د.عمران الكبيسي
dr.omran@gmail.com
أما من ساقهم طريق العذاب الى المعتقلات والسجون فيحيون ويموتون يوميا في دوامة الحقد والانتقام، والخلاصة خمس سنوات قتل وتهجير، سجن وتعذيب، حرق وتدمير للأخضر واليابس.
من البشر والطير والشجر والحجر، حتى مقابر الأموات وشواهد التاريخ وآثاره لم تسلم من الدمار.
محنة سوريا كارثية بكل المقاييس، ومأساتها جريمة عصر، شهوده زور، فلم تقتصر آثارها على دين أو طائفة ولا عند عنصر أو جنس أو طبقة، وطال الضرر عموم الشعب السوري حتى أنصار النظام، فهي مأساة إنسانية أخلاقية بكل معايير القيم السماوية والحضارية، والمصيبة الخرساء ان الدول العظمى صاحبة الحل والربط تربط الأسى بالأسف ولا تحرك ساكنا، بل كانت مواقفها تبدو عند بداية المحرقة أكثر تفهما لجذور المشكلة والوعي بأسبابها ومسبباتها، وأقرب إلى التشخيص السليم لجذورها، فالولايات المتحدة كانت ترى رأس النظام لب المشكلة وعلى الرئيس بشار ان يرحل، وكثيرا ما هددت بمبادرة استئصاله، وتعاطفت مع المعارضة وأغرتها بالتصعيد، لكنها اليوم تتراجع عن مواقفها بعد ان تحميل الشعب السوري التضحيات الجسيمة، وتورط نظام الأسد الفاشي باستخدام أسلحة كيماوية محرمة، وتسبب بتفشي حمى الإرهاب والخروج عن القوانين والأعراف والقيم.
والجديد دخول روسيا الدولة العظمى وهي ركن من أركان مجلس الأمن على الخط، لا لحفظ الأمن بل لخرقه، فشاركت النظام وإيران وحزب الله بلبنان في جريمة إبادة من بقي متمسكا بأرضه من الشعب السوري ببجاحة لا خجل فيها، الدول العظمى اليوم تحاول لي عنق المعارضة والمقاومة المسلحة المعتدلة وحملها على القبول ببشار الأسد رئيسا للنظام، «وكأنك يابو زيد ما غزيت»، وتحول الدفاع عن الحريات والخيار الديمقراطي إلى الحديث عن علاج الأعراض التي تسبب رأس النظام بصنعها كمحاربة الإرهاب وحل مشكلة اللاجئين وإطعام المحاصرين وتسريح المعتقلين، وصار كرسي الرئيس لحياة شعب سوريا بأكمله.
اليوم يبدو أن العالم بدأ ينسى او يتناسى عمدا ان الإرهاب الذي ضرب المنطقة وتسلل إلى العراق واليمن وليبيا ولبنان ومصر وتركيا، حتى وصل إلى أوروبا سببه جور النظام السوري الذي سهل لإيران تسليح حزب الله اللبناني ودعمه، ليتمكن في لبنان ويصبح قاعدة لتصدير الفتن الطائفية، ويتسبب بنشوء معسكر آخر مضاد تبنته داعش والقاعدة، وتتسع تجربة مليشيات أبوالفضل العباس التي تشكلت بدعم إيراني بسوريا إلى فكرة الجهاد وظاهرة الحشد الشعبي في العراق، لارتكاب مجازر طائفية بحق الأبرياء تحت شعار محاربة الإرهاب.
إن سقوط نظام الأسد لو صدق العالم في دعمه إرادة الشعب السوري، كفيل بإيقاف موجة هجرة السوريين التي تقلق أوروبا، وقطع طرق امداد الإرهاب وإيقاف تمدده، وإطفاء نار الفتنة الطائفية، وكبح أطماع إيران الجهنمية وتطلعاتها العنصرية الخطيرة، وتسهم بعودة العراق إلى أحضان اشقائه العرب، لتستقر المنطقة بكاملها، ولكن كما يبدو، لا الشرق ولا الغرب راغب بذلك، ومن تبادل الادوار يظهر ان لكل لاعب نوايا مبيتة تخدم المصالح والأطماع الاستعمارية على حساب عذابات الشعوب، وأن هناك مكرا سيئا وتفاهمات خبيثة خفية غير معلنة طبخت بالسر على نار هادئة، وعسى المكر السيئ يحيق بأهله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق