بالأمس السلطان عبد الحميد الثاني واليوم أردوغان
إسماعيل ياشا
يشهد التاريخ أن السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله رفض بيع فلسطين لليهود وتم خلعه عن عرش السلطنة العثمانية بسبب هذا الموقف المشرف، وتعرض لحملات تشويه واسعة قام بها أعداء الأمة الإسلامية وأذنابهم للنيل من السلطان الذي صمد في وجه الصهاينة ومخططاتهم.
السلطان عبد الحميد الثاني لم يحكم الدولة العثمانية في عز قوتها، بل حكمها في فترة تراجعها، وحاول بكل ما أوتي من قوة إنقاذ “الرجل المريض”، وإعادة بناء ما تهدم من ركائز السلطنة، إلا أنه لم ينجح، ولكننا يمكن أن نقول إنه نجح في تأجيل انهيار الدولة العثمانية بذكائه وحنكته عدة عقود.
ومما جعل السلطان عبد الحميد الثاني تتكالب عليه الأمم وأعداء الإسلام، رفضه الشديد لعمليات الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ورفعه شعار الجامعة الإسلامية، بهدف توحيد العالم الإسلامي لمواجهة أطماع الدول الغربية في أراضي الدولة العثمانية، والتصدي لمحاولات تمزيق الخلافة الإسلامية. وكانت فكرة الجامعة الإسلامية تدعو إلى وحدة المسلمين في كفاحهم ضد الغزاة، وقيام نهضة وتنمية في كل الميادين.
أشكال المؤامرات وحملات التشويه التي تعرض لها السلطان عبد الحميد الثاني تم استخدامها بشكل أو آخر ضد كل زعيم إسلامي جاء بعده ورفع شعاره.
ومن أبرز هؤلاء الزعماء رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان الذي لعب دورا هاما في تحقيق تركيا خلال أكثر من عقد قفزة نوعية في شتى المجالات، وكما نجحت في الانفتاح على الدول العربية والعالم الإسلامي، بل حتى الدول البعيدة عن الأناضول جغرافيا، مثل الدول الأفريقية ودول أمريكا الجنوبية.
أردوغان تعرض وما زال يتعرض لمؤامرات وحملات تشويه، لأنه يسعى لأن تكون تركيا حرة ومستقلة في قراراتها وسياساتها، وليست دولة وظيفية، ويعمل لتكون تركيا قوية بديمقراطيتها وتلاحمها الشعبي وباقتصادها وجيشها وأسلحتها المتطورة وسفنها وطائراتها التي يتم إنتاجها بأيدي المهندسين الأتراك.
كانت هناك قوى داخلية متحالفة مع قوى خارجية تستهدف السلطان عبد الحميد الثاني وتطمع في أراضي الدولة العثمانية، وهذا التحالف الذي جمع تحت مظلته أطرافا عديدة نجح في إسقاط السلطان وهدم السلطنة. واليوم نشاهد تحالفا مماثلا يستهدف رئيس الجمهورية التركي، ومؤامرات وحملات تشويه مشابهة، وكما اتهموا أمس السلطان عبد الحميد الثاني بتهم مختلقة لا أساس لها من الصحة يتهمون اليوم أردوغان بالدكتاتورية والتفرد بالسلطة وقمع المعارضين وما إلى ذلك من تهم ترددها وسائل إعلام حاقدة عليه تعمل وفق أجندة قوى خارجية بهدف خلق صورة ذهنية سلبية عن رئيس الجمهورية التركي.
لو كان أردوغان دكتاتورا لما تجرؤوا على وصفه بهذه الصفة، بل كانوا يسبحون بحمده ليل نهار، ولكنهم يتمتعون بالسقف العالي للحريات ويستغلونه لإطلاق حملات تشويه ضده والضحك على عقول الناس عبر وسائل الإعلام المختلفة.
هؤلاء إن كانوا يريدون حقا أن يعرفوا من هو الدكتاتور وكيف يعامل الناس وماذا يكون مصير من ينتقده فليذهبوا إلى دولة الإمارات مثلا ويتهموا ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بالدكتاتورية ليروا دكتاتورا بمعنى الكلمة، إلا أنهم يدركون تماما ويعترفون في قرارة أنفسهم بأن أردوغان لا علاقة له بكل ما يصفونه ولكنهم يرددون الأكاذيب نفسها، أملا في أن يصدقها المواطنون.
كان الأربعاء الماضي الذكرى الثامنة والتسعين لوفاة السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله، وبهذه المناسبة تذكرنا مرة أخرى موقفه التاريخي من فلسطين، وكذلك تذكرنا المؤامرات وحملات التشويه التي تعرض لها بسبب هذا الموقف.
ومهما كانت هناك مؤامرات وحملات تشويه مشابهة تستهدف اليوم أردوغان فإن الشعب التركي الذي تعلم شيئا كثيرا من دروس الماضي المرة عازم على إفشال تلك المؤامرات والحملات من خلال الالتفاف حول رئيس الجمهورية، كما تخبرنا نتائج الانتخابات واستطلاعات الرأي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق