الجمعة، 13 نوفمبر 2015

هل يتعلم الإسلاميون من العصاة؟!!


هل يتعلم الإسلاميون من العصاة؟!!
عصام تليمة

ربما تعجب القارئ من عنوان المقال، وهل يتعلم الإنسان المتدين من العصاة، وبخاصة إذا كان المتعلم على درجة من درجات التدين، أو ممن يقومون بحمل عبء الدعوة إلى الله عز وجل، أو صاحب رسالة، أو ثائر يثور ضد الظلم.

إن الإنسان العاقل لا يعدم الحصول على الخير من أي موضع كان، حتى وإن كان الموضع شرا تماما، ولا يتوقع منه الخير، وهو الاستفادة حتى ممن نظن فيهم الشر كله، ولا يخرج منهم إلا الشر، متمثلا ذلك في قمة الشر (إبليس)، فقد حاول إبليس خداع أبي هريرة رضي الله عنه ثلاث مرات، يوهمه أنه فقير يحتاج للطعام، ويأخذ منه الطعام، إلى أن أمسك به في المرة الثالثة، فعرض عليه إبليس عرضا، بتعليمه آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه، وأن الله يحفظه بذلك، فقال صلى الله عليه وسلم عن نصيحة إبليس لأبي هريرة: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟". قال: لا، قال: "ذاك شيطان". فهنا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على صدق إبليس في نصحه، وإن كان الأصل فيه الكذب، ولم يمنع أبا هريرة من الاستفادة من نصح إبليس أنه عرف من صاحب النصيحة، بل استفاد وقبل النصيحة حرصا منه على الخير، من أي فم خرج.

والمتأمل في حال وممارسات بعض العصاة، يجد دروسا ملهمة يستفيد منها الإسلاميون، والثوار كذلك، في كيفية تنحية الخلافات والتوحد حول هدف واحد، وعدم الجدال فيما لا طائل من ورائه، ولنتأمل معا هذه الممارسة العملية من العصاة، وكيف نستفيد منها؟

تجد العصاة لا يميلون كثيرا لوجع الرأس، والجدال في قضايا لا طائل من ورائها، ولن تجدي نفعا، والأفضل أن تريح المجادل الذي يجادلك بالتسليم له بطريقة تصرفه عنك، وتجعلك تكمل طريقك، وكل له رأي، فلن تربح من طول الجدل فيها، فالصواب أن تعرض عن مثل هذا الجدل، ترى ذلك من العصاة، عندما ترى مدخنا، أو تاركا للصلاة، تخاطبه بحرمة التدخين، وأنه حرام، ومضر بالصحة، أو بأن ترك الصلاة حرام، والصلاة فريضة، فيقطع عليك العاصي الطريق حتى لا تطيل معه في الكلام، فيقول لك: ادع الله لي بالهداية، دعواتك يا مولانا، إنك لا تهدي من أحببت، فهو يلقي بتبعة الأمر إليك، إنك مطالب بالاجتهاد في الدعاء له، حتى يهديه الله، ويترك التدخين، أو المعصية، فقد ألقى عليك بالمهمة.

وترى العصاة يجتمعون حول معصيتهم متوحدين دون خلاف، فمثلا: الذين يشربون المخدرات، تراهم يوزعون الأدوار بينهم بلا خلاف، وبلا انشقاق، ثم يأخذ كل منهم دوره من المخدرات، بالشيشة مثلا، فيأخذ بلغة الحشاشين: النَّفَس أو النفسين، ثم يدور بالنارجيلة على صاحبه الآخر، دون أن يقول له صاحبه لقد أخذت نفسا زائدا، أو أقل، أو شجارا وخلافا كبيرا حول من يبدأ، بل ترى بينهم الوحدة تنتشر انتشارا ملفتا للنظر، قبل انتشائهم وبعد انتشائهم.

رغم اتفاقنا بداية على حرمة ما يقوم به العصاة، لكن لا مانع من الاستفادة منهم في درس: التركيز، وعدم الخلاف، أو التفكير فيما يعكر عليهم صفو هدفهم المحدد، فأصحاب المعصية يحددون هدفهم، ولا يشوش على هذا الهدف شيء، بل بينهم تناغم في تنفيذه.

والرسالة الموجهة هنا للإسلاميين والثوار: هلا تعلمنا من العصاة هذا الدرس، بالتوحد وعدم الشقاق والخلاف، وعدم إضاعة الوقت في غير طائل، من الجدل والمراء، والتنازع حول أمور تؤخر النصر، بل تنذر بانتكاسة عظيمة، أم أن العصاة سيكونون أهدى سبيلا ممن ينتسبون للتدين؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق