وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر
يحل عليناعام 1436 للهجرة والأمة الإسلامية تعاني من أوضاع صعبة ومؤلمة تمر بها في هذه المرحلة، نرجو الله أن تكون هذه هي آﻻم المخاض للوﻻدة الجديدة للأمة التي تخرج منها بجيل جديد يفرح قلبها ويسعد أيامها.
وإننا لنرجو الله أن تكون هذه اﻷوجاع والمحن من باب قوله صلى الله عليه وسلم (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى المرء على قدر دينه)، ومن يقارن ارتفاع تدين اﻷمة اليوم عن قرن مضى يتفاءل بشدة الابتلاء اليوم ونتذكر قوله تعالى: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء) وهذا أملنا بالله عز وجل.
وهنا يجب التيقظ لأمر في غاية الأهمية وهو أن الأمة الإسلامية قد قطعت نصف الطريق وهو الالتزام بأمر الله (مع تقصير)، ودخلت مرحلة التمييز والغربلة، وبقي أمامها الثبات على الحق والصبر على الاستقامة، حتى تصل للنصر والنجاة والفوز والسعادة، وهذا الثبات والصبر شرط للحصول على الثمرة، (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلم تفلحون).
وعدم التنبه لهذه القضية كان السبب في عدم قطف ثمرة كثير من الابتلاءات التي عانت منها أمتنا، وذلك أنه في خضمّ المعاناة والمحنة والألم يلجأ البعض من الدعاة والجماعات بغرض التخفيف عن الأمة لتحالفات أو صفقات مع جهات منحرفة وضالة من أهل الأهواء والبدع كالشيعة أو الخوارج وغيرهم.
ومقابل هؤلاء يحدث للبعض صدمة وتغير في القناعات، والخطير هنا التغيير نحو الأسوأ والتفريط أو الإفراط، وذلك بسبب ضعفٍ في العلم الشرعي أو ضعف في الإيمان والثبات وعدم القدرة على الصبر على المحنة.
واليوم الأمة ودعاتها أمام اختبار الثبات والصبر على الحق والإيمان، على عدة أصعدة، منها:
1- الشيعة والرافضة وإيران وحزب الله وغيرهم الذين لا يزالون يغرون البعض من الجماعات الإسلامية كجماعة الجهاد الفلسطينية بإمكانية التعاون معا، وكأن كل الحقائق والجرائم التي كشفت للعالم أجمع عن عدائهم وبغضهم لنا لم يوقظنا، وكأن سيول الدم المسفوحة من دمائنا في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وغيرها، لم تحرك فيهم عرقا ينبض بالحياء والخجل!
وآخرون يرون تمدد محور إيران بالغدر والخيانة والعدوان والظلم في المنطقة، فيحدثون أنفسهم بخطأ إهمال العلاقة مع نظام صاعد وأن ذلك تضييع لفرصة سانحة، خاصة إذا كانوا من بلد مخالف لإيران، دون اهتمام لسلامة عقيدة ومنهج أو مصداقية أخلاقية وسياسة رشيدة، في انتهازية رخيصة تكشف عن رقة ديانة.
إن التفريط بدماء مئات الآلاف من المسلمين، فضلا عن جريمة التفريط في تعظيم حقائق الإيمان بزعم تحريف القرآن الكريم والشرك بالله عز وجل وتكفير الصحابة والغلو في آل البيت، لن تجلب إلا الهزيمة والفشل، فاتقوا الله يا عباد الله.
2- وبعكس هؤلاء رأينا البعض ينقلب على عقبيه ويعود ليؤيد تنظيم داعش أو القاعدة، بعد أن كان رافضا لغلوهما وانحرافهما وإجرامهما، وذلك بحجة أنهما يحاربان الشيعة والرافضة أو لأنهما يتعرضان لهجمة صليبية كافرة، وأن الولاء للمسلمين يلزمهم بتأييد المسلمين.
والعجيب أن هؤلاء يُغفلون حالة الهدنة والتقاطع في المصالح على الأقل والتي اعترف بها العدناني الناطق باسم دولة داعش، كما أن هؤلاء لم يسقطوا داعش والقاعدة حين حاربت المجاهدين في الوقت الذي كانوا يهاجمون الكفار كالنظام السوري، كما يفعلون اليوم مع مخالفي داعش!
ولذلك إن زيادة شعبية داعش والقاعدة اليوم في العراق وسوريا واليمن، سيكون باب شر على الأمة، ويعرف ذلك العقلاء وأهل العلم، ويثبت صدق تحذير العلماء والعقلاء من خطر الخوارج فكما صدق تحذير العلماء من خطر التشيع العقدي والسياسي والأمني على دولنا، برغم معارضة كثير من العازفين وأصحاب الحناجر المرتفعة، حتى لطمهم الواقع الطائفي للمحور الإيراني على وجوههم، فلماذا يستمر هؤلاء في تكرار تجاربهم الفاشلة، وما أصدق مقولة أهل العلم: (الفتن إذا أقبلت رآها العلماء، فإذا أدبرت رآها الجهلاء).
3- وبخلاف هؤلاء هناك من يكون انحرافه لخارج دائرة أهل البدع نحو العلمانية بشقيها الماركسي والرأسمالية وتوابعهما، وبدرجات متفاوتة، بذريعة فشل كثير من المحاولات والتجارب الإسلامية.
واللافت للنظر أن هذه الاتجاهات المختلفة تعالج أخطاءها القديمة بأخطاء جديدة، فلا يتولد عن ذلك إلا خطأ جديد يجعلنا نبقى ندور في متاهة لا تنقطع، مع الأسف.
خلاصة المراد؛ اليقظة في هذه المرحلة لمركزية الثبات والصبر على منهج الحق، وأن ﻻ تزعزعهم المحنة والفتنة والشبهات فيتسامحوا مع أهل البدع من الشيعة والخوارج الذين هم رأس جسر لأعداء الأمة من العلمانيين والكفار عبر التاريخ، وكما يكشف الواقع اليوم.
لا مخرج للأمة إلا بأن يشد الدعاة أيديهم على منهج السلف بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر مع عدم الانزﻻق لحروب داخلية أو تأييد جماعات ضالة، بل لنسدد أمرنا بالحفاظ على القوة الموجودة للأمة مهما شابها من انحراف، معا للتغيير التدريجي للأفضل، ولكن أيضا ﻻ نعين الظلمة والمفسدين على باطلهم.
بل نناصح وندعُ ونعلم ونعمل ونتعاون ونصبر على رفض واتهامات الجماعات الإسلامية المنحرفة والمفرطة والتائهة وكذلك اتهامات الفجرة الطغاة من العلمانيين المثقفين والسياسيين المعادين لكل التيار الإسلامي.
ولكن على يقين أن عاقبة الثبات والصبر على منهج السلف هو التمكين في الدنيا والرفعة في الآخرة، فالمؤمن ﻻ يمَكّن حتى يُبتلى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق