السبت، 27 مايو 2017

رعاع ثائرون ورعاع أسفل البيادة

رعاع ثائرون ورعاع أسفل البيادة

شكر خاص للعميد محمد سمير المتحدث العسكري السابق والنجم الإعلامي فى سماء النظام المصري، فقد أثرت جدلا إيجابيا كشف عن طبيعة انحياز الطغمة الحاكمة بكل ما يحيط بها من رجال دولة وإعلام.
محمد منير
وقفت أيها العميد السابق فى مشهد تمثيلي مبالغ فيه، وهو ما يطلق عليه أبناء الفن "الأڤورة" لتعلن أن أحد أسباب الأمراض الاجتماعية التى يعيشها المجتمع المصري هو الارتفاع المخيف في عدد الرعاع من الناس.
ورغم أن أصولك الاجتماعية والطبقية يعرفها القاصي والداني، إلا أنك حرصت على أن تبرز المشهد، وكأنه حالة تأفف وأرق وقلق لابن من أبناء الطبقات العليا من مخاطر الراعية الرعاع التى تحيط بأولاد الأصول!!، ولكن للأسف لأن ثقافتك العسكرية سطحية ومحدودة -رغم زرعك في مجتمع الإعلام- فلم تدرك أن المشهد والدور الذي تتقمصه ليس تعبيرًا عن واقع حقيقي بقدر ما هو فلكلور اجتماعي وهمي يرتديه ويتقمصه بعض الأفراد في لحظات معينة لتعويض أزمات نفسية لديهم، أو في مرحلة تطلع ونمو طبقي غير متكافئ يفرض على صاحبه التخفي وراء قناع ورداء من الأبهة الوهمية.
رعاع المتحدث العسكري السابق
لنعد إلى وصف الرعاع الذي وصف به المتحدث العسكري السابق عددًا كبيرًا من المصريين، ومن وجهة نظره كانوا سببًا رئيسيًا فى اتساع رقعة الأمراض الاجتماعية.
الظاهر من وصف المتحدث العسكري، واستخدامه الكلمة وتفسيرها في شبه المقال الذى كتبه في إحدى الصحف الموالية للنظام أنه يقصد معناها الحرفي، وهم الغوغاء وسفلة الناس.
والغوغاء هم أصحاب الصوت العالي الصاخب السوقي الشعبي الفاحش العامي ( vulgar ) .
وهؤلاء كما عرفهم التاريخ ليسوا فئات مجتمعية مريضة أو جانحة أو منحرفة، ولكنهم فئات مظلومة منتهكة مقموعة لا تجد أى مبرر للتجمل بحسن الصفات، وتحديدا لم تُمنح أي فرص للتجمل بحسن الصفات، ولهذا فالرعاع كانوا هم أبطال أقوى ثورة اجتماعية في العصر الحديث أقيمت عليها أقوى دولة ديمقراطية في الغرب، وأقصد الثورة الفرنسية.
الرعاع في الثورة الفرنسية تجاوزوا وعى النخبة والمفكرين الفلاسفة السياسيين بفطرتهم ونقلوا دعاوى الحرية والديمقراطية وحقوق التعبير من الأبراج العاجية للفلاسفة إلى الواقع، وانقضوا على النظام الملكي المستبد، وقضوا عليه مبشرين بمجتمع جديد يقوم على العدالة الاجتماعية والحرية.
الرعاع في فرنسا بوعيهم الفطري خرجوا من سيطرة رجال الدين الذين كانوا يحمون استبداد النظام بدرع الدين ومباركة السماء، فثاروا على التحالف الملكي الكهنوتى، وأسقطوه بعنف وقسوة ليس لأنهم فهموا أفكار "روسو" وانتقادات "فولتير"، وإنما لأنهم كانوا يرون ويعايشون فضائح الكرادلة والقساوسة، ويدركون ثراءهم الفاحش، ولهذا خرج الرعاع أو الثوار يهتفون ويصرخون بصوت عالٍ غجري (يراه أصحاب الأظافر الناعمة غوغائي) وراء "ميرابو" خطيب الثورة الفرنسية "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس".
الرعاع الثوريون
هؤلاء هم الرعاع الثوريون أيها الضابط الجهول المتثقف، وربما هناك نوع آخر من الغوغائيين الذين يطمحون أن يكونوا عبيدا لإحسانات أصحاب البيادات العسكرية، وهؤلاء بكل تأكيد يستحقون نظراتكم المتعالية لهم وسلوككم القمعي تجاههم فهم الذين نصبوكم أسيادًا، ونصبوا أنفسهم عبيدًا، موطنهم الأساسي تحت نعال البيادات العسكرية من أجل الفتات والأمان الوهمي.
ومن الفقرات المثيرة فى المشهد الإعلامي المصري، هو اقتحام البعض من العسكريين أصحاب العقول الفارغة مجال الإعلام ليجلسوا على مقاعد القيادة فى الفضائيات والصحف، ويتحولون بقدرة قادر إلى كبار كتاب للمقالات، وربما للروايات، رغم إنتاجهم الفقير الهزيل، يتقاضون أجورًا كبيرة من رجال الأعمال المسيطرين على منابع الإعلام، وبالطبع مقابل مصالح مشتركة وتسهيلات، طبقا لمثل "لبس البوصة تبقى عروسة"، يعيش هؤلاء وهم أنهم مفكرون وكتاب وفنانون!
قد يتصور البعض أن ظهور بعض الأدباء والشعراء والفنانين الناجحين من أصحاب الأصول العسكرية مبررًا كافيًا لاقتحام الجهال منهم مجتمعات الأدب والفن والثقافة، فلم يدرك هؤلاء الجهال ولمن يبيع لهم الوهم من إعلاميي السلطة ورجال الأعمال، أن من برز فى مجتمعات الثقافة والفن والأدب والشعر من العسكريين في الماضي كان يستند على موهبة وعلم وثقافة أكثر من استناده على خلفيته العسكرية، ومعظمهم ضحوا بالامتيازات التى كانت تعود عليهم من العمل العسكري، وتفرغوا لمواهبهم على عكس الذين اتخذوا من خلفيتهم العسكرية وسيلة لفرض أنفسهم على مجتمعات الثقافة والفن والأدب والشعر، على غرار العميد المرعوب من الرعاع، كما أن العسكريين المعروفين فى التاريخ كأدباء عاشوا حياة عسكرية كانت أكثر وطنية وتضحية من أجل الوطن.
فمحمود سامى البارودي -رب السيف والقلم- كان أول رئيس حكومة لوزارة لم يعينها الخديوي، واختارها البرلمان، وعرفت باسم وزارة الثورة عام 1882، وكان حليفا وسندا لأحمد عرابي في كثير من مراحل نضاله ضد الانجليز وسيطرة الچراكسة على الجيش المصري، ولهذا فهناك فرق بين الترهات التي يكتبها المتثقف محمد سمير في الصحف المخابراتية، وبين ما كتبه الأديب محمود سامى البارودي "رب السيف والقلم"، انظروا الى رشاقة الكلمات والمعاني، التي جمعت بين العمق الأدبي واللغوي ومشاعر الوطنية وحب مصر لدى البارودي: " أبـابـِلُ رَأْيَ العَـيْـنِ أم هَـذِهِ مِصْـرُ ..... فـَإنـِّي أرى فيها عـُيـوناً هي السِّـحْـرُ".
ويحاول العميد المتثقف أن يستند فى مقاله، الذى وصف فيه قطاعًا من الشعب المصري بالرعاع، على بيت من أبيات الإمام الشافعي، ويستخدمه فى غير موضعه، ويبدو أن قصائد الشافعي هي الصرفية التي صرفها له مستشاروه من العبيد الإعلاميين فهو لا يكتب مقالا إلا واستند على بيت للإمام الشافعي، بمبرر أو بغير مبرر، كتب المتثقف بيتا للإمام الشافعي: "ما ضر بحر الفرات يوماً.. أن خاض بعض الكلاب فيه".
الكلاب أيها العميد المتثقف هم الذين خاضوا فى عرض الشعب، وأهانوه واتهموا شبابه بالعمالة والخيانة.
الكلاب الذى اتهموا الشباب الآمل في الثورة في أخلاقهم وعرضهم، كي يجهضوا مسيرة التطور، ويبقى شيوخ العسكر وغلمانهم من السفهاء يمصون دم الشعب.
الكلاب من حرضوا كلاب المجتمع الإعلامي كي يذيعوا تسجيلاتكم وتنصتاتكم على حياة الناس الخاصة، واجتزأها من سياقها لتشويه شرفاء هذا البلد الذين يقفون عقبة أمام فساد الحكام وصبيانهم والمرتزقة الذين أفرغوا كلمات حب الوطن من مضمونها، وجعلوها أدوات نجسة ينقضون بها على عرض الوطن وشرفه.
الحُر في الأوطان حاكم ولو محكوم
نحن رعاع شرف لنا أن نكون رعاعا أو كما نقلت معنى الكلمة من القاموس غوغاء سفلة، أو كما أضافها إليك كلب إعلامي من كلاب البيادة، وهو الذي أوهمك بأنك أديب، وغرر بك، وجعلك تكتب ما جعل منك أضحوكة لكل من قرأ فقرة من فقرات ترهاتك السخيفة.
كلمات أخيرة أقولها لك أيها المخلوق المتدني.. لا تتخيل أنكم سلبتونا حريتنا "الحُر فى الأوطان حاكم ولو محكوم" هذه كلمات من أغنية يتغنى بها من وصفتهم بالرعاع، أيها المخلوق المتدني نحن الأحرار وأنت العبد، وربما يوهمك الكلاب بأنك سيد، فإن بحثت لن تجد نفسك إلا سيدًا على عبيد وضعوا أنفسهم تحت بيادة عبيد.
“الرعاع” .. مقال محمد سمير الذي أثار حفيظة المصريين  هنـــــــــا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق