السبت، 28 أكتوبر 2017

بين العدوان الإيراني والعبث الأمريكي تضيع الأوطان

بين العدوان الإيراني والعبث الأمريكي تضيع الأوطان

منذ وصول الخميني لسدة الحكم في طهران في مطلع عام 1979م وهو يشن عدواناعسكريا على الدول السنية المجاورة تحت شعارات مختلفة "تصدير الثورة"، "نصرة المستضعفين"، "تحرير القدس"، "الموت لأمريكا وإسرائيل"، وقد تجسد هذا العدوان في المظاهر التالية:
* خوض الخميني حرباً ضد العراق في 1980 استمرت 8 سنوات رفض فيها كل مبادرات الصلح بحجة أن الطريق إلى القدس يمر بكربلاء، حتى استسلم للهزيمة وأعلن تجرّعه السم بقبول وقف الحرب!
* دعمت طهران محاولة الانقلاب الشيعية الفاشلة في البحرين والتي قام بها التيار الشيرازي الذي لا يؤمن بولاية الفقيه!  
* تأسيس الحرس الثوري الإيراني لحزب الله اللبناني في 1983 والذي سيدير لاحقا العديد من العمليات الإرهابية في الدول العربية.
* مهاجمة 4 طائرات إيرانية للمنشآت النفطية السعودية في الدمام سنة 1984 وقد تم إسقاط طائرتين منهما.
* وفي 1984 اختطف الشيعة من حزب الله اللبناني والكويتي طائرة كويتية، وأعادوا الكرّة سنة 1988، وقاموا بعدة تفجيرات في الكويت في سنوات 1983 و1985 و1987 و1988، كما تم استهداف أمير الكويت بمحاولة اغتيال في سنة 1985.
* تم استهداف الحجاج في مكة بعمليات تفجير عدة مرات، في 1986 ضبطت المتفجرات في المطار، وفي 1987 قام الحجاج الإيرانيون بحجة "البراءة من المشركين" بمسيرات وأعمال شغب، وفي 1989 قام حزب الله الشيعي الكويتي بتفجيرين في مكة في موسم الحج، وفي 1990 أطلق الشيعة غازات سامة على الحجاج في نفق المعيصم.
بعد وفاة الخميني مالت إيران إلى شيء من التهدئة لتلتقط أنفاسها وتعيد ترتيب أوراقها، وفعلا مرّ عقد التسعينيات بدون أعمال عسكرية معلنة لكن لم تخلُ هذه المرحلة من التأسيس لأعمال إرهابية عدوانية:
- فتمّ تكوين الخلايا الإرهابية النائمة كما تبين في خلية العبدلي بالكويت، وعدة خلايا بالبحرين، وتخزين متفجرات في الأردن!
- وتم تحويل عدد من الجماعات الشيعية في العالم لتكوّن مليشيات طائفية مسلحة كحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والفاطميين في أفغانستان.
ومع احتلال العراق في 2003 من قِبل أمريكا وإيران تسارعت وتيرة إيران في إنشاء الميلشيات الشيعية الطائفية من جهة، والهيمنة على الأحزاب الشيعية السياسية من جهة أخرى، حتى أصبح العراق مأسورا لها.
ومع ثورات الربيع العربي حاولت إيران أن تستولي على البحرين عبر مظاهرات دوار اللؤلؤة في 2011، ولما قامت الثورة السورية تصدّت لها إيران بكل حزم وجلبت لمقاومتها كل الميلشيات الشيعية في العالم التي أسستها في العقد الماضي، ومن ثم حرضت الحوثيين على الانقلاب على الدولة في اليمن في 2014.
هذه أبرز المحطات العدوانية للمشروع الشيعي الإيراني على دول الجوار السنية، وهناك غيرها الكثير، فضلا عن جرائمها بحق شعبها الإيراني نفسه كجرائمها بحق الأحواز الشيعة العرب أو بحق البلوش السنة وغيرهم من القوميات، وفي كثير من هذه المحطات كان هناك تقاطع مصالح وتعاون بين إيران وروسيا في تنفيذ هذه الجرائم العدوانية الإرهابية.
وفي مقابل هذا العدوان الإيراني كان هناك عبث أمريكي في التعاطي مع العدوان الإيراني من جهة وفي عرقلة دولنا عن حماية نفسها من هذا العدوان الإيراني.
فمِن صفقة إيران كونترا (إيران جيت) التي عقدتها إدارة ريغان سنة 1985 مع إيران لتزويدها بصواريخ مقابل الإفراج عن 5 أمريكيين محتجزين في لبنان، وأمريكا تعبث بهذا الملف بطريقة تمنع العرب من الانتصار على إيران أو القضاء على قدرتها العدوانية، وفي المقابل لا تسمح لإيران بالتغول التام والنصر الكامل، بل كانت أمريكا تدير الصراع ليبقى ويستمر وهو ما ساهم في إطالة أمد الحرب العراقية الإيرانية الأولى.
وبرغم تعرض أمريكا وحلفائها لعمليات إرهابية إيرانية وشيعية في لبنان فقد سمحت أمريكا وإسرائيل ببقاء القوة الشيعية الإيرانية في لبنان بل والنمو والتطور بينما تم استباحة لبنان بالكامل واحتلال بيروت عام 1982 لإجلاء المقاتلين الفلسطينيين من لبنان!
وقد كان لسياسة أمريكا بتسليم العراق لإيران نتائج كارثية على المنطقة عبر تفكيك الجيش العراقي وإقرار دستور تفتيتي للعراق، واعتماد محاصصة غير عادلة ولا موضوعية همشت السنة وأعلت من حجم ودور الشيعة بشكل منحاز.
وإذا جئنا لتلاعب وعبث الأمريكان في عرقلة قمع الإرهاب الشيعي فسنجد أنها تسمح للمعارضين الشيعة الإرهابيين بفتح دكاكين لحقوق الإنسان على أراضيها تندد بقمع السلطات الخليجية للشيعة! وتتسابق الهيئات الحقوقية والإعلامية الغربية لنصرة الإرهابيين الشيعة في مسعى واضح لبقاء الأزمة مشتعلة والأوضاع متوترة وتوفير حجة للتدخل الغربي والضغط على السلطات القائمة.
ولعل في عدم إدراج حزب الله والحرس الثوري والحوثيين وكثير من الميلشيات الشيعية الإرهابية على قوائم الإرهاب لحد الآن برغم كل جرائمهم مؤشر واضح على الانتهازية والعبث الذي يقوم به الأمريكان وغيرهم تجاه المشروع الشيعي الإرهابي.
وفي الموقف الأمريكي المستاء من تدخل درع الجزيرة في البحرين في 2011 لوقف الانقلاب الإيراني، وأيضا من عرقلة التحالف الإسلامي ضد الحوثيين، حيث تتكرر الاتهامات الحقوقية والأممية لقوات التحالف في الوقت الذي تغض الطرف فيه عن الانقلابيين وجرائمهم الإرهابية رغم منعهم وصول المساعدات الأممية وغيرها واعتداءاتهم على ممثلي الأمم المتحدة!
لقد كان سلوك إدارة أوباما في غاية التخبط، سواء كان مقصوداً أو غير مقصود، في إدارة ملف المفاوضات النووية مع إيران، حيث حرصت فيها على تغييب دول المنطقة عن مجرياتها ومن ثم قدمت من خلالها قبلة الحياة لنظام الملالي بضخّ المليارات له بعد حصاره المالي بخفض أسعار البترول بقيادة السعودية!
أما سياسة العبث الأمريكية فالتجلي النموذجي لها هو ساحة العراق وسوريا حيث سُمح للميلشيات الشيعية من كل أنحاء العالم بالتوافد إليها كما سمح للقاعدة وداعش بالتمدد فيها، وأعلنت أمريكا أن مقاومة داعش تحتاج 30 عاماً!!
وفي مرحلة ترامب نسمع خطابا أمريكيا متشددا مع إيران لكن لم نر بعد نتائج وحقائق على الأرض، وهو أعلن عن إستراتيجية جديدة مع إيران لا ندري مدى جديتها وفائدتها.
هذا العبث الأمريكي لم ينتج عنه إلا حقيقة واحدة هي أن أكبر حلفاء أمريكا في المنطقة (مصر، تركيا، السعودية، الأردن) ذهبوا صوب روسيا حليفة إيران للضغط على أمريكا في بعض الملفات!
قادة المنطقة يدركون خطر المشروع الشيعي الإيراني من قديم فقد حذر ملك الأردن عبد الله الثاني من مشروع الهلال الشيعي في المنطقة في نهاية عام 2004، وكشف الرئيس المصري السابق مبارك عن أن ولاء شيعة المنطقة هو لإيران في عام 2006، وانتظروا أن تتصدى أمريكا لهذا المشروع دون نتيجة، ولذلك كانت مبادرتهم في إنقاذ البحرين سنة 2011 واليمن 2014 خطوة بالاتجاه الصحيح، وتصحيحا لخطأ ضياع العراق 2003.
ويجب أن تتواصل المبادرات الذاتية لمقاومة وصدّ هذا المشروع وعدم الركون لتصريحات ترامب من جهة وتحسين أداء هذه المبادرات بما يحقق مقصدها وتجنب الوقوع في فخ المحاصرة لها ومنعها من حسم الأمر وإجبارها على مفاوضات سياسية تسعى لترسيخ أذرع إيران بيننا وحماية المشروع الإيراني من السقوط أو الخروج عن مسار تهديد دول الجوار ضمن سقف يحددونه هم، لتبقى دولنا في دوامة قلق وتوتر مستمر تعطل نهضتنا وتقدمنا!   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق