حمى "الكفيل" تجتاح محافظات العراق
يجري في العراق تطبيق نسخة جديدة من نظام الكفيل، فبينما يعرف العالم نظام الكفيل على أنه ينظم دخول الأجانب لبلد ما، فإنه في العراق يجري تطبيقه على العراقيين أنفسهم الراغبين بالانتقال بين محافظات وطنهم بحثا عن مكان آمن.
الجزيرة نت-بغداد
قد لا يكون نظام الكفيل غريبا على الكثير من الناس، فهو مطبق في كثير من دول العالم، ويتلخص في فرض دولة ما على رعايا دول أخرى أن يجدوا كفيلا لهم من مواطنيها ليتسنى لهم البقاء فيها.
ولكن هذا النظام طبق بطريقة مختلفة عندما وصل إلىالعراق لأول مرة بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، حيث فرضت سلطات إقليم كردستان العراق على المواطنين العراقيين من خارج الإقليم أن يجدوا لهم كفيلا من مواطنيه ليتسنى لهم دخول الإقليم.
اليوم، ومع اشتداد المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلاميةفي مناطق مختلفة من العراق، وارتفاع وتيرة النازحين إلى مناطق أكثر أمنا، فرضت محافظات عراقية على أبناء محافظات أخرى أن يجدو لهم كفيلا قبل السماح لهم بأن يحطوا الرحال فيها.
وعلى خلفية الحرب ضد تنظيم الدولة، بدأ إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي وينعم باستقرار أمني كبير بالتدقيق بشكل أكبر وأدق في هوية الداخلين إلى مدنه. ويعزو المسؤولون الأكراد تلك الإجراءات إلى السعي لمنع تسلل مسلحين ومطلوبين.
الحرب ضد تنظيم الدولة تسببت بنزوح عراقيين من وسط البلاد وشمالها(الفرنسية) |
نزوح جماعي
ورغم أن سلطات كردستان كانت قد خففت في فترة ما من إجراءات ومتطلبات دخول المواطنين العراقيين للإقليم، فإن عودتها للتشدد في إجراءات الدخول إليه واجه انتقادات من دوائر سياسية وبرلمانية عراقية.
ورغم أن سلطات كردستان كانت قد خففت في فترة ما من إجراءات ومتطلبات دخول المواطنين العراقيين للإقليم، فإن عودتها للتشدد في إجراءات الدخول إليه واجه انتقادات من دوائر سياسية وبرلمانية عراقية.
وكانت آلاف العوائل العراقية قد اضطرت بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل ومناطق من شمال ووسط العراق للجوء إلى إقليم كردستان في موجة نزوح جماعي.
وقد تسبب تشدد سلطات الإقليم في إجراءات الدخول في تكدس أعداد غفيرة من المواطنين العراقيين في العراء أمام نقاط دخول الإقليم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة للنازحين والباحثين عن الأمن في العراق، فيبدو أن الفكرة داعبت مخيلة عدد من المحافظات العراقية الأخرى.
وقد شغل موضوع الكفيل الرأي العام العراقي، بعد معارك الرمادي الأخيرة واضطرار عشرات الآلاف للنزوح صوب بغداد، ولكنهم فوجئوا بوجود نظام الكفيل قبل أن تلغيه السلطات أول أمس الأحد.
وقال مقرر مجلس محافظة بغداد فرحان قاسم، إن "قيادة عمليات بغداد وعدت مجلس المحافظة بإلغاء مسألة الكفيل التي يتطلبها دخول الأسر النازحة من الأنبار إلى بغداد، مشيرا إلى أن "هذا القرار اسهم بوضع حد لتدفق المطلوبين أمنيا إلى العاصمة".
وفي خضم المعاناة، كان من الطبيعي أن يبرز من يستغل الظروف لغايات الربح والمنفعة الشخصية، فقد تناهى إلى علم السلطات والصحافة وجود جهات بين المواطنين تعرض الكفالة على النازحين نظير مبلغ مالي.
نظام الكفيل وضع النازحين العراقيين تحت رحمة قناصي الفرص (أسوشيتد برس) |
استغلال
وأشار قاسم إلى أن بعض الأخبار التي وصلت للمجلس تؤكد قيام بعض الأشخاص بأخذ مبلغ من المال مقابل كفالة عوائل قادمة من الأنبار، لافتا إلى أن المجلس سيعمل على التحقق من هذ الأمر.
وأشار قاسم إلى أن بعض الأخبار التي وصلت للمجلس تؤكد قيام بعض الأشخاص بأخذ مبلغ من المال مقابل كفالة عوائل قادمة من الأنبار، لافتا إلى أن المجلس سيعمل على التحقق من هذ الأمر.
وقد التقت الجزيرة نت المواطن العراقي عامر الفهداوي (55 عاما) وهو من محافظة الأنبار، وأشار إلى عدم اختلاف معايير السماح بالدخول إلى العاصمة بغداد من منطقة لأخرى.
وأوضح الفهداوي أن نقطة الأمن الرئيسة عند جسر بزيبز لا تطلب شرط الكفيل، في حين تفرض سيطرة منطقة الدورة جنوب غرب بغداد وجوده لإدخال العوائل النازحة.
ويطالب برلمانيون عراقيون بإلغاء نظام الكفيل الذي وصفوه بأنه "غير إنساني". وفي هذا السياق تقول النائبة غادة الشمري إنه "يجب إلغاء نظام الكفيل واستبداله بإجراء آخر يضمن عدم دخول مطلوبين إلى العاصمة".
وتضيف الشمري -وهي نائبة عن الأنبار- أن "نظام الكفيل هو للحفاظ على سلامة العاصمة، لكنه غير إنساني ويصعّب على النازح أوضاعه التي يجب تيسيرها".
وانتقدت عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية بشرى العبيدي، "نظام الكفيل" الذي فرضته السلطات مؤخرا على نازحي الأنبار، واعتبرته غير دستوري.
وقالت العبيدي إن "نظام الكفيل خرق للدستور العراقي الذي كفل للمواطن حق التنقل في أرجاء البلاد".
الحرب ضد التنظيم أوجدت إجراءات صعبت على النازحين إيجاد ملاذ آمن (أسوشيتد برس) |
متطلبات أمنية
وأضافت أن "الشخص النازح يأتي من محافظته ليبقى واقفا على حدود العاصمة لساعات طويلة"، مبينة أن "من يتمكن من الدخول لم يتمكن من الوصول إلى المكان الذي يريده داخل العاصمة".
وأضافت أن "الشخص النازح يأتي من محافظته ليبقى واقفا على حدود العاصمة لساعات طويلة"، مبينة أن "من يتمكن من الدخول لم يتمكن من الوصول إلى المكان الذي يريده داخل العاصمة".
وأوضحت العبيدي أن "تبرير السلطات بفرض نظام الكفيل هو عدم دخول مندسين بين النازحين إلى العاصمة"، مشيرة إلى أن "الخلايا النائمة من تنظيم الدولة داخل بغداد التي تتكلم عنها السلطات سيتمكنون من الوصول لكفيل مسلح أيضا يدخلهم إلى بغداد، فيما سيبقى الفقراء يتعذبون خارج بغداد".
وتابعت بالقول إن "النازحين الفقراء يعانون من تنظيم الدولة ومن السلطات التي تحررهم من داعش، كما يعانون من المكان الآمن ومن المكان السابق الذي يحتله المسلحون".
ولم تقف حمى نظام الكفيل عند هذا الحد، بل امتدت إلى أقصى الجنوب حيث أعلنت محافظة البصرة أنها تعكف على دراسة مشروع قرار يقضي بتطبيق نظام الكفيل على جميع المواطنين الأكراد الوافدين إلى البصرة من إقليم كردستان.
وقال مسؤولون في المجلس إن "أعضاء اقترحوا على رئاسة المجلس إصدار قرار بعدم السماح لمواطني إقليم كردستان بدخول المحافظة قبل كفالتهم من قبل مواطنين بصريين".
وقد استند داعمو القرار إلى أن "المواطنين الكرد يدخلون البصرة بسهولة، بينما يواجه البصريون معوقات عديدة عند سفرهم إلى الإقليم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق