الجمعة، 3 أكتوبر 2014

تأهيل للمتكبرين والنفوس المريضة

تأهيل للمتكبرين والنفوس المريضة

سلوى الملا


- تشرق شمس أعظم يوم فضلا عند الله الجمعة يوم عرفة، هذا اليوم الذي يباهي الله به ملائكته بعباده الذين جاؤوا إليه من كل فج عميق.. يوم تتعرى فيه النفوس من رداء الكبر والحقد والحسد والكراهية، يوم تتوجه فيه القلوب إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والابتهال والتضرع وأعمال الخير، يوم يجتمع به حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفة ملبين وداعين الله المغفرة والرحمة والدعاء بحاجات الدنيا والآخرة.

- كم من دموع تسكب، عبرات ندم وحزن وتوبة وقربة إلى الله الكريم الرحيم الغفور الستار القريب سبحانه.. عندما يكون الإنسان على صعيد عرفة يستشعر عظمة هذا اليوم وقرب الله سبحانه من كل إنسان وكأنه سبحانه يرى عبده وحده لا غير من بين الملايين.. شعور عظيم ورائع يشعر به من توجه بصدق العمل والدعاء لله سبحانه وتعالى لحظة التوجه لله يختلف عن سائر الأيام ومعنى الدعاء مختلف، وإحساس الدعاء عميق ونوع وحرارة الدموع والعبرات مختلفة، كل شيء مختلف. أشعر بلحظات هذا اليوم العظيم وكأنني أعيشه وموجودة هناك.

- يوم رائع ترى الوجوه وتسمع الأصوات وتحزن لحال من جاؤوا لنوم وانشغال لأمور دنيا أشغلتهم عن معنى هذا اليوم وعظمته التي تتآلف فيه القلوب وتتجانس فيه اللغات وتتعاظم فيه أسمى المعاني.

مع هذا اليوم ومواسم طاعة عظيمة وكريمة وكثيرة يهبنا الخالق سبحانه نحن- المسلمين- ويكرمنا بمواسم طاعات وأيام لتجديد الإيمان والتوبة والإنابة لله، فهو الكريم سبحانه الذي يجزل العطاء ويكرم بالإجابة ويعطي الفرص والأوقات ليعود العبد إلى الله تائبا مستغفرا نادما ليستقبله الله سبحانه بفرح لتوبة عبده.

- يوم عرفة يوم تتمنى فيه كل نفس أن تكون على صعيده مهما كانت الظروف ومهما كانت الصعاب والأمراض وغيرها من أمور ومنغصات وأوبئة قد تمنع بعض من الناس، إلا إنها لا تكون سببا لمنع الأعظم من المسلمين الذين ينتظرون هذا اليوم والحج وتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام.

نشعر بفخر وسعادة نحن- المسلمين- بهذه الأركان وهذا الإسلام العظيم الذي حرمت منه فئات وجنسيات وأجناس دين رائع وسمح وعظيم مهمات حاول الآخرون من محاولات وأفكار لتشويهه ومن إلصاق صورة شاذة لا تمس جوهر الإسلام ولا بأعظم رسالة سماوية جاء بها الرسول والنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

- الحج مدرسة للنفوس المتكبرة والمدللة والنفوس المريضة بالحقد والحسد والبغض لغيرها، مدرسة تعلمها وتؤهلها لتتواضع وتعود وتسترجع معنى الإيمان ومعنى التواضع والأخلاق والجهاد.

الحج مؤتمر عالمي تلتقي فيه الوفود من كل مكان بموسم واحد وبمكان واحد تبهر عيون العالم التي تقف أمام صور الحجاج وتأديتهم للمناسك والوقوف على صعيد عرفة والمزدلفة ورمي الجمرات والصلاة والطواف والسعي والذبح تقف مبهورة وباحترام لصورة الإسلام الذي لا تقوى قوة عالمية أن تقلل من هيبته ومن عظمة شعائره.

- يوم عرفة الدعاء فيه مستجاب وفرصة عظيمة لمن أذنب وقصر في مواسم سابقة كشهر رمضان أو ستة من شوال أو طوال العام ولعظم الدعاء يوم عرفة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة) وجاء فضل خاص لصيام يوم عرفة دون التسع قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم.

سمعت أحد الأساتذة في الشريعة يذكر فضل الصوم وكيف يتوازن فيه الكون في اكتمال الأركان الخمسة فحجاج بيت الله لا يصومون هذا اليوم، ومن أقعدته الظروف ولم يحج يصُمه ليستشعر عظمة هذا اليوم ومشاركة الحجاج بهذا اليوم العظيم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام ) ويوم عرفة يوم يباهي الله أهل السماء قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء) مع دخول شهر ذي الحجة تشتاق النفس لتكون هناك تطوف وتسعى وتقف على صعيد عرفات تشتاق النفس لتكون في رمي الجمرات وكل بقعة طاهرة من بيت الله الحرام..

- آخر جرة قلم:
مع هذا الشوق ندعو الله أن يتقبل الله طاعتنا ونياتنا وصالح أعمالنا ويجعلنا في دعاء حجاج بيته الحرام.
ونستقبل أول أيام عيد الأضحى المبارك لنحرص على معنى الفرح ونستشعر المعاني الروحانية على صلاة العيد وصلة الرحم والزيارة والتهاني والتواصل وإدخال السرور على الأطفال وتبادل الهدايا، لنعرف كيف نفرح وكيف نتذكر القريب والبعيد والفقير واليتيم.. لنتذكر أعظم المعاني ونستشعرها في هذه الأيام العظيمة..

حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور لحجاج بيت الله الحرام وتقبل الله صيامكم ودعاءكم وصالح أعمالكم.. وعيدكم مبارك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق