زيارة ترامب وتجهيزات الحرب (3)
عبدالعزيز كامل
لم تكن مصادفةً أن توافق زيارة ترامب لدولة اليهود ذكرى احتفالهم بما يسمونه (عيد " تحرير" القدس)..
ولم تكن مصادفةً أيضًا أن تكون هذه المناسبة موافقةً لتدشين أولى مراحل التطبيع الشامل بين دولة اليهود وحكم آل سعود، بهبوط طائرة ترامب من مطار الملك خالد الدولي بعاصمة بلاد الحرمين ؛ لتحط مباشرة في مطار (ديفيد بن جوريون) بعاصمة أكابر المجرمين ..
ولم تكن مصادفةً كذلك أن تكون زيارة ترامب الثالثة تخص عاصمة التثليث في الفاتيكان، كي يعطي ذلك إشارة رمزية صريحة قبيحة تقول: إذا كانت الرياض تمثل الإسلام؛ فالقدس تمثل اليهودية، كما يمثل الفاتيكان المسيحية ..أما واشنطن فتمثل عاصمة العالم التي يدير شياطينها معاركهم للسيطرة على كل العالم...!
بعد القِمم العربية التي أعربت عن الرغبة المشتركة في إنشاء "ناتو" (إسلائيكي) لمحاربة "الإرهاب"؛ قدَّم زعيم (حزب الحرب) دونالد ترامب، أوراق اعتماده لدى الصهيونية اليهودية التوراتية، وكيلاً عن الصهيونية المسيحية الإنجيلية، ليتعاون الطرفان مع وكلاء الصهيونية العربية؛ لتنسيق وتطبيق الجهود، في خدمة أهداف اليهود، بربط الصهيونيات الثلاث في خيط ناظم يسمى( معسكر الاعتدال) الذي عبر عن أسرار مساره رئيس المعارضة في إسرائيل (إسحاق هرتزوج) عندما قال : " وضَع خطاب ترامب في الرياض أسس مسارٍ إقليميٍ لإنشاء (تحالف المعتدلين) الذي ستكون "إسرائيل" عضوًا فاعلًا فيه.."..! ..و(الاعتدال) بالمناسبة، هو الاسم المختار لترويج روح (التسامح) مع "شعب الله المحتار"..في مركزٍ مقره بالرياض تحت اسم: (المركز العالمي لمحاربة التطرف / اعتدال)...!
"الاعتدال" العربي في قمة القمم ؛ مضى يعبِّر عن اعوجاجه بإقرار اتهام ترامب لمنظمة حماس بالإرهاب، تحت سمع وبصر نحو خمسين زعيمًا مزعومًا من القادة العرب والعجم ، حيث ملك هذا الرعديد كل الشجاعة في أن يصف في (عاصمة التوحيد) هذه الحركة التي تنوب عن سائر المسلمين في السعي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من فلسطين بأنها منظمة إرهابية، في حين لم يمتلك شاخص واحد من هذه الأشخاص شجاعةً يرد بها عليه، فيرد الصاع إليه بإن عصابة الاغتصاب الصهيونية في فلسطين هي الدموية الإرهابية.. فأقروا بذلك عين اللعين حتى صرح في العاصمة الإسرائيلية بأن الدول العربية اقتربت جدًا من الدولة العبرية .. وأنه لمس شعورًا (طيبًا) حيال تل أبيب في المملكة السعودية..!
هذا وغيره إن دل على شيء؛ فإنما يدل على أنه إذا كانت هناك (رؤية مشتركة) بين أمريكا و"المعتدلين" العرب في قمة فشلهم ؛ فإن قمة تل أبيب" الناجحة" أفهمت كل لبيب أن تلك الرؤى والأحلام كلها تلتقي عند تلك العبارة العابرة للقارات والجامعة لكل المسارات؛ وهي عبارة : (ضمان أمن إسرائيل) ضد كل من يرهبها عسكريًا، أو يزعجها سياسيًا أو حتى " يزعلها" دبلوماسيًا .. ولذلك كان أبرز تعهد أكد عليه ولي ولي (العهد القديم والجديد) – ترامب - وبعد فراغه من لقاءات تجهيزات الحرب ؛ هو العمل مع (ولاة الأمر..يكان) في المزيد من إجراءات ضمان أمن اليهود، وفي مقدمتها تهويد القدس والضفة الغربية؛ ولهذا اشترط على عباس عدم وضع أي شروط للعودة إلى المفاوضات،خاصة إذا كان هذا الشرط هو إيقاف بنالمستوطنات..
بعد تباكي ترامب أمام "حائط المبكى" بجوار المسجد الأقصى، - هو وابنته التي تهودت ليهودية زوجها - وضع رئيس أمريكا ورقة رقيقة بين أحجار"الهيكل" العتيقة، يبدو أنه أودع فيها أمانيه بتحقيق مشروعه لحل القضية الفلسطينية، والذي وصفه بأنه (فرصة نادرة للسلام) والسلام الأمريكي والغربي بوجه عام هو: (الاستسلام التام..أو الموت الزئام) ولذلك سمَّى ترامب مشروعه (صفقة القرن) لأنه يرتكز على مرتكزات كانت تبدو مستحيلة خلال قرن، فهو يقوم على أمرين : الضم الكامل للقدس بعد تهويدها، والتطبيع الشامل مع أمة العرب بعد تهديدها ، وهو ما كان يقصده عند تعهده أثناء حملته الانتخابية ؛بأن يكون هو أول رئيس أمريكي يفرض الصبغة اليهودية الرسمية على بيت المقدس، بتنفيذ مشروع القرار الصادر عن الكونجرس الأمريكي عام1995، بنقل السفارة الأمريكية إلى المدينة المقدسة ،وهو ما يجري تحويله اليوم لقانون مُلزم ؛باعتبار أن القدس – كما يقول زعماء اليهود – هي العاصمة الموحدة الأبدية للدولة اليهودية..!
كل هذا يمكِّنَنا من فهم نَص لافتات الترحيب في تل أبيب بضيفهم الحبيب، حيث كتبوا عليها.. (ترامب جعل إسرائيل قوية)...!..
ونحن نقول، إن الذي جعل هذه (الإسرائيل) قوية.. لا الصهيونية اليهودية...ولا الصهيونية الصليبية...إنما الجهة التي قوتها وسمنتها وضخمتها - ولاتزال - هي خيانات وخيبات زعامات (الصهيونية العربية)..التي كان يكفى ما أهدرته على أطماعها وما أنفقته بحماقاتها من أموال المسلمين على أعداء المسلمين وضد الصادقين من المسلمين؛ أن تعيد.. لا فلسطين القدس والأقصى وحدها... بل تستعيد بلاد الإسلام في أراضي العالم كلها..
أقرأ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق