابل نجد أن المملكة العربية السعودية يدعمها المعارضة السورية-الحكومة اللبنانية-وحكومة غزة-وإلى حد ما تركيا-هادي منصور في اليمن - بالإضافة لدول مجلس التعاون.
وهدف إيران هو التحكم في مصير المنطقة وفي رسم الخريطة والتوجهات السياسية الإقليمية وفي طبيعة العلاقات الإقليمية مع القوى الدولية وهذا راجع لطموح إيران.
مفكرة الإسلام : وهل ترى تواطؤً للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية مع إيران؟
لا نستطيع أن نجزم بوجود تواطؤً بين الولايات المتحدة وأوربا مع إيران، لكن نقول أن هناك نوعاً من التعامل المشهود بالحصر ، فهناك نوع من الترقب لمستقبل قد لا يأتي والسبب في ذلك أن الأدبيات الخاصة بالسياسة الخارجية الإيرانية والسياسة الأمريكية لازالت كما هي ، فأمريكا لازالت تصنف إيران ضمن محور الشر وإيران لازالت تصنف أمريكا بأنها الشيطان الأكبر وحتى الآن شعار الموت لأمريكا يُرفع داخل إيران بين الحين والآخر ونرى عقوبات اقتصادية تفرض من جانب الكونجرس الأمريكي تحت سبب أو آخر مثل الصواريخ الإيرانية وبالتالي هناك تنسيق معهم, وأيضا هناك حرص أمريكي أن تحل إيران محل دول المجلس الخليجي.
مفكرة الإسلام: إذن كيف تقرأ تصريح أوباما الذي يطالب السعودية باقتسام المنطقة مع إيران؟
أوباما يسعى دائما لمغازلة إيران، وعملية الغزل مستمرة منذ أن تولى أوباما الحكم، فهذا التصريح هو الأعلى من نوعه وهو الأكثر وضوحاً وفجوراً من جانب أوباما وكأنة يريد أن يكشف عن هويته الحقيقية التي كانت كامنة في داخلة منذ أن تولى الحكم ومنذ أن بدأ في إرسال رسائله إلى المرشد علي خامنئي في مارس من كل عام .
مفكرة الإسلام : هل تمارس إيران التقية في سياستها الخارجية؟
إيران دولة على المذهب الشيعي الآثني عشري وهي تعترف بهذا الأمر وهي تؤسس لهذا الأمر، إذن هي دولة يحكمها رجال الدين أي أنها ثيوقراطيه تحكمها المؤسسة الدينية لأول مرة منذ أن دخل الإسلام إيران، ولهذا السبب ظهر بوضوح التجرؤ الإيراني بعد نجاح الثورة الشيعية في إيران لأنة في هذا الوقت أعلنها الخميني صراحة وقال قولته، أما وقد أصبح للشيعة دولة، فالتقية اليوم حرام، نحن لن نمارس التقية بعد اليوم سنكشف عما نفكر فيه والمشكلة أن الدول المحيطة بإيران الإقليمية والعالم لم يصدق أن إيران لم تعد تمارس التقية.
مفكرة الإسلام : هل يمكن لمصر أن تفتح علاقاتها مع إيران ولماذا ؟
يجب على مصر أن تؤسس لعلاقات عربية إسلامية وخليجية وشرق أوسطية بشكل يضمن استقرار المنطقة وتحقيق الأمن في المنطقة، وتستطيع مصر أن تلعب دور الوسيط الفعال في تصريف المصالح بين إيران من ناحية ودول مجلس التعاون الخليجي من ناحية أخرى ، لأنه إذا جلست إيران والمملكة ومصر في مؤتمر قمة إقليمي للدول الكبرى الثلاث هناك معادلات كثير ستتغير وحقائق على الأرض ستتغير، وسنجد تفاهمات طويلة الآجل تسمح للمملكة السعودية أن تحقق مصالحها ونفوذها في المنطقة ، وستسمح أيضا لإيران أن تحقق مصالحها ونفوذها في المنطقة ، وكذلك مصر لأنه لا يمكن أن نتخيل أو نتصور أن طرفا من هذه الأطراف الثلاث يستطيع وحده أن يحتوي منطقة الشرق الأوسط وان يكون هو اللاعب الوحيد فيها.
مفكرة الإسلام : إذن لماذا تسعى إيران للسيطرة على المنطقة؟
إيران لا تريد الاستيلاء على المنطقة العربية بمفهوم الاستيلاء العسكري ، لكن إيران هدفها الاستراتيجي هو الاحتواء, وجعل نطاق آمن للأمن القومي الإيراني، والذي يحقق التوازن الاستراتيجي بين ضفتي الخليج أن تكون مصر في نفس السلة مع دول مجلس التعاون الخليجي كطرف واحد أمام إيران ، وعلى دول التعاون أن تدعو مصر إلى أن تكون في إطار كتلة عربية واحدة ستأخذ هذه الكتلة معها اليمن وتستطيع عندها أن تكون لهذه الكتلة قدم التوازن الاستراتيجي مع إيران.
مفكرة الإسلام : هل المنطقة علي أعتاب حرب عالمية ثالثة؟
نعم، المنطقة على صفيح ساخن، وعلى حافة الهاوية، واعتقد أن ما حدث في أزمة سوريا الفترة الماضية هو نوع من إعادة ترتيب الأوضاع وترتيب الأوراق، وتمهيد الأرض لمواقف جديدة ولتطورات جديدة .
مفكرة الإسلام : وكيف تقيم دخول المملكة العربية السعودية بقوات برية في سوريا ؟
بكل صراحة وحبا في المملكة ، دخول المملكة لسوريا سيكون مستنقع لها ، وسبب في خلخلة الأوضاع الإستراتيجية لمصر فالولايات المتحدة تدفع المملكة نحو الخروج من النطاق الجغرافي للمملكة وتدفعها للتمدد وهذا التمدد سيكون له تكاليفه الاقتصادية وهذه التكاليف ستأخذ من الاحتياطي الاستراتيجي النقدي للمملكة وهذا الأمر قد يضعف الاقتصاد السعودي بشكل يجعلها بعد خمس أو عشر سنوات دولة مدينة ، وسيجعلها بلا رصيد استراتيجي بلا استثمارات ضخمة في أوروبا وأمريكا كما هو الآن ، وإذا ما حدث هذا الأمر سيكون هناك انكشاف للموقف الجيوستراتيجي للمملكة السعودية.
ولكي نكمل الصورة سنجد أن النقطة الثانية إذا حدث وتدخلت بريا في سوريا ستدخل هنا في مواجهة من؟ ستدخل في مواجهة إيران وحزب الله الذين لديهم ميلشيات وأعضاء من الحرس الثوري الإيراني في حواري دمشق وحواري سوريا وليس فقط في الميادين، وهذا الأمر يعني أن تكون القوات البرية السعودية على نفس القدر وبنفس الحجم والتسمية والكفاءة لكي تحقق التوازن مع إيران في حزب الله وهذا الأمر سيتم توفيره من القوام الرئيسي للجيش السعودي , وهو ما يعني حدوث استنزاف للقدرات السعودية في سوريا.
مفكرة الإسلام : بما تفسر دخول إيران علي خط المساعدات للحوثيين؟
اليمن يُعد عمقا استراتيجيا للمملكة، وما يحدث من التدخلات الإيرانية هو نوع من أنواع الاختراق للجدار الجنوبي وللأمن القومي السعودي بهدف لي ذراع المملكة من ناحية وعمل مساومات مع المملكة فيما يخص سوريا من الناحية الأخرى.
مفكرة الإسلام : ما هو الأثر الفعلي للانسحاب الروسي من سوريا؟
لا يُعد ما حدث من الروس انسحاباً كاملا، وإنما هو انسحاب جزئي في محاولة لالتقاط الأنفاس، وبشكل عام يمكن القول إجمالا بأن الروس هم الطرف الدولي الوحيد الذي يملك ومعه دعوة رسمية من نظام الحكم السوري الشرعي في الأمم المتحدة, ولدية مندوب في الأمم المتحدة, وبالتالي فإن الوجود العسكري الروسي داخل سوريا هو بناء على دعوة الحاكم في إطار مواثيق الأمم المتحدة ، وهو لن يكون انسحاب كلي لسبب بسيط هو أن روسيا لا يمكن أن تتخلى كقوة دولية منذ وجود الاتحاد السوفيتي عن حلمها الكامن في أن يكون لها موطئ قدم على شرق البحر المتوسط ثم تنسحب لأن روسيا ولأول مرة في التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية سيكون لها برجا لمراقبة ومنصة لانطلاق باتجاه القادم من المحيط الأطلسي، فكيف لنا أن نتخيل أن تتخلى عن هذا الأمر، فهي لن تقايض علي وضعها الحالي حتى ولو ترك الغرب لها أوكرانيا.
مفكرة الإسلام: هل ترى في التدخل الروسي الإيراني في سوريا تنافس أم تقاسم للأدوار؟
هو تقاسم للأدوار، وشراكة إستراتيجية هدفها حصار حلف الناتو وتقسيم الكعكة بينها وبين الإدارة الأمريكية.
مفكرة الإسلام :هل المشروع الإيراني التوسعي حاليا بدأ في الانحسار أم ما زال في مرحلة التمدد؟
إيران ليس لها مشروع توسعياً بالمعني المفهوم ، ولكن إيران لديها مشروع اخطر من مشروع التوسع وهو أن تكون الدولة الأولى والقوة الأولى والمتحكم الأول في المنطقة ، وهناك فرق بين أن يكون لك تمدد لأنك ستدفع الآخرين لكي يعملوا ضدك ، وإيران لا تريد هذا الأمر ، لكن إيران تريد أن تحكم المنطقة مائة سنة أخرى من خلال قوة ناعمة والتكنولوجيا والقدرات الاقتصادية والإعلام.
ويمكن التأكيد علي نقطة هامة هي أنه مع حلول العام 2018 سنكون علي موعد مع إيران جديدة غير إيران التي نعرفها حاليا، وإذا حدث هذا الأمر وفي ظني أن سياسات المنطقة بالإضافة إلى سياسات أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع الأزمة هي التي ستصنع المارد الإيراني الذي يفهم كيف يستفيد من أخطائنا الإستراتيجية.
وأغلب السياسيين الإيرانيون دائما ما يذكرون مقولات شهيرة لهم هي أن الولايات المتحدة تُخطئ في حساباتها الإستراتيجية ونحن نستفيد ، فقد أخطأت في أفغانستان وكسبت إيران ، وأخطأت في العراق وكسبت إيران ، والآن تُخطئ في المنطقة وستكسب إيران، إيران تُدرك جيدا ما تقوله وهو أن الكل يُخطئ في تقديرهم وفهمهم لها وهي تُتاجر بهذه الأخطاء وتكسب منها وبالتالي إيران تريد أن تكون هي القدرة الأولى لتكون النتيجة الطبيعية هو ظهور المارد الإيراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق