سر العلاقة بين عبدالناصر وهيكل
أحمد منصور
كان جمال عبد الناصر صاحب مشروع حاكم عسكري متسلط ومستبد يريد أن ينفذ إلى قلوب الجماهير بالكلمة المؤثرة والأفكار التي تدغدغ مشاعرهم وتثير عواطفهم، لكنه مثله مثل أي عسكري مستبد محدود اللغة والفكر والرؤية والإبداع فكان بحاجة إلى من يقدم أفكاره ويصله بالجماهير الغفيرة التي كانت بحاجة إلى من يدغدغ مشاعرها بعد عقود من الاحتلال البريطاني ورغبة في سماع صوت يواجه الغرب وغطرسته واستبداده فاستطاع عبد الناصر أن يركب هذه الموجة، وأن يكون ذلك الزعيم، لكنه لم يحقق هذا إلا بعد حرب العام 1956 التي أدى الخلاف بين أميركا وبريطانيا وفرنسا فيها إلى أن يصنع عبد الناصر منها نصرا زائفا، كما ذكر اللواء جمال حماد والفريق سعد الدين الشاذلي في شهادتهما معي علي العصر، وكما أكد على ذلك كتاب ومؤرخون آخرون مستقلون لم يسمع لهم أحد،.
وحينما التقى عبد الناصر مع هيكل وجد كل منهما بغيته في الآخر فكان هيكل هو الرجل الذي يكتب الخطابات والمقالات والكتب ويفلسف الهزائم ويروج الأكاذيب وينشر الإشاعات من خلال علاقته الوطيدة مع عبد الناصر و17 عاما قضاها على رأس أكبر صحيفة مؤثرة في العالم العربي آنذاك وهي صحيفة «الأهرام».
علاوة على ذلك كان هيكل على علاقة واسعة بكثير من الصحفيين الغربيين الذين كانوا أداة للتواصل ونقل الرسائل بين عبد الناصر ومعظم الدول الغربية لاسيما الولايات المتحدة الأميركية ولم ينكر هيكل ذلك بل كان يفخر به.
وقد كان دور هيكل كمبعوث سري وخاص للأميركان تماما مثل دور أنيس منصور مع أنور السادات كمبعوث سري وخاص مع الإسرائيليين وقد روي لي أنيس منصور في لقاء جمعني به قدرا في باريس حيث كان نزيلا في نفس الفندق الذي نزلت فيه في العام 2003 جانبا من استخدام السادات له في نقل الرسائل للإسرائيليين.
وقد حاول هيكل أن يظهر أن علاقته بعبدالناصر وانقلاب يوليو 1952 الذي تحول إلى ثورة كانت مبكرة وأنه التقى عبد الناصر خلال تغطيته لحرب العام 1948 حيث تعرف عليه آنذاك وتوطدت علاقتهما حتى أنه لعب دورا في توجيه عبد الناصر للقيام بالثورة في 23 يوليو حينما التقاه في بيت محمد نجيب في 18 يوليو.
وهذه الروايات كلها رواها هيكل بعد وفاة عبد الناصر لعدد من الصحفيين مثل روايته للصحفي اللبناني علي بلوط ونشرها في العام 1973 أو لقاءاته مع فؤاد مطر في العام التالي 1974 أو لقاءات أخرى تليفزيونية وصحفية فيما بعد، وقد ساعد خيال هيكل الخصب وقلمه البارع المؤثر أو طريقه كلامه المثيرة كقصاص وروائي وحكاي من الطراز الرفيع في نسج كثير من القصص من خياله لاسيما إذا كان كل شهودها أمواتا أو ليس لهم حضور على الساحة يمكنهم من دحض وتفنيد الأكاذيب التي تميز بها على مدى عقود.
(نكمل غدا).
أقرأ ايضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق