كل تلك الدماء
آيات عرابي
اطلق لخيالك العنان قليلا وتخيل مجموعة من المجرمين الكفرة يمسكون بالمعاول, بعضهم ينزع استار الكعبة وبعضهم يحاول خلع الحجر الأسود من مكانه, البعض الآخر منشغلون بالطرق بالمعاول على أحجار الكعبة المشرفة.
مشهد يكفي لإشعال عدة حروب عالمية لا تنطفيء, مشهد وقع قديما عندما سرق القرامطة الحجر الأسود واحتفظوا به 39 سنة, بل ان بعض الصور المفزعة حدثنا عنها الرسول عليه الصلاة والسلام كعلامة من علامات أخر الزمان.
تصور وقع هذا المشهد المرعب وتخيل ملايين المسلمين يزحفون باتجاه الكعبة المشرفة لمعاقبة المعتدين, واسأل نفسك هل سيتبقى من هؤلاء المجرمين شيىء ؟!
والآن انفض عن رأسك تلك المشاهد وادع الله أن يحفظ لنا الكعبة ويديم نعمتها علينا, وانتقل بذاكرتك إلى الخلف قليلاً, حين خرجت فرقة خرابة الانتاج الإعلامي لتتباكى على المجمع العلمي وعلى تاريخ مصر الذي يحرق, في الوقت الذي ازهقت فيه روح الشيخ عماد عفت وعلاء طالب الطب بالرصاص.
تذكر كيف كنت تنتفض غضبا حين نخستك لميس واخواتها وانت ترى تاريخ مصر يدمر أمام عينيك, ولم تأبه بأرواح من سقطوا, مع انك كنت تسمع بالمجمع العلمي للمرة الأولى.
تذكر حالة التنبلة والتباكي على (تاريخ ماسر) التي استمرت معك حتى بعد رابعة, حين لم تكترث بدماء من سقطوا, وظللت تتحدث عن تعطيل اعتصام رابعة للمرور.
حسناً
هل ادركت ما اريد قوله ؟
انت فقدت انسانيتك في دقائق, تركت عقلك ومسلماتك وسلمت نفسك لوسوسات مجرمي خرابة الانتاج الإعلامي.
نسيت ان هدم الكعبة حجرا حجرا أهون على الله من سفك دم مسلم كما جاء بالحديث الشريف.
تركت عقلك لعصابة من السفلة كما كنت تفعل من قبل.
اصبحت ماسرياً
انت الآن تصدق أن رابعة علامة ماسونية وأن الطفل المصري اذكى طفل في العالم وان اخناتون اول الموحدين وتصدق حديثا باطلا يقول ان جيش الكفتة الذي يهرب بملابسه الداخلية (خير اجناد الارض)
تصديقك لهذه الخزعبلات لم يأت من فراغ, فمن قبل صدقت أن محمد علي الذي ساعد الفرنسيين في احتلال الجزائر والذي ساعدته فرنسا في تثبيت حكمه في مصر هو باني مصر الحديثة.
صدقت ان عبد الناصر أمم قناة السويس وحارب ثلاث دول, مع انك بقليل من البحث كنت ستدرك أنه كان يصب الويسكي لاسياده من ضباط المخابرات الامريكية في جاردن سيتي بينما تحتفل انت بتأميم القناة.
صدقت ان انقلاب يوليو كان ثورة دون ان تدرك ان المخابرات الامريكية هي من دبرته وان زعيمك كان يقابل صديقه ضابط المخابرات الاسرائيلية بالاحضان.
صدقت ان هزيمة اكتوبر المروعة نصر, على الرغم من وصول العدو لمسافة 100 كيلومتر من العاصمة وأسر العدو لـ 8 آلاف اسير.
طريق طويل حفروه في عقلك, وتمت سفلتته باكاذيب كان من الممكن أن تدرك حقيقتها لو اجهدت نفسك قليلا في البحث, وربما كان لك عذرك قبل الانقلاب, فكلنا كنا مثلك نصدق تلك الاكاذيب, ولم نكن نعلم ان الذئب تنكر في ثياب الراعي, وان تلك الثياب التنكرية كانت لزوم العمل كوكيل لدى السادة الغربيين.
ولكنك لم تعد مغفلا, فالحقيقة تعرض أمامك يومياً, لم يعد لديك أي عذر.
ليس لديك عذر وانت ترى قاع البشر وحثالة بني آدم يهلك الحرث والنسل ويخرب ويسرق ثم يتحدث بلغة سوقية ساقطة عن المستقبل بعد ان تحولت مصر إلى خرابة.
لم يعد لديك عذر وانت ترى احلامك الصغيرة في لتر بنزين او وجبة عشاء رخيصة قد تلاشت بعد أن ضحيت بدماء الآلاف.
ليس لديك عذر وانت ترى رئيسك المسلم الذي انتخبه ملايين مخطوفا في سجن دنس, بينما يستقبل قس لص سفراء الدول بينما ينهق ذلك المسخة المرتد بتطاوله على الدين.
افق قبل أن تخسر كل شيىء, فلا دنيا تبقت لك ولا دين ان لم تنتفض.
تعلم من مئات الآلاف الذين يملئون الشوارع منذ الانقلاب
تعلم من صمود الفتيات في وجه الرصاص.
تعلم من جسارة الطفل الذي كان يرفع الآذان في رابعة والرصاص يدوي حوله.
طهر نفسك من دنس المشاركة في انقلاب وقف خلف هؤلاء الثوار
ولا تضع شروطا, فالشروط قد وضعت.
وضعها من حملوا صورة الرئيس مرسي
وضعها من قتلوا واحرقت جثامينهم في رابعة والنهضة ورمسيس واكتوبر.
قف خلف هؤلاء, فلن يسمح لك أحد بتجاوزهم.
إن اردت الثورة, فقف خلفهم ولا تملي شروطاً فكفاك ما جنى عقلك
لا تملي شروطا, فلن يقبلها احد بعد كل تلك الدماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق